«داعشية» أميركية تروي تفاصيل «غسل دماغها» من قبل التنظيم الإرهابي

الزواج كان الطريقة الوحيدة لضم النساء... وواشنطن تعدّ عودة المتطرفين «أزمة بالغة التعقيد»

هدى مُثنى وطفلها (إيه بي سي)
هدى مُثنى وطفلها (إيه بي سي)
TT

«داعشية» أميركية تروي تفاصيل «غسل دماغها» من قبل التنظيم الإرهابي

هدى مُثنى وطفلها (إيه بي سي)
هدى مُثنى وطفلها (إيه بي سي)

جددت سيدة أميركية انضمت إلى تنظيم داعش الإرهابي منذ 4 أعوام طلبها الرجوع إلى بلدها، والندم على ما فعلته، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة، أمس (الثلاثاء)، أنها تدرس قضية عودتها عقب انشقاقها عن التنظيم.
وبررت هدى مُثنّى (24 عاماً)، في مقابلة تلفزيونية لأول مرة مع شبكة «إيه بي سي» الأميركية انضمامها للتنظيم بقولها: «كنت مدفوعة بخوف من الله... لذلك سافرت إلى التنظيم في سوريا دون التفكير في العواقب».
وتخشى الفتاة الأميركية على مصير طفلها (18 شهراً)، الذي أنجبته بعد عامين من وصولها إلى سوريا.
وقالت في حوارها: «عقب الحمل، فكرت في مصير طفلي وسط (منطقة حرب)، وعندما اقترحت على صديقة لي وزوجها فكرة العودة لبلدي، شعرا بالصدمة».
وأفصحت الفتاة المعتقلة حاليا لدى الأكراد في سوريا عن أنها انضمت إلى التنظيم من خلال طريقة واحدة كان لا يوجد خيار غيرها، وهي «الزواج» من «داعشي» أسترالي، أقامت معه في منزل آمن بالرقة، مما دفع لإطلاق وسائل إعلام أميركية عليها لقب «عروس (داعش)»، مثل قرينات لها ذهبن إلى التنظيم الإرهابي.
وقُتل زوجها الأسترالي عقب 3 أشهر من الزواج، وأصبحت مُثنّى أرملة للمرة الأولى، ثم تزوجت لاحقا من تونسي وهو والد طفلها الوحيد الآن، وقتل الزوج الثاني بعد مرور نحو عام، وقالت إنها مكثت هناك قرابة أسبوعين بسبب إطلاق النار والقذائف على المنطقة السورية.
وتابعت: «كلما عرفت أكثر، أدركت كم كنت مخطئة، فقد جئت في البداية للتنظيم من أجل مزيد من المعرفة، لقد كنا صغارا لا نعرف الكثير عن الدين، كنا نظن أننا نعرف كل شيء على حقيقته، وفسرنا كل شيء بشكل خاطئ».
ورأت الفتاة أنها تعرضت لعملية «غسل دماغ»، وأنها تشعر الآن بـ«الندم الهائل»، وفقاً لحديث محامي عائلتها حسن شلبي إلى «إيه بي سي» الأميركية.
وانضمت هدى إلى «داعش» منذ أن كانت في التاسعة عشرة من عمرها، واعترفت: «شعرت بأنني (ملزمة) بالذهاب إلى سوريا بمجرد إعلان التنظيم الإرهابي عن (دولة الخلافة)».
وعرفت مُثنى بأنها من أبرز الداعيات للتنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت، في هذا السياق، إنها شعرت بالخجل من تغريداتها التي نشرتها سابقا في الدعاية لـ«داعش»، وحرضت في تغريدة سابقة على «سفك دماء» الأميركيين.
وقالت هدى إنها اهتمت بمواقع التواصل الاجتماعي منذ السابعة عشرة من عمرها، وبالتحديد موقع «تويتر»، وبعد عام واحد أصبحت متطرفة، وتابعت أنها بمجرد الانضمام إلى «داعش» بدأت في بث «رسائل الكراهية» بنشر الدعاية للتنظيم الإرهابي عبر الإنترنت، داعية إلى «شن هجمات على الولايات المتحدة الأميركية».
وأوضحت الفتاة في حوارها: «لا أستطيع التصديق أنني فكرت في ذلك... لقد كنا زوجات صغيرات في التنظيم، وأصبحنا أرامل للمرة الأولى في حياتنا، لذلك كنا غاضبين جدا»؛ حسب قولها.
وولدت هدى في ولاية نيوجيرسي وانتقلت إلى نيويورك ثم إلى العاصمة واشنطن، قبل أن تستقر في النهاية في ولاية ألاباما، وهي في الصف الدراسي السابع، حسب قولها.
وقالت مثنى إنه تربطها علاقة جيدة مع أسرتها، ولكنها وجدت أن «الحياة المنزلية صارمة للغاية، وكانت تتوق إلى «حياة أميركية أكثر» تمكنها من الخروج مع أصدقائها؛ على حد قولها.
ولم تذكر الفتاة كيف حصلت على تكلفة السفر إلى سوريا؛ إذ وصلت إلى الرقة عبر الحدود السورية - التركية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وذكرت أنها تعرضت لإطلاق النار عليها في 19 من الشهر نفسه أثناء عبورها الحدود.
وكان والد الفتاة قد ذكر في تصريحات عام 2017 أنه كان فخورا بميل ابنته إلى التدين سابقا، لكنه لم يكن يتوقع أنها تتحدث سرا مع تنظيم داعش عبر الإنترنت، وقال: «لم أفكر مطلقا في أن يحدث هذا مع ابنتي؛ لعائلتي، لكنه حدث، هذا ربما يقع لأي عائلة».
ورأت هدى الجثث في الأماكن العامة خلال وجودها مع التنظيم، رغم عدم رؤيتها أي عمليات إعدام؛ حسب قولها.
وتابعت الفتاة أنه لم يكن لديها أي طعام لمدة 6 أشهر، سواء في الأسواق أو الشاحنات هناك، وقالت إن الناس كانوا يخفون الطعام الذي لديهم، لذا اضطرت هي وابنها لأكل القمح الذي يتم إطعامه للماشية، وعدّت أن مشهد ابنها وهو يأكل العشب هو «القشة الأخيرة» لتناشد السلطات الأميركية العودة لبلدها.
وتابعت: «الجوع ينهش في الجميع».
ويوجد تحت سلطة الأكراد 1500 امرأة أجنبية وأطفال في المخيم الموجود شمال سوريا، وأعلنت الولايات المتحدة أنها تسعى لإعادة متطرفين أجانب معتقلين في شمال شرقي سوريا إلى بلادهم لمحاكمتهم فيها، وأنّها تدرس قضية هدى عقب الانشقاق.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو للصحافيين أمس (الثلاثاء) إن «وضع المواطنين الأميركيين، أو الذين يرجح أنهم أميركيون (المحتجزون)، في سوريا هو أساساً قضية بالغة التعقيد، ونحن ندرس هذه الحالات لفهم التفاصيل بشكل أفضل».
وأتى تصريح بالادينو في معرض ردّه على سؤال بشأن هدى مثنّى، ورفض المتحدّث التعليق على قضية هذه الشابة، مشيراً إلى موانع تتعلّق بالسلامة والخصوصية، لكنّه أكّد مجدّداً أنّ سياسة الولايات المتحدة تتمثّل في إعادة المتطرفين ومحاكمتهم.
وشدّد بالادينو على أن «إعادة المقاتلين الأجانب إلى بلادهم الأصلية وضمان محاكمتهم وسجنهم هو السبيل الأفضل لمنعهم من العودة إلى ساحة المعركة». وأضاف: «نحن نعدّ هؤلاء المقاتلين تهديداً عالمياً، ونأمل في حدوث تعاون دولي للتصدّي له».
وتعاطى عدد من المسؤولين الأوروبيين بفتور مع دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لهم لاستعادة مواطنيهم المتطرفين المعتقلين لدى القوات الكردية في سوريا ومحاكمتهم في بلدانهم.
وقال ترمب إنّ بلاده تطلب من حلفائها الأوروبيين «استعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم داعش، ألقينا القبض عليهم في سوريا، ومحاكمتهم».
وتواجه أوروبا صعوبة في كيفية التعامل مع المقاتلين الذي خرجوا من أراضيها للقتال مع تنظيم داعش، وأنصارهم وعائلاتهم المحتجزين في سوريا، إلا إن الانسحاب الأميركي الوشيك من سوريا وضع أمام الحكومات الأوروبية مهلة لمعالجة قضية مواطنيهم المحتجزين حالياً لدى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد.
وكانت هذه المسألة على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين الماضي، خصوصا أن آخر مقاتلي التنظيم المتطرف باتوا محاصرين في بقعة صغيرة في شرق سوريا، توشك «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن على اقتحامها.


مقالات ذات صلة

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».