ميرنا بامية لـ«الشرق الأوسط»: أبحث عن الأكلات التي توشك أن تسقط من الذاكرة

«استضافات فلسطين» طعام شعبي على الطاولات

إحدى حصص الطهي في القدس القديمة
إحدى حصص الطهي في القدس القديمة
TT

ميرنا بامية لـ«الشرق الأوسط»: أبحث عن الأكلات التي توشك أن تسقط من الذاكرة

إحدى حصص الطهي في القدس القديمة
إحدى حصص الطهي في القدس القديمة

بمتعة، يتذوق المدعوون مُقبلات الحويرنة التي حضرتها النسوة مع لبن النعاج وزيت الزيتون، هذا الطبق المنسي الذي كان يزين المائدة الفلسطينية في الماضي، حينها كانوا يسارعون إلى قطف الحويرنة، ما إن تنبت بعد هطول المطر.
على الطاولة المقدسية تجدون «مثومة البندورة» تبلغ أوج لذتها بسبب استخدام الجَميد البلدي الطازج الذي تنتجه الفلاحات.
وعلى الطاولة النابلسية لا يستطيع أحد تجاهل عبق طبق اللخنة المكوّن من أوراق نبتة ذكر القرنبيط، فلم يعد أهل فلسطين باستثناء سكان نابلس وقراها يطهينه، بلف أوراق اللخنة بحشوة اللحمة المفرومة والأرز والبهارات وسيدها الكمون.
مجموعة «استضافات فلسطين» التي أسستها وتديرها الفنانة البصرية والأكاديمية الشابة ميرنا بامية، بدأت بتجريب أطباق ما كانت في البال، عبر المشاركة في رحلات استكشافية لتاريخ الأكل الشعبي في مدن وقرى فلسطينية، وإقامة موائد طويلة، حيث الدعوة تكون عامة.
‎شغف ميرنا بالطعام يعود لطفولتها، حتى إنها تتذكر مراحل حياتها عن طريق الطعام الذي كانت تتناوله.
في اليابان، تلقت أولى دروسها في الطهي، ثم أتمت دراستها الأكاديمية في التخصص نفسه بوطنها، لقد بقيت مفتونة بنكهات الشرق الأوسط التي تغنيها القصص، وها هي الآن تبذل جهدها لأجل تشكيل علاقة بين الفن وثقافة الطعام في فلسطين، ومع المكان والتاريخ والمجتمع والسياسة والثقافة.
تقول ميرنا لـ«الشرق الأوسط»: «أبحث عن الأكلات الفلسطينية التي توشك أن تتساقط من الذاكرة، ويرتكز مشروعي على الفن الحي مُتكئة على البحث، مع الاستعانة بالمتخصصين ليكونوا جزءاً أساسياً من الطاولات، لأن معرفة من هذا النوع يجدر بنا أن نتشاركها جميعاً».
وما يدفع ميرنا إلى توظيف الفن البصري من خلال الطاولات التفاعلية التي أطلقتها في عام 2017 هو إيمانها بقدرة الفن على التغيير في عَالم يصعب فيه تخيل مستقبل مستقر.
في كل مرحلة بحثية تغطي مع مجموعتها مدينة معينة أو موضوعاً ما، في حين يُنظر بإمعان إلى المكونات الغذائية التي كانت تخرج من الأرض ثم اختفت أو طرأ عليها لاحقاً بعض التغييرات، ليدرك الجميع كيف تغير الطعام على مر العصور حتى وصلنا إلى شكله الحالي. وبحسب ما تقول لنا: «أريد خلق تجربة مغايرة مع الجمهور، لنصدّر إلى ذهنه معلومات جديدة حول الطبق الذي قد يتناوله لأول مرة، أو أنه قد يأكله يومياً لكنه نسي تاريخه، هذه الطبخات التي بنسيانها أوقعنا جانباً من الذاكرة الجمعية الفلسطينية حين نضعها على طاولة النقاش ونتفاعل مع تفاصيل تربطنا بفلسطين سياسياً وتاريخياً وجغرافياً بعيداً عن خطابات سياسية ووطنية باتت مفرغة، عندئذٍ نعيد النظر بأسلوب جديد إلى ذواتنا وهويتنا التي يحق لنا الزهو بها».
مشروعها الأول «على طاولة العائلة»، الذي أطلق بمبادرة من مؤسسة عبد المحسن القطان عملت فيه ميرنا مع 5 باحثين و5 عائلات.
وتذكر أن ثمة مذاقات لا تزول عذوبتها من الفم، ومن بينها الجزر الأحمر المحشي مع تمر هندي، هذا الطبق لم تكن قد تناولته منذ زمن بعيد وقُدّر لها أن تأكله على طاولة عائلة أبو هيبة التي تعود جذورها إلى مدينة يافا.
