قال باحثون من أكثر من دولة إن عدة إناث من القردة الذهبية فطساء الأنف يمكن أن تتناوب على إرضاع صغير واحد. وبحسب الباحثين في دراستهم، التي نشرت في مجلة «ساينس أدفانسيز» المتخصصة، فإن تقسيم الإناث عملهن بشأن إرضاع الصغار، يحسّن فرص بقاء نسلهن. وأكد الباحثون تحت إشراف زوفو شيانغ، من الجامعة الجنوبية المركزية للغابات والتقنية في مدينة تشانغشا الصينية، أن تناوب عدد من إناث القردة على إرضاع أحد الصغار لا يؤثر على نجاح تناسلهن.
وأوضح الباحثون أن إنتاج الحليب وما به من مواد مغذية وهرمونات وفيتامينات أو مواد ناقلة للخلايا المناعية، عمل يستنفد كثيراً من طاقة الأمهات؛ حيث إن صحة الأنثى المرضعة، وربما نجاحها في التناسل، قد يعانيان خلال السنوات التالية للرضاعة، خاصة في الأوقات التي تنضب فيها الموارد، «وفي ضوء ذلك يمكن أن نفترض أن الأنثى يمكن أن تفكر أكثر من مرة... قبل أن ترضع صغار غيرها، وتستغني بذلك عن موارد ثمينة». ولكن هذا ليس هو الحال، حسبما أظهرت الدراسة.
وراقب الباحثون على مدى 5 سنوات تجمعاً من القردة الذهبية فطساء الأنف، في متنزه وطني وسط الصين، وذلك بعد أن قسموه إلى عدة مجموعات، كان في كل منها قرد ذكر وكثير من الإناث، بالإضافة إلى الصغار.
وكانت غالبية الإناث تنجب في الفترة بين شهري مارس (آذار) ومايو (أيار)، وذلك لأن الظروف المعيشية لهذه القردة تكون قاسية في أعالي الغابات مطلع فصل الشتاء، في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة ليلاً إلى 14 درجة مئوية تحت الصفر، بالإضافة إلى أن الأرض تصبح مغطاة بالثلوج، ما يجعل الغذاء نادراً.
لذلك، تحرص القردة على أن يشتد عود صغارها قدر الإمكان أثناء الصيف، متجنبة بذلك دخول الشتاء بظروف صحية سيئة، حتى لا تُعرِض صغارها للخطر.
ورغم استخدام هذه الاستراتيجية، تكون نسبة الوفيات مرتفعة أيضاً؛ حيث إن أكثر من نصف القردة الصغار الذين يولدون في إحدى السنوات العجاف لا يستطيع تجاوز الشتاء.
وقد تبين للباحثين الذين استطاعوا التمييز بين القردة بناء على شكلها، أن 40 في المائة من إجمالي القردة الصغار البالغ عددها 46 قرداً رضيعاً (87 في المائة من المواليد) أُرضِعَت من قِبل أكثر من أنثى؛ حيث رضع نصفهم تقريباً من أنثيين أخريين، على الأقل، إلى جانب أمهم.
وبدأت المرضعات ترضع أبناء غيرها بالفعل في أولى الأيام التالية للولادة، وفي سن 3 أشهر كانت أمهاتهم فقط هي التي ترضعهم.
ومن ناحية المبدأ، فإن التناوب على إرضاع القردة حديثة الولادة كان يتم من قبل إناث من داخل المجموعة التي يتبعها الصغار، وغالباً ما كانت الجدات والخالات هن من يقمن بهذا الدور.
وقد تبين للباحثين أن تناوب قردة المجموعة على إرضاع صغارها جاء بنتيجة طيبة؛ حيث وجدوا أن 4 من بين كل 6 قردة كانت ترضع من أمهاتها فقط هي التي تجاوزت الشتاء التالي، في حين مات 6 فقط من إجمالي 40 قرداً صغيراً كانوا يرضعون من عدة إناث داخل المجموعة.
كما وجد الباحثون أن المرضعات لم تتضرر جراء إرضاع أبناء غيرهن؛ حيث ولدت هذه المرضعات بنفس السرعة التي ولدت بها الأمهات التي لم ترضع أبناء غيرها.
كما اكتشف الباحثون أن دعم القردة بعضها بعضاً في الإرضاع يستند إلى المنفعة المتبادلة، فأنثى القرد التي تترك ابنها لأنثى غيرها ترضعه، تقوم في وقت لاحق بإرضاع أبناء هذه الأنثى.
وخلص الباحثون إلى أن هذه المنفعة المتبادلة بين الأمهات، وكذلك النحو بين القردة، هي الدافع الرئيسي وراء نشأة الإرضاع المتبادل بين القردة الذهبية فطساء الأنف.
ويرجح الباحثون أن القردة تحاول من خلال هذه الطريقة تنشئة أكبر عدد ممكن من صغارها في أقرب وقت ممكن؛ حيث تصبح هذه القردة الصغيرة في حالة نضجها بشكل كافٍ بحلول أواخر الصيف والخريف، قادرة على التغذي على أوراق الشجر والاستفادة من الثمار الناضجة، التي تصبح متوفرة في هذا الوقت من السنة. وتصبح القردة قادرة على تناول الغذاء الصلب في سنّ 4 أشهر.
كما أن إرضاع الأم صغاراً غير صغارها يصبح مجدياً لها، لأن كثرة الإرضاع يحفز إنتاج الحليب، على الأقل لدى كثير من أنواع الحيوانات الأخرى، وهو ما يمكن أن يصب في مصلحة نسلها.
إناث القردة تعجل بفطام صغارها بالاستعانة بقريباتها في إرضاعهم
للإسراع بنموها قبل حلول فصل الشتاء
إناث القردة تعجل بفطام صغارها بالاستعانة بقريباتها في إرضاعهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة