محللون: «تويتر» قد يكون بيئة خصبة لنشر خطاب الكراهية

شبكة التواصل الاجتماعي أكدت لـ {الشرق الأوسط} حظرها الاستخدام غير القانوني والتهديدات المباشرة للعنف

محللون: «تويتر» قد يكون بيئة خصبة لنشر خطاب الكراهية
TT

محللون: «تويتر» قد يكون بيئة خصبة لنشر خطاب الكراهية

محللون: «تويتر» قد يكون بيئة خصبة لنشر خطاب الكراهية

في عام 2009، كانت جينيفر بوزنر تواجه مشكلة كبيرة على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر».
اعتادت بوزنر، التي تعمل مديرة تنفيذية لمنظمة تدافع عن حقوق المرأة تحمل اسم «المرأة في الإعلام والأخبار»، على الرد على الإساءات والانتقادات عبر الإنترنت. ولكنها تعرضت لموقف خاص: كان هناك شخص ما ينشئ حسابات جديدة على تويتر يوميا بهدف مضايقتها.
تقول بوزنر «كان أحيانا يستخدم اسمي في حساب تويتر الجديد الذي ينشئه. وكأن أسوأ ما فعله هو إضافة اسمي إلى اسم مستخدم (معجب بجين بوزنر)، وكان يسرق صوري من على موقع فليكر، ويضع وجهي على صور عارية مهينة باستخدام برنامج فوتوشوب». وتضيف أن هذا الشخص في أحيان أخرى كان يبعث برسائل تحتوي على أشياء مرعبة ومفزعة - وجميعها عبر اسم مستخدم يحتوي على اسمها على تويتر.
وفي النهاية، تجاوزت بوزنر وهذا الشخص المعتدي الأمر، ولكنها تقول إنها شعرت بأن موقع تويتر جعلها في مهب الريح ولم يقدم لها ما يكفي من الدعم للتعامل مع الموقف.
من المؤكد أن رسائل الكراهية ليست أمرا جديدا. وكذلك الإساءات الإلكترونية. ولكن جعلت وسائل التواصل الاجتماعي من الأسهل العثور على أهداف يمكن إرسال محتويات مسيئة إليها ومضايقتها. كما أن الوتيرة التي يجري بها استخدام موقع تويتر بالإضافة إلى طبيعة الحسابات الشخصية التي تتسم بالعلنية، جعلت منه مرتعا لخطاب الكراهية.
وأعلنت شركة تويتر في بيان لها يوم الأربعاء الماضي أنها تسعى إلى تغيير سياسات المضايقات بعد أن أرسل اثنان من المستخدمين مجموعة من الرسائل المسيئة إلى زيلدا ويليامز ابنة الممثل الكوميدي الراحل روبين ويليامز، والتي دفعت الممثلة التي تبلغ من العمر 25 عاما إلى حذف الكثير من حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها حسابها على تويتر. ولكن تأتي تجربة ويليامز كمثال بسيط على الإساءات التي يتعرض لها كثير من مستخدمي تويتر، أمثال بوزنر منذ أعوام.
وعلى صعيد الحكومات، ردت شركة «تويتر» على أسئلة «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني بالقول: «نكشف طلبات إزالة وحذف الحسابات من طرف الحكومات مرتين في السنة في تقرير الشفافية، ونحظر الاستخدام غير القانوني وسوء المعاملة المستهدفة، والتهديدات المباشرة للعنف، ونتخذ الإجراءات اللازمة عندما يجري إبلاغنا عن انتهاكات من قبل المستخدمين»، وأضافت الشركة «نحن وغوغل فقط من ينشر طلبات الإزالة أو الحذف».
وعلقت بوزنر قائلة: «تتصدر زيلدا هذه الأخبار، ولكن ما يجري إغفاله هو أن تويتر على وجه التحديد أصبح مكانا لتوجيه الإساءات للنساء والأشخاص ذوي البشرة الملونة خصيصا. تعلم الشركة ذلك ولم تفعل سوى القليل» في هذا الصدد.
وفي إطار بحثها في هذه القضايا، تقول بوزنر إنها أصبحت معتادة على مشاهدة تهديدات بالاغتصاب وتهديدات ضد عائلات بعض الأشخاص وإهانات عنصرية موجهة ضد مستخدمي تويتر، لا سيما النساء وأصحاب البشرة الملونة. وتتعرض السيدات اللاتي ينتمين إلى جماعات تمثل أقلية إلى أسوأ المواقف.
وتتعرض جميع شبكات التواصل الاجتماعي لبعض من تلك القضايا. في العام الماضي، واجه «فيس بوك» ضغوطا من النشطاء والمعلنين دفعته إلى مراجعة محتوى رسوم الغرافيكس على صفحاته المجتمعية قبل وضع الإعلانات على تلك الصفحات. ويقول النشطاء إن موقع تويتر لم يتحرك بسرعة مماثلة لمعالجة هذه المشكلات.
ويذكر خبراء التقنية والنشطاء أنهم قدموا إلى تويتر بعض الأفكار البسيطة التي يمكنها أن تجعل شبكة التواصل الاجتماعي أكثر أمانا.
