الانتخابات الفلسطينية المعلقة منذ زمن... أجريت مرتين خلال 23 سنة

«فتح» تريدها «تشريعية» فقط و«حماس» تفضّلها «عامة» شاملة

الانتخابات الفلسطينية المعلقة منذ زمن... أجريت مرتين خلال 23 سنة
TT

الانتخابات الفلسطينية المعلقة منذ زمن... أجريت مرتين خلال 23 سنة

الانتخابات الفلسطينية المعلقة منذ زمن... أجريت مرتين خلال 23 سنة

لا أحد، ولا حتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه، يعرف إذا ما كانت ستجري انتخابات تشريعية في الأراضي الفلسطينية خلال الشهور القليلة المقبلة، لأنه، بخلاف الدول الأخرى، تتحكم في هذا الأمر ثلاث سلطات، هي: السلطة الفلسطينية التي يقودها عباس في الضفة الغربية. و«سلطة» حماس التي تحكم قطاع غزة. وطبعاً، إسرائيل التي تسيطر على كل شيء، ناهيك بتدخلات إقليمية ودولية على شكل مهدّدين أو ناصحين. وعلى الرغم من أن الدعوة لإجراء انتخابات لم تصدر بمرسوم رئاسي بعد، فإن عباس يقول إنه ينوي ذلك «قريباً»، لأن «الديمقراطية» هي الطريق الوحيدة لاستعادة الوحدة. يمثل موقف محمود عباس موقف حركة «فتح» والقريبين منها. وهو يتركز على أن الانتخابات قد تنجح في تحقيق ما فشلت فيه المباحثات والاتفاقات والمصالحات. وهذا موقف مناقض لموقف حركة «حماس» والقريبين منها، ومؤداه أن الانتخابات التشريعية المزمعة ستعزّز الانفصال (بين الضفة الغربية وقطاع غزة) ليس أكثر.

لم تقفز فكرة إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية فجأة إلى طاولة الرئيس محمود عباس، ذلك أنها كثيراً وُضِعت على الطاولة بهدف إنهاء سيطرة حركة «حماس» على مجلس معطّل. غير أن إخراج الفكرة إلى النور في هذا الوقت، جاء لسبب أكثر أهمية، ضمن ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني... وبشكل يضمن تعزيز نفوذ حركة فتح على مؤسسات ومفاصل السلطة في مواجهة انسداد الآفاق «التفاوضية» مع إسرائيل وحماس والولايات المتحدة. وأيضاً، يأتي بصورة قد تؤدي إلى تقويض سلطة «حماس» على أعتاب انتقال محتمل للسلطة التي وصل رئيسها إلى عمر 83 سنة، مع معاناته من مشكلات صحية.

- خلفية القرار
اتخذ القرار بعد مشاورات حثيثة في المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير وداخل مركزية حركة فتح وتنفيذية المنظمة، بناءً على قرار بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي تسيطر عليه حماس.
معلوم أن عباس كان قد أعلن نهاية العام الماضي حل المجلس التشريعي بقرار من المحكمة الدستورية، وإجراء انتخابات تشريعية. وحمل إعلان عباس، آنذاك، تفسيرات للأمر، عندما قال إن المحكمة الدستورية أصدرت قراراً بحل المجلس والدعوة لإجراء انتخابات خلال ستة أشهر... «وإننا سنلتزم بقرار المحكمة الدستورية».
وهاجم عباس حركة حماس، قائلاً إن المبادرة المقدمة بشأن المصالحة «لم تلقَ أيَّ استجابة» منها، متهماً الحركة بتنفيذ «مشروع خاص» في غزة يقوم على «إقامة دولة في غزة وحكم ذاتي في الضفة».
من ناحية ثانية، كانت مسألة حل المجلس التشريعي قد نوقشت بشكل طارئ في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي الفلسطيني في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كواحدة من بين خطوات ستتخذها السلطة ضد حماس، بسبب تعذّر إنجاز المصالحة. وجاء قرار المحكمة الدستورية بعدما أعلنت «فتح» أنها بصدد اتخاذ قرارات لتقويض «سلطة الانقلاب» في القطاع، وذلك رداً على ما سمّتها «اشتراطات (حماس) بشأن المصالحة».
ولقد استندت «فتح» في دعوتها لحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات إلى أن «المجلس المركزي قد أنشأ السلطة الوطنية في 16/ 10/ 1993م، وتعاملت منظمة التحرير بمسؤولية عالية مع أعمال السلطة ومؤسساتها. ورعت وأشرفت على الانتخابات عامي 1996 و2006م، وتعاملت بإيجابية كاملة مع نتائجها. إلا أن ما قامت به «حماس» في 14/ 6/ 2007م وحتى يومنا هذا، يمثل خروجاً على قيمنا وأخلاقيات عملنا الوطني، وقد عطّلت بذلك أعمال المجلس التشريعي الذي فقد قدرته على مزاولة عمله التشريعي والرقابي، ولم يعد قائماً بالفعل».

- أسباب أخرى مهمّة
لقد أنهى قرار عباس حل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات جديدة، بلا شك، حالة جدل حول رئيس المجلس التشريعي السابق الدكتور عزيز الدويك وأحقيته في منصب الرئيس في حال شغوره. ويُذكر أنه قبل أشهر قليلة من قرار عباس أشعلت حركة «حماس» مجدّداً معركة خلافة الرئيس بإعلانها أن الدويك، القيادي في «حماس» (ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني آنذاك) سيخلف عباس في حال غيابه «وفق القانون الأساسي» للسلطة. وهو الإعلان الذي ردَّت عليه «فتح» بقولها إن الدويك لم يعُد على رأس المجلس «المنعدم قانونياً»، ملوّحة باتخاذ قرارات «مصيرية» حول الأمر.
كذلك خرج الدويك بنفسه، ليقول إنه في حال تعذر قيام الرئيس بواجباته، أو في حال غيابه تحت أي عذر أو ظرف، أو وفاته، أو تخلّفه عن القيام بواجباته فان الرئيس القادم حسب القانون والدستور في هذه الحالات هو رئيس المجلس التشريعي. وأردف: «أنا الآن رئيس المجلس التشريعي، وبالتالي، سأكون أنا أو أي شخص غيري يتقلد هذا المنصب هو الرئيس القادم».
ومن ثم، حذّر الدويك من أن الفوضى ستعمّ في حال تجاوز السلطة الفلسطينية والقائمين عليها الدستور الفلسطيني والقانون الأساسي. وطالب الجميع بـ«احترام القانون والاستحقاقات الدستورية والأخذ بها» وألا يجري تجاوزهما «بأي صورة من الصور وتحت أي ظرف من الظروف، وإلا فستسود الفوضى بدل النظام داخل المجتمع الفلسطيني». والجدير بالذكر أن القانون الأساسي الفلسطيني ينصّ على أن يتسلم رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة مؤقتاً في حال أي غياب قهري للرئيس لمدة لا تزيد على 60 يوماً، تجري خلالها انتخابات رئاسية. وعام 2004، حين توفي الرئيس السابق ياسر عرفات، حل مكانه رئيس المجلس التشريعي آنذاك، روحي فتّوح، قبل أن ينتخب الفلسطينيون محمود عباس رئيساً.
فور صدور تحذير الدويك، ردّت حركة «فتح» بقولها إن فترة رئاسة المجلس انتهت، وأنه يجب انتخاب رئاسة جديدة بعد دعوة الرئيس محمود عباس للمجلس من أجل الانعقاد، ناهيك من أن «المجلس معطَّل» منذ نحو 10 سنوات، ويجب البتُّ في مصيره عبر المجلس المركزي الفلسطيني.
واليوم، إذا ما نظّمت انتخابات فإن رئيس المجلس التشريعي سيخلف عباس مؤقتاً، ولكن في حال لم تُنظّم فإنه - وفق مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» - سيكون رئيس المجلس الوطني والمركزي، الذي هو الآن سليم الزعنون، هو الذي سيخلف عباس. أما السبب فهو أن «المركزي» الذي أخذ صلاحيات المجلس الوطني يُعدّ عملياً اليوم أعلى هيئة تشريعية فلسطينية.
... ولكن هل ستجري انتخابات فعلاً؟

- شروط صعبة لإجراء الانتخابات
من الناحية العملية، يحتاج إجراء الانتخابات كحال أي دولة إلى مرسوم رئاسي، لكن على الأرض يحتاج الأمر إلى موافقة كل من إسرائيل و«حماس». وفي حين قالت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية إنها بانتظار صدور المرسوم الرئاسي الذي يحدد موعد الانتخابات من أجل بدء العمل الفعلي لإجرائها، يقول رئيس اللجنة حنا ناصر إن طواقمه جاهزة من الناحية الفنية لإجراء الانتخابات، لكنهم بانتظار صدور المرسوم الرئاسي الذي يحدد موعدها. ويتضح من تصريحات لمسؤولين في السلطة أن هذا المرسوم بانتظار سماع إجابات واضحة من إسرائيل و«حماس» معاً. وبحسبهم فإن موافقة إسرائيل واجبة من أجل إجراء الانتخابات، بينما يمكن تجاوز رفض «حماس».
عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ، قال: «المرحلة المقبلة هي مرحلة (معركة القدس)، ولن نسمح بإجراء أي انتخابات من دونها». وأضاف: «مستحيل أن تجري الانتخابات بمن دون القدس التي هي خط أحمر... ويجب أن تشمل الانتخابات كل الجغرافيا الفلسطينية، والقدس أولاً. نحن لا نخون ولا نبيع، ويجب أن تجري فيها الانتخابات، كما جرت عام 2006، وسنقاتل من أجل ذلك، ولن نسمح بوجود فراغ بالمؤسسات التشريعية بالبلد وغيابها أضر كثيراً بنا».
وأوضح الشيخ أن «الرئيس (عباس) اجتمع مع رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر مرتين، وطلب منه البدء بكل الإجراءات التحضيرية لإتمام الانتخابات البرلمانية، والتواصل مع كل الأطراف والأطياف، وأيضاً التوجه لغزة وفتح حوار صريح مع (حماس)، ودعوتها لقبول الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية والقبول بإرادة الشعب». وأكدت اللجنة المركزية للانتخابات أنها حقاً بصدد زيارة غزة من أجل لقاء «حماس».

- حكومة تسبق الانتخابات
يؤكد حديث الشيخ، من جانب آخر، أن رفض إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس سيعني إلغاءها لكنه لم يشر إلى ذلك بالنسبة لـ«حماس»، إذ لَمّح مسؤولون في فتح إلى أنه يُمكن إيجاد بدائل لرفض «حماس»، من بينها اعتبار الوطن دائرة انتخابية واحدة، ولكن يفترض أن تهيئ حكومة جديدة الظروف في كل من الضفة وغزة والقدس من أجل إجراء هذه الانتخابات. وبينما يبقى موضوع الانتخابات معلّقاً، فإن تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، مهمتها إجراء هذه الانتخابات، قادم لا محالة.
وستأتي هذه الحكومة ضمن تصوُّر متعلق بترتيب البيت الداخلي بشكل يعزّز نفوذ «فتح»... ويضعف «حماس». وفي هذا الاتجاه، قال الدكتور صائب عريقات، أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صراحةً، إن المطلوب من الحكومة الفلسطينية المرتقبة استعادة قطاع غزة وإجراء انتخابات عامة. وأردف عريقات مفصّلاً: «ما نريده من هذه الحكومة هو العمل على تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات العامة، والعمل بكل ما تملك لاستعادة قطاع غزة وإزالة أسباب الانقسام، والعمل المشترك لإسقاط صفقة القرن... أيدينا ممدودة من أجل ذلك».
وفي المقابل، حثّ عريقات «حماس» على المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، مشدِّداً على أنه «لا أحد يفكر في أن تكون هناك دولة فلسطينية من دون غزة... فنحن بحاجة للعودة لصناديق الاقتراع. لا يمكن ولا يحلم أو يفكّر أي أحد أن هناك دولة فلسطينية من دون قطاع غزة». وتابع: «نحن لدينا مشروع وطني فلسطيني تمثله منظمة التحرير ودولة فلسطين، باستعادة وإعادة فلسطين إلى خارطة الجغرافيا وعاصمتها القدس على حدود عام 1967. وهناك مشروع حزبي للإخوان المسلمين... وهذا المشروع أصبح أهم من القضية الوطنية الفلسطينية، ولا بد من وضع النقاط على الحروف الآن». ثم تابع: «هناك دعوة لإجراء انتخابات عامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة... والذي يرفض هذه الانتخابات ويصرّ على استمرار الانقلاب في قطاع غزة... فإنه شاء أم أبى أصبح أداة في صفقة القرن».
في هذه الأثناء، يفترض أن تكون مركزية حركة «فتح» قد أنهت مشاورات أولية مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة المنظمة التي تستثني حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وينتظر أن تنهي الحكومة المزمع تشكيلها اتفاقاً واجه الكثير من المشكلات بين «فتح» و«حماس»، ونتج عنه تشكيل «حكومة الوفاق» التي تحوّل دورها الآن لتسيير أعمال.

- موقف «حماس» الرافض
من جهتها، هاجمت حركة «حماس» كل خطوة اتخذها عباس بدءاً من حل المجلس التشريعي مروراً بتشكيل حكومة جديدة وانتهاء بالدعوة لانتخابات. وقال عاطف عدوان، القيادي في حماس، إن حركته ترفض إجراء انتخابات تشريعية فقط، وتعتبر «تنظيم انتخابات تشريعية بالضفة الغربية بمعزل عن قطاع غزة ومدينة القدس المحتلة خدمة لصفقة القرن»، واستطرد: «أي انتخابات لا بد أن تتم على أساس التوافق الفلسطيني واتفاقات المصالحة».
وأشار عدوان إلى أنه، حسب الاتفاقيات الموقعة مع «فتح»، فإن إجراء الانتخابات يجب أن يسبقه تهيئة البيئة والمناخات المناسبة لذلك. هذا يشمل وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ووقف مطاردة الناشطين من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» من قبل الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية، وأن تشمل الانتخابات غزة والقدس، وألا تكون مقصورة على الضفة الغربية.
وهدّد عدوان بأن لدى «حماس» خيارات متعددة للرد على تشكيل حكومة جديدة «منها تشكيل حكومة وحدة وطنية»، مضيفاً أن «الفصائل الوطنية مدعوة للمشاركة في تحمل أعباء الوطن». وتابع أن «الحكومة التي ستشكل في الضفة ستقوم بأمور الضفة الغربية ولها توجّهات سياسية واقتصادية وأمنية لا تناسب أجندة المقاومة». ثم قال: «حكومة الفصائل أحد الخيارات للرد على تشكيل الحكومة بالضفة، إضافة إلى خيار إحياء اللجنة الإدارية، أو تشكيل حكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط».
وبالفعل، قدّرت مصادر مطلعة في غزة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن تلجأ «حماس» لإعادة إحياء اللجنة الإدارية التي شكّلتها سابقاً، وكانت تدير شؤون القطاع، قبل أن تحلّها تحت وطأة اشتراطات «فتح» من أجل اتفاق مصالحة. وأكدت المصادر أن «حماس»... «تواجه مشكلة في إقناع فصائل بالانضمام إليها في حكومة جديدة بغزة بسبب رفض معظم الفصائل المشاركة في حكومة ثانية ستُعدّ انقلابية أو مساهمة بشكل كبير في فصل قطاع غزة عن الضفة».
أيضاً رفضت «حماس» إقالة الحكومة التي يرأسها رامي الحمد الله وتشكيل حكومة جديدة. واعتبر فوزي برهوم، المتحدث باسم «حماس»، أن «استقالة حكومة الحمد الله تأتي في إطار تبادل الأدوار مع حركة (فتح) ورئيسها محمود عباس من أجل ترك المجال لتشكيل حكومة انفصالية جديدة تخدم أجندة أبو مازن وحركة (فتح)... إن شعبنا بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية ومجلس وطني توحيدي وإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني».ما تقدّم يعني أن إجراء «انتخابات عامة» (أي أن تشمل انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني) هو مطلب «حماس» كي تشارك في أي تجربة انتخابية محتملة، لكن ما تريده «فتح» الآن هو انتخابات برلمانية فقط... رافضة فتح الباب أمام انضمام «حماس» لمنظمة التحرير قبل إنهاء الانقسام الحالي، خشية من انتقاله إلى المنظمة كذلك.

- خلفية تاريخية للانتخابات الفلسطينية
بدأت عملية السلام في العاصمة الإسبانية مدريد عام 1991، حين تمخَّض عن هذا المؤتمر محادثات ثنائية بين كل من الفلسطينيين والسوريين والأردنيين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. وتبع ذلك التوقيع على «إعلان المبادئ» بشأن إقامة الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بدءاً بغزة وأريحا أولاً، مع إبقاء مسألة القدس معلقة، حيث اتفق على بحثها بمفاوضات الوضع الدائم. كذلك نص الإعلان على أن يشرف الحكم الذاتي على مجالات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة، إضافة إلى مهام وصلاحيات أخرى اتفق عليها، كما أقر إنشاء قوة شرطة فلسطينية.
وانتخابياً، نص الاتفاق أيضاً على ضرورة إجراء انتخابات عامة لاختيار أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني على أن تكون هذه الانتخابات حُرّة ومباشرة. ونصت اتفاقية المبادئ اللاحقة والموقعة في واشنطن بتاريخ 28 سبتمبر (أيلول) 1993 على بنود متعلقة بالانتخابات. ومنها أنه يتسنى للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية حُكْم نفسه بناء على أسس ديمقراطية، بما يشمل إجراء انتخابات سياسية عامة ومباشرة وحرة للمجلس التشريعي تحت إشراف ومراقبة دولية متفق عليها، بينما تقوم الشرطة الفلسطينية بتأمين النظام العام.
وجاء في النص أنه ستشكِّل هذه الانتخابات مرحلة انتقالية حاسمة لتحقيق المطالب الفلسطينية العادلة المشروعة. وورد في الملحق الأول من الإعلان حول صيغة الاقتراع وشروطه أنه يحقّ لفلسطينيي القدس الذين يقطنون بها المشاركة في العملية الانتخابية وفقاً لما اتُّفق عليه بين الطرفين.

- المجلس التشريعي الفلسطيني
هو إحدى مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وأُسِّس عام 1996، بناء على «إعلان المبادئ» و«اتفاقية أوسلو» الموقَّعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل. وجاء تأسيسه إثر الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أُجرِيَت في بداية ذلك العام.
يلعب المجلس التشريعي الفلسطيني دور البرلمان، إذ أصبحت من مهامه مسؤولية سن القوانين، والرقابة على السلطة التنفيذية. وهو يتألف من 132 نائباً (عضواً) يجري اختيارهم عن طريق الانتخاب الحر من فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. ويتكوّن المجلس من هيئة رئاسة المجلس، التي تضم رئيس المجلس ونائبين له وأمين سر. وجرى العُرف أن يصار إلى انتخابهم من بين أعضاء المجلس في أول دورة برلمانية لمدة عام كامل، إضافة إلى عدة لجان تنظم نشاط الأعضاء. أما مدّة المجلس فهي أربع سنوات من تاريخ انتخابه، وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية.
تقوم مهام المجلس التشريعي الفلسطيني على التشريع وتتمثل في سن القوانين وتعديلها وإلغائها، ومراقبة سلوك السلطة التنفيذية، ومدى التزامها بالقواعد الدستورية، والمحاسبة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوظيفة الرقابة. وتمتلك السلطة التشريعية الحق في استجواب أعضاء السلطة التنفيذية ومراجعتهم، وتمتلك الحق في رفع توصياتها بحجب الثقة سواء عن الحكومة ككل أو عن بعض الأشخاص في الحكومة، وتمتلك حق الطلب من بعض الأشخاص في السلطة التنفيذية أن يقدموا استقالتهم إذا ثبت بحقهم أي مخالفات. وتجدر الإشارة إلى أنه عام 1996 انتخب مجلس تشريعي في انتخابات فازت فيها «فتح» دون منافسة. وقاطعت المعارضة الفلسطينية («حماس» و«الجهاد») الانتخابات. ثم في عام 2006 دخلت «حماس» انتخابات المجلس التشريعي وفازت على «فتح». وغدا إسماعيل هنية، من «حماس»، رئيس وزراء الحكومة، في حين قاطعت «الجهاد الإسلامي» الانتخابات.


مقالات ذات صلة

حذر روسي في التعامل مع «انفتاح» ترمب على كسر الجليد مع موسكو

حصاد الأسبوع من لقاء الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 2018 (آ ب)

حذر روسي في التعامل مع «انفتاح» ترمب على كسر الجليد مع موسكو

طوال فترة الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة، حرص الرئيس المنتخب دونالد ترمب على تأكيد قدرته على كسر كل الحواجز، وإعادة تشغيل العلاقات مع موسكو عبر تفاهمات

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع صورة مركبة لبوتين وترمب (أ.ف.ب)

لقاءات بوتين وترمب... كثير من الوعود وقليل من التقارب

فور إعلان الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب استعداده لعقد لقاء سريع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين فور توليه السلطة، برزت ردود فعل سريعة تذكر بلقاءات سابقة

حصاد الأسبوع تشابو يواجه تحديات عدة... من التمرد في منطقة كابو ديلغادو إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية واستغلال موارد الغاز الطبيعي وإدارة تأثيرات التغير المناخي

دانيال تشابو... رئيس موزمبيق الجديد الطامح إلى استعادة الاستقرار

أدَّى دانيال تشابو، الأربعاء الماضي، اليمين الدستورية رئيساً لموزمبيق، مركِّزاً على اعتبار استعادة الاستقرار السياسي والاجتماعي «أولوية الأولويات».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
حصاد الأسبوع لقطة للعاصمة الموزمبيقية مابوتو (رويترز)

موزمبيق و«فريليمو»... لمحة تاريخية وجيو ـــ سياسية

منذ ما يقرب من خمسين سنة يتربع حزب «فريليمو»، أو «جبهة تحرير موزمبيق»، على سدة الحكم في موزمبيق، مرسّخاً نظام الحزب الواحد، مع أن دستور البلاد المعدل عام 1992

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع الزعيم الكندي جاستن ترودو يعلن أن لا رغبة لبلاده في أن تصبح ولاية أميركية (أ.ب)

ألمانيا تعيش هاجس التعايش مع مطامح ترمب وماسك

لم يدخل الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب البيت الأبيض بعد... ومع ذلك تعيش أوروبا منذ أسابيع على وقع الخوف من الزلزال الآتي. وكلما اقترب موعد الـ20 يناير

راغدة بهنام (برلين)

دانيال تشابو... رئيس موزمبيق الجديد الطامح إلى استعادة الاستقرار

تشابو يواجه تحديات عدة... من التمرد في منطقة كابو ديلغادو إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية واستغلال موارد الغاز الطبيعي وإدارة تأثيرات التغير المناخي
تشابو يواجه تحديات عدة... من التمرد في منطقة كابو ديلغادو إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية واستغلال موارد الغاز الطبيعي وإدارة تأثيرات التغير المناخي
TT

دانيال تشابو... رئيس موزمبيق الجديد الطامح إلى استعادة الاستقرار

تشابو يواجه تحديات عدة... من التمرد في منطقة كابو ديلغادو إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية واستغلال موارد الغاز الطبيعي وإدارة تأثيرات التغير المناخي
تشابو يواجه تحديات عدة... من التمرد في منطقة كابو ديلغادو إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية واستغلال موارد الغاز الطبيعي وإدارة تأثيرات التغير المناخي

أدَّى دانيال تشابو، الأربعاء الماضي، اليمين الدستورية، رئيساً لموزمبيق، مركِّزاً على اعتبار استعادة الاستقرار السياسي والاجتماعي «أولوية الأولويات». وجاء تولي السياسي المتخصص في القانون، بعد أكثر من 3 أشهر من انتخابات مثيرة للجدل، دفعت البلاد إلى موجة احتجاجات دامية راح ضحيتها أكثر من 300 شخص حتى الآن، وفق تقديرات منظمات حقوقية محلية ودولية. وبالفعل استمرت الاحتجاجات حتى أثناء مراسم حفل التنصيب؛ إذ بينما كان تشابو (البالغ من العمر 48 سنة) يخطب أمام حشد متحمس من أنصاره في العاصمة مابوتو، كان مناصرو المعارضة يتظاهرون ضده على بعد أمتار قليلة، بعدما منعتهم قوات الأمن من الوصول إلى مكان الحفل.

بدأ الرئيس الموزمبيقي الجديد دانيال تشابو القسم وسط حشد من أنصاره، وكذلك على مقربة من مظاهرات رافضة نتيجة الانتخابات التي وضعته على رأس السلطة في المستعمرة البرتغالية الكبيرة التي يقترب عدد سكانها من 34 مليون نسمة، وتقع على الساحل الغربي للمحيط الهندي بجنوب شرقي أفريقيا. ولقد نقلت وكالات الأنباء عن شهود عيان قولهم إن وسط العاصمة مابوتو كان شبه مهجور مع وجود كثيف للشرطة والجيش.

أما تشابو فقد قال في خطاب تنصيبه: «سمعنا أصواتكم قبل وأثناء الاحتجاجات، وسنستمر في الاستماع». وأقرَّ الرئيس الجديد بالحاجة إلى إنهاء حالة الاضطراب التي تهز البلاد، مضيفاً: «لا يمكن للوئام الاجتماعي أن ينتظر، لذلك بدأ الحوار بالفعل، ولن نرتاح حتى يكون لدينا بلد موحد ومتماسك».

والواقع أنه منذ إعلان المجلس الدستوري في موزمبيق، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فوز تشابو في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بنسبة 65.17 في المائة من الأصوات، دخلت البلاد في موجة عنف جديدة، ولا سيما مع طعن فينانسيو موندلاني زعيم المعارضة الشعبوية اليمينية (الذي حلَّ ثانياً بحصوله على 24 في المائة من الأصوات) في صحة نتائجها، ودعوته للتظاهر، واستعادة ما سمَّاه «الحقيقة الانتخابية».

هذا، وتتهم المعارضة -ممثلةً بحزب «بوديموس» الشعبوي- حزب «فريليمو» الاستقلالي اليساري بتزوير الانتخابات، وهي تهمة ينفيها «فريليمو» الذي يحكم البلاد منذ الاستقلال عن البرتغال عام 1975. أما تشابو فقد بات الرئيس الخامس لموزمبيق منذ استقلالها. وكان في مقدمة حضور حفل تنصيبه الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، وزعيم غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو، بينما أرسلت عدة دول أخرى -بما في ذلك البرتغال- ممثلين عنها.

الخلفية والنشأة

ولد دانيال فرنسيسكو تشابو، يوم 6 يناير (كانون الثاني) 1977 في بلدة إينهامينغا، المركز الإداري لمنطقة شيرينغوما بوسط موزمبيق. وهو الابن السادس بين 10 أشقاء. وكان والده فرنسيسكو (متوفى) موظفاً في سكك حديد موزمبيق، بينما كانت والدته هيلينا دوس سانتوس عاملة منازل. وهو متزوّج من غويتا سليمان تشابو، ولديهما 3 أولاد، وهو يهوى كرة القدم وكرة السلة، ويتكلم اللغتين البرتغالية والإنجليزية بطلاقة.

النزاع المسلح الذي اندلع بين «فريليمو» (جبهة تحرير موزمبيق) الاستقلالية اليسارية، ومنظمة «رينامو» اليمينية التي دعمها النظامان العنصريان السابقان بجنوب أفريقيا وروديسيا الجنوبية (زيمبابوي حالياً) وبعض القوى الغربية، دفع عائلة تشابو إلى مغادرة إينهامينغا، ولذا أمضى دانيال تشابو طفولته في منطقة دوندو؛ حيث التحق بمدرسة «جوزينا ماشيل» الابتدائية، ومن ثم، تابع دراسته في دوندو، وبعد إنهاء تعليمه الثانوي عمل مذيعاً في راديو «ميرامار»؛ حيث قدم برنامجاً رياضياً بين عامي 1997 و1999.

بعدها، التحق تشابو بجامعة «إدواردو موندلاني» في العاصمة مابوتو، وتزامناً مع دراسته الجامعية عمل في تلفزيون «ميرامار»، وقدَّم برنامجاً باسم «أفوكس دو بوفو».

ثم في عام 2004 حصل على شهادته الجامعية في القانون، واجتاز دورة المحافظين وكتَّاب العدل في «مركز ماتولا للتدريب القانوني» في العام نفسه. وهكذا شكَّلت خلفيته الأكاديمية أساساً قوياً لمسيرته المهنية اللاحقة في الخدمة العامة والإدارة.

من القانون إلى السياسة

بدأ تشابو حياته المهنية عام 2005، في مكتب كتَّاب العدل بمدينة ناكالا بورتو، وواصل عمله هناك حتى عام 2009. كما عمل أستاذاً للقانون الدستوري والعلوم السياسية في الجامعة.

وفي عام 2009 انضم إلى حزب «فريليمو» (جبهة تحرير موزمبيق)، وعُيِّن بسبب عمله ومشاركته السياسية في منصب إداري في مقاطعة ناكالا- آ- فيليا، ووفق موقعه الإلكتروني فإنه عمل خلال تلك الفترة على «خلق فرص عمل للشباب دون تمييز».

ضغط الأعمال الإدارية لم يمنع في الواقع تشابو من إكمال دراسته، وفعلاً التحق بجامعة موزمبيق الكاثوليكية للحصول على ماجستير التنمية عام 2014. كما حصل على تدريب في نقابة المحامين التي أوقف عضويته فيها طواعية بسبب عمله السياسي.

وعام 2015 عُيِّن تشابو مديراً لمقاطعة بالما؛ لكنه لم يمكث في المهمة طويلاً؛ لأن الرئيس السابق فيليبي غاستينيو نيوسي عيَّنه عام 2016 حاكماً لإينهامباني. وبعدها، في أبريل (نيسان) 2019 وافق البرلمان الموزمبيقي على حزمة تشريعية جعلت تعيين منصب حكام المقاطعات بالانتخاب، وكان تشابو على رأس قائمة «فريليمو» في إينهامباني، ليصبح أول حاكم منتخب للمحافظة التي ظل يحكمها حتى مايو (أيار) 2024.

دعم رئاسي

حظي دانيال تشابو بدعم قوي من الرئيس فيليبي نيوسي الذي شهد بكفاءته، وقال عنه: «مع أنه لم يبقَ في بالما سوى 6 أشهر، فإنه اكتسب تأييداً في هذا الجزء من البلاد، لدرجة أن قرار الرئيس بنقله إلى مقاطعة أخرى كان مثار تساؤلات عما إذا كانت بالما لا تستحق أن يحكمها شخص بكفاءة تشابو».

وخلال السنوات الثماني (2016 إلى 2024) التي أمضاها حاكماً لمحافظة إينهامباني، قاد تشابو المحافظة كي تغدو الأولى في البلاد التي تكمل تنفيذ البنوك في جميع المناطق، في إطار المبادرة الرئاسية «منطقة واحدة، بنك واحد».

وتشير وسائل إعلام محلية إلى أنه في عهد تشابو، وتحت قيادته، نظمت محافظة إينهامباني مؤتمرين دوليين للاستثمار، فضلاً عن منتديات لتنمية المناطق، ما حفَّز الاقتصاد المحلي، وقاد عجلة التنمية.

