هل منح المصمم الإيطالي، ريكاردو تيشي، قبلة الحياة إلى دار «بيربري»؟ سؤال تبادر إلى الذهن يوم الأحد الماضي لدى متابعة ثاني تشكيلة يقدمها للدار.
بعد نهاية العرض، الذي أطلق عليه عنوان «العاصفة»، وانحسار تأثيراتها الحماسية، نتذكر بأن الدار لم تكن نائمة قبل التحاقه به في العام الماضي، لكنه حتماً حقنها بجرعة ديناميكية من نوع جديد. لم ينسَ إرثها ولا أنها إنجليزية حتى النخاع. وهذا ما صرح به بعد عرضه قائلاً إن «بيربري» بالنسبة له ليست مجرد دار أزياء، «بل هي من رموز الثقافة البريطانية». ما قام به أنه أضاف إليها لمسات، تشعر تارة أنها إيطالية وتارة أخرى باريسية. وإذا عُرف السبب بطل العجب. فالمصمم الإيطالي الأصل، قضى سنوات طويلة في فرنسا خلال عمله في دار «جيفنشي».
انطلق عرضه، الذي أقيم في «تايت مودرن»، بموسيقى نشرة الأخبار العاشرة، إيذاناً بانطلاق ثورة ثقافية تُشبه تلك التي شهدتها حقبة التسعينات، ودارت هي الأخرى بين المؤسسات والشباب.
لم يُخفِ أنه استوحاها من ذكرياته حين أتى إلى لندن للدراسة في بداية التسعينات وهو في الـ18 من عمره. كانت حقبة مهمة لأنها شهدت الشرارة التي انطلقت منها موضة الشارع، وعبرت عن طموحات الشباب بجرأة وحرية لا يتمتع بها شباب اليوم.
مع توالي الإطلالات، تتأكد أن ما قام به المصمم إلى جانب احتفاله بالثقافة البريطانية، أنه قدم طبقاً متنوعاً بلغة عالمية لا يخاطب الشباب وحدهم. من الأحجام الكبيرة التي تميزت بها جاكيتات الباركا والمعاطف المبطنة بالفرو الاصطناعي ونقشات الدار الشهيرة، إلى التفصيل الدقيق والمحسوب، الذي يخاطب شريحة أكثر نُضجاً وأكبر عمراً، ظهر في مجموعة من التنورات ببلسيهات والجاكيتات المفصلة والفساتين المنسدلة بألوان البيج الجملي. كانت في غاية الأناقة تستحضر أناقة الخمسينات لكن بأسلوب المصمم العصري. ربما كانت أزياء السهرة والمساء أكبر مفاجأة في العرض. فرغم محاولات سابقة للدار في هذا المجال، ظلت خجولة وغير واثقة، إلى الآن، حيث توصل ريكاردو إلى تلك الخلطة المتوازنة التي حافظت على روح الدار وفي الوقت ذاته أضافت إليها نكهة أنثوية قوية. والفضل يعود إلى أنه عمل في مجال «هوت كوتير» وتمكن منه خلال عهده في دار «جيفنشي» الفرنسية.
بيد أن أكثر صورة تبقى مترسخة في الذهن هي التصاميم الشبابية بروحها الرياضية. جاءت بتفاصيل غير متوازية أحياناً وبأسلوب تفكيكي أحياناً أخرى. السحابات مثلاً، لم يستعملها دائماً بالطول كما هو معتاد، بل استعملها أيضاً بالعرض ليبقى جزء من القطعة مفتوحاً أو متدلياً من الجانب.
المعطف الواقي من المطر، «ترانش» الذي يعتبر ماركة «بيربري» المسجلة، كان أيضاً حاضراً. قوته هذه المرة لم تكن في العدد، بقدر ما كانت في تصميمه الذي اكتسب روحاً باريسية إن صح القول من دون أن يفقد خصوصيته ولغته الإنجليزية. فإلى جانب المربعات الأيقونية، كتب عليه اسم الدار بالبنط العريض حتى لا تضيع هويته. أمر تكرر في قطع أخرى مثل الجاكيتات الرجالية والأوشحة وباقي الإكسسوارات. ما نجح فيه ريكاردو تيشي منذ التحاقه بـ«بيربري» أنه التقط روح الدار واستطاع أن يُبرز شخصيتها بشكل يروق للجميع.
فكل قطعة، بما فيها تلك التي فاحت منها رائحة برجوازية، قد يراها البعض باريسية والبعض الآخر ميلانية، كانت مترسخة في الجذور البريطانية أو مأخوذة من أرشيف الدار.
ما قام به أنه زادها أنوثة وصب عليها جرعة «تجارية». والمقصود من التجاري هنا ليس افتقادها للفنية، بل فقط أن كل قطعة وكل إكسسوار جاء موجهاً بشكل متعمد ومدروس لكل الأذواق والأعمار. وهذا يعني أنها كما ستروق لأي فرد من أفراد العائلة البريطانية المالكة، ستروق لرجل أو سيدة أعمال في الولايات المتحدة أو لشاب أو شابة في عمر الزهور في آسيا أو الشرق الأوسط ممن يريدون دخول نادي الأناقة من باب مضمون.
«عاصفة بيربري» تضرب العالم
أناقة بروح رياضية ولغة إنجليزية
«عاصفة بيربري» تضرب العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة