بعد «دولتشي آند غابانا» و{برادا}... «غوتشي» تعتذر

بعد «دولتشي آند غابانا» و{برادا}... «غوتشي» تعتذر
TT

بعد «دولتشي آند غابانا» و{برادا}... «غوتشي» تعتذر

بعد «دولتشي آند غابانا» و{برادا}... «غوتشي» تعتذر

لا يختلف اثنان أنه حان الوقت لتصحيح الكثير من الأخطاء. من حملة «مي تو» وما أثارته من جدل إيجابي فضح حالات من التنمر الذكوري والتحرش الجنسي واستغلال المناصب وغيرها، إلى معانقة التنوع والاختلاف بكل أشكالهما وألوانهما. لكن البعض يرى أن الأمر ربما خرج عن إطاره المعقول. هذه الشريحة ترى أنه يجب عدم تقييد عملية الإبداع، وهو ما ترفضه الشريحة الأولى وهي الأكبر عددا. وبالنتيجة، أصبحت بيوت الأزياء تحت المجهر، تحاسب على كل هفوة ولا تُقبل منها أي مبررات. كل صغيرة وكبيرة من شأنها أن تُلحق ضررا معنويا أو ثقافيا بشريحة ما أصبحت مراقبة، وهذا ما تدفع بعض بيوت الأزياء ثمنه غاليا؛ خصوصاً عندما يعميها جموح الإبداع الفني عن جوانب ثقافية حساسة. وهكذا، قد تُهدم هفوة صغيرة الكثير مما بنته.
واحدة من هذه البيوت كانت «دولتشي آند غابانا» التي صورت حملة دعائية موجهة للسوق الصيني، كشفت عنها الستار تزامنا مع عرض كانت تنوي إقامته في شانغهاي في نهاية العام الماضي. أثارت الحملة حفيظة الصينيين وتعالت أصواتهم مطالبة بمقاطعة العلامة الإيطالية، التي كانت بالأمس القريب، واحدة من العلامات المفضلة لديهم. السبب كان ظهور عارضة صينية في كامل أناقتها، طبعا بأزياء بتوقيع الثنائي دولتشي وغابانا، وهي تتناول السباغيتي بعيدان الأكل. صورة اعتبرها الثنائي فنية ولم يقصدا منها أي شيء سوى الاحتفال بالثقافة الآسيوية، لكن كان للصينين رأي مخالف تماما. اعتبروها تسخر من عاداتهم وتستهين بها.
قامت الدنيا ولم تقعد، وألغي العرض قبل يوم فقط، رغم التحضيرات التي استغرقت أشهرا ورغم وجود الضيوف في شانغهاي. لم يقبل الصينيون اعتذار المصممين ولو يحاولوا فهم وجهة نظرهما. كانت العملية بالنسبة لهم تتضمن استخفافا لا يمكن التسامح فيه. لحد الآن لا تزال دار «دولتشي أند غابانا» تعاني بسبب عدم قدرتها على رأب الصدع، وكسب رضا سوق في غاية الأهمية بالنسبة لكل بيوت الأزياء العالمية.
نفس الشيء تعرضت له «غوتشي» مؤخرا. فبعد أن كانت الدار التي تحقق أكثر المبيعات في مجموعة «كيرينغ»، وبعد أن استقطبت زبائن من كل أنحاء العالم، من كل الجنسيات والأهواء والألوان، على أساس أنها تنادي بمعانقة الاختلاف، اضطرت إلى الاعتذار ولا تزال تحاول تصحيح الخطأ إلى حد الآن. بدأت القصة عندما طرحت كنزة صوفية مصممة بشكل فسره البعض بأنه يشبه وجه «زنجي». كان واضحا أنها لم تكن تتوقع أن يثير التصميم كل هذه الزوبعة، ورغم أنها سحبته من كل محلاتها ومواقعها الإلكترونية، فإن شريحة كبيرة من الأميركيين الأفارقة لم يقبلوا اعتذارها.
التصميم جاء بياقة عالية تغطي نصف الوجه، بفتحة واسعة مرسومة على شكل شفاه مكتنزة، تم طرحه في الأسواق بسعر 890 دولارا أميركيا. في اعتذار علني قالت «غوتشي» إنها سحبته من كل محلاتها ومواقعها الإلكترونية، مضيفة أنها «حريصة أن تحتضن التنوع والاختلاف بكل أشكاله وأنها ستتعامل مع الأمر كدرس قاس تنوي التعلم منه».
دابر دان، الذي سبق وتعاون مع «غوتشي» في عام 2017 من خلال تشكيلة محدودة، عبر عن استيائه عبر تغريدة نشرها على حسابه جاء فيها: «أنا رجل أسود قبل أن أكون مصمما أو علامة أزياء.. هذه دار أزياء أخرى فهمت الأمر خطأ.. ولا أجد لها أي مبرر ولا يمكن لأي اعتذار أن يغير من الأمر شيئا».
وأضاف أن الرئيس التنفيذي لـ«غوتشي» قرر مقابلته في هارليم حيث يقيم، للاعتذار شخصيا له وللجالية الأميركية المنحدرة من أصول أفريقية. لكنه على ما يبدو سيجد صعوبة في إقناعهم بأن المسألة لم تكن مقصودة. فقد جاء في تغريدة دابر دان أنه «لا يمكن أن يكون هناك احتضان للاختلاف من دون محاسبة». سبايك لي أيضا أدلى بدلوه في الموضوع على إنستغرام داعيا لمقاطعة كل من «غوتشي» و«برادا»، مشيرا إلى أنه سيكون أول المقاطعين ولن يغير رأيه حتى توظف كل منهما مصممين سودا يكونون حاضرين خلال عمليات التصميم، «لأنه من الواضح أن بعض الناس ليست لديهم أي فكرة عن معنى التمييز العنصر ومدى الأذى الذي تسببه الصور التي تجسده».
من الواضح أن «غوتشي» ورغم أنها تحتضن الاختلاف منذ سنوات، وسبق واستعانت بعارضات ببشرات سوداء في حملات سابقة كما في عروضها، فإنها كمن يصب الماء في الرمل ولا شيء يشفع لها في الوقت الحالي. فقد تعالت عدة أصوات أخرى مؤثرة على رأسها الممثل والمخرج سبايك لي، تطالب بمقاطعة «غوتشي» وبيوت أزياء أخرى مثل «برادا» وغيرهما ممن شمت فيهم رائحة استهانة، ولو خفيفة، بثقافتهم. ذنب برادا أن امرأة كانت تسير بالقرب من محلها بنيويورك، واستفزها منظر تماثيل صغيرة تزين واجهاته. كانت التماثيل مصطبغة بلون أسود وبشفاه مكتنزة ذكرتها بكيف كان العنصريون يرسمون وجوه الأفارقة في الماضي. لم تتأخر «برادا» عن سحب التماثيل من الواجهة والاعتذار، لكنها لا تزال تنتظر العفو.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.