إرث حسن كامي التراثي يظهر للنور مرة أخرى في القاهرة

«الشرق الأوسط» تجولت بين كنوز مكتبة «المستشرق» بعد إعادة افتتاحها

أعمال فنية موجودة بالمكتبة
أعمال فنية موجودة بالمكتبة
TT

إرث حسن كامي التراثي يظهر للنور مرة أخرى في القاهرة

أعمال فنية موجودة بالمكتبة
أعمال فنية موجودة بالمكتبة

بعد مرور شهرين على وفاة صاحبها، الفنان المصري حسن كامي، أعادت مكتبة «المستشرق» فتح أبوابها مجددا للجمهور والقراء رغم النزاعات القضائية حول ملكيتها بين ورثة الفنان الراحل ومحاميه.
وبينما تفتح المكتبة أبوابها يوميا من الساعة العاشرة صباحا وحتى الخامسة مساء، في هذه الأجواء الاستثنائية، فإنها تحظى بشهرة لافتة في منطقة وسط القاهرة.
عمرو رمضان، محامي الفنان الراحل حسن كامي، يدير المكتبة الآن بناء على قرار من النيابة العامة، في حين تقوم لجنة من وزارة الثقافة بجرد محتويات المكتبة بحثا عما أثير حول وجود مخطوطات أثرية بالمكتبة. وعن ذلك يقول رمضان لـ«الشرق الأوسط»، إن «حيازة المخطوطات الأثرية غير مجرمة قانونياً، وإن الدولة من حقها استرداد ما تراه، مقابل تعويض صاحبها».
رمضان أبدى انزعاجه حول ما أثير ضده في وسائل الإعلام المحلية، على إثر اتهامه من عائلة كامي بحصوله على ملكية المكتبة بطريقة غير قانونية، في حين يملك رمضان من الأوراق ما يثبت شراءه المكتبة، وتسديد ثمنها، بتوقيع الفنان الراحل، بحسب قوله.
ورغم الصراع الدائر حاليا في أروقة القضاء، فإن وهج مكتبة المستشرق التي يمتد تاريخ إنشائها إلى بداية القرن الماضي لم يخفت، أو يغب. منذ انتقال ملكيتها من «فيلدمان» اليهودي المصري، إلى شارل بحري، مساعده الشاب، خلال خمسينات القرن الماضي.
شارل بدوره باعها إلى الفنان الراحل حسن كامي، أحد أهم المترددين على المكتبة. يقول عمرو رمضان إن «كامي كان يعمل بشركة سياحة قريبة من المكتبة، وكان يتردد كثيرا عليها، كعاشق لكتب التراث، الأمر الذي جعل شارل بحري يشعر أن كامي سيكون أميناً على المكتبة التي عشقها، وكان لا يبيع أيا من مقتنياتها إلا حين تشتد به الحاجة فقط».
بعد توقيع عقود بيع المكتبة لصالح كامي، طلب الفنان الراحل من المالك السابق تعريف زوجته السيدة نجوى بمحتويات المكتبة، وتطلب ذلك 6 أشهر من التدريب، لتديرها بعد ذلك، وتعتني بمقتنياتها حتى وفاتها عام 2012. وما زالت صورة نجوى معلقة على جدران المكتبة، بجانب زوجها الفنان الراحل، الذي لم يفارق مقرها أيضا حتى وفاته.
والمكتبة التي يقصدها الأجانب والباحثون في التراث تحوي مئات من الكتب التراثية، والطبعات الأصلية، واللوحات النادرة، التي يتفاوت أسعارها وفقا لأصالتها، أو كونها صورة مقلدة طبق الأصل بتقنية خاصة تشبه عمل الماسحة الضوئية، تبدأ من ألف جنيه، وتصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات، وبخاصة أعمال الفنان الاسكوتلندي الشهير ديفيد روبرتس الذي يعتبر من أشهر الفنانين الذين زاروا مصر خلال الأربعينات من القرن التاسع عشر، وعددا من بلدان الشرق الأدنى، ونتج عن تلك الزيارات مجموعة شهيرة من لوحاته التوثيقية، عدد غير قليل منها يوجد بمكتبة المستشرق، وتتراوح قيمتها من 30 ألفا إلى 200 ألف جنيه مصري، (الدولار الأميركي يعادل 17.6 جنيه مصري) إضافة إلى الصور طبق الأصل.
بالمكتبة أيضا طبعات قديمة من موسوعة «وصف مصر»، التي أصدرها علماء جاءوا إلى مصر بصحبة الحملة الفرنسة عام 1798، وأجزاء من موسوعة ضمت جميع رسومات مايكل أنغلو بالفاتيكان، يصل سعرها إلى 150 ألف جنيه.
إلى ذلك، تضم مكتبة المستشرق بين ثناياها كتاب «مساجد وجوامع مصر»، وطبعة نادرة من كتاب «تقويم النيل»، إصدار عام 1936، لأمين سامي باشا، الذي يضم ملاحظات تاريخية عن ولاة مصر، ونهر النيل، خلال الفترة من عام 1848 إلى 1863، ويصل سعره إلى 6 آلاف جنيه.
هناك أيضا كتاب «العمارة والفن في العالم الإسلامي»، بما يمتازان به من مجموعة من الرسومات الزخرفية على أشهر المساجد في العالم الإسلامي، قبل اختراع التصوير الفوتوغرافي، إضافة إلى كتب «البولاقيات»، وهي مجموعة الكتب الصادرة عن مطبعة بولاق، أول مطبعة مصرية أنشئت خلال عهد محمد علي باشا حاكم مصر عام 1820.