المسيرة الحزبية

مسيرة دانيال تشابو الحزبية والسياسية بدأت مبكراً؛ إذ شغل بين عامي 1995 و1996 منصب سكرتير منطقة في «منظمة الشباب الموزمبيقي» (OJM) في دوندو. ثم شغل بين عامي 1998 و1999 منصب أمين سر لجنة التثبيت بمجلس شباب المنطقة، إضافة إلى عضويته في «منظمة الشباب الموزمبيقي». وفي عام 2008 عُين مديراً للحملة الانتخابية للمرشح شالي إيسوفو، من «فريليمو»، في بلدية ناكالا بورتو، ويومها فاز الحزب بالانتخابات، وأطاح بالمعارضة.

بعدها، عام 2017، انتُخب دانيال تشابو عضواً في اللجنة المركزية لـ«فريليمو». وفي مايو 2024 اختارته اللجنة المركزية مرشحاً لـ«فريليمو» في الانتخابات الرئاسية. وهي الانتخابات التي فاز فيها أخيراً وسط اعتراضات المعارضة.

وبناءً عليه، يبدأ تشابو فترة رئاسته وسط تحدِّيات كبرى، وفي ظل مظاهرات واحتجاجات هي الأكبر ضد حزب «فريليمو». وراهناً تتصاعد المخاوف على استقرار موزمبيق، مع تعهد منافسه المعارض موندلاني (وهو مهندس زراعي يبلغ من العمر 50 سنة) باستمرار المظاهرات، قائلاً إن «دعوته للحوار قوبلت بالعنف».

وجدير بالذكر أن موندلاني كان قد عاد إلى موزمبيق من منفاه الاختياري، وسط ترحيب من أنصاره، يوم 9 يناير، وادَّعى أنه «غادر موزمبيق خوفاً على حياته، بعد مقتل اثنين من كبار أعضاء حزبه المعارض داخل سيارتهما على يد مسلحين مجهولين، في إطلاق نار خلال الليل في مابوتو، بعد الانتخابات».

في أي حال، يثير الوضع الحالي في موزمبيق مخاوف دولية، ولاحقاً أعرب مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، عن قلقه. وقال في بيان: «نحن في غاية القلق بشأن التوترات المستمرة عقب الانتخابات في موزمبيق».

من ناحية ثانية، بصرف النظر عن الاحتجاجات التي أشعلتها الانتخابات الرئاسية، فإن تشابو يواجه تحديات عدة يتوجب عليه التعامل معها، على رأسها «التمرد» المستمر منذ 7 سنوات في مقاطعة كابو ديلغادو الشمالية الغنية بالنفط والغاز. وهذا إضافة إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية، واستغلال موارد الغاز الطبيعي، وإدارة تأثيرات التغير المناخي والكوارث الطبيعية التي أثرت على موزمبيق في السنوات الأخيرة.

وراثة الإرث الثقيل

لا شك، ثمة إرث ثقيل ورثه دانيال تشابو، ذلك أنه يقود بلداً مزَّقه الفساد والتحديات الاقتصادية العميقة، بما فيها ارتفاع معدلات البطالة والإضرابات عن العمل المتكرِّرة التي جعلت موزمبيق -رغم مواردها الكبيرة- واحدة من أفقر دول العالم، وفقاً للبنك الدولي.

الرئيس الجديد قال -صراحة- في خطاب تنصيبه الأربعاء الماضي: «لا يمكن لموزمبيق أن تظل رهينة للفساد والجمود والمحسوبية والنفاق وعدم الكفاءة والظلم». وأردف -وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس»- بأنه «لمن المؤلم أن كثيراً من مواطنينا ما زالوا ينامون من دون وجبة لائقة واحدة على الأقل».

وعليه، في مواجهة هذا الإرث الثقيل، تعهد بتقليص عدد الوزارات والمناصب الحكومية العليا. ورأى أن من شأن هذا التدبير توفير أكثر من 260 مليون دولار، سيعاد توجيهها لتحسين حياة الناس.

بالطبع فإن المعارضين والمشككين غير مقتنعين، ويقولون إنهم استمعوا كثيراً إلى النغمة نفسها تتكرَّر بلا تغيير يُذكر. بيد أن رئاسة تشابو تمثِّل اليوم فصلاً جديداً في تاريخ موزمبيق، أو «مفترق طرق»، حسب تعبير تشابو الذي قال في خطاب فوزه: «تقف موزمبيق عند مفترق طرق، وعلينا أن نختار طريق الوحدة والتقدم والسلام».