المبادرة الروسية لإعادة النازحين مستمرة ... وتفعيلها بعد «الثقة»

فشل محاولة لحصر الملف بوزير مقرب جداً من النظام في سوريا

TT

المبادرة الروسية لإعادة النازحين مستمرة ... وتفعيلها بعد «الثقة»

استغربت مصادر دبلوماسية غربية طلب بعض القيادات اللبنانية الرسمية من إيران خلال زيارة وزير خارجيتها محمد جواد ظريف للبنان، المساعدة من أجل عودة النازحين السوريين المقيمين في عدد من المناطق اللبنانية إلى بلداتهم وقراهم.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الثقة مفقودة بين هؤلاء النازحين وإيران التي تتحمل مسؤولية مباشرة حيال تهجيرهم من منازلهم، وبالتالي فهم يشعرون بأن عودتهم غير آمنة في ظل استمرار وجود «الحرس الثوري» الإيراني والميليشيات التابعة له في بلداتهم.
ولفتت المصادر الدبلوماسية الغربية إلى أنه من واجب القيادات اللبنانية التحرك في كل الاتجاهات لتأمين الظروف المواتية لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم في الداخل السوري، «لما بات يترتب على استمرار إقامتهم في لبنان من تكاليف مادية لا تؤمّنها كما يجب الجهات الدولية المعنية بملف النازحين». ورأت أنه «لا يمكن الطلب من الأطراف التي كانت وراء تهجيرهم تقديم العون لإعادتهم».
وكشفت المصادر نفسها عن أن المبادرة الروسية التي كان لرئيس الحكومة دور أساسي في إطلاقها لدى زيارته الأخيرة إلى موسكو، ما زالت قائمة، وأن تفعيلها سيتم فور نيل الحكومة اللبنانية ثقة البرلمان. وأكدت أن المسؤولين الروس عن ملف النازحين السوريين باشروا التحضير لتفعيل مبادرتهم. وقالت إن اللقاءات تكثّفت في الآونة الأخيرة بين موسكو والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وإن المحادثات قطعت شوطاً على طريق توفير الدفع السياسي المطلوب لتفعيل المبادرة الروسية.
وتابعت هذه المصادر أن موسكو تحاول الإفادة من الإمكانات اللوجيستية والمالية المتوافرة لدى المفوضية العليا، تحضيراً لوضع جدول زمني بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية يؤمن عودة النازحين تدريجياً من لبنان إلى بلداتهم في سوريا.
ورأت أن التحرك الروسي مع المفوضية العليا يتلازم مع تحرك آخر في اتجاه الحكومة الأردنية للبحث في خريطة إعادة النازحين السوريين الموجودين حالياً في الأردن إلى سوريا، خصوصا أن الجزء الأكبر من منطقة جنوب سوريا الملاصقة للحدود الأردنية التي توجد فيها مخيمات للنازحين، يخضع حالياً لسيطرة وحدات من الجيش الروسي بعد أن أبعدت موسكو منذ فترة طويلة الميليشيات الإيرانية والمجموعات الحليفة لها من هذه المنطقة إلى مسافة 65 كيلومتراً.
وأكدت المصادر نفسها أن روسيا تولي أهمية خاصة لملف إعادة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى داخل سوريا، لأنها تدرك الأعباء المادية والسياسية التي يتحمّلها لبنان والتي تفوق قدرته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، على الاستمرار في تحمّل وزر النزوح.
وعدّت هذه المصادر أن موسكو وحدها قادرة على توفير الضمانات التي تشجع النازحين السوريين على العودة، وقالت إنها تضغط على النظام في سوريا لوقف الملاحقات للعدد الأكبر من النازحين، إضافة إلى إعفاء من تخلّف منهم عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية.
ورداً على سؤال، قالت المصادر إنه لا مشكلة في تأمين إعادة النازحين ممن لجأوا إلى تركيا، إلى ديارهم، خصوصاً أن الجيش التركي يوجد في مناطق سورية واسعة تقع في الحدود الشمالية المجاورة لتركيا، وإن لديه القدرة على توفير الضمانات لهم لعودتهم هذه.
وفي هذا السياق، قالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ضرورة لإعادة تعويم اللجنة الوزارية المكلّفة عودة النازحين، ورأت أنه من غير الجائز أن يحصر هذا الملف بوزارة الدولة لشؤون النازحين.
وعزت السبب إلى وجود وزارات لبنانية أساسية تتعاطى في ملف النازحين؛ أبرزها الشؤون الاجتماعية والداخلية والتربية، التي لم ينقطع الوزير الذي يشغل هذه الحقيبة عن تمثيل لبنان في المؤتمرات الدولية الخاصة بتأمين المال المطلوب لمساعدته على توفير كل أنواع الخدمات لهم.
وكشفت المصادر الوزارية عن أن وزير الدولة لشؤون النازحين صلاح غريب، المحسوب على النائب طلال أرسلان الحليف لـ«التيار الوطني الحر» بزعامة وزير الخارجية جبران باسيل، حاول وبدعم من الأخير أثناء انعقاد اللجنة الوزارية المكلّفة إعداد البيان الوزاري الذي على أساسه ستنال الحكومة العتيدة ثقة البرلمان، مصادرة الصلاحيات العائدة للوزارات المولجة ملف النازحين وحصرها بوزارته، لكن محاولته قوبلت برفض من الرئيس الحريري وعدد من أعضاء اللجنة. لذلك، قالت المصادر الوزارية إن محاولة الوزير غريب ولدت ميتة لأنه من غير الممكن حصر الملف بوزير مقرب جداً من النظام في سوريا، ويصر على التنسيق معه، وهذا ما يشكّل «نقزة» لدى العدد الأكبر من النازحين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.