ناجية تروي تفاصيل النهاية المروعة لمهمة إنقاذ على جبل سنجار

مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز»: شاهدت الأرض تقترب وكنت أعلم أن سيئا سيحدث

إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)
إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)
TT

ناجية تروي تفاصيل النهاية المروعة لمهمة إنقاذ على جبل سنجار

إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)
إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)

لو لم أتعرض لحادثة سقوط طائرة الهليكوبتر يوم الثلاثاء الماضي فوق جبل سنجار، فماذا كان بوسعي أن أكتب عن معاناة الإيزيديين؟
كنت سأبدأ، حسبما أعتقد، بهذا الجبل الذي صار موضوع حديث للجميع أخيرا، والذي فر إليه الإيزيديون. من الصعوبة بمكان المبالغة في تقدير حجم هذا الجبل، الذي يُعدّ من الأماكن المقدسة لدى الإيزيديين، وهو المكان الذي قصدوه فرارا من الإرهاب الذي فرضه تنظيم «داعش» في العراق وسوريا عليهم.
إن نطاق الجبل أكبر قليلا من الجبل العادي، حيث يبلغ 60 ميلا طولا وارتفاعه خمسة آلاف قدم، وليس من المستغرب أن عملية الإغاثة، التي لفتت انتباه العالم بأسره، قد فرضت ذلك القدر من التحديات.
ثم كان ينبغي عليّ الكتابة عن الطيار، اللواء ماجد أحمد السعدي، وهو ضابط عراقي عربي مخضرم كان يساعد الأكراد في إنقاذ الإيزيديين، وآدم فيرغسون، المصور لدينا، وقد كنت أنتظر طيلة اليوم في قاعدة عسكرية كردية في بيشخابور، بالعراق، انتظارا للطائرة الهليكوبتر التي تقلنا إلى جبل سنجار.
ووصل اللواء ماجد من دورته الأولى فوق الجبل ناقلا معه حمولة كاملة من اللاجئين الإيزيديين، وقد قال له أحد الصحافيين من التلفزيون البريطاني: «لماذا تخاطر بإثقال حمولة طائرتك على هذا النحو؟».
أجابه اللواء ماجد قائلا: «لقد راجعت أرقامي، وراجعت الوزن لدي، فوجدت أنه من الممكن القيام بذلك».
كذلك كانت هناك عضوة في البرلمان من الطائفة الإيزيدية معنا، التي أدمى خطابها الذي ألقته في البرلمان العراقي، بتاريخ الخامس من أغسطس (آب)، قلوب الناس. كان تبدو متماسكة للغاية، ومنظمة لأقصى درجة (رغم أنها كانت ترتدي الكعب العالي لسبب غير مفهوم) وكذلك، بالطبع، كانت تشوبها عاطفة غامرة حيال مأساة شعبها.
عندما استقللنا الطائرة الهليكوبتر أخيرا، كانت الساعة تقارب الرابعة إلا الربع عصرا، ولم يبق من ضوء النهار الشيء الكثير. اتخذت لنفسي مقعدا فوق حمولة من الخبز، خلف واحد من أبواب الرماة بالطائرة. بخلاف ذلك، لم تكن هناك مقاعد، ولا أحزمة أمان، كانت نوعا من الرحلات الجوية التي لم يكن جيش الولايات المتحدة ليسمح بها أبدا.
كانت الطائرة ممتلئة بالخبز، وربما الرصاص أيضا: وكان الخبز للإيزيديين والرصاصات لقاعدة جنود البيشمركة الأكراد على قمة الجبل.
خلّف الطيار بالفعل انطباعا كبيرا. كما تعرفون، يشعر الإيزيديون بالخيانة الكبيرة من جانب جيرانهم من العرب الذين عاشوا بينهم لسنوات كثيرة، ولقد انقلبوا جميعا على الإيزيديين حينما جاء تنظيم «داعش». والكثير من الفظائع التي تعرض لها الإيزيديون لم تكن من المتشددين فحسب، بل من جيرانهم كذلك.
ورغم ذلك كان هنا اللواء ماجد، وهو عراقي عربي، ابتعد عن وظيفته الأساسية، حيث كان مسؤولا عن تدريب القوات الجوية العراقية، ليساعد أولئك الناس. وقد أخبرني أنه أهم شيء فعله في حياته، وأكثر الواجبات أهمية خلال 35 عاما من الخدمة في الطيران.
كانت كما لو كانت المهمة التي تعني له حياته بأكملها، كان أكثر ما يؤثر فيه الأطفال الإيزيديون.
الأولوية كانت توصيل الغذاء إلى أعلى الجبل. كانت هناك الكثير من الأماكن التي يكن فيها أي إنزال جوي للأغذية نهائيا، لذلك كان الإنزال الجوي من قبل السلطات الكردية من الأهمية بمكان.
