مولد كهروحراري للتقنيات القابلة للارتداء

يصنع من القطن ويحصد الطاقة من حرارة الجسم

مولد كهروحراري للتقنيات القابلة للارتداء
TT

مولد كهروحراري للتقنيات القابلة للارتداء

مولد كهروحراري للتقنيات القابلة للارتداء

يحصد هذا المولد المصنوع من القطن حرارة الجسم لتزويد الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء بالطاقة.
لا شكّ في أنّ هذه الطريقة الجديدة القائمة على حصاد الطاقة الكهربائية من حرارة الجسم ستشكّل مصدراً لإلهام الكثير من الأجهزة القابلة للارتداء التي لن تحتاج للاتصال بأي منفذ.
إلا أن فرق الجهد الكهربائي الضعيف الذي تولده هذه التقنية الكهروحرارية والذي يبلغ عدداً من وحدات ميلي فولت لن يتيح إلا استخداماً طفيفاً لهذ الطاقة من قبل أي جهاز إلكتروني يتصل بها. ولكن المطورين يشيرون إلى وجود الكثير من أجهزة مراقبة الرشاقة والمراقبة الطبية القابلة للتزوّد بالطاقة من داخل تصميمها الخاص فعلاً.
قماش «كهربائي»
يتألف المولّد الكهروحراري القابل للارتداء الجديد من مواد غير سامة وغير مسببة للحساسية، مما يجعله مرشحاً قوياً للدخول في صناعة الأجهزة القابلة للارتداء.
في الحقيقة، تقول تريشا أندرو، أستاذة محاضرة في الكيمياء من جامعة ماساتشوستس في آمهرست، إنّ المادة التي صمم منها المولّد هي عبارة عن نسيج قطني قديم عادي.
وفي شرح أكثر دقّة، قالت أندرو إنّ هذا المولّد يتألف من شريط قطني مصنوع بتقنية الترسيب البخاري ومغطّى بطبقة مطعمة (بـ3. 4 إيثيلينيديوكسيثيوفين) أو ما يعرف بـ«بيدوت - سي إل»... وعند ارتدائها، يتلامس أحد طرفي الشريط القماشي مع جلد الشخص الذي يضعه ويستشعر بالتالي درجة حرارة جسمه، فيكون الطرف الآخر مكشوفاً تلقائياً للهواء. وكلما زاد الاختلاف بين درجة الحرارة التي يحصل عليها طرفا القطعة، كان الإنتاج الكهربائي أكبر.
تقول أندروز إن مختبرات أخرى عملت سابقاً على تجربة أجهزة فعّالة جداً في حصاد الطاقة، ولكنّها للأسف كانت مصنوعة من مواد أرضية سامة ونادرة جداً كـ«تيلوريد البزموت». وتضيف أنّ تجارب أخرى شبيهة حاولت الاعتماد على بديل من المولدات الكهروحرارية غير المضرّة حيوياً، ولكنّها لسوء الحظّ، كانت غالباً ضعيفة في حصاد الطاقة إلى درجة عدم قدرتها على توليد أكثر من جزء بسيط من مللي فولت واحد.
أمّا الابتكار في الجهاز الجديد فكان استخدام الترسيب البخاري للبوليمر على سطح الألياف القطنية فحسب، وليس إغراق القطعة بكاملها بالبوليمرات.
وبفضل حيلة الترسيب البخاري هذه، «يمكن للبوليمر أن يصبح شديد التوصيل الكهربائي، وأن تتولى مادة الـ(بيدوت – سي إل)». تأمين هذه الفعالية. ولكن، ولأن البوليمر موجود على السطح الخارجي للألياف القطنية فحسب، تحافظ كثافة المادة (أي القطن على سبيل المثال) على قدرتها على أداء دورها في العزل الحراري.
وكشفت أندروز وشريكتها أليسون، اللتان نشرتا بحثهما في دورية «أدفانسد ماتيريالز تكنولوجيز» أنّهما تقدّمتا بطلب للحصول على براءة اختراع لتقنيتهما.
ولفتت أندروز إلى أنّ التطبيقات الأولى التي قد يصار إلى استخدام هذا الابتكار فيها ستكون غالباً في المجال الطبي. فقد اختبرت العالمتان أوّل النماذج التجريبية لابتكارهما في عصبة لليد صممتها أليسون مع فتحة تتيح لأحد أطراف القماشة المغطاة بالـ«بيدوت سي إل». بلمس بشرة الشخص، وترك الطرف الآخر مكشوفاً للهواء.

- ابتكار جديد
وترى أليسون أنّ معظم تطبيقات هذه التقنية ستحصل في درجة الحرارة المحيطة أو في البيئات الباردة. (حتى أنها تشير إلى أنّ العرق يساعد في زيادة التوصيل الكهربائي، أي يمكن استخدام هذه التقنية في الأجهزة القابلة للارتداء الخاصة بالرياضة والتمارين).


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً