الأمن الغذائي... ليس فقط في زيادة الإنتاج

تكنولوجيات زراعية جديدة مقاومة لتغيّر المناخ وحل مشكلة نقص الغذاء

الأمن الغذائي... ليس فقط في زيادة الإنتاج
TT

الأمن الغذائي... ليس فقط في زيادة الإنتاج

الأمن الغذائي... ليس فقط في زيادة الإنتاج

«الأمن الغذائي في القرن الـ21» كان موضوع تقرير تم تقديمه إلى القمة العالمية للحكومات، التي عقدت هذا الشهر في دبي. يدعو التقرير إلى اعتماد تكنولوجيات زراعية مقاومة لتغيّر المناخ، ويقدم 5 تقنيات لحل مشكلة الغذاء. وهذه تتمثل في: البيوت البلاستيكية الخضراء، والزراعة في أبنية من طبقات متعددة داخل المدن، والاستزراع المائي للأسماك، وإنتاج اللحوم في المختبرات من الخلايا الحيوانية، وإنتاج الطحالب بوصفها مصدراً للبروتين.
يركّز التقرير على أن الحلّ الأوّل لمعضلة الأمن الغذائي يكون في زيادة الكمية المنتجة، كما في البحث عن وسائل لتحقيق هذا الهدف، في وقت يزداد فيه التخوف من أثر التغيّر المناخي على الزراعة. وقد اعتمدت الشركات العالمية المصنّعة للبذور والنباتات المعدلة وراثياً افتراضات مسبقة لترويج منتجاتها. وهي تضع ثمناً عالياً جداً لبذورها «الجاهزة مناخياً»، بعد تأمين الحماية لها عبر براءات الاختراع الحصرية.
أهم هذه الافتراضات المسبقة، بالتسلسل، أنّ تغيّر المناخ يسبب الجوع، وأن زيادة الإنتاج ضرورية لمكافحة الجوع، مما يتطلب اعتماد التكنولوجيات الجينية الحيوية. هذا بدوره يستدعي استثمارات ضخمة من القطاع الخاص، الذي يحتاج إلى حوافز تتمثل في براءات الاختراع. وهذه البراءات تعطيه حقوقاً حصرية على البذور وأساليب الإنتاج.
لكن تغيّر المناخ ليس وحده المسبب للجوع؛ إذ يسبقه سوء توزيع الموارد الغذائية بين المناطق المختلفة، والهدر، وضعف الكفاءة. لذا، فزيادة الإنتاج ليست، بالضرورة، الحل الأول، عدا أن حصر براءات الاختراع للبذور المقاومة للمناخ في عدد محدود من الشركات الكبرى يعطيها حق السيطرة على سوق الغذاء العالمية. ويزداد الخضوع لمشيئة الشركات العالمية مع الاستمرار في إهمال الإجراءات الأخرى؛ الأسرع والأسهل والأرخص.
الواقع أن تحقيق الأمن الغذائي لا يمكن أن يحدث عن طريق وضع مقدرات الدول في أيدي شركات تفرض عليها شروطها وأسعارها. ولتجنب هذا المصير، فعلى الدول أن تبدأ تدابير بديلة؛ منها كفاءة الإنتاج، ووقف الهدر، وتعديل أنماط الاستهلاك. في المنطقة العربية، يعدّ الأمن الغذائي موضوعاً ذا أهمية استثنائية؛ فرغم سعيها المتواصل إلى تحقيق مستوى أعلى من الاكتفاء الذاتي في الغذاء، فإنه بقي الوصول إلى هذا الهدف صعب المنال. وإلى جانب قلة الأراضي الصالحة للزراعة وندرة الموارد المائية، لم تستخدم البلدان العربية إمكاناتها الزراعية على نحو فعال وذي كفاءة. وقد أسفر ضعف السياسات والممارسات الزراعية الملائمة عن تقليص قدرة الموارد والخدمات الطبيعية على تجديد نفسها، مما هدد استدامة الإنتاج الزراعي. وفاقم المشكلة ضعف التعاون الإقليمي بين الدول العربية، الذي يقوم على استثمار إمكاناتها التفاضلية.
