مسيحيو لبنان يتخذون إجراءات استثنائية بعد محاولة تمدد «داعش» في عرسال

التهجير من العراق ضاعف مخاوفهم.. ودعوات لتشكيل «لواء أنصار الجيش»

مسيحيون آشوريون من العراق وسوريا ولبنان أثناء حضورهم قداسا للاحتفال بعيد السيدة العذراء أمس في كنيسة «سانت جورج» في ضاحية بيروت الشرقية (أ.ف.ب)
مسيحيون آشوريون من العراق وسوريا ولبنان أثناء حضورهم قداسا للاحتفال بعيد السيدة العذراء أمس في كنيسة «سانت جورج» في ضاحية بيروت الشرقية (أ.ف.ب)
TT

مسيحيو لبنان يتخذون إجراءات استثنائية بعد محاولة تمدد «داعش» في عرسال

مسيحيون آشوريون من العراق وسوريا ولبنان أثناء حضورهم قداسا للاحتفال بعيد السيدة العذراء أمس في كنيسة «سانت جورج» في ضاحية بيروت الشرقية (أ.ف.ب)
مسيحيون آشوريون من العراق وسوريا ولبنان أثناء حضورهم قداسا للاحتفال بعيد السيدة العذراء أمس في كنيسة «سانت جورج» في ضاحية بيروت الشرقية (أ.ف.ب)

