«قوات سوريا الديمقراطية» متمسكة باستسلام تنظيم «داعش»

قائد كردي يدعو إلى نشر قوات دولية على حدود تركيا

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» متمسكة باستسلام تنظيم «داعش»

أكدت «قوات سوريا الديمقراطية» أنه لم يعد أمام تنظيم داعش المحاصر في نصف كيلومتر مربع في شرق سوريا إلا «الاستسلام»، في وقت حضر فيه الملف السوري في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين، غداة مطالبة واشنطن لدولهم باستعادة مواطنيها المعتقلين لدى الأكراد.
وطالبت الإدارة الذاتية الكردية الاثنين، الدول الأوروبية، بعدم التخلي عنها، مع اقتراب «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من إعلان القضاء على مناطق «داعش»، بعد سنوات أثار فيها التنظيم المتطرف الرعب بقواعده المتشددة وأحكامه الوحشية واعتداءاته الدموية حول العالم.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» السبت، حصار من تبقى من مقاتلي التنظيم في مساحة تقدر بنصف كيلومتر مربع في بلدة الباغوز بمحاذاة الحدود العراقية. وقالت إن قواتها تتحرك «بحذر» لوجود مدنيين محتجزين «دروعاً بشرية» تزامناً مع تأكيدها أن مناطق «داعش» ستنتهي في غضون أيام.
وقال مدير المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مصطفى بالي لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين، إنه خلال اليومين الأخيرين «لم تحصل أي تغييرات جدية في المعطيات على الأرض... ما زلنا نعمل على إيجاد طريقة ما لإخراج المدنيين».
وتدور وفق بالي «اشتباكات متقطعة ومحدودة جداً، إذ تردّ قواتنا على مصادر النيران» مع مشاركة «محدودة» لطائرات التحالف، لافتاً إلى حصار «المئات» من مقاتلي التنظيم.
وأعلن مصدر ميداني مطلع على سير المعارك الاثنين، رافضاً الكشف عن اسمه، أن التنظيم طلب ممراً آمناً للخروج من الباغوز، وهو ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المصدر: «يطلب الدواعش المحاصرون فتح ممر لهم إلى إدلب (شمال غرب)، على أن يأخذوا المدنيين المتبقين معهم دروعاً بشرية، لكن الأمر غير قابل للنقاش بالنسبة إلى قوات سوريا الديمقراطية».
ورفضت هذه القوات وفق المصدر ذاته، طلب مقاتلي التنظيم، وهو ما أكده المرصد السوري. ولم يتسنَ لوكالة الصحافة الفرنسية، الحصول على تأكيد رسمي من مسؤولين أكراد، إلا أن مصدراً قيادياً في قوات سوريا الديمقراطية أكد الاثنين، عدم وجود أي مفاوضات مباشرة مع التنظيم.
وقال: «لا يمتلك (داعش) خيارات ليتفاوض عليها لأنه محاصر في منطقة جغرافية ضيقة جداً وليس أمامه سوى الاستسلام»، لافتاً إلى «محاولات» لإنقاذ المدنيين وعدد من المقاتلين التابعين لقواته «الرهائن» لدى التنظيم.
وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم من التحالف، في سبتمبر (أيلول) الماضي عملية عسكرية واسعة ضد آخر جيب للتنظيم في شرق سوريا، دفعت نحو 40 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات المتطرفين، إلى الفرار، بينهم نحو 3800 مشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، وتم توقيفهم بحسب المرصد.
واعتقلت هذه القوات خلال معاركها السابقة المئات من المقاتلين الأجانب من جنسيات عدة أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وتناشد الإدارة الذاتية بلدانهم لاستعادتهم لمحاكمتهم لديها.
وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليل الأحد/ الاثنين، في تغريدة على «تويتر» «من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والحلفاء الأوروبيين الآخرين استعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم داعش أسرناهم في سوريا من أجل محاكمتهم».
وأضاف: «مناطق داعش على وشك أن تسقط. البديل لن يكون جيداً لأننا سنضطر للإفراج عنهم»، مؤكداً أن بلاده لا تريد انتشار هؤلاء «في أوروبا التي يتوقع أن يتوجهوا إليها».
وتبدي الدول الأوروبية إجمالاً تردداً إزاء هذا الملف. ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في بروكسل الاثنين، على جدول أعماله عدد من القضايا بينها «الوضع في سوريا خصوصاً على ضوء التطورات الأخيرة على الأرض».
وردت عواصم أوروبية عدة على تصريحات ترمب الأحد. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن إعادتهم في الظروف الحالية أمر «بالغ الصعوبة» ولا يمكن تنظيم عودتهم «ما لم نتأكد أن هؤلاء الأشخاص سيمثلون فوراً هنا أمام محكمة وسيتم احتجازهم».
ورأى وزير الدولة الفرنسي للداخلية لوران نونيز في تصريح تلفزيوني، أنه «في كل الأحوال إذا عاد هؤلاء الأشخاص إلى التراب الوطني، فجميعهم لديهم إجراءات قضائية جارية وسيتم تطبيق القانون بحقهم وحبسهم».
وأعلنت فرنسا في وقت سابق أنها تدرس ترحيل نحو 130 شخصاً محتجزين لدى الأكراد، غالبيتهم من الأطفال.
وفي بلجيكا، طالب وزير العدل كين غينس بـ«حل أوروبي»، داعياً إلى «التفكير بهدوء والنظر فيما ينطوي على مخاطر أمنية أقل». وتبدي العائلات والجهات الحقوقية قلقها من احتمال نقل المتطرفين من سوريا إلى العراق المجاور، الذي حكم على مئات الأشخاص بالإعدام أو السجن المؤبد لانضمامهم إلى التنظيم المتطرف.
ويشكل ملف المتطرفين الأجانب عبئاً على الإدارة الذاتية، خصوصاً بعد إعلان ترمب في ديسمبر (كانون الأول) 2018 قراره بسحب القوات الأميركية والمقدرة بألفي جندي من سوريا.
ودعا أكراد سوريا الاثنين، الدول الأوروبية إلى عدم التخلي عنهم. وقال ألدار خليل، القيادي الكردي البارز وأحد مهندسي الإدارة الذاتية في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في باريس: «تلك الدول لديها التزامات سياسية وأخلاقية (...) إذا لم يفوا بها، فهم يتخلون عنا».
ورأى أنه يمكن لفرنسا أن تقترح على مجلس الأمن «نشر قوة دولية بيننا وبين الأتراك تكون جزءاً منها، أو يمكنها حماية أجوائنا».
ويخشى أكراد سوريا أن تمهد مغادرة القوات الأميركية الطريق أمام تركيا لشن هجوم لطالما هددت به ضد المقاتلين الأكراد. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً في تركيا منذ عام 1984.
ولتهدئة الأجواء بين حليفيه، اقترح ترمب الشهر الماضي إنشاء «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود بين الطرفين. ورحبت أنقرة بالاقتراح، لكنها أصرت في الوقت ذاته على أن تدير تلك المنطقة، الأمر الذي يرفضه الأكراد بالمطلق.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».