انخفاض الطلب على المنتجات الصناعية يعكس ضعف الاقتصاد الألماني

انخفاض الطلب على المنتجات الصناعية يعكس ضعف الاقتصاد الألماني
TT

انخفاض الطلب على المنتجات الصناعية يعكس ضعف الاقتصاد الألماني

انخفاض الطلب على المنتجات الصناعية يعكس ضعف الاقتصاد الألماني

تباطأت سرعة قاطرة الصناعات الألمانية، مولّدة بالتالي موجة من القلق والشكوك حول مدى إمكانية تعافيها وتنشطيها قريباً. ويرصد خبراء الاقتصاد في برلين إشارة جديدة تلعب دوراً في تباطؤ عجلات الاقتصاد الألماني، مصدرها طلبات شراء المنتجات الصناعية الوطنية التي تراجعت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الفائت 1.6 في المائة، مقارنة بالشهر الأسبق. وهذا أسوأ أداء لها منذ شهر يونيو (حزيران) من عام 2018، علماً بأن المحللين الاقتصاديين كانوا يتوقعون لها انتعاشاً بمعدل 0.3 في المائة.
ومقارنة بشهر ديسمبر من عام 2017 تراجعت حركة شراء هذه المنتجات 7 في المائة، وهذا أسوأ أداء لها منذ عام 2012.
إلا أن المحللة الألمانية في معهد الأبحاث الاقتصادية في برلينـ، ليلي رودي، تقول إن الإطار الذي يحيط الصناعة الألمانية ليس سلبياً بالكامل. فالربع المالي الأخير من العام 2018 سجل نمواً في الطلبات على كافة أنواع المنتجات الصناعية، رسا على 0.3 في المائة.
وتضيف: «نحن نتوقع انتعاش هذه الطلبات بصورة تدريجية وبطيئة، فالأمر لا يتعلّق بصحة الاقتصاد الألماني فقط، ولكن (هذه الطلبات تأثرت أيضاً) بحركة التباطؤ على الصعيدين الاقتصادي والصناعي عالمياً، جراء التوترات في العلاقات التجارية الأميركية الصينية، واستعداد بريطانيا للانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، والصعوبات التي يمرُّ بها قطاع إنتاج السيارات».
من جهة أخرى، ارتفعت طلبات شراء المنتجات الصناعية الألمانية أوروبيا 3.2 في المائة؛ لكنها تراجعت خارج القارة الأوروبية 5.5 في المائة.
مع هذا تضيف المحللة: «لا يمكننا القول إن الانتعاش الصناعي الألماني وصل إلى نهاية المطاف؛ لأن الإقبال الأوروبي عليه مقبول. لكن تعاظم المخاوف حول تخبُّط العالم ثانية في أزمة مالية دولية جديدة، يجعل الجميع يراجع حساباته ألف مرة، قبل التحرُّك في اتجاه معيَّن. صحيح أن النتائج المتأتية من القطاع الصناعي الألماني كانت مخيبة للآمال؛ لكن هذا القطاع لديه كل الكفاءات للتحرك إيجابياً بأمان داخل الاتحاد الأوروبي».
ويقول كارستن بريسكي، من مصرف «دويتشه بنك» إن الاقتصاد الألماني قد ينزلق نحو مرحلة من الكساد. فمنذ مطلع عام 2019 لا يمشي حسب ما تشتهيه سفن الخبراء. وثمة عدة مؤشرات مالية حيوية لا تبشر بالخير للفترة القادمة.
ويستطرد هذا الخبير قائلاً إن هناك توقعات بتحقيق ألمانيا نمواً يرسو هذا العام على واحد في المائة فقط مقارنة مع 1.8 في المائة سابقاً، «مع ذلك يبقى الناتج القومي صلباً. وتحتضن ألمانيا اليوم أقل معدل بطالة عمالية أوروبياً في موازاة ارتفاع ملموس في الدخل الشهري للموظفين. أما التضخم فلا يزال تحت السيطرة، ولا يشكل مصدر قلق مباشر في الوقت الراهن».