ليس محشي الجزر فحسب، بل هناك طبق الرمانية الذي حضرته العائلة نفسها، تستذكر تلك اللحظات: «السيدة أم سامي عاشت لسنوات طويلة في مدينة غزة وحضرت لنا الرّمانية بنَفس غاب عني مع أني سبق لي طبخها مراراً، هذا الطبق أضحى جزءاً من المطبخ الغزاوي بعد أن كان يافاوياً».
واجهت ميرنا كونها مسؤولة عن المجموعة تحديات على رأسها الجهد المضاعف الذي تطلبته عملية البحث عن الأطباق المنسية من أجل تذكير الناس بلذتها وفائدتها، فوقع على عاتقها أن تسأل بشكل صحيح حتى تصل إلى المعرفة المنشودة.
وعلاوة على ما سبق، فإن صعوبة أخرى تكمن في ربط الطعام بالتاريخ على صعيد المحاصيل التي كانت تنتج في منطقة معينة حتى غدت أطباقاً بعينها جزءاً من مطبخ مدينة ما، ما يعني مزيداً من القراءات واللقاءات مع الناس من أجل تحضير قائمة الطعام المناسبة على هذه الطاولات التي تثار فيها النقاشات.
وتنطلق «استضافات فلسطين» في رحلات بحثية تجوب جبال فلسطين الغنية بالنباتات البرية التي كانت جزءاً مهماً في المطبخ الفلسطيني عبر المواسم، ليعيشوا إحساس الماضي الجميل، حين كان المشي جزءاً من حياتهم اليومية فيما سلال الثمار تلتفّ حول المعاصم.
ففي كل منطقة تتشابه النباتات ولكن تختلف الأسماء وطريقة الطهي بين منطقة وأخرى، ما يقتضي التوجه لسؤال السيدات كبيرات السن عنها، وفقاً لقولها.
انتقلت ميرنا بمجموعتها إلى مرحلة أخرى وهي طاولات المدن بالتعاون مع الطاهية سوزان مطر، فأقامت طاولتي نابلس والقدس ومن ثم طاولة البلدة القديمة، وبعدها نظمت وليمة القمح، فيما تجري الاستعدادات لإقامة طاولة النباتات البرية بالتعاون مع المتحف الفلسطيني في أبريل (نيسان) المقبل، وبما أن المطبخ «النصراوي» يتسم بغناه واختلافه، فإنه من المقرر أن تُمد طاولة الناصرة الصيف المقبل، وكذلك الحال في غزة ستحاول اجتياز المسافات عن طريق «السكايب».
قائمة من النساء والرجال الذين يتذكرون هذه الوصفات التقليدية انضموا إلى ميرنا وشمرّوا عن سواعدهم بكل سرور، واشتموا بصحبتها روائح لم يتنشقوها منذ أعوام طويلة.
وفي سؤالها عما علق في عقلها من مشاهد، تقول: «على طاولة نابلس حين طهينا المِسلوعة وهي طبق شتوي يتكون من العدس والأرز، أخبرتني السيدة التي طهت أنها منذ 10 سنوات لم تشم رائحتها، حتى أنها أوشكت أن تنسى الوصفة، كان من الجميل أن تتذكر حياتها في نابلس قبل الزواج، لقد استعادت ماضيها من خلال الطهي».
وعن الطريقة المثلى لتوعية الفتيات بطهي الأطباق الشعبية، كان هناك أكثر من خيار حسب رأيها: «أولاً من خلال تبيان ما تحمله الأطباق من قصص، وتصحيح المعلومات المغلوطة التي تروّج لفكرة أن تحضيرها يستغرق وقتاً طويلاً، بينما الحقيقة أن الأطباق القديمة أو ما تسمى (طعام الفلاحين) لا تتطلب وقتاً لتحضيرها وتعتمد بالدرجة الأولى على زيت الزيتون والحوس - التقليب مع بصلة - وفقاً للموسم، وهي في حقيقتها أطباق متعددة لكن طريقة التحضير تعتمد أسلوباً متشابهاً، أما تلك التي يشوبها التعقيد فتأخذ وقتاً، لكنها تخصص للمناسبات الكبرى مثل المنسف والمفتول والجريشة، وهي وصفات كان يتعاون أهل القرية في التجهيز لها لتقدم في الاحتفالات».
وتنشر ميرنا في مدونة خاصة بالمجموعة كل المستجدات باللغتين الإنجليزية والعربية، وفي كل مأدبة تحرص على إحضار المُكون البلدي من مزارع النباتات والدواجن والألبان، وبطبيعة الحال لا مكان للمنتج الإسرائيلي على الطاولات.
- وصفات سرية
بفضل هذه التجربة التي تخوضها منذ عامين، تعلمت ميرنا كثيراً من الوصفات التي لم تكن تطهيها أمها «اللبنانية». تتنفس بارتياح وتخبرنا: «إنها رحلة ممتعة من الاستكشاف، على كل طاولة مررت بها في مجموعتنا كان هناك طبق أقل ما يقال في حقه إنه ساحر، في الماضي كانت (المقلوبة) من أطباقي المفضلة، أما الآن فالمنافسة على أشدها مع أطباق تقليدية متنوعة تعرفت إليها حديثاً».
