إبراهيم القاضي... ابن عنيزة السعودية وأبو المسرح الهندي

وزير الثقافة يكرم في نيودلهي أحد أبرز رواد الفن في العالم تقديراً لإسهاماته الفنية والإبداعية

الملك فيصل وإلى يساره حمد العلي القاضي والد إبراهيم في حفل عشاء أقامه حمد القاضي في منزله بالهند تكريماً له (الشرق الأوسط)
الملك فيصل وإلى يساره حمد العلي القاضي والد إبراهيم في حفل عشاء أقامه حمد القاضي في منزله بالهند تكريماً له (الشرق الأوسط)
TT

إبراهيم القاضي... ابن عنيزة السعودية وأبو المسرح الهندي

الملك فيصل وإلى يساره حمد العلي القاضي والد إبراهيم في حفل عشاء أقامه حمد القاضي في منزله بالهند تكريماً له (الشرق الأوسط)
الملك فيصل وإلى يساره حمد العلي القاضي والد إبراهيم في حفل عشاء أقامه حمد القاضي في منزله بالهند تكريماً له (الشرق الأوسط)

كرم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي في الهند أحد أبرز الرواد الذين حققوا حضوراً في المشهد الفني الهندي، وخصوصاً في مجال المسرح، وقدم أعمالاً رائدة فتحت آفاقاً واسعة في المسرح والفنون، مما دفع النقاد هناك إلى تسميته «أبو المسرح الهندي»، وجاء هذا التكريم على هامش زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لنيودلهي.
وزار وزير الثقافة السعودي الفنان إبراهيم القاضي، المقيم في الهند، الذي هاجر والده حمد العلي القاضي من عنيزة وسط السعودية إلى هناك قبل عقود، حيث ولد ابنه الفنان قبل 94 عاماً، وأصبح رائداً في المسرح، وقاده تميزه وتفرده في المجالات المختلفة إلى منحه جوائز محلية وعالمية من مؤسسات وجهات ذات اعتبار.
وأعلن الأمير بدر، خلال زيارته أول من أمس للفنان القاضي في نيودلهي، عن تأسيس «كرسي إبراهيم القاضي»، احتفاءً وتقديراً لإسهامات الفنان إبراهيم القاضي الفنية والإبداعية، الذي يعد أحد أهم رواد المسرح في الهند، إذ تبوأ مكانة عالية في المشهد الفني الهندي.
وقال وزير الثقافة خلال زيارته للفنان القاضي، إن «الأعمال الرائدة التي قدمها إبراهيم القاضي فتحت آفاقاً واسعة في مجالات المسرح والفنون في دولة الهند، وأنجبت جيلاً مميزاً من الفنانين»، مضيفاً أن القيم الشخصية التي حققها الفنان في المشهد الفني الهندي، إضافة إلى التزامه المستمر في تعليم الآخرين وتنمية مهاراتهم الثقافية، تجد تقديراً بالغاً في السعودية، وقال: «نفخر ونعتز بالفنان إبراهيم القاضي، الملقب بـ(أبو المسرح في الهند). وسعدتُ اليوم بتكريمه؛ وتأسيس (كرسي إبراهيم القاضي)، لتعزيز المشهد الثقافي السعودي محلياً ودولياً».
وأكد الأمير بدر بن فرحان، أن الوزارة لا تتوانى عن تكريم الفنانين والمبدعين يما يحقق التبادل الثقافي والفني، ويثري الساحة الثقافية والفنية، سواء محلياً أو دولياً، فالفنان إبراهيم القاضي، رمز للشراكة الثقافية بين المملكة والهند.
وإبراهيم القاضي الذي ينحدر من أصول سعودية من جهة والده حمد العلي القاضي، جمع صفات المخرج والممثل والرسام والمصور والشاعر والأديب، وكان له اهتمام بالتراث والثقافة والمقتنيات النادرة، وأطلقت عليه صفات وألقاب متعددة، فهو مؤسس الفنون، ورائد الإنتاج المسرحي وعملاق الأدب الهندي، وألف وأخرج أكثر من 50 مسرحية، وعد أول من قام بتنفيذ مسرحياته في الهواء الطلق، كما أقام وأسس منظمات تعنى بالفنون وتنمية المواهب، وسجل عنه أنه أشرك كبار الممثلين الهنود في مسرحياته، وبعضهم بدأ مسيرته معه عبر مسرحه. تلقى إبراهيم القاضي تعليمه في مدينة بونا، ثم انخرط بجامعة سينت خافير في بومبي، ثم التحق بالأكاديمية الملكية المرموقة لفنون الدراما في لندن، ومنح كثير من الجوائز، منها جائزة بادما ثلاث مرات، وجائزة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وعمل القاضي مديراً للمدرسة الوطنية للدراما في نيودلهي لمدة 15 عاماً، وخلال هذه الفترة جعل الإنتاج جزءا من التدريب، لضمان اطلاع الممثل على جميع جوانب الأداء - التمثيل، والأزياء، وتصميم الديكور وحتى التعامل مع شباك التذاكر.
