«سي إن إن» تحت المجهر بعد ضمها مسؤولة جمهورية لطاقم تغطية انتخابات 2020

حالة من الغضب تسود بين موظفي المحطة وتوقعات بازدياد الانقسام

TT

«سي إن إن» تحت المجهر بعد ضمها مسؤولة جمهورية لطاقم تغطية انتخابات 2020

عقب فوز الرئيس دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية عام 2016، كتبت جيسيكا ييلين التي عملت مراسلة لمحطة «سي إن إن» في البيت الأبيض مقالاً في زاوية الرأي بصحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «كيف يمكن إنقاذ (سي إن إن) من نفسها.
المقال كان بمثابة ترداد لجرس إنذار حول السؤال الذي بدأ يتداوله «مدمنو» هذه المحطة ذائعة الصيت وغيرها من المحطات المرموقة.
اتُهمت المحطات الإخبارية بأنها تحولت إلى مجرد استوديو يشغله خبراء وناقدون يجلسون أمام الكاميرات يتجادلون حول التغريدات والاستطلاعات. بات الرئيس ترمب محور كل شيء.
تباعاً، أثار قرار «سي إن إن» بتوظيف سارة إيسيغور إحدى الناشطات من الحزب الجمهوري كمحررة سياسية، في إطار استعداداتها لتغطية الانتخابات الرئاسية عام 2020. جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية والشعبية والإعلامية.
كارل إيدسفوغ أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة كنت بولاية أوهايو قال في مقابلة مع «الشرق الأوسط» إن الإعلام انتهى في الولايات المتحدة، ولم يعد هناك صحافة. وأضاف: «صار التشويق هو سيد المرحلة، والمشكلة هي ترمب». وأشار إلى أن «المحطات لا تقوم بواجبها وبات همها الربح وليس المحاسبة».ووفقاً لإيدسفوغ: «إذا شاهد المرء أي محطة أميركية بنسختها الدولية، سيعثر على إعلام جيد، لكن داخل أميركا الأمر مختلف تماماً». واستطرد شارحاً أن «حتى المحطات المحلية ابتعدت عن محاسبة المسؤولين السياسيين ورجال الكونغرس وأخطاؤهم لم تعد تقلقهم». ولفت إلى «مشكلة إدارة وتمويل، الأمر الذي يضعف المغامرة على طرح قضايا مهمة».
بدورها، نقلت صحيفة «دايلي بيست» في تحقيق لها أن محطة «سي إن إن» أبلغت موظفيها في رسالة داخلية، أنها قررت تعيين سارة إيسيغور للاستفادة من خبراتها السياسية والحكومية. لكن الصحيفة أضافت أن الرسالة أغفلت أن يكون لإيسيغور أي تجربة صحافية، الأمر الذي انتقدته الدكتورة سحر خميس أستاذه الإعلام في جامعة مريلاند في حوار مع «الشرق الأوسط».
خميس قالت إنه من الطبيعي أن يكون هناك معلقين في المؤسسات الإعلامية، ومن اتجاهات سياسية وفكرية مختلفة، لكن من النادر الاستعانة بشخصية سياسية لتولي منصب تحريري رفيع من دون خبرة إعلامية. وهو ما أثار تهكم الوسط الإعلامي.
ما أثار الجدل ليس فقط شحة تجربتها الإعلامية، لكن تاريخ سارة إيسيغور السياسي هو ما أثار جمهور المحطة التي تعتبر من أشد المعارضين لسياسات ترمب، وتحظى بمتابعة مكثفة، سواء من الجمهور المؤيد أو المعارض لها.