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

اقتصاد منطقة اليورو ينهي عام 2024 على تراجع وسط مخاوف بشأن التجارة

شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)
شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد منطقة اليورو ينهي عام 2024 على تراجع وسط مخاوف بشأن التجارة

شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)
شارع بمدينة كمنيتس شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

أظهر كثير من المؤشرات الرئيسية، يوم الأربعاء، أن اقتصاد منطقة اليورو، الذي ظل يتجنب الركود لأكثر من عام، أنهى عام 2024 على نحو ضعيف، مما يشير إلى أن التعافي المأمول منذ فترة طويلة لا يزال بعيد المنال.

وانخفض مؤشر المعنويات الرئيسي للمفوضية الأوروبية أكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانخفضت الطلبيات الصناعية الألمانية وتراجعت مبيعات التجزئة الألمانية بشكل غير متوقع. كل ذلك يضيف إلى المؤشرات القاتمة بالفعل في كتلة العملة التي تضم 20 دولة. وتشير الأرقام إلى أن منطقة اليورو، التي تواجه تهديداً جديداً بفرض رسوم جمركية جديدة على صادراتها من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، المقبلة، بالكاد نمت في الربع الأخير من العام الماضي، وربما كان النمو الألماني سلبياً مرة أخرى.

جاء ذلك امتداداً لسلسلة كئيبة منذ ارتفاع أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أضر بالصناعة. وقال ليو بارينكو من «أكسفورد إيكونوميكس»: «يشكل مؤشر المعنويات الاقتصادية الكئيب اليوم خطراً واضحاً على توقعاتنا بنمو معتدل للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام. لا توجد نقطة مضيئة لاقتصاد منطقة اليورو».

وانخفضت القراءة الرئيسية للمعنويات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي إلى 93.7 خلال ديسمبر الماضي من 95.6 في نوفمبر (تشرين الثاني) الذي سبقه، وهو ما يقل كثيراً عن التوقعات بقراءة ثابتة. وتراجع مؤشر المناخ الصناعي، وانخفضت معنويات المستهلكين، بينما ارتفعت توقعات الأسعار. وجاءت هذه الأرقام بعد ساعات فقط من بيانات منفصلة أظهرت أن الطلبيات الصناعية في ألمانيا؛ أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، انخفضت بنسبة 5.4 في المائة عن الشهر السابق، وهو ما جاء أقل من التوقعات التي أشارت إلى عدم حدوث أي تغيير. وفي الوقت نفسه، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.6 في المائة بالقيمة الحقيقية عن الشهر السابق، مقابل توقعات بنمو بنسبة 0.5 في المائة. ويعاني القطاع الصناعي الألماني الضخم من الركود منذ أكثر من عام بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من آسيا، والمنافسة الرخيصة من الأسواق الأخرى، التي أثرت جميعها على القطاع. وقال كارستن برزيسكي، الخبير الاقتصادي لدى «آي إن جي»: «لا يوجد حتى الآن في الأفق أي انعكاس للاتجاه بالنسبة إلى الصناعة الألمانية. إنها في أدنى مستوياتها في أحسن الأحوال... تشير مبيعات التجزئة المخيبة للآمال إلى أن انتعاش الاستهلاك الخاص في الربع الثالث من غير المرجح أن يستمر في الربع الرابع».

ولطالما عوّل الاقتصاديون على الاستهلاك الخاص لدفع الانتعاش، حيث تتمتع الأسر الآن بنمو كبير في الدخل الحقيقي وسط تضاؤل التضخم. ولكن تشير دراسة صادرة عن «البنك المركزي الأوروبي» إلى أن الأسر ستستمر في ادخار جزء كبير غير عادي من دخلها لإعادة بناء الثروة التي فقدتها بسبب التضخم المرتفع، مما قد يربك آمال زيادة الإنفاق. ويرى الاقتصاديون أن هذا الاتجاه قد يتفاقم بسبب أي ضعف إضافي في سوق العمل، التي بدأت تعاني من ضعف النمو وتقلص هوامش أرباح الشركات وضعف الطلب على سلع وخدمات الشركات.