أدّت أزمة الغذاء العالمية والارتفاع غير المسبوق في أسعاره خلال السنوات الأخيرة، مع ما رافقها من قيود على التصدير فرضها بعض البلدان المنتجة للقمح عام 2010، إلى تجديد الدعوة لتوفير مصادر مأمونة للبلدان التي تعتمد على الاستيراد، كما هي حال المنطقة العربية. وتبقى الأسئلة الملحة: إلى أي حد يمكن للموارد الزراعية المتوافرة على المستويين المحلي والإقليمي أن تلبي الطلب على الغذاء في العالم العربي؟ ما فرص تحقيق الاكتفاء الغذائي، مع اعتبار التضخم السكاني المتسارع وأثر تغير المناخ على الأراضي والموارد المائية؟ وفي المحصلة؛ ما الخيارات البديلة التي تملكها البلدان العربية لتحقيق الأمن الغذائي؟
المطلوب أولاً مقاربة إقليمية متكاملة وشاملة للجميع، تقرّ بالعلاقة المتلازمة بين الغذاء والماء والطاقة، مع نموذج جديد للاستدامة الزراعية يعتمد على اعتبارات اقتصادية واجتماعية وبيئية. ويأتي في الطليعة تحسين كفاءة الري، حيث يقل المتوسط في 19 بلداً عربياً عن 46 في المائة. ويُقدَّر أن رفع هذا الرقم إلى 70 في المائة كفيل بتوفير 50 مليار متر مكعّب من المياه سنوياً، مما يكفي لإنتاج أكثر من 30 مليون طن من الحبوب، أو 45 في المائة من إجمالي واردات الحبوب. كما يمكن تعزيز إنتاجية الحبوب، التي تقل، في معظم البلدان العربية، عن ثلث المعدل العالمي. ومن الضروري معالجة مياه الصرف، التي لا تزال غير مستغلة إلى حد بعيد في الاستخدام الزراعي عبر البلدان العربية.
رغم الواقع الخطير المتمثل في اعتماد المنطقة العربية بشكل مقلق على استيراد الغذاء لإطعام سكانها الذين يزدادون باستمرار، مع ما يرافق هذا من تدهور في الموارد الطبيعية، فإن تقريراً صدر عن «المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)» توصل إلى استنتاج إيجابي... فهو أكد إمكانية عكس الاتجاه التراجعي المظلم للوضع الغذائي عن طريق حزمة من التدابير، في طليعتها تحسين إنتاجية الأراضي وكفاءة الري. والاثنان اليوم أقل كثيراً من المعدلات العالمية.
ومن الضروري دعم هذه التدابير بتعاون إقليمي جدي يقوم على استغلال الميزات التفاضلية، في منطقة تتصف بالتفاوت الكبير بين بلدانها في البصمة البيئية والموارد الطبيعية ومستويات الدخل.
ويتطلب تحقيق هذا، إذا أردنا الحفاظ في الوقت نفسه على التنوع الحيوي وسلامة الأنظمة البيئية، تبديلاً جذرياً في أنماط الاستهلاك. والبداية تكون بالحد من هدر الطعام والتحوّل إلى أنواع بديلة، تتمتع بقيمة غذائية عالية وتتطلب كميات أقل من المياه والأراضي.
كما يجب اعتماد آليات للتكامل الاقتصادي الإقليمي وتشريع الأبواب أمام التبادل التجاري العربي، حيث يجلب الانتقال الحر للبضائع والرساميل والبشر منافع جمة لكل البلدان، بما فيها تحقيق الأمن الغذائي.

