حلفاء واشنطن ينتظرون توضيحات حول ما بعد الانسحاب

TT

حلفاء واشنطن ينتظرون توضيحات حول ما بعد الانسحاب

ماذا بعد القضاء على آخر جيوب تنظيم داعش؟ وما مصير المناطق التي ستنسحب منها القوات الأميركية؟ ومن الذي سيضمن الأمن فيها ويمنع تركيا من تنفيذ تهديداتها ضد الأكراد الذين تصنفهم إرهابيين؟
أسئلة يسعى حلفاء واشنطن للوصول إلى إجابات عنها؛ إذ إن «قوات سوريا الديمقراطية» التي تستعد لإعلان القضاء على آخر الجيوب التي يتحصن فيها مقاتلو «داعش»، رفعت تحذيراتها مؤخرا من أن التنظيم يبدل تكتيكاته في القتال ويطور إمكاناته لخوض حرب عصابات في المناطق التي أخلاها.
وعندما التقى قائد تلك القوات مظلوم كوباني بقائد القوات الأميركية الوسطى الجنرال جوزف فوتيل، بدت مطالبته بالإبقاء على نحو 1500 جندي من قوات التحالف الدولي للمساعدة على مواجهة الحرب الجديدة التي يستعد «داعش» لخوضها، أقرب إلى التوسل في ظل ارتباك سياسي يعجز عن تحديد البوصلة.
المتحدث باسم البنتاغون لشؤون العراق وسوريا الكولونيل شون رايان، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن جولة الجنرال فوتيل هي لتأكيد قرار الرئيس دونالد ترمب بالانسحاب من المنطقة، وأن الإبقاء على أي قوات أميركية أمر مستبعد، وقد أُبلغ الأكراد هذا الأمر بشكل واضح. وأضاف رايان أن الولايات المتحدة أبلغت الأكراد أيضا أن الدخول في مفاوضات أو التوجه نحو نظام الأسد وروسيا سيحرمهم الحصول على المساعدات الأميركية في المستقبل، لاعتبارات قانونية، كما جاء على لسان الجنرال بول لاكاميرا قائد قوات التحالف الدولي ضد «داعش».
وأكد رايان أن مظلوم كوباني، قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، قال بشكل علني إنهم يجرون اتصالات سياسية مع النظام للوصول إلى اتفاق، في إشارة ضمنية إلى أن الأكراد هم من أخذ الخيار.
وفي حين أحال رايان إلى مكتب وزير الدفاع (بنتاغون) الأسئلة المتعلقة بأسباب إلغاء اجتماع الوزير بالوكالة باتريك شاناهان بوزير الدفاع التركي خلوصي آكار، الذي كان مقررا الأسبوع الماضي على هامش اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، تحدثت مصادر سياسية في واشنطن عن أن الاجتماع ألغي بطلب من تركيا.
وأضافت تلك المصادر أن الأتراك أجهضوا الاجتماع بعدما تمسكوا بصفقة الصواريخ الروسية «إس 400»، وتَبلغهم بموقف حازم من واشنطن بأن صفقة صواريخ «باتريوت» لم تعد قائمة بعد انتهاء مدة العرض، الذي كان يسعى إلى إقناع الأتراك بالتخلي عن الصفقة، وبأن ضم المنظومة الروسية إلى نظام دفاعات حلف «الناتو» لا يمكن أن يتم، وأنه ستكون له تداعيات أخرى داخل الحلف.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.