سجال مصري ـ أوروبي حول حقوق الانسان

السيسي: لن تعلمونا إنسانيتنا

TT

سجال مصري ـ أوروبي حول حقوق الانسان

سيطر السجال المصري - الأوروبي بشأن «حقوق الإنسان» على الدقائق الأخيرة من المؤتمر الصحافي الختامي لأعمال القمة العربية - الأوروبية الأولى، التي اختتمت أعمالها أمس في مدينة شرم الشيخ بمصر.
ورد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل مباشر على تعليقات ممثلي الاتحاد الأوروبي بشأن «بعض المشكلات» المرتبطة بحقوق الإنسان في مصر، قائلاً: «أنتم تتكلمون عن عقوبة الإعدام وفق تصوركم، ولكن لا تفرضوه علينا؛ أنتم لن تعلمونا إنسانيتنا وقيمنا وأخلاقنا».
وكان السيسي يتحدث بينما كان يجاوره على منصة المؤتمر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، فضلاً عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
ورفضت الخارجية المصرية، قبل يومين، انتقادات أعلنها «مكتب المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان» لمحاكمات أفضت إلى إعدام 9 مدانين في قضية اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات. وقال السيسي إن «الأولوية في أوروبا تتمثل في تحقيق الرفاهية لشعوبها، أما الأولوية في بلادنا فهي حمايتها من السقوط، ومنعها من الانهيار، على نحو ما حدث في دول مجاورة لنا»، مضيفاً أنه «رغم اختلاف هذه الثقافات، فإن هناك قواسم مشتركة».
وواصل الرئيس المصري مخاطباً ضيوفه الأوروبيين: «لا تفصلوا ما تتحدثون عنه عن ظروف المنطقة، ومكافحة الإرهاب لا تعنى التجاوز في حقوق الإنسان»، واستكمل مستشهداً بمدينة شرم الشيخ التي تستضيف المؤتمر، وقال إنه «يمكن أن تتحول إلى مدينة أشباح لعدة سنوات بعمل إرهابي واحد يحدث بها، وتأثير ذلك على حركة السياحة والدخل الذي يعود على مصر، ولذلك فإن حجم التحدي في مصر ومجابهته كبير».
وقبيل كلمة السيسي، بادر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط للرد على سؤال موجه للرئيس المصري في المؤتمر بشأن تناول حالة حقوق الإنسان في مصر ضمن جلسات المؤتمر، وقال: «إن الاجتماعات التي دارت تضمنت تعبيراً عن اهتمامات من الجانب العربي والأوروبي بفلسفة ومفاهيم حقوق الإنسان... ولم يتطرق أحد بالتحديد إلى ممارسات هذه الدولة أو تلك، وأقول هذا الكلام في حضور الوفود العربية والأوروبية، بما يؤكد ما أتحدث عنه».
وعقّب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على السؤال نفسه بالقول إنه «تحدث خلال النقاشات عن حقوق الإنسان، وبعض المشكلات»، وكذلك قال توسك: «تحت أي ظرف من الظروف، لن نتنازل عن الحرية والديمقراطية»، مُعرباً عن إصراره على أن يتضمن إعلان القمة التزاماً مشتركاً من الجانبين بجميع جوانب قانون حقوق الإنسان الدولي.
وأضاف: «لديّ قناعة، من خلال تجربتي في الحياة، بأن الحوار أفضل من المواجهات، وعلينا أن نبحث عن أفضل السبل للحوار المفتوح الصريح».
وعلى صعيد آخر، عدّ السيسي «أن لقاء القادة والزعماء من الجانبين لتناول القضايا ذات الاهتمام المشترك فرصة مهمة لتعزيز التعاون على الصعيد الثنائي»، معرباً عن «التطلع لمزيد من اللقاءات بين الجانبين في المرحلة المقبلة، وعلى جميع المستويات، للبناء على النتائج المهمة لقمة شرم الشيخ العربية - الأوروبية الأولى».
وأضاف: «اليوم، وضعنا أنفسنا على بداية الطريق الحقيقي للتعاون في هذا المجال (مكافحة الإرهاب)، والطريق ليس بسيطاً وليس سهلاً، ولا ينتهي العمل فيه خلال فترة محدودة، لأننا نتحدث عن عمل عقائدي ممتد في دول كثيرة جداً وتنظيمات كثيرة جداً، أخذ دفعة كبيرة جداً خلال السنوات الماضية. وحتى الآن، هناك دول تقوم بتمويل هذا العمل وتدعمه، وتوفر له الأرضية اللازمة، وتوفر له الغطاء السياسي... وأنا أتصور أننا نتحرك بشكل جيد في هذا الموضوع».
فيما أشار وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى أن القاهرة ترفض توسع النفوذ الإيراني في المحيط العربي، وأضاف في حديث مع قناة «العربية»، إن «هناك توافقاً أوروبياً على رفض سياسات إيران في المنطقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».