الأزمة السياسية في إقليم كردستان تعود إلى المربع الأول

بعد انهيار اتفاق بين «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي الكردستاني»

TT

الأزمة السياسية في إقليم كردستان تعود إلى المربع الأول

في وقت كان الجميع يتطلع بتفاؤل إلى انعقاد جلسة برلمان إقليم كردستان العراق غداً لانتخاب الهيئة الرئاسية للبرلمان، باعتبار ذلك الخطوة الأولى في تنفيذ الاتفاق الثنائي الذي توصل إليه المكتبان السياسيان للحزبين الحاكمين في الإقليم، «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني»، وكان مقرراً توقيعه رسمياً من قبل قيادتي الحزبين في مراسم خاصة اليوم، فاجأت الهيئة القيادية لـ«الاتحاد» في ختام اجتماعها الذي عقد في السليمانية أمس، بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح، جميع الأطراف، باشتراطها لتوقيع الاتفاق حل كل الملفات العالقة ذات الصلة بتشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم، ومسألة كركوك وآلية تطبيع الأوضاع فيها، وتقاسم المناصب والحقائب الوزارية في الحكومة الاتحادية كرزمة واحدة، دون تأجيل أي منها.
وقال قيادي في «الاتحاد»، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات، إن الهيئة القيادية «ترفض مضمون الاتفاق المذكور ما لم يتم التعاطي مع المسائل المذكورة كرزمة واحدة من قبل (الحزب الديمقراطي) الذي ننتظر منه التوقيع على مجمل تلك المسائل، وبخلاف ذلك فإن كتلة (الاتحاد) النيابية (21) مقعداً ستقاطع جلسة البرلمان».
بدورها، قالت القيادية في الحزب والنائبة السابقة في البرلمان العراقي آلا طالباني، في تصريحات لوسائل إعلام حزبها، إن حضور نواب حزبها الجلسة المرتقبة لبرلمان الإقليم «رهن بموافقة (الديمقراطي) على بحث تلك المسائل جملة واحدة»، وأضافت أن وفد «الديمقراطي» لم يبدِ موافقة نهائية على حسم مسألة كركوك خلال الاجتماع الثنائي المنعقد يوم الجمعة الماضي، وبدورنا نؤكد أننا لن نوقع الاتفاق مع «الديمقراطي» دون إبداء الأخير موقفاً نهائياً حيال تلك القضايا المذكورة، ما يعني بطبيعة الحال تأزم الوضع السياسي في الإقليم، وتوتر العلاقات الثنائية بين الحزبين من جديد، والعودة إلى المربع الأول.
وأوضح بلاغ صدر عن اجتماع قيادة «الاتحاد» أن الحزب سيلتزم بمضمون الاتفاق المبرم مع «الديمقراطي» مطلع الشهر الحالي، في حال تنفيذ الخطوات الثلاث في آن واحد، أي تطبيع الأوضاع في كركوك، وتعيين محافظ جديد للمدينة، وعقد جلسة برلمان الإقليم.
وأضاف البلاغ أن «الاتحاد» مستعد لإبرام اتفاق شامل مع «الديمقراطي»، في حال استعداد الأخير لحل المسائل الداخلية في الإقليم ومسألة تطبيع الأوضاع في كركوك وتقاسم المناصب في السلطة الاتحادية، كملف واحد، مشدداً على أن المنطقة مقبلة على تحولات تتطلب من جميع القوى السياسية في الإقليم، رص الصفوف للمحافظة على مكاسب شعب كردستان.
وحذر البلاغ من اتخاذ أي خطوة انفرادية دون تحقيق الوفاق السياسي بين جميع القوى في كردستان، لما لذلك من عواقب وخيمة، على حد تعبير البلاغ، الذي لم يصدر أي تعليق عليه من جانب «الحزب الديمقراطي».
وأشارت معلومات مسربة من الاجتماع إلى أن قيادة «الاتحاد» فصلت نجم الدين كريم محافظ كركوك السابق من عضوية المكتب السياسي، وقررت تعيين لطيف الشيخ عمر متحدثاً رسمياً باسم الحزب، خلفاً لسعدي أحمد بيرة، الذي طلب إعفاءه من مهام المتحدث.
من جانب آخر، أبدت بعض القوى التركمانية في كركوك، امتعاضها الشديد من مفاوضات الحزبين الكرديين حول مصير كركوك، وقال بيان لحزب «تركمن إيلي»، إن بعض الأطراف الكردية تتصور أنها تتحكم بقضية كركوك ومصيرها، وهي تتفق على ذلك خارج كركوك وبمعزل عن إرادة شعبها. وأضاف البيان: «ليعلم الجميع أن نصف مليون تركماني في كركوك سيقفون ضد كل مؤامرة تحاك ضدهم». وناشد البيان، السلطات العراقية والأمم المتحدة وكل الأطراف التي يهمها مصير كركوك، بالتدخل العاجل لحل مشكلة كركوك، قبل أن تتفاقم وتبلغ مراحل خطيرة، حسب قوله.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).