البشير يحل حكومته ويعلن الطوارئ لمدة عام في السودان

أعلن عزمه تكوين حكومة كفاءات والتخلي عن الترشح لدورة رئاسية جديدة

البشير مخاطبا السودانيين في الخرطوم امس (أ.ف.ب)
البشير مخاطبا السودانيين في الخرطوم امس (أ.ف.ب)
TT

البشير يحل حكومته ويعلن الطوارئ لمدة عام في السودان

البشير مخاطبا السودانيين في الخرطوم امس (أ.ف.ب)
البشير مخاطبا السودانيين في الخرطوم امس (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس السوداني حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام، وتخليه عن الترشح للرئاسة مرة أخرى، في انتخابات 2020، في خطوة أثارت حفيظة معارضيه الذين طالبوه بالتنحي فوراً، وقرروا استمرارهم في الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثالث.
وأكد البشير في خطاب أمس، عزمه ممارسة مهامه كرئيس قومي، محايد لفترة انتقالية، لكنه لم يشر إلى تخليه عن زعامة حزب المؤتمر الوطني، الحاكم، كما كان متوقعاً.
وأعلن البشير أيضاً حل الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وتعيين حكومة كفاءات رشيقة يعلن عنها في وقت لاحق. وقال إنه طلب من البرلمان وقف إجراءات تعديل الدستور، التي تمكنه من الترشح لفترة رئاسية جديدة. وأوضح البشير في كلمته، أنه واستعداداً لترتيب المشهد السياسي وتنفيذ استحقاقات الإجماع الوطني، قرر فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام واحد. وأضاف: «سنوالي اتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذ كل ما ذكرناه». وتابع: «أدعو البرلمان لتأجيل النظر في التعديلات الدستورية، فتحاً للحوار والمبادرات»، ما يعني عدم ترشحه لدورة رئاسية جديدة.
وتعهد الرئيس بالوقوف فيما سماه «منصة قومية» رئيساً للجمهورية، وأن يكون على مسافة واحدة من الجميع موالين ومعارضين، وهو ما يعني تخليه عن رئاسة الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني».
ودعا البشير قوى المعارضة خارج الحوار الوطني للانخراط في الحوار، وقال: «أوجه الدعوة الصادقة لقوى المعارضة خارج مسار الحوار الوطني، للانخراط في الحوار»، ودعا حملة السلاح لتسريع خطى التفاوض لوقف الحرب وتحقيق السلام.
ودعا الرئيس لإتاحة الفرصة للشباب والسماح لهم بممارسة دورهم، وقال: «أدعو كل القوى السياسية والمجتمعية لاستيعاب المشهد الجديد في الحياة السياسية وهم الشباب ووضع آليات يتفق عليها معهم».
كما أكد البشير دور «القوات المسلحة في المشهد السياسي»، بقوله: «أدعو الجميع للنظر بعين الاعتبار، وضمن هذه العملية، لدور القوات المسلحة في المشهد كحامية وضامنة للحوار».
ووجه البشير الدبلوماسية السودانية، إلى تعزيز ما سماه التعاون البناء ضمن الإطار الإقليمي والتعاون الدولي والقاري، لخدمة أهداف البلاد في التنمية والاستقرار والنماء.
وتعهد البشير بمواجهة ما سماه التحدي الاقتصادي الذي تعيشه البلاد بحكومة كفاءات ومهام، وقال: «التحدي الاقتصادي يطرق بعنف، لذا فإن تدابير محكمة ستتخذ من حكومة مهام جدية، سأكلف بها كفاءات».
وقطع البشير بأن السودان لن ينتكس لما سماه «مربع الكراهية والإقصاء»، وقال: «التسامح الموجود في أبنائه وبناته سيحول دون استشراء الكراهية». وتابع: «إني على يقين؛ سنضيف مثالاً باهراً يحتذى». وترحم على الذين قتلوا في الاحتجاجات، وتعهد بإجراء تحقيقات عادلة وقانونية، وأضاف: «أتعهد بأن يكون العدل والقانون هو الفيصل».