«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» الستار على دورته الـ45 في حفل أُقيم، الجمعة، بإعلان جوائز المسابقات المتنوّعة التي تضمّنها. وحصدت دول رومانيا وروسيا والبرازيل «الأهرامات الثلاثة» الذهبية والفضية والبرونزية في المسابقة الدولية.

شهد المهرجان عرض 190 فيلماً من 72 دولة، كما استحدث مسابقات جديدة لأفلام «المسافة صفر»، و«أفضل فيلم أفريقي»، و«أفضل فيلم آسيوي»، إلى جانب مسابقته الدولية والبرامج الموازية.

وكما بدأ دورته بإعلان تضامنه مع لبنان وفلسطين، جاء ختامه مماثلاً، فكانت الفقرة الغنائية الوحيدة خلال الحفل لفرقة «وطن الفنون» القادمة من غزة مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يُلقي أبياتاً من قصيدته «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وأكد رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، أنّ «الفنّ قادر على سرد حكايات لأشخاص يستحقون الحياة»، موجّهاً الشكر إلى وزير الثقافة الذي حضر حفلَي الافتتاح والختام، والوزارات التي أسهمت في إقامته، والرعاة الذين دعّموه. كما وجّه التحية إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسِّس مهرجان «الجونة» الذي حضر الحفل، لدعمه مهرجان «القاهرة» خلال رئاسة فهمي الأولى له.

المخرجة السعودية جواهر العامري وأسرة فيلمها «انصراف» (إدارة المهرجان)

وأثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعالياته؛ فقالت الناقدة ماجدة خير الله إنّ «عدم حضوره قد يشير إلى وقوع خلافات»، مؤكدةً أنّ «أي عمل جماعي يمكن أن يتعرّض لهذا الأمر». وتابعت لـ«الشرق الأوسط» أنّ «عصام زكريا ناقد كبير ومحترم، وقد أدّى واجبه كاملاً، وهناك دائماً مَن يتطلّعون إلى القفز على نجاح الآخرين، ويعملون على الإيقاع بين أطراف كل عمل ناجح». وعبَّرت الناقدة المصرية عن حزنها لذلك، متمنيةً أن تُسوَّى أي خلافات خصوصاً بعد تقديم المهرجان دورة ناجحة.

وفي مسابقته الدولية، فاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم للمخرج والمنتج بوجدان موريشانو، كما فاز الفيلم الروسي «طوابع البريد» للمخرجة ناتاليا نزاروفا بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم، وحصل الفيلم البرازيلي «مالو» للمخرج بيدرو فريري على جائزة «الهرم البرونزي» لأفضل عمل أول.

وأيضاً، حاز لي كانغ شنغ على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأميركي «قصر الشمس الزرقاء»، والممثل الروسي ماكسيم ستويانوف عن فيلم «طوابع البريد». كما حصلت بطلة الفيلم عينه على شهادة تقدير، في حين تُوّجت يارا دي نوفايس بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو»، وحصل الفيلم التركي «أيشا» على جائزة أفضل إسهام فنّي.

الفنانة كندة علوش شاركت في لجنة تحكيم أفلام «المسافة صفر» (إدارة المهرجان)

وأنصفت الجوائز كلاً من فلسطين ولبنان، ففاز الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» بجائزتَي «أفضل فيلم» ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ولجنة التحكيم الخاصة. وأعربت مخرجتاه منى خالدي وكارول منصور عن فخرهما بالجائزة التي أهدتاها إلى طواقم الإسعاف في غزة؛ إذ يوثّق الفيلم رحلة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة داخل القطاع. ورغم اعتزازهما بالفوز، فإنهما أكدتا عدم شعورهما بالسعادة في ظلّ المجازر في فلسطين ولبنان.

وكانت لجنة تحكيم «أفلام من المسافة صفر» التي ضمَّت المنتج غابي خوري، والناقد أحمد شوقي، والفنانة كندة علوش؛ قد منحت جوائز لـ3 أفلام. وأشارت كندة إلى أنّ «هذه الأفلام جاءت طازجة من غزة ومن قلب الحرب، معبِّرة عن معاناة الشعب الفلسطيني». وفازت أفلام «جلد ناعم» لخميس مشهراوي، و«خارج التغطية» لمحمد الشريف، و«يوم دراسي» لأحمد الدنف بجوائز مالية قدّمتها شركة أفلام «مصر العالمية». كما منح «اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي»، برئاسة الإعلامي عمرو الليثي، جوائز مالية لأفضل 3 أفلام فلسطينية شاركت في المهرجان، فازت بها «أحلام كيلومتر مربع»، و«حالة عشق»، و«أحلام عابرة».

ليلى علوي على السجادة الحمراء في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وحصد الفيلم اللبناني «أرزة» جائزتين لأفضل ممثلة لبطلته دياموند بو عبود، وأفضل سيناريو. فأكدت بو عبود تفاؤلها بالفوز في اليوم الذي يوافق عيد «الاستقلال اللبناني»، وأهدت الجائزة إلى أسرة الفيلم وعائلتها.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي رأست لجنة تحكيمها المخرجة ساندرا نشأت، فاز الفيلم السعودي «انصراف» للمخرجة جواهر العامري بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وقالت جواهر، في كلمتها، إن المهرجان عزيز عليها، مؤكدة أنها في ظلّ فرحتها بالفوز لن تنسى «إخوتنا في فلسطين ولبنان والسودان». أما جائزة أفضل فيلم قصير فذهبت إلى الصيني «ديفيد»، وحاز الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص.

كذلك فاز الفيلم المصري الطويل «دخل الربيع يضحك» من إخراج نهى عادل بـ4 جوائز؛ هي: «فيبرسي» لأفضل فيلم، وأفضل إسهام فنّي بالمسابقة الدولية، وأفضل مخرجة، وجائزة خاصة لبطلته رحاب عنان التي تخوض تجربتها الأولى ممثلةً بالفيلم. وذكرت مخرجته خلال تسلّمها الجوائز أنها الآن فقط تستطيع القول إنها مخرجة.

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

كما فاز الفيلم المصري «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى تنويه خاص ضمن مسابقة «أسبوع النقاد». ووجَّه المخرج شكره إلى الفنان سيد رجب الذي شارك في الفيلم، قائلاً إنّ الجائزة الحقيقية هي في الالتفاف الكبير حول العمل. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح الذي قُوبل به الفيلم في جميع عروضه بالمهرجان أذهلني»، وعَدّه تعويضاً عن فترة عمله الطويلة على الفيلم التي استغرقت 4 سنوات، مشيراً إلى قُرب عرضه تجارياً في الصالات. وحاز الممثل المغربي محمد خوي جائزة أفضل ممثل ضمن «آفاق السينما العربية» عن دوره في فيلم «المرجا الزرقا».

بدوره، يرى الناقد السعودي خالد ربيع أنّ الدورة 45 من «القاهرة السينمائي» تعكس السينما في أرقى عطائها، بفضل الجهود المكثَّفة لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا، وحضور الفنان حسين فهمي، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدورة حظيت بأفلام ستخلّد عناوينها، على غرار فيلم (هنا) لتوم هانكس، والفيلم الإيراني (كعكتي المفضلة)، و(أبو زعبل 89) الذي حقّق معادلة الوثائقي الجماهيري، وغيرها... وكذلك الندوات المتميّزة، والماستر كلاس الثريّة».