شعار المتطرفين في الانتخابات الإسرائيلية: حكومة يمين أو فلسطين

اليمين الإسرائيلي يرى في تصريحات كوشنر مؤشراً لإقامة دولة فلسطينية

جاريد كوشنر
جاريد كوشنر
TT

شعار المتطرفين في الانتخابات الإسرائيلية: حكومة يمين أو فلسطين

جاريد كوشنر
جاريد كوشنر

بعد أكثر من سنتين، تبنى اليمين الإسرائيلي فيها بالكامل سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأحاطوه بالمحبة والتبجيل، خرج رئيس حزب «اليمين الجديد»، وزير المعارف نفتالي بنيت، بهجوم حاد على كلٍّ من رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، وكذلك على الرئيس ترمب، وذلك بسبب «مساعيهما لإقامة دولة فلسطينية».
واستخدم بنيت تصريحات كبير مستشاري الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، عن «صفقة القرن» بأنها ستعالج قضايا الوضع النهائي وتتضمن وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة واحدة، معتبراً إياها «تأكيداً لإقامة دولة فلسطينية». وقال: «إن نتنياهو وترمب قررا أن يقيما دولة فلسطينية. فإذا لم يكن حزبنا عبارة عن كتلة قوية، فإن نتنياهو سيقيم حكومة مع اليسار بقيادة بيني غانتس لكي يمرر ما تعهد به لترمب ويقدم للفلسطينيين تنازلات تتيح إقامة الدولة الفلسطينية وتهدم مستوطنات».
وكشف كوشنر، في لقاء خاص مع «سكاي نيوز عربية»، عن أبرز مبادئ خطة السلام الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، مبيناً أنها تركز على «الحرية والاحترام». وأشار كوشنر إلى أهمية الحفاظ على سرية الكثير من تفاصيل خطة السلام، وأضاف: «في المفاوضات السابقة التي قمنا بدراستها، وجدنا أن التفاصيل كانت تخرج قبل نضوجها، مما يدفع السياسيين إلى الهروب من الخطة».
وبيّن المسؤول الأميركي أن الوضع الذي يتم التفاوض بشأنه «لم يتغير كثيراً» خلال السنوات الـ25 الأخيرة، وأوضح: «ما حاولنا فعله هو صياغة حلول تكون واقعية وعادلة لهذه القضايا في عام 2019، من شأنها أن تسمح للناس بعيش حياة أفضل».
وفي ما يتعلق بالمبادئ التي جرى التركيز عليها في الخطة، قال كوشنر: «كان تركيزنا على أربعة مبادئ، الأول هو الحرية، حيث نريد أن ينعم الناس بالحرية. حرية الفرص والدين والعبادة بغض النظر عن معتقداتهم، بالإضافة إلى الاحترام». وتابع: «ينبغي أن تكون كرامة الناس مصونة وأن يحترم بعضهم بعضاً ويستفيدوا من الفرص المتاحة لتحسين حياتهم من دون السماح لنزاعات الأجداد باختطاف مستقبل أطفالهم. وأخيراً، الأمن».
وفي اللقاء مع «سكاي نيوز عربية» تحدث كوشنر عن تأثيرات الخطة السياسية لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على الاقتصاد في المنطقة، قائلاً: «لا أعتقد أن الأثر الاقتصادي للخطة سيقتصر على الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل سيشمل المنطقة برمّتها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان». وأضاف: «الخطة السياسية مفصلة جداً وتركز على ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائي، لكن الهدف من حل قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود. وإذا تمكنّا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيداً عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحر للناس والسلع، ويؤدي ذلك إلى إيجاد فرص جديدة». وربط كوشنر في خطة السلام بين المسارين السياسي والاقتصادي، معتبراً أن الحد من التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين من شأنه «تحسين فرص الاقتصاد الفلسطيني الذي كان مقيداً في ظل غياب السلام».
كما أعرب عن أمله وجود حكومة فلسطينية واحدة تجمع الضفة الغربية بقطاع غزة، مضيفاً: «يوجد فصل جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لكننا نودّ أن نراهما موحدين تحت قيادة واحدة تسمح للشعب الفلسطيني بأن يعيش الحياة التي يصبو إليها».
في المقابل ادّعى نفتالي بنيت بأن «الأميركيين قرروا تأجيل الإعلان عن صفقة القرن بالتنسيق مع نتنياهو، فهم يعرفون أن طرح الصفقة قبل الانتخابات سوف يضطر جميع المرشحين للحكم إلى التعامل معها ونتنياهو لا يريد ذلك لأنه في هذه الحالة سيواجه صعوبات كبيرة في الانتخابات». وأضاف: «لقد وضعوا خطة سياسية خطيرة. فهم سيعلنون عن الصفقة بعد الانتخابات الإسرائيلية ولكن قبل تشكيل الحكومة. والهدف من ذلك هو أن تكون صفقة القرن بنداً أساسياً في سياسة الحكومة القادمة. فمن لا يوافق عليها مثلنا ولا يوافق على دولة فلسطينية يبقى خارج الحكومة. لذلك لا بد من التصويت لصالح حزب اليمين الجديد من أجل تربيط نتنياهو ومنعه من الهرب إلى سياسة اليسار».
وقد سارع نتنياهو للرد على بنيت، فقال: «أنا افهم أن بنيت متوتر ومرتبك». وقال مسؤولو «الليكود» رداً على بنيت: «هذا هراء وليست له علاقة بالواقع». ولكنّ مصادر سياسية في تل أبيب أكدت أن التوجه الأميركي هو فعلاً كما قال بنيت. وأن نتنياهو لن يستطيع قول «لا» للرئيس ترمب. ولكنه في الوقت الحاضر يستند إلى احتمالات الرفض الفلسطيني. ويقولون في حاشية نتنياهو: «الآن يرفض الفلسطينيون تماماً خطة ترمب وهذا يساعدنا. ولكن، لا يستبعد أحد أن يفاجئ الرئيس محمود عباس ويعلن مثل إسرائيل الموافقة مع بعض التحفظات. فعندها سيكون على نتنياهو أن يقرر إلى أين هو اتجاهه».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.