وأشار إلى أن «أحداث الأيام الماضية كانت اختباراً عظيماً لنا، وخرجنا منها بعبر ودروس، ورصيد لحكمتنا الوطنية نستدعيها عند الحاجة واشتداد الأزمات». وتابع: «شهدت بعض أجزاء البلاد احتجاجات مشروعة بمواجهة الحياة الصعبة، وهي مطالب موضوعية كفلها الدستور».
وقال: «لقد ظللنا نعمل على تنقية الحياة وتوسيع مساحة الحريات، وتمكين الأحزاب من ممارسة حقوقها، لذلك لم يكن مرفوضاً بالنسبة لنا أن تخرج فئة تطالب بمعالجة الأوضاع الاقتصادية».
بيد أن البشير اتهم من سماهم «البعض» بالقفز على الاحتجاجات، وتبني أجندة صفرية، تقود البلاد إلى مصير مجهول، بـ«بث الكراهية وسموم الكراهية»، ما نتج عنه فقدان من سماهم «نفر عزيز من أبناء الوطن رحمهم الله».
وأوضح البشير أنه اتخذ قرارته تلك بعد انجلاء الأزمة، ومتابعة الاحتجاجات وتحليل أسبابها. وتابع: «لكنا لن نيأس من دعوة الرافضين للعودة والجلوس تحت سقف الوطن ومائدته الكبيرة، بما يجنب بلادنا الكراهية المقيتة».
وأضاف: «من واقع مسؤوليتي الدستورية والأخلاقية عن كل الشعب؛ موالٍ ومعارض وحملة السلاح، أدعوكم جميعاً للتحرك للأمام من أجل الوطن، وأرفع النداء للشباب والشيوخ والنساء الماجدات، وكل قطاعات الشعب، بأن الوطن في أمس الحاجة لتوحدكم وتآزركم».
وقبل إعلان هذه القرارات رسمياً من الرئيس البشير، سارعت المعارضة المنضوية في تحالف «قوى الحرية والتغيير»، إلى وصفها بأنها محاولة «التفاف» على مطالب الشعب السوداني، وقالت في بيان: «نذكر ونؤكد أن أي محاولة للالتفاف على مطالب الشعب السوداني، لن تجد سوى مزيد من الفعل الثوري السلمي في الشوارع».
وقطع البيان بأن مطالب الشعب ليست تغييرات في الحكومة، بل «على رأسها تنحي النظام ورئيسه، وتفكيك مؤسساتهم القمعية، وتسليم وتفكيك مؤسساتهم القمعية، وتسليم السلطة لحكومة قومية متدنية، انتقالية بحسب إعلان الحرية والتغيير».
وهدد البيان بمزيد من المظاهرات والاحتجاجات، وقال: «هذا قولنا الفصل، الذي قالت به جماهير شعبنا، ونحن لا نملك سوى السمع والطاعة، وموعدنا سيول من المقاومة السلمية الجماهيرية، التي لا تتنكب الطريق ولا تضل عنه».
وتابع: «مطالب الشارع واضحة، وتنفيذها أمر محتوم، شاء النظام أم أبى، فإرادة الشعوب لا تستأذن أحداً، ولا تنتظر صكاً، بل تشق طريق التحرر التي اقترب بزوغ فجرها».
وفور تسرب الأنباء، خرجت مظاهرات حاشدة في عدد من مناطق الخرطوم، وعلى وجه الخصوص أحياء بري والديوم بالخرطوم، والعباسية بأم درمان، مرددين هتاف «سقطت سقطت» بدلاً من الهتافات السابقة وأشهرها «تسقط بس».
ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مظاهرات جماهيرية حاشدة، بدأت تلقائية ضد غلاء الأسعار، قبل أن يتصدى لها «تجمع المهنيين السودانيين»، وتولى تنظيمها قبل أن تلحق به القوى السياسية ليتم تكوين ما اصطلح عليه «تحالف قوى الحرية والتغيير».
وواجهت السلطات الأمنية المتظاهرين بعنف لافت أدى لمقتل 31 متظاهراً، بحسب الرواية الرسمية، و51 بحسب المعارضة ومنظمات دولية، فضلاً عن مئات الجرحى، وآلاف المعتقلين بما في ذلك قادة المعارضة والمنظمات المدنية.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.