ضاعف مسيحيو لبنان احتياطاتهم واتخذوا إجراءات استثنائية في مدنهم وبلداتهم بعد محاولة «داعش» التمدد مطلع الشهر الحالي في بلدة عرسال الحدودية، لظنهم أنّهم سيكونون الهدف الأول للتنظيم المتشدد خاصة بعد المشاهد والأخبار التي تردهم من العراق عن تهجير عشرات آلاف المسيحيين والإيزيديين.
وبات اللاجئون السوريون الذين تخطى عدد المسجلين منهم في لبنان المليون و154 ألفا، مصدر خوف للمسيحيين الذين باتوا أقلية في لبنان مقارنة بالشيعة والسنة، ما استدعى تحرك البلديات، أي الإدارات المحلية في مناطقهم، لمراقبة تحركات اللاجئين والتأكد من هوياتهم وانتماءاتهم وتنظيم أمورهم؛ تفاديا لتكرار سيناريو عرسال في غيرها من البلدات اللبنانية؛ إذ شهدت البلدة معارك بين مئات المسلحين، توافد معظمهم من الأراضي السورية وانضم آخرون إليهم من مخيمات اللاجئين في عرسال، وعناصر الجيش اللبناني الذين تصدوا لمحاولة تمدد داعش على الأراضي اللبنانية.
واتخذ الجيش والقوى الأمنية إجراءات مشددة يوم أمس الجمعة بالتزامن مع يوم «السيدة العذراء» الذي تحتفل به الطوائف المسيحية، خاصة حول دور العبادة ومراكز الاحتفال، فيما تولت الشرطة البلدية الخاصة بكل منطقة تسيير دوريات لمحاولة لرصد أي تحركات مشبوهة.
واستقبلت المناطق المسيحية كغيرها من المناطق اللبنانية مئات آلاف النازحين السوريين الذين يعيش معظمهم في تجمعات سكنية شعبية داهمت القوى الأمنية في الأيام الماضية عددا منها بحثا عن مطلوبين.
وتخطى عدد اللاجئين السوريين في منطقة «الدكوانة»، حيث الأكثرية المسيحية، الـ10 آلاف، بحسب رئيس بلديتها أنطوان شختورة الذي أكّد لـ«الشرق الأوسط» أن معظم هؤلاء ملأوا استمارات بإطار عملية تنظيم الوجود السوري التي بدأتها البلدية منذ أكثر من عامين ونصف العام.
وأشار شختورة إلى أن بلدية الدكوانة «كانت الأولى التي فرضت منع تجول اللاجئين بعد الساعة الثامنة مساء، واتهمت حينها بالعنصرية قبل أن تُقدم معظم المناطق على خطوات احترازية مماثلة». وأضاف: «يعيش في الدكوانة أكثر من ألف سوري في 3 مبان تمت مداهمتها الأسبوع الماضي وتوقيف 13 مشتبها فيه».
وأوضح شختورة أن «عناصر البلدية الـ90 يقومون بمراقبة تجمعات اللاجئين كما يجري تسيير دوريات ليلية لملاحقة المخلين بالأمن والذين قد لا ينتمي معظمهم إلى (داعش) أو سواها من المجموعات المتطرفة». وقال: «80 في المائة من السوريين الموجودين في الدكوانة تفوق أعمارهم الـ23 عاما، وهم بمعظمهم أفراد ولم ينزحوا مع عائلاتهم، وبالتالي فهم قادرون على حمل السلاح والقتال في حال كان هناك مخطط بهذا الإطار، من هنا كان من الواجب متابعة أوضاعهم عن كثب».
ولم تقتصر الاحتياطات التي اتخذت في المناطق المسيحية على الإجراءات التي تشرف عليها البلديات، إذ أفيد في أكثر من قرية مسيحية حدودية شمال البلاد بتولي شبان البلدات المذكورة الأمن وخاصة خلال ساعات الليل من خلال تمركزهم عند المداخل والشوارع الرئيسة والفرعية وحتى في الأودية التي قد تشكل نقطة جذب لإرهابيين.
وتتابع الأحزاب المسيحية الرئيسة، وبالتحديد التيار الوطني الحر الذي يتزعمه النائب ميشال عون، وحزب القوات الذي يتزعمه سمير جعجع، وحزب الكتائب الذي يتزعمه رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل وتيار المردة الذي يتزعمه النائب سليمان فرنجية، عن كثب التطورات الأمنية في الداخل اللبناني، وقد وضع معظمها أجهزته المختصة فيما يشبه حال الاستنفار تحسبا لأي تطورات غير محسوبة.
وعدَّ القيادي في «التيار الوطني الحر» زياد عبس أن «تجربة عرسال جعلت من اللبنانيين بشكل عام أكثر وعيا لما يحيط بهم، وما قد يصيبهم إذا لم يتنهبوا لتحركات اللاجئين السوريين الذين يعيشون بينهم»، لافتا إلى أن «الإرهابيين الذين واجهوا الجيش اللبناني في عرسال خرج القسم الأكبر منهم من مخيمات النازحين في البلدة، وهم اعتدوا على أهالي عرسال الذين ساعدوهم واحتضنوهم».
ودعا عبس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» كل مواطن لبناني لأن يكون «خفيرا»، خاصة أن معظم المداهمات التي ينفذها الجيش لإلقاء القبض على إرهابيين تكون بعد تلقيه معلومات من مواطنين عاديين عن تحركات مشبوهة لعدد من اللاجئين السوريين.
وشدّد عبس على أن «الأحزاب اللبنانية كانت ولا تزال تسلم أمن المواطنين للجيش اللبناني الذي من المطلوب الالتفاف حوله اليوم أكثر من أي وقت مضى»، لافتا إلى حملة تطوع كان من القيمين عليها خلال أحداث عرسال، تم خلالها تسجيل نحو 108 من المتطوعين في مجال الهندسة والطب وغيرها من الاختصاصات لدعم المؤسسة العسكرية عند الحاجة. وأضاف: «أما إذا دعت الظروف لما هو أكثر من ذلك، فالأحرى تشكيل (لواء أنصار الجيش) على غرار ذلك الذي أنشئ خلال العامين 1989 و1990، على أن يكون بقيادة الجيش اللبناني، فيتولى الأمن الداخلي في حال كانت وحدات مؤسسة قوى الأمن الداخلي تتولى مهمات على خط الدفاع الأول».
وأشار عبس إلى أن هذا اللواء «يغنينا عن العودة إلى الأمن الذاتي بإدارة الأحزاب، فينضوي كل من يستطيع أن يقاتل دفاعا عن لبنان وأرضه في هذا اللواء بإمرة قيادة الجيش».
وبخلاف معظم القادة المسيحيين، يبدو رئيس حزب «القوات» سمير جعجع مطمئنا إلى أن «داعش» لا يشكل خطرا على لبنان ومسيحييه، وهو وصف التنظيم في حديث تلفزيوني مساء الخميس الماضي بـ«الكذبة الكبيرة»، مؤكدا أنها «مجرد فورة تختفي بالسرعة التي ظهرت بها وتعيش حالا من الضعضعة، هي كناية عن مجموعات مخرّبة تتصرف على هواها لأنه لا وجود لدولة في أماكن انتشارها، هي كناية عن مجموعة من (الزعران) تقوم بأعمال لا يقوم بها إلا المنحرفون».
وقال جعجع: «لا يفكرنَّ أحد أن داعش خطر وجودي في لبنان أو الشرق الأوسط، إن الذي غيّر المعادلة في العراق هو الوضع السياسي المفكك في هذا البلد والذي أدى إلى ظهور داعش. أما في لبنان فهناك دولة موجودة والجيش قد احتوى أحداث عرسال بمقوماته».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.