عملت إيسيغور في العديد من المنظمات والحملات السياسية اليمينية والمحافظة، وكانت مسؤولة حملة المرشحة الجمهورية كارلي فيورينا التي تنافست مع ترمب في انتخابات 2016. وكذلك في الحملة الرئاسية لميت رومني في مواجهة باراك أوباما عام 2012، واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، وفي حملة تيد كروز لمجلس الشيوخ عام 2018. كما أنها كانت تعمل كمتحدثة سابقة باسم وزارة العدل تحت قيادة الوزير جيف سيشنز حتى استقالته في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وهي الوظيفة التي تطلبت منها بحسب صحيفة «ديلي بيست»، أن تقسم الولاء للرئيس ترمب، فيما هي مكلفة الآن من «سي إن إن» بتغطية أخباره.
إيسيغور متهمة بأن تغريداتها على «تويتر» تكشف حقيقة انتمائها، حيث نفت مؤخراً أن يكون الرئيس ترمب قد شكك في وثيقة ولادة الرئيس السابق أوباما، وتكرر على الدوام الحديث عن نظرية المؤامرة وعن هيلاري كلينتون وعن معارضتها للمهاجرين وحظر السفر على بعض الدول ذات الغالبية المسلمة.
وكتب أحد المتحدثين باسمها على «تويتر» في إشارة لمحطة «سي إن إن» أنها ستعمل في «شبكة أخبار كلينتون»، ما سيساعدها على تنسيق التغطية عبر التلفزيون والإعلام الرقمي وستتأكد من عرض القضايا والأخبار الصحيحة ونشر المقالات عبر الإنترنت.
فتح تعيين إيسيغور جدلاً حول دور الإعلام الأميركي والجمهور الذي يخاطبه، وحاجة القوى السياسية لمنصات اتصال وتخاطب مع جمهورها.
وفيما يعتبر على نطاق واسع أن وسيلة اتصال وتواصل جمهور المحافظين سكان «الولايات الداخلية الزراعية»، هي الراديو وبعض المحطات المحلية، كانت المدن الأميركية الكبرى مركز تجمع الفئات الشابة والمثقفين ورجال الأعمال والمال، وتربطهم بالإعلام وسائل تواصل متعددة، تكثفت في المرحلة الأخيرة مع ثورة وسائل الاتصال الاجتماعي.
المؤسسات المحسوبة على التيار المحافظ يقف على رأسها محطة «فوكس نيوز»، فيما مشاهير مقدمي البرامج المحافظين ينشطون خصوصاً في الإذاعات كنجوم «حركة حزب الشاي»، التي تولت إدارة المواجهة مع أوباما، والمواقع الإلكترونية المحافظة «كبرايبت» التي أسسها وأدارها ستيف بانون مستشار الرئيس ترمب السابق.
في المقابل، تقف أسماء مؤسسات «ليبرالية» كبرى مثل «سي إن إن» و«إم إس إن بي سي» و«إن بي سي» و«إي بي سي» فضلاً عن صحف منها «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» و«بوسطن غلوب» وغيرها، مدعومة بمئات المواقع الإلكترونية وبمنصات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» وغيرها.
مدير «سي إن إن» جيف زوكر، الذي أشاد به ترمب عندما كان مديراً لمحطة «إيه بي سي» منتجة برنامج «إبرنتيس» الذي قدمه ترمب، دافع عن قرار المحطة، قائلا إن توظيف إيسيغور مفيد للمحطة وبأنها شخص استثنائي ستحسن تجربتها تغطية الشبكة، وهو ما وافق عليه في كتاب توظيفها ثلاثة من كبار مسؤولي المحطة، بحسب صحيفة «دايلي بيست».
لكن زوكر لا يخفي أن السنوات الثلاث الأخيرة، وهي الفترة التي صعد فيها ترمب، كانت من بين الأكثر نجاحاً في تاريخ المحطة. وقال في مقابلة مع برنامج «فانيتي فير»: «الناس يشتكون طوال الوقت من التحدث عن ترمب، ولكن في نهاية المطاف كل ما يريدون الاستماع إليه ومشاهدته هو ترمب. في كل مرة نبتعد فيها عنه لتغطية حدث آخر، يختفي الجمهور، ترمب يهيمن».
ويؤخذ على المحطة أنها على رغم انتقادها لترمب، فإنها خصصت الكثير من أوقات تغطيتها الإخبارية لمهرجاناته وخطبه حتى من دون تعليق، الأمر الذي اعتذر عنه زوكر.
في المقابل غطت المحطة القليل من نشاطات كلينتون السياسية، وخصص برنامجها الشهير «ستيوايشين رووم» الذي يقدمه وولف بليتزر أكثر من 60 في المائة من تغطيته لقضية بريدها الإلكتروني بحسب دراسة أجرتها جامعة هارفرد.
تدافع بعض الأوساط عن تجربة الاستعانة بسياسيين تحولوا إلى الإعلام، أمثال مقدم البرامج جورج ستيفانوبولوس الذي جاء من البيت الأبيض إبان عهد كلينتون إلى محطة «إي بي سي». لكن مسيرة انتقاله كانت بطيئة إذ عمل معلقاً سياسياً في المحطة قبل تحوله إلى مقدم بحسب «دايلي بيست». لكن البروفسور إيدسفوغ يقول إن ستيفانوبولوس ليس مثالاً جيداً، فقد حوَّل التلفزيون إلى تهريج، وأن تلك التجارب كاريكاتيرية والهدف منها ليس الموضوعية أو التوازن بل زيادة عدد المشاهدين، بمعزل عما تطرحه إدارة هذه المحطة أو تلك. ويهاجم إيدسفوغ أداء المحطات الكبرى، لكنه يؤكد أن هناك بعض المحطات والمؤسسات الإعلامية المحترمة التي تسعى للحفاظ على موضوعيتها وعدم الانحياز، لكنها للأسف تتركز في غالبيتها في الإعلام المكتوب، مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«ريبابليكا»، بحسب قوله.
إدارة «سي إن إن» تؤكد أنه كلما كانت وجهات النظر ممثلة أكثر في غرفة الأخبار كان ذلك أفضل، وأن إيسيغور ستكون واحدة من اثني عشر شخصاً سيساعدون في تنسيق تغطيتها السياسية للانتخابات وبأنها مؤهلة للغاية. وتؤكد أن أمثلة انتقال السياسيين إلى غرف الأخبار كثيرة، من ستيفانوبولوس إلى نيكول والاس ودانا بيرينو وتيم روسرت في محطات «إم إس إن بي سي» و«فوكس نيوز» و«إن بي سي». لكن البروفسور إيدسفوغ يقول: «أن تكون شخصاً استثنائياً لا يعني أنك مؤهل لتكون محرراً إخبارياً، فيما تنقل «دايلي بيست» عن مصادر في «سي إن إن» أن حالة من الغضب تسود بين موظفي المحطة، قائلين إن مقارنة إيسيغور بستيفانوبولوس لا تستقيم. فالأخير لم يقسم الولاء لكلينتون، وأنه بدأ عمله معلقاً وليس محرراً في غرفة الأخبار.
ويعتقد البروفسور كارل إيدسفوغ أن الساحة الإعلامية ستشهد المزيد مما شهدته في الحملة الانتخابية السابقة ومن ادعاءات الحياد، مؤكداً أن الانقسام سيزداد ويتعمق، وستغرق المحطات في مزيد من الانحياز.
الدكتورة سحر خميس أكدت من جهتها أن ما يضمن تغطية متوازنة لانتخابات 2020 هو ضبط المعايير المهنية والتحقق من الخبر. وأضافت أن الأمر قد يكون صعباً لأن الإعلام الأميركي بغالبيته إعلام تجاري يبغي الربح، والحل يكمن في محاولة إيجاد مؤسسات إعلامية لا تبغي الربح، ودعم المحطات غير الربحية مثل «بي بي سي» البريطانية و«إن بي أر» الأميركية.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.