«بالمؤنث»... عنوان {شهر الفرنكوفونية} في لبنان

أُطلق بالتعاون مع السفارة الفرنسية

وزير الثّقافة محمد داود وعدد من السّفراء الأجانب في المؤتمر الصّحافي لإطلاق {شهر الفرنكوفونية} في لبنان
وزير الثّقافة محمد داود وعدد من السّفراء الأجانب في المؤتمر الصّحافي لإطلاق {شهر الفرنكوفونية} في لبنان
TT

«بالمؤنث»... عنوان {شهر الفرنكوفونية} في لبنان

وزير الثّقافة محمد داود وعدد من السّفراء الأجانب في المؤتمر الصّحافي لإطلاق {شهر الفرنكوفونية} في لبنان
وزير الثّقافة محمد داود وعدد من السّفراء الأجانب في المؤتمر الصّحافي لإطلاق {شهر الفرنكوفونية} في لبنان

«لبنان، هو البلد الوحيد الذي يحتفي بالفرنكوفونية خلال شهر بأكمله». بهذه الكلمات استهل السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه كلمته في المؤتمر الصحافي الذي عقد أول من أمس في متحف بيروت لإطلاق شهر الفرنكوفونية في لبنان، تحت عنوان «بالمؤنث» (ِAu feminin). وأضاف: «في لبنان، الفرنسية ليست لغة أجنبية بل لغة لبنانية تساهم في تنوّعه الثّقافي. وهو يعتبر قطبا لنشر اللغة الفرنسية في المشرق، ولا شك في أنّ هذا الأمر ساهم في قرار المنظمة الدُّولية للفرنكوفونية المتعلق بافتتاح مكتب إقليمي لها في لبنان».
في حضور وزير الثقافة الدكتور محمد داود وعدد من سفراء دول أجنبية معنيّة بهذا الحدث وبينها أرمينيا وسويسرا وكندا، أُطلقت نسخة عام 2019 من شهر الفرنكوفونية في لبنان الذي يتضمن نشاطات تدور موضوعاتها حول المرأة بشكل عام.
وأشار الوزير داود إلى أنّه كأسلافه من وزراء الثّقافة السّابقين سيلتزم بالحفاظ على هذا التقليد السنوي، وبأنّه يتطلّع إلى توثيق هذه العلاقة مع الفرنكوفونية. وأعلن أن 1 مارس (آذار)، سيشهد افتتاح أول أيام الشهر المذكور من خلال حفل موسيقي يقدمه المعهد الوطني العالي للموسيقى في متحف بيروت الوطني، فيما يختتم في 6 أبريل (نيسان) بـ«ليلة المتاحف».
ويتميز برنامج الحدث لهذا العام، بمزجه ما بين الثقافتين الفرنسية واللبنانية بدءاً من الأمسية الموسيقية التي تنطلق معها فعاليات هذا الشهر. فيشارك فيها على البيانو الفرنسية دلفين باردان وعلى الكمان شربل شربل وستكون مخصّصة للموسيقي العالمي الراحل موزارت. فيما تقدّم الممثلة حنان الحاج علي عرضا مسرحيا تكشف فيه عن أفكار تراود إحدى النساء وهي تمارس رياضة الهرولة ويحمل عنوان «جوغينغ». فتحكي عن أحلامها وأمانيها ومشاهداتها على الطّرقات اللبنانية بالعربية والمترجمة على شريط تسجيلي بالفرنسية. ويُشرف على التنفيذ الفنّي لهذا العرض اريك دونيو، فيما يتوّلى إدارته الدرامية عبد الله الكفري، وذلك في 8 مارس على خشبة صالة سينما «مونتين» في المركز الثقافي الفرنسي في بيروت.
ومن النشاطات الأخرى التي تجمع ما بين الثقافتين الفرنسية واللبنانية في هذه المناسبة «مهرجان الحكايا الشفهية والمونودراما» في نسخته الـ20 الذي يشارك فيه حكواتيون أجانب وعرب ليقدّموا قصصا تحت عنوان «الشرق والغرب بالمثل». فتنطلق أمسياته في «بيت الفنان» في حمانا ابتداء من 11 مارس ولغاية 17 منه.
وتحت عنوان «الإملاء المالية» يقام في 13 مارس (آذار) المقبل في قاعة باسل فليحان في الجامعة اليسوعية، مباراة في الإملاء الفرنسية يشارك فيها تلامذة من لبنان والسفير الفرنسي نفسه، وتتألّف موادها من القواعد الفرنسية وعلم الاقتصاد والمال. وفي عرض موسيقي مسرحي يجري على خشبة سينما «مونتين» في المركز الثقافي الفرنسي، تشارك مجموعة من الفنانين اللبنانيين في أداء أغاني عالبال من السينما المصرية المستوحى من قصة لميا زيادة «o nuit o mes yeux».
ومن النشاطات الأخرى التي يشهدها شهر الفرنكوفونية في لبنان، أمسية موسيقية مع عازفين سويسريين (مارك آيمون وأفرام سالزمان) بعنوان «الصيف الجميل أغان لا تموت». فيكتشف معها الحضور 14 أغنية من الفولكلور السويسري يتضمنها ألبوم كامل رسم صوره السويسري المعروف كوزاي فيبحرون معه في رحلة فرنكوفونية عريقة وذلك في 5 مارس في المركز الثقافي الفرنسي في بلدة دير القمر الشوفية. ومن بلجيكا سيتاح لعدد من الزوار تختارهم سفاراتهم في لبنان بزيارة «متحف الشوكولا» في منطقة فردان، ليتعرّفوا إلى أهم ماركاتها السويسرية المشهورة وحكاياتها عبر التاريخ في 7 مارس.
وفي مسابقة فنّ الصور الفوتوغرافية عند النساء التي ينظمها المركز الثقافي الفرنسي مع بداية انطلاق الشهر الفرنكوفوني ولغاية 30 منه، ستقدّم جائزة «Iwpa» للفائزة فيها، يتبعها عرض أعمالها الفوتوغرافية في معارض جوّالة تقام في مدن فرنسية وشرق أوسطية.
وضمن طاولة مستديرة تقام في مركز الصفدي الثقافي في طرابلس في 9 مارس، سيجري النقاش بين شخصيات علمية وفنية وتربوية عن العصر الرّقمي وتأثيره في كل المجالات. أمّا في 21 مارس، فتنظم وزارة الثّقافة في لبنان بالمكتبة الوطنية، لقاء أدبيا بعنوان «صور من الأدب الفرنكوفوني اللبناني» مع عدة كتّاب ومن بينهم اللبناني ألكسندر نجار.
وسيشهد اليومان الأخيران من شهر الفرنكوفونية في لبنان، إعلان نتائج مسابقة «الكلمة الذهبية في الفرنكوفونية» في 28 مارس، الذي يشارك فيه طلاب ومحترفون في استخدام الفرنسية كلغة أساسية في حياتهم اليومية. فيما يحمل 29 مارس طاولة حوار تنظمها دولة أرمينيا عن جوزف أوغورليان أول حكام مصرفها الوطني وذلك في مبنى ديمرجيان بمنطقة ضبية. وتختتم فعاليات هذا الشهر في 6 أبريل بـ«ليلة المتاحف» حيث سيفتح عدد من متاحف لبنان وحتى ساعة متأخرة، أبوابه مجانا أمام الزوار وينظم هذا الحدث وزارة الثقافة في لبنان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».