* الأمين العام لـ«المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)»، رئيس تحرير مجلة «البيئة والتنمية»


مقالات ذات صلة

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري سامح شكري (إ.ب.أ)

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

أكد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) سامح شكري اليوم (السبت) أن «الغالبية العظمى» من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ «متوازنة» بعدما انتقدها الاتحاد الأوروبي. وأوضح وزير خارجية مصر سامح شكري للصحافيين بعد ليلة من المفاوضات المكثفة إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن «الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتابع يقول «على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق».

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ)
بيئة البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

شهدت سنة 2021 الكثير من الكوارث والخيبات، لكنها كانت أيضاً سنة «الأمل» البيئي. فعلى الصعيد السياسي حصلت تحولات هامة بوصول إدارة داعمة لقضايا البيئة إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. كما شهدت السنة العديد من الابتكارات الخضراء والمشاريع البيئية الواعدة، قد يكون أبرزها مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقتها السعودية. وفي مجال الصحة العامة، حقق العلماء اختراقاً كبيراً في مواجهة فيروس كورونا المستجد عبر تطوير اللقاحات وبرامج التطعيم الواسعة، رغم عودة الفيروس ومتحوراته. وفي مواجهة الاحتباس الحراري، نجح المجتمعون في قمة غلاسكو في التوافق على تسريع العمل المناخي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

أعلنت فرقة «كولدبلاي» البريطانية، الخميس، عن جولة عالمية جديدة لها سنة 2022 «تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة»، باستخدام الألواح الشمسية وبطارية محمولة وأرضية تعمل بالطاقة الحركية لتوفير كامل الكهرباء تقريباً، فضلاً عن قصاصات «كونفيتي» ورقية قابلة للتحلل وأكواب تحترم البيئة. وذكرت «كولدبلاي» في منشور عبر «تويتر» أن «العزف الحي والتواصل مع الناس هو سبب وجود الفرقة»، لكنها أكدت أنها تدرك «تماماً في الوقت نفسه أن الكوكب يواجه أزمة مناخية». وأضاف المنشور أن أعضاء فرقة الروك الشهيرة «أمضوا العامين المنصرمين في استشارة خبراء البيئة في شأن سبل جعل هذه الجولة تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة» و«

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي بشكل كبير العام الماضي حيث أجبر وباء «كورونا» الكثير من دول العالم على فرض الإغلاق، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الجيدة لن تدوم، حيث إن الأرقام عاودت الارتفاع بحسب البيانات الجديدة، وفقاً لشبكة «سي إن إن». وتسببت إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس التاجي في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 في المائة على مدار عام 2020 - وهو أكبر انخفاض تم تسجيله على الإطلاق - وفق دراسة نُشرت أمس (الأربعاء) في المجلة العلمية «نيتشر كلايميت شينج». لكن مؤلفيها يحذرون من أنه ما لم تعطِ الحكومات الأولوية للاستثمار بطرق بيئية في محاولاتها لتعزيز اقتصاداتها الم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة 5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

أعلن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن وزير الخارجية السابق جون كيري سيكون له مقعد في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وهي المرة الأولى التي يخصّص فيها مسؤول في تلك الهيئة لقضية المناخ. ويأتي تعيين كيري في إطار التعهدات التي قطعها جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الولايات المتحدة إلى الطريق الصحيح في مواجهة تغيُّر المناخ العالمي ودعم قضايا البيئة، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه دونالد ترمب الذي انسحب من اتفاقية باريس المناخية وألغى العديد من اللوائح التشريعية البيئية. وعلى عكس ترمب، يعتقد بايدن أن تغيُّر المناخ يهدّد الأمن القومي، حيث ترتبط العديد من حالات غياب الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
TT

حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)

دفع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في شرق اليمن بدعم إماراتي، تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى اللجوء إلى مسار الحزم لفرض الاستقرار السياسي والأمني في اليمن بعد أسابيع من محاولات لنزع فتيل الأزمة، حيث نفذ التحالف، الثلاثاء، ضربة جوية وقائية لاستهداف شحنة عسكرية غير قانونية في ميناء المكلا، بالتزامن مع التشديد على ضرورة خروج قوات أبوظبي من اليمن خلال 24 ساعة والتوقف عن تسليح أي طرف استجابة لطلب القيادة اليمنية الشرعية.

وفي حين جددت السعودية، التزامها بأمن اليمن واستقراره، وسيادته، ودعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، عبرت في بيان لوزارة خارجيتها عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، تُعد تهديداً للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة.

وقالت وزارة الخارجية السعودية «إن تلك الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تُعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره».

المجلس الانتقالي الجنوبي يحاول إخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (رويترز)

وأكدت السعودية في هذا الإطار أن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده.

وجددت الرياض تأكيدها أن «القضية الجنوبية» في اليمن قضية عادلة، لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل في اليمن، الذي ستشارك فيه جميع الأطياف اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي.

وشددت الخارجية السعودية على أهمية استجابة الإمارات لطلب اليمن بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن.

وقال البيان إن السعودية تأمل أن تسود الحكمة وتغليب مبادئ الأخوة، وحسن الجوار، والعلاقات الوثيقة التي تجمع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصلحة اليمن، وأن تتخذ الإمارات الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها، والعمل المشترك نحو كل ما من شأنه تعزيز رخاء وازدهار دول المنطقة واستقرارها.

ضربة وقائية محدودة

في سياق الإجراءات الوقائية لحماية المدنيين، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن قوات التحالف الجوية، قامت صباح الثلاثاء، بتنفيذ عملية عسكرية «محدودة» استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت بميناء المكلا بمحافظة حضرموت.

وأوضح المالكي أنه في يومي السبت والأحد، الموافق 27-28 ديسمبر (كانون الأول) 2025، تم دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف.

وأشار المتحدث باسم التحالف إلى أن طاقم السفينتين قام بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين، وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، مما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍّ سلمي، وكذلك انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015.

لقطة جوية لشحنة عسكرية وصلت إلى ميناء المكلا لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ب)

وقال المالكي: «استناداً لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لقوات التحالف باتخاذ جميع التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء (المكلا)، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

خفض التصعيد

أكد المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، تركي المالكي، استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي حضرموت والمهرة، ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف إنجاح جهود السعودية والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع.

المجلس الانتقالي الجنوبي نفذ تصعيداً عسكرياً أحادياً في حضرموت والمهرة (أ.ف.ب)

وكان التحالف دعا قبل تنفيذ الضربة جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكداً أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعياً الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.


مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

أكد مسؤول يمني أن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي جاءت للحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية، ومواجهة خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً.

وأوضح الدكتور متعب بازياد نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني أن قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، باركت جهود الأشقاء في السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم.

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «الأخ الرئيس كان طيلة الفترة الماضية يكرّس في كل اللقاءات والمناسبات، وحتى في أوج الخلاف بين القوى السياسية، أهمية الحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية في الوعي العام وعقل الدولة، وقاتل قتالاً شرساً دون اهتزاز هذا المركز، كأهم أعمدة مظاهر السيادة ووحدة القرار والسيادة».

وقال: «من هذا المركز استمدّت القرارات التي تتحدث عنها اليوم قوتها ومشروعيتها، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية له سلطات واسعة تكفي لاتخاذ ما يلزم بشأن الحفاظ على وحدة البلاد والذود عن سيادتها وسلامة أراضيها وحياة الشعب وكرامته».

استخدام القوة خارج القانون

أشار الدكتور بازياد إلى أن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية منذ الوهلة الأولى، جاء بطلب الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس السابق، ولتحقيق أهداف محددة، أبرزها حماية مسار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن من تغوّل أي طرف يستخدم القوة العسكرية لفرض رؤيته أو مشروعه السياسي للحل دون إرادة الشعب، وخلافاً للمسار السلمي الذي حددته المرجعيات السياسية الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة).

وتابع: «في تلك اللحظة التي انقلب فيها الحوثي وصالح على هذا المسار السلمي، تشكّل في اليمن مشهد ميليشيات منفلتة هدّدت حياة اليمنيين، كما زعزعت الأمن والسلم في الجوار والمنطقة، واليوم يتشكّل مشهد مشابه في استخدام القوة خارج القانون وخارج أطر المؤسسات الدستورية لفرض مشروع سياسي يهدد وحدة البلاد ويزعزع الأمن والسلام في أجزاء واسعة من اليمن، المحافظات الشرقية على وجه التحديد».

وبحسب نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني فإن «وجود قوات متمردة في هذه المناطق الشرقية يمثل أيضاً حساسية خاصة لأمن واستقرار الأشقاء في المملكة وسلطنة عُمان، اللتين أبدتا قلقهما الواضح جراء تدهور الوضع الأمني في حضرموت والمهرة وعلى الحدود».

مواجهة خطر داهم

يؤكد الدكتور متعب بازياد أن «المملكة العربية السعودية، كقائدة لتحالف دعم الشرعية، إلى جانب قيادة الدولة اليمنية، كانتا أمام خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً، وأيضاً أمام تهديد عابر للحدود، فكانت قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، التي باركت جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم».

وأضاف: «المملكة تقوم بدور مقدّر في هذا الميدان انطلاقاً من التزامها السياسي والأخلاقي بقيادة مساعي إحلال السلام في اليمن».

عربات عسكرية محترقة جراء الضربة التي نفذها تحالف دعم الشرعية في اليمن ضد دعم عسكري خارجي في ميناء المكلا فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

مخرجات الحوار الوطني

أوضح الدكتور متعب أن المحافظات الشرقية (حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى) التي توصّل أبناؤها إلى صيغة تكامل فيما بينها من خلال إقليم فيدرالي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل، تُعدّ أكثر جهات اليمن تقبّلاً لحضور الدولة وثقافة القانون، وهذه بيئة مناسبة للمساهمة في بناء مشروع وطني جامع انطلاقاً منها.

وقال: «أعتقد أن هذه فرصة سانحة أن تلتفت الدولة اليمنية لمطالب هذه الجهة وتطلعات أبنائها التي لا تختلف عن تطلعات سائر اليمنيين في بناء دولة اتحادية تقوم على مبدأ الشراكة في السلطة والتوزيع العادل في اقتسام الثروة والموارد».

وختم حديثه بالقول: «هذه الخطة - مخرجات الحوار الوطني - يساهم تحالف دعم الشرعية في دعمها ورعاية مسارها السلمي، ومعه المجتمع الدولي أيضاً، الذي ينشد أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم التي يقع اليمن في قلبها».


العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

TT

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الالتزام بحماية المدنيين وصون المركز القانوني للدولة ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن ويقوّض فرص السلام.

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه، حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

توضيح الموقف

أوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا، «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، وُصفت بأنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأشار رئيس «مجلس القيادة» إلى أن «الدولة حققت خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، إنجازات ملموسة في مكافحة الإرهاب، شملت تفكيك خلايا إرهابية وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، إلى جانب نجاحات متقدمة في مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات». وأكد أن مكافحة الإرهاب قرار سيادي تمارسه مؤسسات الدولة المختصة، وأنه لا يجوز استخدامه ذريعة لتبرير التصعيد أو فرض وقائع خارج إطار الشرعية.

معدات وآليات عسكرية في ميناء المكلا قدمتها الإمارات لـ«الانتقالي» دون إذن «التحالف» والشرعية (أ.ف.ب)

وبشأن حضرموت، أكد العليمي أن إجراءات إعادة التموضع في وادي حضرموت كانت في مراحلها الأخيرة ضمن خطة انتشار لقوات «درع الوطن»، أُقرت من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وصدّق عليها شخصياً، وبما يحقق الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى أي تصعيد عسكري. وأضاف أن رئاسة الدولة، «حرصاً منها على تغليب الحلول السياسية، وجّهت بتشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، غير أن هذه الجهود قوبلت بالتعطيل والإصرار على المضي في مسار التصعيد».

تحكيم العقل

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني دعوته قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تحكيم العقل وإعلاء المصلحة العليا للشعب اليمني، وإلى تسريع انسحاب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة دون قيد أو شرط، محذراً بأن استمرار التصعيد أفضى إلى إهدار مكاسب سياسية واقتصادية وتنموية، وفاقم من معاناة المواطنين.

وأكد العليمي أن الدولة ستواجه أي تمرد على مؤسساتها بحزم، وفقاً للدستور والقانون وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك رفع أي غطاء سياسي عن مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن دماء اليمنيين «خط أحمر» لا تهاون فيه.

مسلح من أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ«الدور الأخوي الذي تضطلع به السعودية في دعم اليمن وشرعيته الدستورية وقيادة جهود خفض التصعيد، انطلاقاً من المصالح والتحديات المشتركة»، مؤكداً أن هذا الدعم سيظل محل وفاء وتقدير في الذاكرة الوطنية. وفي المقابل، أعرب عن «أسف بالغ للدور الإماراتي المتزايد في دعم تمرد المجلس الانتقالي»، مستشهداً ببيان «قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية» بشأن شحنات سلاح وعتاد عسكري وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح، وما تضمنه من دلائل على تقويض سلطة الدولة وتهديد وحدة الجمهورية وسلامة أراضيها.

وشدد العليمي على أن اليمن لا يحتمل فتح جبهات استنزاف جديدة، وأن طريق الخلاص تكمن في دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والشراكة في السلطة والثروة، والسلام، واحترام مبادئ حسن الجوار.