المبعوث الأميركي لسوريا: انسحابنا تدريجي وبالتشاور مع الحلفاء

أبو الغيط يقترح في «ميونيخ» العودة إلى اتفاق أضنة ووساطة مصرية

جلسة خاصة بسوريا في مؤتمر ميونيخ للأمن جمعت من اليسار وزيري دفاع تركيا ولبنان، وأمين عام الجامعة العربية، وإلى اليمين بدا المبعوث الأميركي (إ.ب.أ)
جلسة خاصة بسوريا في مؤتمر ميونيخ للأمن جمعت من اليسار وزيري دفاع تركيا ولبنان، وأمين عام الجامعة العربية، وإلى اليمين بدا المبعوث الأميركي (إ.ب.أ)
TT

المبعوث الأميركي لسوريا: انسحابنا تدريجي وبالتشاور مع الحلفاء

جلسة خاصة بسوريا في مؤتمر ميونيخ للأمن جمعت من اليسار وزيري دفاع تركيا ولبنان، وأمين عام الجامعة العربية، وإلى اليمين بدا المبعوث الأميركي (إ.ب.أ)
جلسة خاصة بسوريا في مؤتمر ميونيخ للأمن جمعت من اليسار وزيري دفاع تركيا ولبنان، وأمين عام الجامعة العربية، وإلى اليمين بدا المبعوث الأميركي (إ.ب.أ)

أكد المبعوث الأميركي إلى سوريا جايمس جيفري أن القوات الأميركية ستنسحب بشكل تدريجي من سوريا وبالتنسيق مع الحلفاء، مشددا على أن واشنطن تتحدث إلى حلفائها في التحالف ضد «داعش» حول تفاصيل الانسحاب الآن، معترفا بأن الإعلان عنه كان مفاجئا بالنسبة إليهم واتخذ بشكل أحادي.
وطغى الملف السوري على اليوم الأخير من مؤتمر ميونيخ للأمن، واستمر الجدل حول انسحاب القوات الأميركية من سوريا ومستقبل الأكراد الذين يقودون المعركة الأخيرة ضد «داعش» إلى جانب القوات الأميركية في دير الزور.
وانتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل يوم قرار الانسحاب وأيضا الأحادية في القرار، وقالت بأنه سيفتح المجال أمام إيران وروسيا للتقدم وملء الفراغ. وكرر جيفري في جلسة عقدت حول سوريا، أمس، أن واشنطن ستبقى ملتزمة بقتال «داعش» حتى بعد انسحابها. وأشار إلى وجود قواعد جوية للقوات الأميركية في المنطقة، لافتا إلى أن القوات الأميركية حتى البرية منها، ستكون جاهزة للتدخل مرة جديدة في حال عاد «داعش» للظهور في سوريا.
وتريد واشنطن أن يتسلم حلفاؤها ضد «داعش» المناطق التي ستخليها على الحدود مع تركيا لمحاولة ردع تركيا من شن عملية للقضاء على الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين. ويرفض الألمان نشر قواتهم من دون قرار من مجلس الأمن كما رفض الفرنسيون كذلك الأمر، وقالوا إنه من غير الوارد نشر قوات فرنسية من دون القوات الأميركية. وحذرت فرنسا كذلك من تحول الأكراد في سوريا إلى «ضحايا بعد إنجازاتهم» بهزيمة «داعش».
واقترح الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط العودة إلى اتفاق أضنة عام 1988 والذي قضى حينها بتدخل مصر للتوسط بين نظام حافظ الأسد والأتراك لإبعاد حزب العمال الكردستاني عن الحدود مع تركيا، وتم حينها الاتفاق على انتشار قوات الأسد على الحدود لإبعاد الأكراد الذين كانوا يشنون عمليات ضد تركيا. واقترح أبو الغيط تطبيق الاتفاق نفسه لإرضاء تركيا من دون نشر قوات أجنبية. ووافق وزير الدفاع اللبناني إلياس أبو صعب الذي كان حاضرا في الجلسة كذلك على «ضرورة التنسيق مع نظام الأسد لأنه هو الموجود حاليا ويجب التعاطي معه بهدف الحفاظ على وحدة سوريا».
كلام شبيه كرره نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرسيشين الذي اعتبر أن الحل الأفضل هو «عدم نشر قوات أجنبية» على الحدود مع تركيا، رغم إشارته إلى تفهم مخاوف تركيا. وأيد بدوره اقتراح العودة لاتفاق أضنة ودعا للحوار بين الأكراد والنظام السوري لحل مسألة الحدود، في إشارة أيضا إلى ضرورة انتشار قوات النظام هناك.
ومثلت إدلب مادة جدل أخرى خاصة أن روسيا تعتبر أنها تحولت معقلا للمتطرفين الهاربين من المعارك الجارية في دير الزور ومناطق أخرى. وقال وزير الدفاع التركي بأن بلاده تحاول بالتنسيق مع روسيا إخراج المتطرفين من هناك لتفادي أزمة إنسانية وموجة لجوء جديدة إلى تركيا وأوروبا. ويعيش في إدلب نحو 3 ملايين شخص نصفهم نازحون هربوا من مناطق أخرى خاصة حلب.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد قال في مقابلة مع مجلة شبيغل بأن إيران لن تغادر سوريا ما دام النظام يريد بقاءها، وما دام هناك «إرهابيون». وأعطى مثالا عن إدلب التي قال إنها باتت معقلا للإرهابيين. وعن الأسد وبقائه في السلطة، دعا ظريف الغرب إلى «التوقف عن الهوس»، برحيل الأسد، لأن «هوسهم هذا زاد من حدة الصراع».
ورغم أن المبعوث الأميركي لسوريا لم يتحدث عن رحيل الأسد وهو مطلب تخلى عنه الغرب، إلا أنه دعا إلى «تغيير جذري في تصرف النظام السوري»، وقال بأن نصف الشعب هرب من سوريا بسبب النظام بشكل أساسي، ووصفه بأنه ما زال العقبة الرئيسية أمام أي حل سياسي في سوريا، مشيرا إلى أنه بقي في السلطة فقط بسبب دعم حلفائه الخارجيين له، في إشارة إلى روسيا وإيران.
وألقى غير بيدرسون، المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا، كلمة مقتضبة خلال الجلسة التي خصصت لسوريا، وأبدى شيئا من التفاؤل وقال بأن الاتفاق على تشكيل لجان من النظام والمعارضة لوضع دستور جديد للبلاد، يمكن أن يكون «الباب» لإطلاق العملية السياسية. ولم يحدد تاريخا للعودة إلى جنيف للتفاوض عندما سئل ما إذا كانت ستكون أسابيع أو أشهرا، واكتفى بالقول «في أقرب وقت ممكن».
وصباحا عقدت جلسة أخرى تناولت كذلك الوضع الإنساني في سوريا، وصفت فيها هانرياتا فور من صندوق الطوارئ الدولي الخاص بالأطفال، التابع الأمم المتحدة، أن الأطفال هم أكبر ضحايا الحرب السورية وأنهم يتأثرون بشكل مباشر بدمار كل البنى التحتية هناك. وأضافت بأسى أننا «نعيش في عهد الإفلات من العقاب، وكل من يخرق القوانين الدولية هو متأكد من أن لا شيء سيحصل لردعه».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.