لا تكاد السيارات تمر إلا بسرعة السلحفاة على الطرق المؤدية إلى سواحل البحر في مناطق الشمال التونسي، فالهجرة جماعية نحو الشواطئ مع اشتداد الحرارة وتجاوز درجاتها خلال هذه الفترة من السنة. وبات التوجه نحو الشواطئ الأقل اكتظاظا من غيرها غاية وهدف الكثير من العائلات، حيث بات السؤال عن السواحل البحرية المهجورة والنائية من بين أكثر الأسئلة المتداولة بين التونسيين.
ومن بين الشواطئ التي باتت قبلة التونسيين شواطئ غار الملح والرفراف وصونين وسيدي علي المكي وماتلين وغيرها من البحار التي كانت إلى فترة زمنية قليلة منسية فباتت من أكثر الشواطئ التي تلقى إقبال العائلات التونسية، إذ يكفي أن تكون مجهزة بالقليل من الغذاء للوصول إلى شواطئ هادئة تقل فيها الحركة ويسودها الهدوء الكامل، كما أن أسعار مختلف المواد الغذائية والمشروبات لا تزال في المتناول.
وفي هذه الشواطئ اهتمت بلديات المكان بتهيئتها منذ بداية الموسم السياحي، وغالبا ما تسمح لأصحاب رؤوس الأموال بتأجير الشواطئ وتجهيزها بالمظلات الشمسية والكراسي البلاستيكية والطاولات في محاولة لإغراء الوافدين على البحر وضمان رجوعهم أكثر من مرة.
وقبل الوصول إلى البحر وضعت البلديات شابين أو ثلاثة شبان على الذمة مهمتهم استخلاص الأموال لفائدة البلدية، إذ تستخلص مبلغ دينار ونصف الدينار (نحو دولار أميركي واحد) في اليوم من كل صاحب سيارة يدخل المنطقة الشاطئية. ورفعت البلديات في هذا المبلغ، إذ كان قبل سنوات لا يزيد على 700 مليم تونسي (أقل من نصف دولار أميركي)، لكن الغلاء الذي طبع كل مؤشرات الحياة في تونس انعكس بدوره على كل الأسعار والأجور. ونفس الأمر في مجال الأسعار طرأ على أسعار المظلات الواقية من الشمس والكراسي، فقد كان أصحاب رؤوس الأموال الذين اكتروا الشاطئ من البلدية يقدمون خدمة للزائرين تتمثل في مظلة شمسية وطاولة وأربعة كراسي بسبعة دنانير قبل نحو سنتين، وارتفعت الأسعار خلال هذا الصيف لتصبح عشرة دنانير تونسية.
ويتدخل تدفق العائلات الليبية بالآلاف خلال موسم الصيف وعودة الآلاف من التونسيين العاملين في الخارج في التأثير على مختلف الأسعار، وهذا الأمر يتعدى الشواطئ إلى مختلف أسعار الخضر والغلال وأسعار كراء المحلات السكنية والتجارية.
وترتاح معظم العائلات على تلك الشواطئ وذلك بفعل انخفاض مستوى مياه البحر والاطمئنان على سباحة الأطفال الصغار دون وجود محاذير كثيرة خاصة من مخاطر الغرق في مياه البحر. ويقول كمال بن إبراهيم (أب لثلاثة أبناء يقطن في العاصمة) إنه بحث عن الهدوء والراحة بتوجهه نحو بحر سيدي علي المكي. وأضاف أن المنطقة تتوافر بها مقومات مهمة على غرار البحر والجبل والهدوء، وهي عناصر أساسية للاستمتاع بفترة الإجازة الصيفية.
وتتميز مناطق غار الملح ورأس الجبل والرفراف وصونين بميزة تختلف عن بقية المناطق السياحية التونسية، فهذه المناطق معروفة بتطور أنشطتها الفلاحية ووجود كميات مهمة من المنتجات الفلاحية من خضر وغلال طوال السنة. وهذا الأمر يؤثر على مدى إقبال العائلات التونسية التي تبحث عن تغذية جماعية بأقل التكاليف.
وغالبا ما تعود العائلة من رحلة البحر محملة بالكثير من الخضر والغلال، وتباع معظم المواد بحساب «العبوة» وليس الوزن، وهي طريقة معتمدة في تلك المناطق وتعج بها طرقاتها. كما تتناول العائلة منتوج الذرة المشوية على الفحم وهي المعروفة في تونس تحت اسم «المستورة» لأن حباتها تكون مخفية تحت ستار خفيف، وتحمل العائلات معها كميات من الخضر المختلفة، أما من ناحية الفواكه فتشتهر المنطقة بثمار التين والتفاح والأجاص على وجه الخصوص.
وبإمكان بعض العائلات الاستفادة من منتجات البحر الكثيرة، فسمك «القاروص» يباع بسعر 16 دينارا تونسيا للكيلوغرام (نحو 10 دولارات أميركية)، كما أن أنواعا أخرى من الأسماك الشعبية على غرار سمك السردين (4 دنانير للكيلوغرام) والأميلة (من أنواع السمك الأبيض) متوافرة بكثرة وأسعارها تعتبر في متناول الكثير من التونسيين، لذلك تجمع العائلات التونسية خلال رحلتها إلى شواطئ الشمال التونسي بين الاستجمام والراحة والتغذية السليمة بتكاليف أقل من بقية الشواطئ التونسية ذات الصيت العالي، مثل نابل والحمامات وجربة والمنستير والمهدية.
الشواطئ التونسية المنسية تشهد رواجا في موسم الصيف الحالي
العائلات تبحث عن متنزهات هادئة طلبا للراحة والاستجمام
الشواطئ التونسية المنسية تشهد رواجا في موسم الصيف الحالي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة