إسرائيل تشكو حماس وعباس إلى «لاهاي»

والخارجية الفلسطينية تتوجه إلى المحكمة بسبب قرصنة الأموال

فلسطيني من بيت حنينة شرق القدس ينقذ بعض مقتنيات منزله الذي دمرته القوات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطيني من بيت حنينة شرق القدس ينقذ بعض مقتنيات منزله الذي دمرته القوات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تشكو حماس وعباس إلى «لاهاي»

فلسطيني من بيت حنينة شرق القدس ينقذ بعض مقتنيات منزله الذي دمرته القوات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطيني من بيت حنينة شرق القدس ينقذ بعض مقتنيات منزله الذي دمرته القوات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

في خطوة فريدة هي الأولى من نوعها، قررت وزارة الخارجية الإسرائيلية بقيادة الوزير الجديد يسرائيل كاتس، أن ترفع قضية ضد مقاتلي حركة حماس في «محكمة العدل الدولية» في لاهاي بدعوى «ارتكابهم جرائم حرب لاستخدامهم السكان المدنيين في قطاع غزة، دروعا بشرية»، وأنها تتهم أيضا الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالشراكة في الجريمة. وفي الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة الفلسطينية في رام الله، رفع دعوى ضد إسرائيل في المحكمة نفسها بسبب مصادرتها أموال الضرائب الفلسطينية.
وحسب الخارجية الإسرائيلية، فإن منظمة إسرائيلية خاصة عملت على جمع شهادات من 33 جنديا طيلة الفترة من العام 2014 وحتى العام 2018 أثبتت أن قادة «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة حماس، ارتكبوا جرائم حرب عندما استخدموا المدنيين الغزيين دروعا بشرية واحتموا وراءهم في حربهم ضد إسرائيل. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية اليمينية، إنه ولأول مرة سيتم تقديم 33 شهادة أدلى بها جنود إسرائيليون لـ«محكمة العدل الدولية» في لاهاي، تتضمّن اتهامات لحركة «حماس» بارتكاب «جرائم حرب». وأوضحت، في عددها أمس الخميس، أن هذا التحرّك هو نتاج عمل منظمة «حقيقتي» الإسرائيلية التي جمعت شهادات من جنود إسرائيليين شاركوا في الحرب الثالثة على قطاع غزة عام 2014. وأنشطة عسكرية أخرى من بعد الحرب. وبيّنت أن المحامي أوري مراد؛ رئيس قسم القانون الدولي والدبلوماسية العامة بمعهد «القدس للعدل»، قدم الشهادات أمس إلى المحكمة الدولية، مرفقة بشهادات أخرى ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بسبب اتهامه بـ«ارتكاب جرائم ضد شعبه» كونه وقف مع حماس في تلك الحرب، والمطالبة بفتح تحقيق جنائي ضده. وذكرت الصحيفة العبرية، أنه منذ ثلاثة أشهر تم تقديم دعوى من قبل المعهد ذاته ضد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، على خلفية الاتهامات ذاتها. ونقلت «يسرائيل هيوم» عن رئيس جمعية «حقيقتي» أفيحاي شوران، قوله «علينا أن نغير السجل، قررنا التحول من الدفاع إلى الهجوم».
من جهة ثانية أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين رفضها قرار الاحتلال الإسرائيلي قرصنة الأموال الفلسطينية، واعتبرته تصعيداً خطيراً في الحرب المفتوحة التي تشنها الإدارة الأميركية والإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وقيادته، هدفه استخدام لقمة العيش سلاحا في الحرب السياسية. وقالت إن هذه القرصنة تعتبر «محاولة مفضوحة لتركيع قيادتنا وفرض الاستسلام عليها، واستكمال تمرير ما تُسمى بـ(صفقة القرن) الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وشطبها من سلم الاهتمامات الدولية».
ورأت الوزارة أن قرار قرصنة الأموال الفلسطينية يُعتبر امتدادا لانقلاب اليمين الحاكم في إسرائيل على جميع الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني والتنصل منها، وهو المُسمار الأخير في نعش اتفاق باريس. هذا القرار الاستعماري يأتي في وقت تحرص فيه دولة الاحتلال على (إحياء ذكرى) عناصر الميليشيات الصهيونية التي ارتكبت المئات من المجازر والجرائم بحق شعبنا منذ بداية القرن الماضي وتعتبر أنهم (أبطال من أجل الحرية شاركوا في إقامة الدولة)، و(تخلد) دولة الاحتلال (ذكراهم) عبر مجموعة من المتاحف وتسلط الأضواء على دورهم الإجرامي في مناهج التعليم هذا بالإضافة إلى إشراف دولة الاحتلال على تخصيص المبالغ المالية الضخمة لعائلاتهم وأسرهم.
وقالت الوزارة إنها وإذ تُحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن قرارها ونتائجه وتداعياته، فإنها تؤكد أن هذا القرار يخالف تماماً القانون الدولي ويشكل خرقاً فاضحاً للاتفاقيات الموقعة، وسوف تقود الوزارة حراكاً قانونياً ودبلوماسيا بالتعاون مع الوزارات والهيئات المختصة لأخذ إسرائيل كقوة احتلال إلى المحاكم الدولية المختصة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.