«الالتهاب العسلي» للمثانة البولية عند النساء

يحدث عند ممارسة الجنس للمرة الأولى أو بعد انقطاع طويل

«الالتهاب العسلي» للمثانة البولية عند النساء
TT

«الالتهاب العسلي» للمثانة البولية عند النساء

«الالتهاب العسلي» للمثانة البولية عند النساء

«مرض شهر العسل» هو حالة طبية حقيقية تماما تصيب المثانة عند النساء بالالتهاب خلال شهر العسل، حيث تتم العلاقة الحميمية لأول مرة، فتنتقل العدوى إلى الجهاز البولي (UTI). وهذه الحالة تصيب النساء وتنجم عن النشاط الجنسي خلال شهر العسل فيطلق عليها مجازا «مرض شهر العسل» أو التهاب المثانة في شهر العسل (Honeymoon Cystitis).
- التهاب المثانة
عادة ما تكون هذه الحالة أكثر شيوعاً عند النساء اللواتي لا يمثلن سوى ما يقرب من أربعة في المائة من جميع المصابات بعدوى الجهاز البولي، و60 في المائة من تكرار الإصابة. ويلاحظ أن بعض النساء يجدن صعوبة في إمكانية التبول مباشرة بعد ممارسة الجنس، ربما لأن العضلات التي تتحكم في إفراز البول لم تسترخِ بعد. لذلك يبقى البول في المثانة، وتتكاثر البكتيريا مما يزيد من خطر العدوى. ومن جهة أخرى، قد تواجه النساء بعد سن اليأس على وجه الخصوص صعوبة في التبول بعد العملية الجنسية بسبب التغيرات في المهبل والإحليل التي تحدث مع فقدان هرمون الأستروجين فيتعرضن لنفس هذه الحالة.
> الأعراض. لا تختلف الأعراض عن التهاب المثانة الناجم عن سبب آخر غير الجنس، ومنها: التبول المتكرر، وجود رغبة متكررة للذهاب إلى الحمام لتفريغ المثانة، مع عسر أو صعوبة التبول، حرقان (إحساس بالحرق أثناء التبول)، وقد يكون هناك أحيانا دم مرئي في البول.
وتقول جوديث رايشمان، حاملة شهادة الدكتوراه في أمراض النساء بمركز سيدار سيناي الطبي في لوس أنجليس، المتخصصة في رعاية مرحلة اليأس وانقطاع الطمث، إن هذه الحالة لا تعني أن شريك الحياة يكون مصابا بالالتهاب ويحمل هذه البكتيريا المعدية. فالتهاب المثانة في شهر العسل يمكن أن يحدث عندما تمارس المرأة الجنس للمرة الأولى، أو عندما تمارس المرأة الجنس بعد فترة طويلة من الزمن دون أي نشاط جنسي سابق.
وخلال العملية الجنسية، تنتقل بكتيريا إي كولاي E.coli (التي تميل عادة للعيش على الجلد حول فتحة الشرج) إلى مجرى البول بواسطة القضيب. وهناك احتمال آخر، هو أن فعل الجماع نفسه «يدفع» البكتيريا التي تقطن عادة في مهبل الزوجة فتصل إلى مجرى البول (وهي قناة قصيرة تقع فتحتها بجوار الفتحة التناسلية).
> تطور المرض. يعتبر التهاب المثانة من الأنواع الشائعة من عدوى المسالك البولية، وخاصة في النساء، وعادة ما يكون مرضا مزعجا ومثيرا للقلق من أن يتطور إلى حالة مرضية خطيرة. وغالبا ما تتحسن الحالات الخفيفة في حد ذاتها في غضون أيام قليلة فبعض التقديرات الدراسية تشير إلى أن 25 - 42٪ من حالات عدوى المسالك البولية غير المعقدة (uncomplicated) تنتهي من تلقاء نفسها، ولكن في معظم الأحيان لا يحدث ذلك.
وهذا هو السبب في أن التوصية هي العلاج بمضاد حيوي يتم تحت إشراف طبي، لأن بعض النوبات الشديدة والمعقدة من التهاب المثانة والتي تحدث بشكل متكرر ستحتاج إلى علاج منتظم وطويل الأمد. وفي حالة عدم العلاج، قد تنتقل العدوى في نهاية المطاف عبر الجسم وتصبح خطيرة للغاية، حتى مميتة.
> شيوع الحالات. يقول الخبراء الطبيون بأن نصف النساء يصبن بالتهاب المثانة مرة واحدة على الأقل في حياتهن. ومع ذلك، فإن هذا الالتهاب يسبب عدوى المثانة في شهر العسل فقط في 4 في المائة من الحالات. ويعتبر التهاب المثانة في شهر العسل أكثر شيوعا بين الشابات في العشرينات من عمرهن، وكذلك النساء العازبات في الخمسينات من العمر حيث سجل أن الإبلاغ يزداد لديهن عن أنهن يعانين من هذه المشكلة في هذه المرحلة العمرية.
إن خطر التهاب المثانة في شهر العسل يزيد عند الشابة التي تبدأ ممارسة الجنس مرة أخرى بعد انقطاع عن الممارسة لفترة طويلة من الزمن. وليس للواقي الذكري أي دور في الوقاية لوجود البكتريا حول المنطقة التناسلية عند المرأة وليس عند الرجل.
- إصابات النساء والرجال
> إصابات نسائية. من الواضح أن بعض النساء يكن أكثر عرضة من غيرهن في الإصابة بعدوى المثانة بعد ممارسة الجنس. في الماضي، كان الافتراض أن سبب ذلك هو وجود قصر شديد خلقي في مجرى البول عند المرأة المصابة ووجود ضعف في العضلة العاصرة للمجرى. أما الآن، فيعتقد أن هناك علاقة أكثر مع مكونات بطانة المثانة التي تزيد من قدرة البكتيريا على الالتصاق بها وإتاحة الفرصة لها للتكاثر. ومع بداية علاقة جديدة، قد تكون المثانة في البداية غير قادرة على التخلص من هذه البكتيريا المتسللة إليها، ولكن مع مرور الوقت وربما قبول الجسم لهذا الغزو الميكروبي، يتحسن الوضع.
