اختراع أميركي.. شوك وملاعق إلكترونية تصيح «كل ببطء»

ترسل معلومات إلى شاشة التليفون أو الكومبيوتر عن سرعة الأكل

اختراع أميركي.. شوك وملاعق إلكترونية تصيح «كل ببطء»
TT

اختراع أميركي.. شوك وملاعق إلكترونية تصيح «كل ببطء»

اختراع أميركي.. شوك وملاعق إلكترونية تصيح «كل ببطء»

اسمها «هابي فورك» (الشوكة السعيدة)، وهناك أيضا «هابي سبون» (الملعقة السعيدة) للذي يأكل الأرز أو الكسكس أو الفتة أو الكشري بالملعقة. تصنعها مصانع «هابي لاب» (المعامل السعيدة). وتزن الواحدة أوقيتين، وتعمل ببطارية صغيرة جدا. وتحسب الوقت الذي يمر من ملئها بالطعام أول مرة، إلى ثاني مرة، وهكذا.
وتطلق صوتا تحذيريا، وضوءا أحمر، إذا كان الوقت أقل من عشر ثوان. هذه هي الفترة التي يقول علماء التغذية إنها يجب أن تمر بين كل لقمة وأخرى.
لم يُخترع بعد جهاز يحسب لقيمات الذين يأكلون بأيديهم. لكن الهدف هو حل مشكلة يواجهها كثير من الآباء والأمهات، وهم يصرخون في أولادهم وبناتهم: «كلوا ببطء» أو «امضغوا الطعام جيدا». وأخيرا، جاءت هذه النصيحة من خبراء التغذية: «احسب من واحد إلى عشرة بين كل لقمة وأخرى».
وكتبت جوان شتيرن، محررة التغذية في صحيفة «وول ستريت جورنال»: «مثل أجيال قبلي، تربيت وأنا أسمع تلك العبارات. وعلى الرغم من حسن النية من أمي وأبي، واصلت عادة الأكل السريع عندما لا يكون والديّ موجودين. وعندما كبرت، وبدأت أشتري أكلي من مطاعم الهمبرغر والدجاج والبيتزا، واصلت ملء فمي بربع ساندويتش الهمبرغر، أو شريحة كاملة من البيتزا، أو رمي قطع الدجاج الصغيرة في فمي بسرعة قياسية. حتى الأسبوع الماضي، عندما بدأت أستعمل سمارت فورك (الشوكة الذكية)».
رغم أن الشوكة الذكية أثقل وزنا من العادية، وتعقد الأكل بعض الشيء، وتجعله بطيئا، فلا بأس.. هذا هو المطلوب على أي حال. وقال بعض الذين استعملوها إنهم صاروا يستمتعون بالأكل أكثر من أي وقت مضى. وصاروا يتمعنون فيما يأكلون، ويحسون بأنهم يمضغون الطعام، بل يحسبون مرات المضغ.
وبسبب خوف البعض من وضع شوكة أو معلقة كهربائية في أفواههم، تكرر الشركة إعلانات ونصائح بعدم خطورة ذلك. وتشير الشركة إلى فرشات الأسنان الكهربائية، التي تعمل ببطاريات صغيرة داخلها، ولا تؤذي الفم. وكتب موقع «إيتينغ تكنولوجي» (تكنولوجيا الأكل): «عندما ظهرت فرشاة الأسنان الكهربائية أول مرة، خاف كثير من الناس، وصاحوا: ماذا لو صعقتنا الكهرباء؟! لكن، بمرور الزمن، تأكد لهم أن الطاقة الكهربائية داخل كل فرشاة ليست خطرة. لهذا، بمرور الزمن، سيتعود الناس على الشوكة الذكية، والملعقة الذكية، وربما السكين الذكية (تقطع اللحم بزاوية معينة، وبسرعة معينة. وطبعا، يجب ألا توضع الفم)».
لا تتكلم الشوكة الذكية (والملعقة الذكية)، ولا تشيد بالذي يأكل ببطء. لكنها تصدر ضوءا أخضر (وليس أحمر) متكررا، وكأنها تهنئ الشخص بأنه يأكل ببطء. وربما ستكون شوك المستقبل الإلكترونية قادرة على الكلام، وتحل محل نصائح الأم والأب للأطفال بعدم الأكل سريعا، وبتهنئتهم إذا أكلوا في بطء. يقدر الشخص على تغيير سرعة الشوكة (أو الملعقة) لتكون أكثر بطئا. وأيضا، لتكون أسرع. لكن، ما فائدة استعمالها في هذه الحالة؟
وأشار موقع «تيك ريفيو» إلى أن مضغة كل عشر ثوانٍ تناسب فترة الـ20 دقيقة التي يحددها خبراء التغذية لأكل وجبة.
بالإضافة إلى طاقة كهربائية ببطارية، يمكن شحن الشوكة بطريقة شحن التليفون الذكي. ويمكن، أيضا، توصيلها بكومبيوتر، أو بتليفون ذكي. وفي هذه الحالة، تصير الشوكة وكأنها كومبيوتر، وتتكلم، مثل: «توقيت ممتاز» و«أبطئ من فضلك».
وفي كل الحالات، ترسل معلومات وأرقاما إلى شاشة التليفون أو الكومبيوتر، فيها تفاصيل لا تصدق: سرعة الأكل، متوسط السرعة، مقارنة بسرعات سابقة، مقارنة بسرعات مقترحة، مقارنة بسرعات آخرين، تعليقات آخرين، وتوصيلات «فيس بوك» و«تويتر». ومن وقت لآخر تصيح: «أنا أتابع مضغك». وينصح موقع «نيوترشن فور يو» (تغذيتك) بأن الأكل البطيء يساعد على تخفيض الوزن. لكن، قالت روبرتا دايف، خبيرة تغذية: «يساعد الأكل البطيء على الأكل القليل. لكن، الأهم هو نوع الأكل. أي شوكة، أو معلقة، مليئة بالدهون وكربوهيدرات تزيد الوزن، بالمقارنة مع أنواع طعام صحية. سواء أكل الشخص لقمة كل عشر ثوان، أو كل 20 ثانية، أو كل ثانية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».