فعلى طاولة نابلس وقعت ميرنا أسيرةً لـ«راحة القزحة» وفيها تُخلط حبات الحلقوم بنكهة ماء الزهر وبالطحينة السوداء المصنوعة من حبوب القزحة، ولا يمكن وصف روعة طعمها، حسب وصفها.
تعبر عن انبهارها بالقزحة: «المطبخ النابلسي يهتم جداً بها، على سبيل المثال في أول مرة اشتريت هريسة القزحة من الباعة لم أحبها، لكن حين تعلمتُ الطريقة الصحيحة وحضرتها وجدتها مدهشة، باختصار القزحة منتج رائع ومطبخنا الفلسطيني محظوظ بها، أراهنك أنه بعد 3 سنوات ستجوب طحينة القزحة العالم وستنضم إلى (سوبر فود) مثل الكينوا وغيرها، إنهم لم يكتشفوا بعد فائدتها العظمى للجسم».
وعلى طاولة القدس، احتفت بمحشي الخيار مع تمر هندي، لقد ذكرها بطفولتها حين كانت تتناوله عند صديقة أمها المقدسية، وتمضي في أحاديثها المسلية: «على طاولة البلدة القديمة تعرفتُ على حلوى الدحدح التي تبيعها عربة عند باب العمود منذ 20 عاماً، الدحدح يندثر مع أنه لذيذ جداً. شخصياً تفاجأت به، فقلةٌ من يعرفونه في فلسطين، وهم غالباً ممن نشأوا في الخليل وقرى بيت لحم، أما مخيمات اللجوء خارج فلسطين فتحافظ على تناوله».
تجد متعتها في استحضار كل هذه الوصفات: «من الوصفات السرية (حلاوة القرع) ويختص بها محل (حلاوة العمد) التي تُورث أباً عن جد ولا توجد بها طحينة وإنما تعتمد على القرع والجوز، وكذلك من الوصفات السرية مطبق زلاطيمو ذائع الصيت، كل المحلات العائلية تتكتم على الوصفات التي اشتهرت بها وتحديداً بالبلدة القديمة في كل من القدس ونابلس، حتى حمص لينا يختلف عن حمص أبو شكري عن حمص عرفات، فكل عائلة لديها المقدار الخاص من الحمص والطحينة والليمون».
سألناها عن غنى المطبخ النابلسي، فقالت: «في هذه المدينة أصالة وذاكرة أقوى من غيرها من المناطق ربما لقربها من بلاد الشام، النساء هنا لديهن نَفس مميز ويطبخن الأطباق التي تستغرق وقتاً مثل الشيش برك واللخنة والكنافة والمفتقة».
الذين يحنّون إلى هذا النوع من الطعام، تهمس ميرنا لهم: «نحن لا نأكل فقط لنشبع، وإنما لنبني جسراً مع الأجيال السابقة عن طريق الطعام ونمرره لجيل المستقبل، هذا أكبر حافز لنا: حين نهنأ بنكهات حلوة سيصبح لهذه الأطباق مكان في حياتنا اليومية».
هي التي لا تحب البامية يروق لها أن يتلاقى مجال اهتمامها مع كنيتها، وتصبح هنا نبرتها جادة أكثر: «من واجبنا تقدير الأطعمة التي تُغني مطبخنا الفلسطيني حتى نحميه من الاحتلال، يقع على عاتقنا أن ندافع عن هذه الثروة، قد يكون من الأسهل أن نلوم على (إسرائيل) نهبها تراثنا، لكن الأصعب أن نعاود إدخال هذه التفاصيل في يومنا، الطعام بهذه المعطيات يجعلنا سعداء ونذهب إلى الأماكن الدافئة بدواخلنا».
إدخال مائدة المنزل إلى المطاعم انطلاقاً من ثقافة الغذاء الموسمي واحد من مساعي ميرنا، «فقوائم الطعام مؤشر على مقدار اعتزازنا بمنتج الأرض»، موضحة: «حين أدخل مطعماً وأرى (اللائحة) تقتصر على مشاوي وحمص وبابا غنوج، فهذا مجحف بحق غنى المائدة الفلسطينية، هناك كثير من أطباقنا تستحق أن توضع على موائد عالمية، فيما (إسرائيل) تسرقها وتغيّر منها، ونحن ماذا نفعل؟ نتجاهلها!».
بشموخ تقف خلف مبدأ «الطعام علم وثقافة وتاريخ وسعادة وإنسانية»، فتقول إن «الإنسان صار إنساناً عندما اكتشف النار وطهى، نحن مدينون للنار التي جعلتنا نلتف حولها ونتبادل الأحاديث، والعالم من حولنا يشهد هبّة في ثقافة الغذاء واهتماماً بالأكل.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».