ناجية تروي تفاصيل النهاية المروعة لمهمة إنقاذ على جبل سنجار

مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز»: شاهدت الأرض تقترب وكنت أعلم أن سيئا سيحدث

إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)
إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)
TT

ناجية تروي تفاصيل النهاية المروعة لمهمة إنقاذ على جبل سنجار

إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)
إيزيديون يحاولون الصعود إلى طائرة الهليكوبتر (نيويورك تايمز)

لو لم أتعرض لحادثة سقوط طائرة الهليكوبتر يوم الثلاثاء الماضي فوق جبل سنجار، فماذا كان بوسعي أن أكتب عن معاناة الإيزيديين؟
كنت سأبدأ، حسبما أعتقد، بهذا الجبل الذي صار موضوع حديث للجميع أخيرا، والذي فر إليه الإيزيديون. من الصعوبة بمكان المبالغة في تقدير حجم هذا الجبل، الذي يُعدّ من الأماكن المقدسة لدى الإيزيديين، وهو المكان الذي قصدوه فرارا من الإرهاب الذي فرضه تنظيم «داعش» في العراق وسوريا عليهم.
إن نطاق الجبل أكبر قليلا من الجبل العادي، حيث يبلغ 60 ميلا طولا وارتفاعه خمسة آلاف قدم، وليس من المستغرب أن عملية الإغاثة، التي لفتت انتباه العالم بأسره، قد فرضت ذلك القدر من التحديات.
ثم كان ينبغي عليّ الكتابة عن الطيار، اللواء ماجد أحمد السعدي، وهو ضابط عراقي عربي مخضرم كان يساعد الأكراد في إنقاذ الإيزيديين، وآدم فيرغسون، المصور لدينا، وقد كنت أنتظر طيلة اليوم في قاعدة عسكرية كردية في بيشخابور، بالعراق، انتظارا للطائرة الهليكوبتر التي تقلنا إلى جبل سنجار.
ووصل اللواء ماجد من دورته الأولى فوق الجبل ناقلا معه حمولة كاملة من اللاجئين الإيزيديين، وقد قال له أحد الصحافيين من التلفزيون البريطاني: «لماذا تخاطر بإثقال حمولة طائرتك على هذا النحو؟».
أجابه اللواء ماجد قائلا: «لقد راجعت أرقامي، وراجعت الوزن لدي، فوجدت أنه من الممكن القيام بذلك».
كذلك كانت هناك عضوة في البرلمان من الطائفة الإيزيدية معنا، التي أدمى خطابها الذي ألقته في البرلمان العراقي، بتاريخ الخامس من أغسطس (آب)، قلوب الناس. كان تبدو متماسكة للغاية، ومنظمة لأقصى درجة (رغم أنها كانت ترتدي الكعب العالي لسبب غير مفهوم) وكذلك، بالطبع، كانت تشوبها عاطفة غامرة حيال مأساة شعبها.
عندما استقللنا الطائرة الهليكوبتر أخيرا، كانت الساعة تقارب الرابعة إلا الربع عصرا، ولم يبق من ضوء النهار الشيء الكثير. اتخذت لنفسي مقعدا فوق حمولة من الخبز، خلف واحد من أبواب الرماة بالطائرة. بخلاف ذلك، لم تكن هناك مقاعد، ولا أحزمة أمان، كانت نوعا من الرحلات الجوية التي لم يكن جيش الولايات المتحدة ليسمح بها أبدا.
كانت الطائرة ممتلئة بالخبز، وربما الرصاص أيضا: وكان الخبز للإيزيديين والرصاصات لقاعدة جنود البيشمركة الأكراد على قمة الجبل.
خلّف الطيار بالفعل انطباعا كبيرا. كما تعرفون، يشعر الإيزيديون بالخيانة الكبيرة من جانب جيرانهم من العرب الذين عاشوا بينهم لسنوات كثيرة، ولقد انقلبوا جميعا على الإيزيديين حينما جاء تنظيم «داعش». والكثير من الفظائع التي تعرض لها الإيزيديون لم تكن من المتشددين فحسب، بل من جيرانهم كذلك.
ورغم ذلك كان هنا اللواء ماجد، وهو عراقي عربي، ابتعد عن وظيفته الأساسية، حيث كان مسؤولا عن تدريب القوات الجوية العراقية، ليساعد أولئك الناس. وقد أخبرني أنه أهم شيء فعله في حياته، وأكثر الواجبات أهمية خلال 35 عاما من الخدمة في الطيران.
كانت كما لو كانت المهمة التي تعني له حياته بأكملها، كان أكثر ما يؤثر فيه الأطفال الإيزيديون.
الأولوية كانت توصيل الغذاء إلى أعلى الجبل. كانت هناك الكثير من الأماكن التي يكن فيها أي إنزال جوي للأغذية نهائيا، لذلك كان الإنزال الجوي من قبل السلطات الكردية من الأهمية بمكان.
عندما كنا على مقربة من قمة الجبل، كان الناس قد جمعوا أنفسهم بالفعل. وأتذكر أن إحدى الأمهات كانت تحتضن طفلها بيدها على جانب، وتوجد ابنتها على الجانب الآخر، وكانوا يحاولون البقاء في وضع عمودي في مواجهة تيار الهواء الهابط من دوران المروحية حتى يتمكنوا من المضي قدما واعتلاء متن الطائرة. وقد استطاعوا فعل ذلك أخيرا.
ظل وجه إحدى النساء العجائز محفورا في مخيلتي، كان وجهها متجهما للغاية ومحزنا بشكل كبير.
هبطنا على الأرض في خلال عشر دقائق تقريبا. وكان الإيزيديون في حالة يُرثى لها. كان بعض من كبار السن بلا أحذية، والأقدام متورمة من كثرة المشي، ونال الآخرين الجفاف تماما، وأصابت حرقة الشمس بشرات الأطفال. والأطفال ذاتهم (الكثير منهم) كانوا يبكون، وخائفين ومرتبكين، وكان بعضهم في صمت عجيب، يغلبهم الخوف.
حينما هبطنا على الأرض، كان الأمر مروعا بحق، حيث تجمهر الناس للوصول إلينا. كل أولئك الناس كانوا يريدون بشدة اعتلاء متن طائرة الهليكوبتر ومغادرة ذلك الجبل. وأنا على يقين أن غالبيتهم لم يشاهدوا هليكوبتر من قبل في حياتهم. كانت ساق إحدى النساء متورمة للغاية حتى إنها لم تستطع المسير، فحُمِلت على محفة يحملها بعض الرجال.
تسلق عدد كبير منهم الطائرة، معتلين سلم الطائرة الخلفي، ولم يتمكن طاقم الطائرة من إغلاق السلم. فاضطروا إلى إعادة فتحه لينزل منها بعض الناس.
حينما حاولوا الإقلاع، لم يستطيعوا، واضطروا إلى الهبوط بالطائرة مرة أخرى.
ثم جاءت تلك اللحظة الحزينة؛ أخرجوا تلك المرأة وطفليها خارج الطائرة. كانوا يبكون بشدة، وكانت الأم نحيفة للغاية.
كان الطيار شديد التأثر بكل ما يجري. أراد فعلا مساعدة كل هؤلاء الناس، وخصوصا الأطفال.
ثم أقلع اللواء ماجد بطائرته، ولكن كنا نرى أنه سيستخدم منحدر الجبل للمساعدة في الإقلاع، حتى يتمكن من الحصول على قوة رفع مناسبة، كانت مقدمة طائرة الهليكوبتر متجهة إلى الأسفل حينما بدأت في الطيران. شعرت بأن الطائرة اصطدمت بشيء ما، لاحقا، قال أحدهم إنها كانت صخرة، ظننت أن الطيار سيصلح من الأمر، لكنني شاهدت الأرض تقترب من جديد. لم أكن أعرف ماذا سيحدث، لكنني كنت أعلم أنه شيء سيئ.
في وقت لاحق، أخبرني أحدهم أن مساعد الطيار أغلق الوقود حينما فقدوا السيطرة على الطائرة، مما جعلنا نتباطأ. وبخلاف ذلك، ربما كانت النيران قد نالتها وانفجرت.
عندما هبطنا للأسفل، اعتقدت، حسنا، نحن على الجبل، وأنها ستنزلق في شوط طويل قبل أن تتوقف تماما. وقعت بعض الأشياء علي، ولم أميز أكانت أناسا أم أشياء. ثم سقطت السيدة (النائبة فيان) دخيل على رأسي. كان الجميع يئنون. ولم تكن هناك صرخات. كان آدم رابط الجأش، فقد سحبني خارج المروحية، حيث لم أكن أقوى على المشي. وربط آدم وشاحه حول رأسي ليوقف النزيف.
وخلع جندي من البيشمركة كوفيته وربط ذراعي معا حتى لا يتحركا كثيرا. ظننت أنه شيء طيب في وقته، لكنني أدركت لاحقا أنه تصرف في منتهى العقلانية؛ فقد كان يوقف حركة ذراعي، لأن كلا معصمي تعرض للكسر.
قبيل حلول الظلام، جاءت طائرة الإنقاذ.
التقطني كثير من الناس وحملوني بطريقة غير حاذقة أبدا، وكان أمرا مؤلما للغاية، لسوء الحظ. سمعت تأوهات نفسي مثل كل من حولي. وفي هذه اللحظة، كان الألم عميقا. ولكن فكرت بعد ذلك، ذلك أمر جيد، فأنا على قيد الحياة على أقل تقدير.
وظننت أن الكثيرين منهم ليسوا كذلك.
كيف حال الطيار؟ هل نجا؟ لقد أراد المساعدة فحسب.
كانت طائرة الهليكوبتر طراز «مي - 17» تقل 25 إيزيديا، مع خمسة من طاقم الطائرة، وخمسة سياسيين أكراد، وأربعة من الصحافيين الغربيين، وهي طائرة روسية الصنع مخصصة لأغراض النقل. كان الجميع مصابين تقريبا، ولكن ليسوا مثل السيدة روبين والسيدة دخيل التي جرى إخلاؤها أيضا إلى إسطنبول، مع كسر في الساقين وكثير من الأضلاع.
لكن الشخص الوحيد الذي توفي كان الطيار، اللواء ماجد.

* خدمة «نيويورك تايمز»



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.