> يلفت الانتباهَ الاهتمامُ الذي تثيره الأزمة الفنزويلية في دول كثيرة خارج الإطار الجيوسياسي لفنزويلا، بدءاً بالصين وروسيا وصولاً إلى إيران وتركيا، وتداولها على نطاق واسع في وسائل إعلام هذه الدول.
فالصين هي الدائن الأوّل لنظام مادورو، الذي تخلّت عنه القوى الاقتصادية الكبرى، وأحجمت عن إقراضه، بعد أن أصبح الاقتصاد الفنزويلي عاجزاً عن سداد ديونه والوفاء بالتزاماته. ويقدّر الخبراء أن الديون التي قدّمتها الصين للحكومة الفنزويلية في السنوات الأخيرة، مقابل صادرات نفطية آجلة، والتي تزيد عن 65 مليار دولار، لن تتمكن فنزويلا من سدادها قبل 10 سنوات في الأقل، بسبب الانهيار الذي أصاب قطاع النفط وعجلة الإنتاج الاقتصادي عموماً. تجدر الإشارة إلى أن بكين، التي أيّدت نظام مادورو منذ بداية الأزمة، اعترفت مؤخراً بأنها تجري «اتصالات مع كل أطراف النزاع».
من جهتها، اعتبرت روسيا أن لفنزويلا أهمية كبيرة على الصعيد الجيوستراتيجي من حيث دورها في وقف التمدد الأميركي ضمن المناطق المحسوبة تقليديّاً ضمن دائرة نفوذ موسكو. ويرى البعض أن موقف روسيا المؤيد بقوة لنظام مادورو، خصوصاً في مجلس الأمن، هو ردّ على موقف واشنطن من أزمة أوكرانيا التي تعتبرها موسكو أيضاً حديقتها الخلفية. ويفيد متابعون لوسائل الإعلام الروسية بأن الإعلام الرسمي يبالغ في تضخيم التأييد الشعبي للنظام الفنزويلي والتقليل من شعبية المعارضة، إدراكاً منه للاستياء في أوساط الرأي العام الروسي من إنفاق أموال على المساعدات المقدّمة لفنزويلا وسوريا، عوضاً عن إنفاقها على مشروعات إنمائية محلية.
أما الاهتمام الإيراني بالأزمة الفنزويلية، التي كانت من الموضوعات المتكررة في حملة الانتخابات الأخيرة عام 2017، حيث تردد على ألسنة الكثيرة مصطلح «الفنزولة»، أي وقوع البلاد في حالة شبيهة بالأزمة التي تعيشها فنزويلا، فهو يعود إلى عهد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الذي أقام علاقة وثيقة مع فنزويلا وصفها هوغو تشافيز يومها بأنها «مقدّسة».
ويرى محللون أن الموقف الإيراني الذي وصف خطوة غوايدو بأنها محاولة انقلاب، ينبع من خط طهران الثابت في معارضة كل ما تؤيده الولايات المتحدة، وأيضاً من سياسة النظام لتخويف المواطنين وتحذيرهم من مغبّة الاحتجاجات الشعبية وعواقبها.
أما تركيا، التي زارها مادورو أربع مرات في السنوات الثلاث المنصرمة، فلها مصالح تجارية ضخمة مع فنزويلا في قطاع استخراج الذهب الذي تعتبر أنقرة من أكبر المستوردين له في العالم. وتعود هذه المصالح المستجدة لشركات قريبة من الرئيس التركي استعان بها النظام الفنزويلي لتعويض النقص الذي يعانيه من النقد النادر، وسمح لها بالعمل في مناطق كانت مصنفّة كمحميات طبيعية، وفقاً لتقارير رسمية أميركية تقدّر حجم تجارة الذهب بين البلدين بمليار دولار سنوياً.
الأزمة الفنزويلية... مصالح دولية متنافسة
الأزمة الفنزويلية... مصالح دولية متنافسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة