بوتين يوقف العمل بمعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى

استعداد روسي لجولة ضغوط غربية جديدة

تيريزا ماي خلال زيارتها سالزبيري أمس (إ.ب.أ)
تيريزا ماي خلال زيارتها سالزبيري أمس (إ.ب.أ)
TT

بوتين يوقف العمل بمعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى

تيريزا ماي خلال زيارتها سالزبيري أمس (إ.ب.أ)
تيريزا ماي خلال زيارتها سالزبيري أمس (إ.ب.أ)

سارت موسكو خطوة جديدة نحو وقف العمل بمعاهدة حظر الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، رداً على خطوة أميركية مماثلة. وأعلن الكرملين، أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين وقّع مرسوماً يقضي بتعليق مشاركة روسيا في المعاهدة المبرمة بين موسكو وواشنطن في عام 1987، ما يحسم الجدل حول مستقبل أهم دعائم الأمن الاستراتيجي في أوروبا. وتزامن التطور مع تصاعد حدة السجالات الروسية - الغربية، وترجيح تعرض موسكو لموجة جديدة من رزم العقوبات والضغوط الممارسَة عليها من جانب الغرب.
ونشر الموقع الإلكتروني للرئاسة الروسية بياناً حول التطور، أكّد فيه أنّ بوتين وقّع مرسوماً رئاسياً يقضي بتجميد العمل بالمعاهدة الصاروخية، ما شكّل الحلقة الأخيرة في الخطوات المتعلقة بإعلان انتهاء سريان مفعول الاتفاقية التي كانت تفرض قيوداً على الطرفين الروسي والأميركي في مسألة نشر صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية في القارة الأوروبية، كما يعني التطور انتهاء التزام روسيا بتلك القيود، ما يعني إفساح المجال أمام تطوير ونشر صواريخ متوسطة أو قصيرة المدى في أوروبا.
وأكد البيان الرسمي أن «روسيا تعلق العمل بمعاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، الموقّعة في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 1987 بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة لنزع الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، حتى تزيل الولايات المتحدة انتهاكاتها للالتزامات الموجبة وفقاً للمعاهدة، أو حتى انتهاء مدة سريانها».
وكانت موسكو وواشنطن قد تبادلتا الاتهامات حول انتهاك المعاهدة، وفي حين اعترضت موسكو على نشر منصات صاروخية أميركية في أوروبا يمكن تعديلها بسهولة لتشكل انتهاكاً واضحاً للمعاهدة وفقاً لتأكيدات وزارة الدفاع الروسية، فإن الاعتراض الأميركي الرئيسي على موسكو تمثل في قيام موسكو بإنتاج جيل جديد من الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية من طراز «M7299» رغم أن موسكو أكدت أنه لا يخل بشروط المعاهدة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد شدد في وقت سابق، على أن لدى موسكو «جملة من التساؤلات المهمة للغاية والمطروحة على الولايات المتحدة، وتتعلق بتنفيذها المعاهدة». وأكّد أن اتهامات واشنطن حول الصاروخ الروسي «لا أساس لها»، مشيراً إلى أنه «تم اختبار الصاروخ الروسي الجديد ضمن المدى المسموح به بموجب المعاهدة». ورفضت وزارة الدفاع الروسية بدورها الاتهامات الأميركية لموسكو بانتهاك المعاهدة.
ورأى المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، أن «اتهام روسيا بانتهاك صاروخ 9M729 لمعاهدة الصواريخ، مبنيٌّ على معلومات مفبركة، قدمتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية وجهاز المخابرات الجغرافية الأميركية».
وأكد كوناشينكوف أن موسكو عرضت الصاروخ الذي أثار الجدل، و«أظهرنا منصة الإطلاق المحدثة لمنظومات (إسكندر) الصاروخية وحاويات النقل وصاروخ 9М728، إضافة إلى نموذجه المحدث 9М729 ذي القسم القتالي بحجم مكبر، وأثبتنا بذلك أن الخصائص التي نسبتها الأجهزة الأميركية إلى هذا الصاروخ لا تتوافق مع الواقع».
في المقابل، أشار المسؤول العسكري الروسي إلى امتلاك بلاده «أدلة دامغة على انتهاكات مباشرة لمعاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى من جانب الولايات المتحدة، بدءاً من نشر واشنطن منظومات الإطلاق الأرضية (إم كي – 41) في أوروبا، القادرة على إطلاق صواريخ توماهوك المجنحة التي يصل مداها إلى 2.4 ألف كم، والشروع في بناء مصنع قبل عامين لتصنيع الصواريخ متوسطة المدى في توسان (مدينة بولاية أريزونا)».
وكانت الولايات المتحدة قد علّقت مطلع الشهر الماضي مشاركتها في معاهدة الصواريخ الموقعة مع روسيا، والتي تحظر على الطرفين إنتاج ونشر الصواريخ المجنحة بمدى يتراوح بين 500 و5500 كيلومتر، متذرعةً بانتهاك روسيا تلك المعاهدة. وتعهدت واشنطن بالخروج النهائي من الاتفاقية بعد 6 أشهر، «إن لم تعد روسيا إلى الامتثال لبنودها».
ورد الرئيس الروسي بقوة قبل أسابيع على الخطوات الأميركية، وقال إن بلاده ستشرع في تصميم نسخة محدثة من صواريخ «كاليبر» المجنحة قابلة لأن تُنشر على البر، وهو أمر كانت تحظره المعاهدة.
ونبه خبراء روس إلى أن التطورات الجارية حول المعاهدة تهدد بانتقال الطرفين إلى «سباق تسلح جديد»، لكن بوتين أكّد في رسالة وجهها إلى الأمة قبل نحو أسبوعين أن بلاده «لا تخشى الانزلاق إلى سباق تسلح مكلف للموازنة الروسية». وقال إنها قادرة على «حماية مصالحها وأمنها الوطني من خلال الاعتماد على الموازنات المخصصة حاليا لتطوير القدرات الحربية».
إلى ذلك، توقعت أوساط روسية انطلاق موجة جديدة من حملات الضغوط والعقوبات الغربية على روسيا بعد القرار الأخير، خصوصاً لأن موسكو ما زالت تواجه ملفات معقدة مع الغرب لم تشهد انفراجات، بينها قضية محاولة تسميم العميل الروسي السابق في بريطانيا سيرغي سكريبال باستخدام مادة كيماوية.
ونفت موسكو صحّة الاتهامات البريطانية، لكن التحقيقات البريطانية أشارت إلى تورط عملاء جهاز الاستخبارات الخارجية في روسيا وهو جهاز تابع لوزارة الدفاع. وتجدد الحديث حول هذا الملف أخيراً، مع مرور عام على انطلاق الأزمة التي أسفرت عن تبادل الاتهامات بين موسكو ولندن، وإصابة علاقات البلدين بفتور غير مسبوق منذ الحرب الباردة. وأعلنت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية، أن بلادها تجري تحقيقاً خاصاً بقضية تسميم العميل السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، والتي وقعت قبل عام في مدينة سالزبيري البريطانية.
وقالت زاخاروفا: «التحقيق مستمر في قضية سكريبال ولا يتعين تجاهل ذلك. يخطئ من يظن في أي مكان في الغرب، في المملكة المتحدة أو في واشنطن أو في بروكسل أن روسيا تتغاضى عن هذا الموضوع أو تؤجله. نحن لطفاء وصبورون، واجتماع هذين العاملين قاتل لبعض المتشككين، وأعتقد أن القضية ستصل إلى نهايتها المنطقية».
وحملت عبارات الدبلوماسية الروسية إصراراً من جانب موسكو على نفي الاتهامات البريطانية، وأشارت زاخاروفا إلى أن موسكو «حتى الآن لا تملك بيانات حول ما حدث للعميل السابق وابنته»، وأكدت أنه «إذا كان في حوزة السلطات البريطانية أي أدلة تثبت الاتهامات الموجهة إلى روسيا، لقدّمتها للعالم».
وزارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، مدينة سالزبيري، أمس، مؤكدة أنها «مفتوحة للأعمال» بعد عام كامل على حادثة التسميم. وتقول بريطانيا إن عملاء الدولة الروسية حاولوا تسميم سكريبال بغاز «نوفيتشوك» سوفياتي التطوير والإنتاج. وردت بريطانيا وعشرات من حلفائها خلال العام الماضي على الحادث بطرد العديد من الدبلوماسيين الروس، فيما ردت روسيا بطرد أعداد مماثلة من الدبلوماسيين.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.