العلم يسبر أغوار «الكيتوزان» بأكثر من 19 ألف بحث

فوائد «المادة السحرية» تتنوّع بين الطّب والزّراعة والصّناعة والغذاء

العلم يسبر أغوار «الكيتوزان» بأكثر من 19 ألف بحث
TT

العلم يسبر أغوار «الكيتوزان» بأكثر من 19 ألف بحث

العلم يسبر أغوار «الكيتوزان» بأكثر من 19 ألف بحث

ربما لم تحظ مادة طبيعية بأهمية علمية مثلما حظيت مادة «الكيتوزان»، التي تتمتّع بخصائص جعلتها تدخل في مجالات تنوعت بين الاستخدامات الطبية والزراعية والصناعية.
تتميز هذه المادة، التي تستخلص من الهيكل الخارجي للصدفيات والمحار والأسماك الصدفية البحرية مثل الجمبري، بمقاومتها للبكتيريا وانعدام السمية وقابليتها للتّحلل، وهي مواصفات جعلتها من المرونة بحيث يسهل توظيفها في أكثر من استخدام، حتى إنّ البعض بات يطلق عليها اسم «المادة السحرية».
وإذا كانت إحصائيات سابقة ذهبت لوجود أكثر من خمسة ملايين بحث في هذه المادة، فإنّ اللافت أنّ ذلك لم يكن كافيا لسبر أغوارها، فيكفي أن تكتب اسمها على محرك البحث الخاص بالدوريات العلمية التي تصدرها دار النشر العلمية الشهيرة «Elsevier»، لتجد نفسك أمام أكثر من 19 ألف بحث خلال أعوام 2017 و2018. ومطلع عام 2019 الجاري، وهو عدد مرشح للزيادة.
يقول دكتور إبراهيم الشربيني، المدير المشارك لمركز علوم المواد في مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الكيتوزان مادة تتكون أساسا من الكايتين chitin، وهي سلسلة من الكربوهيدرات (السكريات) المتصلة، وبالتالي هي مادة طبيعية قابلة للتحلّل، وهذا يجعلها ملائمة للاستخدامات الغذائية والطبية.
وحملت دراسة نشرتها دورية «International Journal of Biological Macromolecules» في فبراير (شباط) 2019 خبراً عن توصّل فريق بحثي صيني لإعداد أغلفة لحفظ الأغذية باستخدام هذه المادة مع جزيئات أكسيد الزنك في حجم النانو، لتعظيم فوائد الكيتوزان كمادة مثبطة للنشاط البكتيري.
وأوضح الفريق البحثي الصيني أنّ الكيتوزان، بوليمر طبيعي، ومن ثمّ فهو لن يتفاعل مع المواد الغذائية ويسبب أخطارا، وكانت الخاصية ذاتها دافعا للدكتور الشربيني لتوظيف الكيتوزان، لكن في استخدام طبي.
يقول الشربيني: إنّ «الاتجاه العالمي الآن هو تصميم الدّواء بطريقة تجعله يصل إلى الهدف من دون إحداث أي أضرار جانبية، وساعدنا الكيتوزان في تحقيق ذلك بأحد أبحاثنا المنشورة في فبراير 2018، بدورية «Drug Development and Industrial Pharmacy».
ووظف الفريق البحثي عقار «الميتفورمين» Metformin، المستخدم لخفض سكر الدم، في علاج سرطانات القولون والبروستاتا والثّدي، للتّغلب على مشكلة الآثار الجانبية التي يحدثها العلاج الكيماوي، إذ قاموا بتحميله على حاملات دواء نانوية محضرة من بوليمرات طبيعية أبرزها الكيتوزان.
وكانت تجارب أجريت على أنواع مختلفة من السرطانات، وجد خلالها الباحثون أنّ البوليمر الذي حُمّل عليه الدواء لا يحدث له التحلل الذي يطلق الدواء منه ببطء إلّا في مستوى القلوية الخاص بالقولون. وكما كان تحميل الدواء على بوليمر الكيتوزان مفيداً في إطلاقه ببطء للمكان المستهدف في تجربة الشربيني، فقد كانت الخاصية ذاتها مفيدة في تغليف أسمدة النيتروز المستخدمة مع محصول القمح، ما ساعد على إطلاقها ببطء في الأرض، لا سيما الرملية منها، فأدى لزيادة الإنتاج.
ووفق دراسة منشورة في مجلة مصرية للنباتات في يناير (كانون الثاني) 2018، فقد تمكّن فريق بحثي من قسم النبات في كلية العلوم جامعة المنصورة بمصر، من تحميل السّماد على بوليمر الكيتوزان مما سمح باستخدامه في التربة الرملية التي لا تسمح مسامها بالاحتفاظ بالسماد.
وتوجد عدة تطبيقات صناعية للكيتوزان، منها استخدامها في إزالة الملوثات، وهو ما تمكن منه فريق بحثي مصري من معهد بحوث البترول عام 2017.
وحصل الفريق على براءة اختراع لتركيبة من المواد دخل في إعدادها بشكل رئيسي بوليمر الكيتوزان، استخدمت في إزالة الملوثات الميكروبية والعناصر الثّقيلة والملوثات. ووفق أوراق براءة الاختراع، فإنّ التركيبة تشكّلت من الكيتوزان في حجم النانو مع تطعيمها بنسب من عنصري الفضة والنحاس، من ثمّ إضافة الكربون الأنبوبي النانوي متعدد الطبقات.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».