مفاوضات القاهرة أنهت مشكلة رواتب حماس

الميناء والمطار مؤجلان

خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس في مؤتمر صحافي في غزة أمس (أ.ف.ب)
خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس في مؤتمر صحافي في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات القاهرة أنهت مشكلة رواتب حماس

خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس في مؤتمر صحافي في غزة أمس (أ.ف.ب)
خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس في مؤتمر صحافي في غزة أمس (أ.ف.ب)

أكد مصدر مسؤول في الوفد الفلسطيني الموحد لمحادثات وقف إطلاق النار، أن مسألة نزع سلاح المقاومة في غزة لم تعد مطروحة على طاولة البحث نهائيا، وإنما يتركز النقاش حول وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن تمديد الهدنة لـ5 أيام أخرى جرى من دون قيد أو شرط ومن دون مقابل كذلك، وإنما لقناعة الوفد بأن اتفاقا مشرفا يمكن أن يتحقق في الجولة القادمة. ولم يتطرق المصدر إلى تفاصيل النقاش لكنه قال: إن بعض الملفات أنجزت مثل تحويل الأموال لموظفي حماس، في حين بقيت ملفات مهمة تراوح مكانها مثل ملفات الميناء والمطار وإعمار غزة، وجرت حلحلة في ملفات أخرى مثل ملفات الصيد البحري وفتح المعابر والمنطقة العازلة.
وغادر الوفد الفلسطيني، القاهرة أمس عائدا إلى عمان وغزة وقطر ولبنان، إثر توقيع اتفاق لهدنة جديدة تستمر 5 أيام، بعد فشل الوصول إلى حل متفق عليه.
وكان رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد أعلن عن هدنة 5 أيام على أمل التوصل إلى إنجاز الاتفاق.
وأجرى أعضاء الوفد مشاورات إضافية أمس، كل مع قيادته، حيث التقى رئيس الوفد عزام الأحد ومدير المخابرات ماجد فرج بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في حين التقى عزت الرشق وعماد العلمي برئيس مكتب حماس السياسي خالد مشعل في قطر، والتقى خليل الحية وزياد الظاظا بقيادة حماس في غزة، كما ذهب زياد النخالة وخالد البطش المسؤولان في الجهاد، إلى لبنان من أجل مشاورات مع أمين عام الحركة عبد الله شلح.
ويفترض أن تستأنف مفاوضات وقف النار الأحد في القاهرة.
وقال خليل الحية، عضو الوفد الفلسطيني في مؤتمر صحافي عقده في غزة بأنه يوجد تقدم في المفاوضات بما يسمح بالتوصل لاتفاق نهائي، مشددا على أن الوفد يملك مرونة كافية من أجل الوصول إلى الاتفاق الذي يريده، لكنه ربط ذلك بضرورة «أن يوقف الاحتلال التلاعب بالكلمات» مضيفا: «خصمنا هذه عادته، التلاعب بالكلمات والمماطلة، لكننا لن نوقع على اتفاق لا يلبي ما يطمح له شعبنا». وأوضح الحية «خضنا مفاوضات لمدة 13 يوما. أدرنا مفاوضات عسيرة وجادة، لكننا مصممون أن نلزم العدو بأن يدفع لنا حقوقنا».
وتابع: «وضعنا كل النقاط على الطاولة، لكن العدو يتلاعب وأستطيع القول: نستطيع أن نبرم اتفاقا، ولهذا أعطينا فرصة جديدة للتهدئة، بهدف إجراء مزيد من المشاورات ومن أجل توجيه كل الضغوط نحو العدو لإجباره على الالتزام بمطالبنا».
وأردف «سنبقى أمناء، وسنواصل الحوار».
وأكد الحية أن الحوار يتركز على «وقف العدوان وإنهاء الحصار إلى الأبد وأن يلتزم الاحتلال برفع يده عن حقوق الشعب الفلسطيني في المياه والملاحة».
وبشأن مطلبي المطار والميناء، قال الحية «المطار كان موجودا ودمره الاحتلال، وبخصوص الميناء هناك بروتوكول تم التوقيع عليه سابقا مع السلطة، نحن مصرون ومصممون على أن هذه حقوق طبيعية سرقها الاحتلال ونريد أن نستعيدها».
وحول معبر رفح، أوضح الحية: «معبر رفح هو شأن فلسطيني مصري خالص لا دخل للاحتلال به، وما فهمناه من المصريين أنهم سيجرون تسهيلات في المعبر بما يحقق الحد الأدنى من طموحات شعبنا الفلسطيني».
وهدد الحية بالعودة إلى مربع المواجهة إذا لم تتحقق الشروط الفلسطينية، قائلا: إنهم لا يتمنون المواجهة ولكنها فرضت عليهم وإنهم مستعدون للعودة مرة ثانية إذا ما فرضت من جديد.
وفي إسرائيل فوجئ وزراء ومسؤولون بالاتفاق على تهدئة ثانية، وشنوا هجوما كبيرا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال أعضاء في المجلس الوزاري المصغّر (الكابنيت) بأنهم علموا عن تمديد الهدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام إضافية من التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الفلسطينيون لوسائل الإعلام.
وصرح أكثر من وزير لموقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي، أنه «كان من الأجدر برئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) أن يضعنا بصورة الوضع حول الهدنة الجديدة قبل إعلان الوفد الفلسطيني عن ذلك». وعد الوزراء أنه «من غير المنطقي على الإطلاق أن يستقي الوزراء الإسرائيليون والجمهور الإسرائيلي معلوماته من مصادر فلسطينية رغم أنهم خولوا نتنياهو ووزير الدفاع باتخاذ القرارات». وأضافوا «كان من المناسب أن يتم إطلاعنا على القرارات في الوقت المناسب واللازم».
وقال وزراء آخرون لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، بأنهم كانوا يطلعون على آخر التطورات بشأن المحادثات في القاهرة، من بيانات حركة حماس، وليس من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وبحسب الوزراء فإنهم انتظروا ساعات طويلة للحصول على آخر المستجدات من رئيس الحكومة.
وكان يعتقد في إسرائيل أنهم أمام اتفاق وشيك حينما أعلن عن هدنة جديدة. وحاول نتنياهو على مدار يومين قبل إعلان الهدنة حشد الموافقة لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة. واتهم مسؤول سياسي إسرائيلي في القدس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل «بإفشال المساعي التي بذلت للتوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة».
وقال المسؤول: «إن الوفد الإسرائيلي الذي عاد من القاهرة أبلغ رئيس الوزراء ووزير الدفاع بأنه كان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق مع الجانب الفلسطيني إلا أن مشعل تدخل وعرقل المفاوضات».
ونقلت القناة الإسرائيلية الثانية عن المسؤول الذي لم تسمه، قوله: إن مشعل، كان وما زال العامل المعطل الذي أحبط التسوية في القاهرة بسبب ادعاءات مختلفة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.