ملامح من حداثة الفن التشكيلي السوداني في معرض بالقاهرة

يضم 40 لوحة تتنوع بين التعبير الواقعي والاستعارة الرمزية

لوحة للفنان سيد أحمد - من أعمال الفنان محمد أحمد المهدي
لوحة للفنان سيد أحمد - من أعمال الفنان محمد أحمد المهدي
TT

ملامح من حداثة الفن التشكيلي السوداني في معرض بالقاهرة

لوحة للفنان سيد أحمد - من أعمال الفنان محمد أحمد المهدي
لوحة للفنان سيد أحمد - من أعمال الفنان محمد أحمد المهدي

أولى الفن التشكيلي التقليدي بالسودان اهتماماً خاصاً للتراث الوطني وارتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة المحلية، فيما ينصبّ اهتمام بعض الفنانين السودانيين في الوقت الحالي على تقديم بلادهم بوجه جديد، ليصبح فنهم صياغة بصرية تعكس ما يدور بداخل المجتمع من تطور.
في القاهرة؛ يحتضن غاليري «لمسات» للفنون حالياً مشهداً تشكيلياً بأنامل 3 فنانين، تعكس أعمالهم ما توصل إليه الفن السوداني من تطور وأساليب واستحداثات جديدة مع الروح والذوق والإبداع.
يحمل المعرض عنوان «رؤى سودانية»، ويضم 40 لوحة. وحسب ما توضحه مديرة الغاليري الدكتورة نيرمين شمس لـ«الشرق الأوسط»: «اخترنا للمعرض 3 فنانين شباب هم سيد أحمد ومحمد أحمد المهدي ومحمد موردة، يمثلون 3 مدارس مختلفة، حيث تعكس أعمالهم كيف تطور الفن السوداني بشكل قوي جداً، فبعد أن كان يعتمد على قوة اللون وكان ذلك يميزه عن باقي الفنون، أصبح يعالج قضايا مختلفة، مثل دور المرأة في المجتمع، وكيف يعيش الإنسان في ظل التطور الاجتماعي في السودان، مما يعني أننا إزاء حالة فنية مختلفة، عبر صياغة وقراءات تشكيلية حديثة ومتعمقة».
وتلفت شمس إلى أن «رؤى سودانية» يعد ثاني معرض في مبادرة الغاليري لعام 2019 الهادفة إلى التبادل الثقافي عبر استضافة معارض تشكيلية من دول مختلفة، بعد أن تم تنظيم أول معارض المبادرة بعنوان «رؤى هندية» الشهر الماضي، مؤكدة أن المبادرة تهدف إلى تجاوز حدود اللغات والأعراق والجنسيات عبر بث رسائل مفهومة لكل أصناف البشرية من خلال الفنون التشكيلية، بما يثري التبادل الثقافي وإثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر.
التجول بين لوحات المعرض ينقلك بين أفكار ورؤى مختلفة، حيث لجأ أصحابها الثلاثة إلى التعبير الواقعي تارةً أو استعارة مجموعة من الرموز التي تعزّز أفكارهم تارةً أخرى.
فأعمال الفنان سيد أحمد تعكس شغفه بحب المدن وسكانها وممارساتهم الحياتية، لذا تنعكس ثيمة المدينة في جلّ أعماله، حيث تأخذنا أعماله في جولة بصرية في مدينته الخرطوم. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ الصغر وأنا مشغول بفكرة المدنية، ألاحظها مع السير في الشوارع أو في أثناء ركوبي الحافلة، فهي فكرة تخرجنا من الانتماء الخاص الذي نحصر فيه أنفسنا داخل القبيلة وتجعلنا قادرين على خلق انتماء أعم وأشمل وأكبر».
ينقل أحمد أحياناً بشكل واقعي ما يجول في نفسه بشكل مباشر، أو يعبر عن سِمة مميزة للمشهد، أو يعيد تشكيل الواقع بما يتناسب مع الذاكرة اليومية أو خلق ذاكرة جديدة تنبثق من تلك القديمة بما لديه من مخزون بصري، معبراً عن فكرته بألوان الزيت على قماش وألوان مائية على ورق. أما لوحات الفنان محمد أحمد المهدي، فهي جزء أول من مشروعه الهادف إلى خلق صورة بصرية في ذاكرة الأجيال السودانية الجديدة، حيث يعبر من خلالها عن المضمون القائم خلف السلوك الحركي للفرد في إطار ثقافة الجماعة.
عن ذلك يقول: «أهتم بدلالات الحركة عند الإنسان السوداني، فكل قبيلة سودانية وكعادة الأفارقة لها طقوس وعادات في المناسبات المختلفة، الجامع بينها جميعاً الحركة، فثقافتنا إيقاعية تعتمد على الإيقاع والحركة، وما قصدته أن لكل حركة معنى، وكل حركة لها دلالة على سلوك معين، فهي أداة أحلل بها السلوك عند القبائل».
يلجأ المهدي إلى المناسبات والسلوكيات المتوارثة في القبائل لنقل فكرته، فهو يرسم عن كيفية التتويج والرقص والموت والزواج والانتصار والصيد،
ويعبر عن ذلك بالرموز والموتيفات، فهو يستخدم كثيراً زهرة اللوتس المشتركة بين الحضارتين المصرية والسودانية كونها رمزاً للحب والسلام، وكذلك يلجأ إلى الجسد البشري وبخاصة المرأة رمز الحياة.
فيما يؤمن التشكيلي محمد موردة أن الفنان يجب أن يكون له مشروعه الفكري الموازي للعمل الفني، لذا ينصبّ مشروعه الفكري على فكرة الهوية السودانية، فمن خلال أعماله يركز على عكس الهويات المحلية الأفريقية والجذور.
يقول موردة لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مهتم بفكرة الهوية، فهي الأكثر قابلية على معايشة الواقع والتطور من خلاله، وأعبّر عن ذلك بطريقة رمزية، مستعيراً رموزاً من البيئة المحلية وحياة القبائل مثل الجمل، ناقلاً انفعالات سلوكية مختلفة، فالرمز هو أقرب وسيلة للتعبير بعد اللغة المنطوقة، كما ألجأ إلى أسلوب الأبيض والأسود كون التضاد بين اللونين أكثر تعبيراً عن فكرة الهوية».



المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
TT

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

أظهرت دراسة أجراها باحثون من كلية «ديل ميد» في «جامعة تكساس» الأميركية، بالتعاون مع دائرة «لون ستار» المجتمعية للرعاية الصحّية في الولايات المتحدة، أنّ المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من ذوي الدخل المنخفض، من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرة هؤلاء الأشخاص على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

ويقول الباحثون إنّ لتقديم الدعم الحقيقي المُرتكز على التعاطف مع المريض تأثيراً في الصحة يعادل تناول الدواء، مفسّرين ذلك بأنّ المدخل العاطفي هو البوابة إلى تغييرات نمط الحياة التي تعمل على تحسين إدارة المرض؛ وهي المنطقة التي غالباً ما تفشل فيها الرعاية الصحّية التقليدية.

وتشير الدراسة التي نُشرت، الثلاثاء، في دورية «جاما نتورك أوبن»، إلى أنّ هذا النهج يمكن أن يوفّر نموذجاً بسيطاً وفعّالاً لجهة التكلفة لإدارة الحالات المزمنة، خصوصاً المرضى الذين لديهم وصول محدود إلى الخدمات الصحّية والعقلية والدعم التقليدية.

قال المؤلِّف الرئيس للدراسة، الأستاذ المُشارك في قسم صحّة السكان في «ديل ميد»، الدكتور مانيندر كاهلون: «يبدأ هذا النهج الاعتراف بالتحدّيات الحقيقية واليومية للعيش مع مرض السكري».

خلال التجربة السريرية التي استمرت 6 أشهر، قُسِّم 260 مريضاً مصاباً بالسكري بشكل عشوائي إلى مجموعتين: واحدة تتلقّى الرعاية القياسية فقط، والأخرى الرعاية القياسية والمكالمات المنتظمة التي تركز على الاستماع والتعاطف. أجرى أعضاء مدرَّبون هذه المكالمات لتقديم «الدعم الرحيم»؛ مما أتاح للمشاركين مشاركة تجاربهم وتحدّياتهم في العيش مع مرض السكري.

وأفادت النتائج بحدوث تحسُّن في السيطرة على نسبة السكر بالدم، إذ شهد المرضى الذين تلقّوا مكالمات قائمة على التعاطف انخفاضاً متوسّطاً في الهيموغلوبين السكري بنسبة 0.7 في المائة، مقارنةً بعدم حدوث تغيير كبير في المجموعة الضابطة.

كما أظهرت الدراسة حدوث تأثير أكبر للمرضى الذين يعانون أعراض اكتئاب خفيفة أو أكثر شدّة، مع تحسُّن في متوسّط ​​الهيموغلوبين السكري بنسبة 1.1 في المائة. وصنَّف جميع المشاركين تقريباً المكالمات على أنها مفيدة جداً.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لدائرة «لوني ستار» للرعاية الصحّية، جون كالفن: «في وقت يشكّل فيه نقص القوى العاملة تحدّياً لتقديم الرعاية الصحّية، تؤكد هذه الدراسة التأثير السريري العميق الذي يمكن أن يُحدثه الموظفون غير السريريين».

وأوضح: «من خلال توظيف أفراد مجتمعيين عاديين ولكن مدرَّبين، نثبت أنّ التعاطف والاتصال والمشاركة المُتعمدة يمكن أن تؤدّي إلى تحسينات صحّية قابلة للقياس»، مشدّداً على أنه «في عالم الطبّ سريع الخطى بشكل متزايد، الذي يعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي، يُذكرنا هذا العمل بأنّ الاتصال البشري يظلّ في قلب الرعاية الفعالة. لا يعزّز التعاطف مشاركة المريض فحسب، وإنما يُمكّن الأفراد من اتخاذ خطوات ذات مغزى نحو نتائج صحّية أفضل».

بالنظر إلى المستقبل، يأمل باحثو الدراسة في استكشاف التأثيرات طويلة المدى للدعم القائم على التعاطف على كلٍّ من السيطرة على مرض السكري والصحّة العقلية على نطاق أوسع. كما يخطّطون لتوسيع نطاق هذا النموذج، بهدف جعل الدعم الشامل والمتعاطف متاحاً بشكل أوسع لمَن هم في حاجة إليه.