عندما كنا على مقربة من قمة الجبل، كان الناس قد جمعوا أنفسهم بالفعل. وأتذكر أن إحدى الأمهات كانت تحتضن طفلها بيدها على جانب، وتوجد ابنتها على الجانب الآخر، وكانوا يحاولون البقاء في وضع عمودي في مواجهة تيار الهواء الهابط من دوران المروحية حتى يتمكنوا من المضي قدما واعتلاء متن الطائرة. وقد استطاعوا فعل ذلك أخيرا.
ظل وجه إحدى النساء العجائز محفورا في مخيلتي، كان وجهها متجهما للغاية ومحزنا بشكل كبير.
هبطنا على الأرض في خلال عشر دقائق تقريبا. وكان الإيزيديون في حالة يُرثى لها. كان بعض من كبار السن بلا أحذية، والأقدام متورمة من كثرة المشي، ونال الآخرين الجفاف تماما، وأصابت حرقة الشمس بشرات الأطفال. والأطفال ذاتهم (الكثير منهم) كانوا يبكون، وخائفين ومرتبكين، وكان بعضهم في صمت عجيب، يغلبهم الخوف.
حينما هبطنا على الأرض، كان الأمر مروعا بحق، حيث تجمهر الناس للوصول إلينا. كل أولئك الناس كانوا يريدون بشدة اعتلاء متن طائرة الهليكوبتر ومغادرة ذلك الجبل. وأنا على يقين أن غالبيتهم لم يشاهدوا هليكوبتر من قبل في حياتهم. كانت ساق إحدى النساء متورمة للغاية حتى إنها لم تستطع المسير، فحُمِلت على محفة يحملها بعض الرجال.
تسلق عدد كبير منهم الطائرة، معتلين سلم الطائرة الخلفي، ولم يتمكن طاقم الطائرة من إغلاق السلم. فاضطروا إلى إعادة فتحه لينزل منها بعض الناس.
حينما حاولوا الإقلاع، لم يستطيعوا، واضطروا إلى الهبوط بالطائرة مرة أخرى.
ثم جاءت تلك اللحظة الحزينة؛ أخرجوا تلك المرأة وطفليها خارج الطائرة. كانوا يبكون بشدة، وكانت الأم نحيفة للغاية.
كان الطيار شديد التأثر بكل ما يجري. أراد فعلا مساعدة كل هؤلاء الناس، وخصوصا الأطفال.
ثم أقلع اللواء ماجد بطائرته، ولكن كنا نرى أنه سيستخدم منحدر الجبل للمساعدة في الإقلاع، حتى يتمكن من الحصول على قوة رفع مناسبة، كانت مقدمة طائرة الهليكوبتر متجهة إلى الأسفل حينما بدأت في الطيران. شعرت بأن الطائرة اصطدمت بشيء ما، لاحقا، قال أحدهم إنها كانت صخرة، ظننت أن الطيار سيصلح من الأمر، لكنني شاهدت الأرض تقترب من جديد. لم أكن أعرف ماذا سيحدث، لكنني كنت أعلم أنه شيء سيئ.
في وقت لاحق، أخبرني أحدهم أن مساعد الطيار أغلق الوقود حينما فقدوا السيطرة على الطائرة، مما جعلنا نتباطأ. وبخلاف ذلك، ربما كانت النيران قد نالتها وانفجرت.
عندما هبطنا للأسفل، اعتقدت، حسنا، نحن على الجبل، وأنها ستنزلق في شوط طويل قبل أن تتوقف تماما. وقعت بعض الأشياء علي، ولم أميز أكانت أناسا أم أشياء. ثم سقطت السيدة (النائبة فيان) دخيل على رأسي. كان الجميع يئنون. ولم تكن هناك صرخات. كان آدم رابط الجأش، فقد سحبني خارج المروحية، حيث لم أكن أقوى على المشي. وربط آدم وشاحه حول رأسي ليوقف النزيف.
وخلع جندي من البيشمركة كوفيته وربط ذراعي معا حتى لا يتحركا كثيرا. ظننت أنه شيء طيب في وقته، لكنني أدركت لاحقا أنه تصرف في منتهى العقلانية؛ فقد كان يوقف حركة ذراعي، لأن كلا معصمي تعرض للكسر.
قبيل حلول الظلام، جاءت طائرة الإنقاذ.
التقطني كثير من الناس وحملوني بطريقة غير حاذقة أبدا، وكان أمرا مؤلما للغاية، لسوء الحظ. سمعت تأوهات نفسي مثل كل من حولي. وفي هذه اللحظة، كان الألم عميقا. ولكن فكرت بعد ذلك، ذلك أمر جيد، فأنا على قيد الحياة على أقل تقدير.
وظننت أن الكثيرين منهم ليسوا كذلك.
كيف حال الطيار؟ هل نجا؟ لقد أراد المساعدة فحسب.
كانت طائرة الهليكوبتر طراز «مي - 17» تقل 25 إيزيديا، مع خمسة من طاقم الطائرة، وخمسة سياسيين أكراد، وأربعة من الصحافيين الغربيين، وهي طائرة روسية الصنع مخصصة لأغراض النقل. كان الجميع مصابين تقريبا، ولكن ليسوا مثل السيدة روبين والسيدة دخيل التي جرى إخلاؤها أيضا إلى إسطنبول، مع كسر في الساقين وكثير من الأضلاع.
لكن الشخص الوحيد الذي توفي كان الطيار، اللواء ماجد.

* خدمة «نيويورك تايمز»



خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».


عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».