بيدرسون يرسم «خريطة طريق» للسلام السوري

TT

بيدرسون يرسم «خريطة طريق» للسلام السوري

حدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، في إحاطته الأولى أمام أعضاء مجلس الأمن منذ تسلمه مهماته في 7 يناير (كانون الثاني) الماضي، معالم الخطة التي يريد اتّباعها في وساطته لإحلال السلام بعد 8 سنوات من الحرب في هذا البلد العربي، مؤكداً أنه سيعمل على تطبيق كل أوجه القرار 2254 وعدم حصر مهمته بتشكيل اللجنة الدستورية، خلافاً لمقاربة سلفه ستيفان دي ميستورا.
وكان بيدرسون يقدم إفادته في شأن الجهود التي باشرها قبل 8 أسابيع كوسيط دولي. وقال إنه في مشاوراته الأولية «ذكرت كل الأطراف بأن القرار 2254 يتضمن كل العناصر المطلوبة لإيجاد حل سياسي»، موضحاً أن القرار «يبدأ باحترام سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها»، فضلاً عن أنه «يقدم خريطة طريق لعملية سياسية بملكية وقيادة سورية».
وأضاف: «القرار 2254 يطالب بالتزام القانون الدولي، ويشدد على حماية المدنيين، وعدم تقييد الوصول الإنساني، ووقف الأعمال العدائية، ومعالجة اﻹرﻫﺎب، وتنفيذ تدابير بناء الثقة، وإطلاق المعتقلين والمخطوفين». وأكد أن «كل هذه الأمور حيوية، إذا أردنا أن نرى السوريين يخرجون من النزاع»، وهي تتعامل مع قضايا الحوكمة والعملية الدستورية والانتخابات بإشراف الأمم المتحدة»، بالإضافة إلى «العودة الطوعية والآمنة للاجئين ومواضيع إعادة الإعمار».
ونبّه بيدرسون إلى أن «الأولوية الأهم بالنسبة لي هي انخراط الحكومة السورية ولجنة المفاوضات السورية وتعاونهما»، مضيفاً أنه أجرى مشاورات جيدة خلال الأسابيع الماضية مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق ومنسق «هيئة المفاوضات» المعارضة نصر الحريري في الرياض، كما أنه عقد لقاءات في كل من موسكو والقاهرة وأنقرة وطهران وباريس وبرلين وبروكسل وجنيف ودافوس وميونيخ، وسيتوجه بعد أيام إلى واشنطن ولندن وبيروت وعمان وبكين.
وقال بيدرسون: «لا يبدأ من الصفر»، مشيراً إلى «المبادئ الـ12 التي وضعها السوريون في جنيف وأكدوها في سوتشي»، بالإضافة إلى «السلال (الأربع) التي شكلت أجندة متفقاً عليها للمحادثات السورية - السورية، بتيسير من الأمم المتحدة». بيد أنه أضاف: «5 أفكار رئيسية في الطريق إلى الأمام»، وهي تتعلق أولاً بـ«الانخراط المباشر والفاعل» معه من قبل الحكومة والمعارضة، لأن «هناك حاجة إلى بناء الثقة وتطوير حوار مستدام بين الأطراف»، وثانياً بالجهود الجارية لإطلاق المعتقلين والمخطوفين، على غرار إطلاق 42 من هؤلاء بمساعدة من روسيا وتركيا. وشدد في الفكرة الثالثة على أهمية «انخراط الطيف الكامل للشعب السوري في الجهود لبناء الثقة والبحث عن السلام»، عاقداً كثيراً من الأمل على دور فاعل للمرأة السورية. وأضاف أن الفكرة الرابعة تفيد أن «عقد لجنة دستورية ذات صدقية ومتوازنة وشاملة بقيادة سورية (...) يمكن أن يكون مهماً لتنشيط العملية السياسية». أما الخامسة فتتعلق بما سماه «تحسين الحوار والتعاون الدوليين» لإيجاد مخرج للأزمة.
وحدد بيدرسون 5 أهداف للفترة المقبلة، وهي أولاً الشروع في تعميق حوار مستدام مع الحكومة السورية والمعارضة من أجل بناء الثقة في اتجاه بيئة آمنة وهادئة ومحايدة. وثانياً رؤية مزيد من الإجراءات الملموسة بشأن المعتقلين والمخطوفين والمفقودين عبر الانخراط مع أصحاب المصلحة في آستانة والأطراف السورية وجميع المعنيين. وثالثاً الانخراط مع مجموعة واسعة من السوريين من أجل مشاركتهم في هذه العملية. ورابعاً عقد لجنة دستورية ذات صدقية ومتوازنة وشاملة في أقرب وقت ممكن. وخامساً مساعدة الأطراف الدولية على تعميق حوارها الخاص نحو الهدف المشترك لتسوية سياسية موثوقة ومستدامة للنزاع السوري تحظى بالشرعية الدولية.
وأشار نائب المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين إلى مشاركة الممثل الخاص لوزير الخارجية مايك بومبيو للانخراط السوري،جيمس جيفري، قائلاً إن «الولايات المتحدة لا تحيد عن التزامها تحقيق تسوية سلمية سياسية للنزاع السوري تمشياً مع القرار 2254». وأضاف أن «الولايات المتحدة تؤيد جهود المبعوث الخاص لعقد لجنة دستورية شرعية وذات صدقية ومتوازنة»،.
وعبّر المندوب الروسي الدائم فاسيلي نيبينزيا عن دعم بلاده لخريطة الطريق الأولية التي وضعها المبعوث الدولي، مشدداً على أن «روسيا تعمل مع شركائها والمبعوث الخاص على تنسيق معايير إطلاق اللجنة الدستورية السورية وتتطلع إلى انطلاقها قريباً».
أما المندوب السوري بشار الجعفري فطالب «بإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».