صالح: المطلوب من العراق لم شمل المنطقة

أشاد بالدعم الأميركي لبلاده

عراقية مع طفليها يسيرون في طريق ترابي بالموصل القديمة (رويترز)
عراقية مع طفليها يسيرون في طريق ترابي بالموصل القديمة (رويترز)
TT

صالح: المطلوب من العراق لم شمل المنطقة

عراقية مع طفليها يسيرون في طريق ترابي بالموصل القديمة (رويترز)
عراقية مع طفليها يسيرون في طريق ترابي بالموصل القديمة (رويترز)

قال الرئيس العراقي برهم صالح إن بلاده عملت على ألا تكون جزءاً من سياسة المحاور في المنطقة، مشيداً في الوقت نفسه بدعم الولايات المتحدة الأميركية للعراق. وقال صالح، خلال تصريحات لعدد من القنوات العراقية الفضائية، إن «العراق مطلوب منه الآن أن يلعب دوراً في لم شمل المنطقة»، مؤكداً في الوقت نفسه: «لا نريد أن نكون جزءاً من سياسة المحاور. نريد أن ننأى ببلدنا عن الصراعات والتنازعات العبثية التي عمت هذه المنطقة. وأريد أن يكون العراقيون واثقين بأن خطابنا في الخليج، وفي طهران، وفي المملكة العربية السعودية، وفي مصر، وفي فرنسا، وفي إيطاليا، ومع الأميركيين، هو الخطاب نفسه والمنطق نفسه». وشدد صالح: «نريد أن يكون العراق ساحة توافق للمصالح بين الدول وشعوب هذه المنطقة، ونريد منظومة إقليمية جديدة يكون العراق محورها، وتكون مبنية ومستندة إلى خلق ترابط اقتصادي بين شعوب المنطقة».
وحول الاجتماع التشاوري الذي عقد الأسبوع الماضي في قصر السلام برعايته وبحضور قادة العراق، أكد صالح أن «الاجتماع التشاوري كان مهماً لأنه منذ فترة طويلة لم يجتمع الفرقاء على تعددهم واختلافاتهم على طاولة واحدة»، مبيناً أن «جو الاجتماع كان يسوده الحرص والإصرار على ضرورة حل مشاكل البلد، من خلال حديث معمق ومباشر حول القضايا الموجودة، سواء كانت في الموصل أو في البصرة».
وبسؤاله عن الحديث الدائر منذ فترة بشأن وجود القوات الأجنبية، وخصوصاً الأميركية، في البلاد، قال صالح إن «هناك إجماعا وطنيا بضرورة عدم وجود قواعد أو قوات قتالية أجنبية»، معرباً عن تصوره بأن «التوافق الوطني قائم، لكن في النهاية يعتمد على الرؤية العراقية للأمن، وعلى موقف الحكومة العراقية والقائد العام باستمرار حاجتنا إلى هؤلاء المستشارين والمدربين ليكون هذا هو الأساس للقرار لا غير ذلك». وجدد الرئيس العراقي التأكيد على أن هذه القوات «موجودة بناءً على طلب الحكومة العراقية، ولعبت دورا مهماً ومشكوراً في دعم القوات العراقية في محاربة الإرهاب وتحقيق النصر، ومهمتها تدريب وتمكين قواتنا وتطوير قدراتنا في الحرب ضد الإرهاب، لا مهمة أخرى».
وفي هذا السياق، أكد الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، لـ«الشرق الأوسط» أن «حديث رئيس الجمهورية ينطلق باتجاه تعزيز الرسائل السابقة منذ حكومة حيدر العبادي، إذ إن العراق يحاول تعزيز مثل هذه الرسائل لجهة الوقوف على الحياد»، مبيناً أن «هناك إدراكاً لدى رئيس الجمهورية بأن الصراع بدأ يتصاعد بين إيران من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، ولذلك فإنه يريد أن يقف في المنتصف لأن أي تموضع أو انغماس مع أي من هذه المحاور سيكلف الداخل العراقي كثيراً، ليس فقط على مستوى أن العراق سيكون ساحة لتصفية الحسابات الأميركية – الإيرانية، وإنما الانقسام الداخلي سيتعزز أيضا». وأوضح الشمري أن «هناك أمراً آخر هو أن الدستور العراقي يمنع أن يكون العراق طرفاً، بالإضافة إلى أن الرئيس صالح يريد أن يلعب دوراً مهماً على صعيد السياسة الخارجية التي هي من صلاحيات الحكومة التي ترسم السياسة العامة ومن ضمنها السياسة الخارجية».
وأشار إلى أن «السؤال الأهم هو: هل إن إيران أو الولايات المتحدة يمكن أن تسمح للعراق بالوقوف على الحياد؟»، مبيناً أن «هذا الأمر يبدو صعبا خصوصا إذا ما حصل اشتباك بين أي من هذه الأطراف، وبالتالي فإن العراق سيكون جزءاً من هذا الصراع». وتابع الشمري أن «أطرافاً داخلية قد لا تتماهى مع تصريحات رئيس الجمهورية، بل وحتى مع سياسة الحكومة بحكم ارتباطاتها أو ولاءاتها الخارجية، وبالتالي فإن هذه التصريحات تبقى في إطار الرسائل، لكن عملية التطبيق تبقى رهن القوى السياسية العراقية».
وعلى صعيد متصل، أكد صالح على تصميم العراق على تعزيز علاقاته مع واشنطن. وأشاد صالح لدى استقباله أمس مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون النزاعات وعمليات الاستقرار دينيس ناتالي بـ«دعم الولايات المتحدة للعراق في مختلف المجالات، لا سيما في الحرب على الإرهاب، ومساعدة النازحين واللاجئين والمهجرين، وتسهيل عودتهم إلى مناطقهم، وإعمار ما تضرر منها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.