الشاعر الإيفواري جوزي غيبو يفوز بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي في أصيلة

قيمتها 10 آلاف دولار.. وهي عبارة عن مجسم لشجرة «الباوباو» المنتشرة في السنغال

الشاعر العاجي جوزي غيبو في أصيلة بدورتها العاشرة
الشاعر العاجي جوزي غيبو في أصيلة بدورتها العاشرة
TT

الشاعر الإيفواري جوزي غيبو يفوز بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي في أصيلة

الشاعر العاجي جوزي غيبو في أصيلة بدورتها العاشرة
الشاعر العاجي جوزي غيبو في أصيلة بدورتها العاشرة

فاز الشاعر الإيفواري جوزي غيبو بجائزة «تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي» في دورتها العاشرة، ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والثلاثين، عن عمله الشعري بعنوان «الحلم في لامبيدوسا»، حيث أجمع أعضاء لجنة التحكيم باستحقاق فوز هذا العمل عن جدارة وامتياز.
وسلم الجائزة محمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة، مساء أول من أمس، وهي عبارة عن درع لشجرة «الباوباو» المنتشرة في السنغال، إضافة إلى مبلغ 10 آلاف دولار.
يشار إلى أن الجائزة تحمل اسم الشاعر الكونغولي الراحل، وهي جائزة دورية، يتقدم إليها الأفراد، وترشح لها الهيئات والاتحادات، ويمنحها المنتدى العربي الأفريقي اللاتينو – أميركي، الذي ينشط ضمن فعاليات منتدى أصيلة. وتمنح لصاحب، أو صاحبة، موهبة واعدة أثبت حضوره المتميز، بما نشره من إنتاج ينطوي على قيمة فنية عالية.
وقال بن عيسى أن الاحتفاء بجائزة أوتامسي هو استحضار للأديب والشاعر والكاتب المسرحي الراحل صديق أصيلة، وقال: «كنت دائما أستحضره كرائد من رواد أصيلة التي قدم إليها منذ بداية الموسم، وعده من الرواد الكبار كالطيب صالح ولطفي الخولي وبلند الحيدري وغيرهم كثيرون»، وقال بن عيسى بأن تشيكايا بالنسبة لأصيلة وللمغرب هو ذاكرة الإبداع والانتماء، وأنه كان يتنفس في شوارع أصيلة معنى الإبداع في خدمة التقارب والتواصل. كما ذكر أن تشيكايا كتب قصيدة جميلة عن أصيلة ووصفها بكونها «مذاق السكينة والصبر».
من جانبه، قال أليون بادارا بيي، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، ورئيس جمعية كتاب السنغال والفيدرالية الفرنسية للكتاب: «إننا نكرم ذاكرتنا ونستذكر شاعرا توفي عام 1989. لكنه بقي حيا وعابرا للجميع»، واصفا شعره بالمحكم والمكمل وشديد التركيز، وقال: «إن جائزة تشيكايا أوتامسي تجاوزت حدود المغرب وتحولت إلى جائزة قومية».
وعد بيي أن هذه الجائزة تمر مرحلة من النضوج بعد عقدين من الزمن وهكذا تستطيع أفريقيا أن تحافظ على هذه الذاكرة الخالدة لتشيكايا أوتامسي، مشيرا إلى أن الدورة العاشرة مكنت من اكتشاف موهبة رائعة في شخصية الشاعر الإيفواري جوزي غيبو، وأن أعضاء لجنة التحكيم أجمعوا على اختيار عمله «الحلم في لامبيدوسا» واعتباره تحفة أدبية غنائية ومضاءة ضد اليأس وتنبيه جيل جدد عليه أن يختار حياة جديدة بوعي جديد، وقال: «إنه خاطب كبرياء الشباب».
ودعا رئيس لجنة التحكيم إلى توسيع نطاق الجائزة لكي تشمل السرد القصصي والرواية نظرا لكون أعمال أوتامسي الأدبية ذهبت إلى أبعد من الشعر، مشيرا إلى أن مؤسسة «منتدى أصيلة» ستسير قدما في سبيل توسيع نطاق الجائزة.
من جهة ثانية، تحدث حميدو ديا، الكاتب والمستشار الثقافي للرئيس السنغالي ماكي صال، عن أوتامسي، مبرزا أهم محطات حياته وما تميز به مساره الفكري والأدبي، حيث ذكر أنه ظاهرة تاريخية وله نصوص رائعة تضم الشعر والرواية والمسرح، مشيرا إلى أنه اشتغل صحافيا وكاتبا وكذا باليونيسكو في باريس.
وأعرب الشاعر غيبو، الذي ولد سنة 1972 بأبيدجان، عن سعادته لحصوله على هذه الجائزة، وهو حاصل على دكتوراه في التاريخ وفلسفة العلوم، ويشغل منصب أستاذ باحث في جامعة كوكودي بأبيدجان، وهو عضو الشركة الإيفوارية لأخلاقيات علم الأحياء من نظرية المعرفة والمنطق، ورئيس جمعية كتاب كوت ديفوار.
وشهد حفل تسليم الجائزة، تقديم قراءات شعرية لأعمال تشيكايا أوتامسي أداها الممثل المسرحي السنغالي ياسين فيلان ضيوف، ومستشارة رئيس جمهورية السنغال بنجامان جول روزيت، إضافة إلى زيارة جماعية لحديقة تحمل اسم تشيكايا أوتامسي، ويتوسطها نصب تذكاري كتبت عليه إحدى قصائده، تقع محاذية لسور مدينة أصيلة القديمة؛ حيث كان يحلو للشاعر أن يتمتع بمنظر غروب الشمس.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».