وعلى سبيل المثال، يسمح برنامج «حظر جماعي» الذي أنشأه جاكوب هوفمان أندروس، الموظف السابق في تويتر والخبير التقني في مؤسسة «إلكترونيك فرونتير»، للمستخدمين بحظر حسابات تويتر الجديدة أو مستخدمي تويتر الذين لديهم عدد متابعين أقل من عدد ما محدد.
تنفذ تويتر سياسات الإبلاغ عن الإساءات على شبكتها؛ وتراجع الشركة التهديدات التي يجري الإبلاغ عنها وأحيانا تلغي الحسابات المسيئة أو حتى تبلغ جهات إنفاذ القانون.
من ناحيتها، أعلنت الشركة في بيان لها: «إن فريق الثقة والأمان في شركتنا يجتهد من أجل الحفاظ على تأمين تويتر لجميع المستخدمين، مع احترام المبادئ الأساسية لحرية التعبير عن الرأي. عندما يجري الإبلاغ عن محتوى ما ينتهك قوانيننا، والذي يتضمن طلب حظر إساءات أو تهديدات مباشرة عنيفة موجهة، سوف نقوم بوقف تلك الحسابات».
ولكن لا تحقق تلك الإجراءات نجاحا دائما. صرحت إيماني غاندي، الصحافية التي وثقت المشكلات التي قابلتها عندما طلبت مساعدة تويتر للتعامل مع التعليقات المسيئة التي وجهت ضدها على حسابها، بأنها سمعت أيضا عن إحدى الحالات التي ردت فيها الشركة برسالة تفيد بأن التهديد بالاغتصاب لا يعد انتهاكا لسياسات تويتر - على الرغم من أن الشركة ترى في التهديد بالعنف انتهاكا لسياساتها. ويذكر أن حملة دولية تحمل اسم «استعد السيطرة على التقنية» (take back the tech) تهدف إلى التوعية بالعنف الذي يمارس ضد المرأة، أعطت تقدير «راسب» في تقييمها لسياسات الشركة.
ولكن هناك أسباب تجعل بعض من تلك الشركات التقنية تتردد بشأن تنقية أي محتوى ينشر على موقعها. رسمت شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر، حدودا واضحة فيما يتعلق بحماية حرية التعبير.
وأصبحت أهمية شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر محورا للاهتمام أثناء احتجاجات الربيع العربي في عامي 2010 و2011، كما أدى تويتر دورا في الاحتجاجات التي خرجت في فيرغسون في ميسوري.
وكان من شأن ذلك كله أن يجعل شركات مثل تويتر تخطو ببطء فيما يتعلق بسياسات تقيد حرية التعبير.
وأعلنت الشركة في بيانها: «نحن نقيِّم ونحسّن من سياساتنا واحتياطاتنا المتعلقة بالأمان بناء على مدخلات المستخدمين والحدود التقنية، بينما نعمل أيضا مع منظمات خارجية على ضمان تنفيذ أفضل الممارسات في هذا المجال».
عندما تعرض موقع فيسبوك لضغوط في العام الماضي، أشار أيضا إلى صعوبة تنقيح الخطاب الذي يكتب عبر شبكته. وذكرت الشركة في تدوينة أن تقييم المادة المثيرة للجدل «يتطلب منا اتخاذ قرارات صعبة وتحقيق التوازن أمام المخاوف المتعلقة بحرية التعبير واحترام المجتمع». وأضافت الشركة: «نحن نمنع المحتوى الذي يشكل ضررا مباشرة، ولكن نسمح بالمحتوى المسيء أو المثير للجدل».
على الصعيد القانوني، لا تتحمل الخدمات التي تعتمد على محتوى ينشره المستخدم - من فيديوهات وصور وتدوينات قصيرة تعد أساس المنشورات المعروضة على شبكات التواصل الاجتماعي - المسؤولية إذا نشر الأشخاص محتوى خاضعا للقرصنة أو خطاب كراهية باستخدام أدوات تلك الشبكات.
ولكن الأمر غير الواضح هو قدر المسؤولية التي يجب أن تتحملها الشبكات من أجل الحفاظ على مصلحة مستخدميها.
على سبيل المثال، توقفت زيلدا ويليامز عن استخدام تويتر بعد أن طاردها عدد من الرسائل التي تلقي عليها باللوم في انتحار والدها شنقا - إذ أرسل لها مستخدمون صورا لوالدها جرى تغييرها لتظهر فيها كدمات حول رقبته.
وكتبت ويليامز في تدوينة لها عبر تويتر يوم الثلاثاء الماضي: «آسفة. كان يجب علي أن أسمو فوق ذلك. سوف أحذف هذا الحساب من جميع أجهزتي لفترة طويلة، وربما إلى الأبد. من يدري. وداعا».
ويقول النشطاء إنه في أغلب الأحيان، يلجأ الأشخاص العاديون الذين يتعرضون لمثل هذا النوع من الإساءات إلى الاختفاء - ولكن من دون إثارة جلبة كبيرة، خوفا من نشر قصصهم الخاصة.
تقول سارة بيكر، منسقة حملة «استعد السيطرة على التقنية»: «هذا ما يحدث عندما تتجاهل هذه المواقع البلاغات التي تصل إليها أو ترفضها.
يشعر الناس حينها بالانهزام ويرون عدم جدوى الإبلاغ أو مشاركة قصتهم مع أي شخص».

* خدمة «واشنطن بوست»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».