وبصفته عميدا للكلية أحدث القاضي ثورة في المسرح الهندي بسمو رؤيته، ودقة انضباطه الفني، وشارك في تدريب كثير من الممثلين والمخرجين السينمائيين والمخرجين المعروفين. ويعرف عن القاضي مهارته في توظيف الموسيقى والممثلين والإضاءة المبتكرة لترك أثر دائم على الجمهور بعد إسدال الستار. ولعل تعليمه في الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية الشهيرة في لندن أعطاه منظورا دوليا مكنه من دمج مختلف التخصصات في المسرح الهندي المعاصر. يقول أحد طلابه وهو ممثل بوليوود الشهير ناصر الدين شاه: «كانت مسرحياته المذهلة والمدروسة بدقة فريدة وجميلة بصورة اتحد فيها الموسيقى والنص والزي دون عناء. وقد ظهر هذا جليا في هذا جميع الأدب الدرامي، من اليونانيين إلى [صموئيل] بيكيت».
نيلام مانسينغ شودري، ممثلة مسرحية في شانديغار، لخصت خبرتها مع القاضي خلال عمله عميدا لكلية الدراما الهندية، قائلة: «انضممت إلى كلية الدراما الوطنية دون أن أعرف ما تعنيه كلمة (الدراما). علمني القاضي أن المسرح ليس هواية ولكنه مهنة، مهنة تتطلب التفاني مثلها مثل أي مهنة أخرى.
بعد الانتهاء من أداء دوري في المسرحية كنت أنزع عني ملابسي الشخصية وأندفع لمشاهدة بقية المسرحية. في الفضاء الخالي الهائل خلف الجمهور، وجدت القاضي يذرع المسرح ذهابا وإيابا من القلق. في كلية الدراما الوطنية كان القاضي يرفض أي نوع من التملق، وعدم لمس القدمين قبل المعرض، على سبيل المثال». وأضافت: «لقد تغلغل نفوذه حتى في الحياة اليومية لطلابه. في مكان إقامتنا كنت ترى الطلاب ممددين على المروج أيام العطلة الأسبوعية وكان القاضي يصل في السادسة صباحاً ويحثنا على القيام ببعض التمارين. في بعض الأحيان كان يدخل غرفنا بهدوء، يتفحص الملابس المتناثرة وأرف الكتب التي علاها الغبار، ويخرج بهدوء أيضا. كانت كراهية الفوضى، التي هي أمر طبيعي للغاية بالنسبة لنا، تبرز فجأة في عيون القاضي. وكانت زياراته تجعلنا دائما في نوبة من التنظيف». في عام 2006 أسس القاضي مؤسسة تحمل اسم عائلته السعودية، (مؤسسة القاضي)، التي تعنى بدراسة تاريخ الثقافة الهندية والحفاظ على إرثها، يقود أبناء إبراهيم القاضي جهودا حثيثة للحفاظ على أعماله الكاملة، إذ تشير ابنته أمل إلى أن «هذه الأشياء سريعة الزوال، لذا فإن الصور ومقاطع الفيديو ضئيلة. لا يتم تخزين المعلومات بشكل منهجي ولا توجد أرشيفات مناسبة للعروض التقديمية المهمة. عندما لم يتمكن أحد من العثور على أي شيء خاص به. أخذنا على عاتقنا جمعها».
وتضيف أمل: «ستفيد هذه المواد (الآن ضمن مؤسسة القاضي)، الطلاب والباحثين وكذلك الأشخاص المهتمين بالمسرح، وتعطي صورة لما كان عليه المسرح في السابق، والفنانون وكثير من الأشياء المتعلقة بالمسرح». هذه الأشياء ستحول إلى مكتبة نهرو، وستتضمن مؤسسة القاضي أيضاً مواد ومقالات وتقارير وصورا وكتيبات وأفلاما ومقاطع فيديو لتعليم الطلاب.
فاز القاضي بكثير من الجوائز الأكثر شهرة في الهند، مما خلق وعيا بأهمية المسرح والتعبير العصري المختلط بنجاح مع التقاليد الهندية. حصل على جوائز من بينها بادما شري (1966)، وبادما بوشان (1991)، وبادما فيوشوهان ثاني أعلى جائزة مدنية للهند في عام 2010. وقد منح مرتين جائزة أكاديمية سانجيت ناتاك، وأكاديمية الوطنية الهندية للموسيقى والرقص والدراما، كما حصل على جائزة أكاديمية سانجيت ناتاك للإخراج عام 1962، ثم حصل على أرفع جائزة أكاديمية، وهي زمالة أكاديمية سانجيت ناتاك لمساهمته في المسرح.
الأكاديمي والمسرحي وعضو اتحاد المسرحيين العرب، السعودي عبد الإله السناني، وصف الفنان القاضي بأحد أهم رواد المسرح الهندي بل والعالمي، معتبراً أن تكريمه وتأسيس كرسي باسمه من قبل بلاده التي ينحدر منها، هو إنصاف للمبدع السعودي وغيره، وتقدير لعطاءاته وأعماله التي أوصلها إلى العالمية.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن القاضي الذي يعد أهم رواد المسرح وحققت أعماله وأبحاثه نتائج لافتة وانعكس صداها في مجالات التصميم والإخراج المسرحي، يعد كنزا سعوديا في أرض الهند، لافتاً إلى أنه رجل متعدد المواهب فهو مخرج وممثل ورسام ومصور، سجل اسمه بصفته أحد الكبار في هذه الأعمال، وأكثرهم تأثيراً خلال القرن العشرين في شبه القارة الهندية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».