وكثيرا ما يلاحظ أنه إذا كانت الزوجة لا تمارس الجنس بانتظام مع شريكها – بسبب بعد موقع عمله على سبيل المثال، فتكون العملية الجنسية عند اجتماعهما أكثر تواترا، فتحدث العدوى. ولا نستبعد أن يكون هناك جانب وراثي لهذه الحالة.
> إصابات رجالية. النساء أكثر عرضة لخطر الإصابة بعدوى المثانة، لأن مجرى البول لديهن أقصر بكثير من مجرى البول الذكري، مما يجعل من السهل على بكتريا E.coli الوصول إلى المثانة عند المرأة. والرجال عادة لا يصابون بالتهاب المثانة ما لم تكن هناك مشكلة صحية كامنة أكثر خطورة.
هل يعتبر هذا المرض من الأمراض التي تنتقل جنسيا (STDs)؟ بالطبع لا، فالتهاب المثانة البولية مرض تسببه البكتيريا عادة، وهو ليس مرضا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ولكن الجماع الجنسي يزيد من خطر التهاب المثانة (عدوى المثانة) لدى النساء.
- علاج التهاب المثانة
التهاب المثانة يمكن علاجه بسهولة وبسرعة باستخدام دورة قصيرة من المضادات الحيوية، وقد يتم الانتظار 48 ساعة قبل استخدامها للتأكد من الحالة. وقبل استخدام أي نوع من العلاج، يقوم الطبيب بإجراء تحليل للبول وعمل مزرعة للبكتيريا للتأكد من أن الحالة هي بالفعل عدوى بالمثانة. وهناك بعض الناس لديهم حالة تعرف باسم «التهاب المثانة الخلالي interstitial cystitis»، وهو التهاب مزمن في المثانة يؤدي إلى ألم وأعراض تتشابه مع تلك التي تنتج عن عدوى المثانة. ويُعتقد أن يكون سببها تغيرا في مكونات إحدى الطبقات الواقية في جدار المثانة بحيث إن البول نفسه يهيج جدار المثانة.
وفي حالة التهابات المثانة المتكررة، فقد يوصف المضاد الحيوي بجرعة يومية منخفضة ولعدة أشهر لمنع العدوى في المستقبل، ومن أكثرها وصفا ماكرودانتين Macrodantin، باكترم Bactrim، ليفوكوين Levoquin، سيبروCipro وأدوية مشابهة أخرى.
وإذا استمرت المشكلة، فسيقوم طبيب أمراض النساء بإجراء فحص كامل للأعضاء التناسلية للمريضة لاستبعاد وجود إحدى الحالات النادرة وهي «المثانة المنهارة prolapsed bladder» حيث تكون المثانة ساقطة في تجويف الحوض وتتسبب في الشعور بألم مزعج عند الجماع إضافة لحدوث التهاب المثانة. وإذا استمرت حالة التهاب المثانة بدون علاج أو تكرر حدوثها لفترة طويلة وتركت دون علاج، فإن البكتيريا المسببة لهذا الالتهاب يمكنها أن تهاجر في المسالك البولية وتصل إلى الكلية مسببة عدوى خطيرة في الكلية تهدد الحياة. ومن أهم العلامات المرضية التي تشير إلى حدوث عدوى في الكلى: الألم في أسفل الظهر والحمى والقشعريرة والغثيان والقيء والشعور العام بالمرض.
- الوقاية من التهاب المثانة
يمكن منع والوقاية من التهابات المثانة بطرق متعددة، منها:
• التعود على شرب الكثير من الماء، بما لا يقل عن 6 - 8 أكواب من الماء يوميا (ويوصى به أيضا عند الإصابة فعلا بالتهاب المثانة) والذهاب إلى الحمام كلما دعت الحاجة، فإن ذلك حتما سوف يقلل من خطر الإصابة بالعدوى.
• ليكن التبول بعد الجماع جزءاً منتظماً من الروتين عند الأزواج، فالتبول وإفراغ المثانة بعد ممارسة الجنس هو الأسلوب الأمثل والأكثر فاعلية للوقاية من هذه العدوى عند النساء فهو يساعد على التخلص من أي بكتيريا قد تسللت إلى مجرى البول حيث يتم شطف البكتيريا من مجرى البول وطردها من المثانة أيضا.
• استعمال أحد أنواع المرطبات والمزلقات (lubricant) المهبلية مثل ريبلينز Replens للحفاظ على رطوبة المهبل وسهولة العملية. كما قد يفيد اللطف في الأداء مع تغيير الأوضاع.
• يجب المحافظة على نظام المناعة الصحي وتجنب شرب الكثير من القهوة والمشروبات الغازية وعصير الفاكهة (مثل الحمضيات) التي يمكن أن تهيج المثانة.
• يمكن أن يؤخذ المضاد الحيوي بشكل وقائي (prophylactically) للنساء المعرضات للإصابة بالتهابات المثانة UTIs، وتشير الدراسات أيضاً إلى أن تناول حبة واحدة من المضادات الحيوية بعد الجماع مباشرة يمكن أن يساعد في الوقاية من التهاب المثانة المرتبط بالجنس، ويتم ذلك بالتنسيق مع الطبيب المعالج.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»