السوريون في برلين... «ألمان جدد» يعيشون مع ذكرياتهم المؤلمة

«الشرق الأوسط» ترصد قصص الاندماج بعد 5 سنوات وجولة في «شارع العرب»

مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي في حي شارلوتنبرغ غرب برلين
مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي في حي شارلوتنبرغ غرب برلين
TT

السوريون في برلين... «ألمان جدد» يعيشون مع ذكرياتهم المؤلمة

مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي في حي شارلوتنبرغ غرب برلين
مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي في حي شارلوتنبرغ غرب برلين

مطار تيغل الدّولي في برلين لا يوحي بأنّه بوابة العاصمة الألمانية. هو صغير وبسيط. بعد عبور طابور ختم الجوازات وبضع خطوات إلى ردهة القادمين. بين أول ما يلف السمع، دردشات عربية وبلهجة سورية تحديدا. أقارب ينتظرون أحباءهم، وسائقو تاكسي عرب يحاولون تأمين الزبائن لإيصالهم إلى وسط المدنية.
36 ألف سوري يعيشون حالياً في برلين معظمهم منحوا لجوءاً إنسانيا، قدم أوّلهم في العام 2014، وحرصت ألمانيا على مدّ يد العون لهم واشترطت تعلّم اللغة والاندماج، وأن ينسى أو يتناسى «الألمان الجدد» الرّحلات المحفوفة بالتحديات عبر مياه البحر التي حطت بمن استطاع النجاة في ألمانيا.
لكل سوري حكاية، لكن جميع القصص أو معظمها مؤلم. وبعد خمس سنوات، تعود «الشرق الأوسط» إليهم لتقصي أوضاعهم في «الوطن الجديد» في محاولة للسؤال عن الاندماج وتلمس ما تبقى من «سوريتهم».
قبل التوجه إلى برلين، جرى التواصل مع الكثير من السوريين عبر «فيسبوك» لتحديد مواعيد مقابلتهم. وما لفت الانتباه في حساباتهم على مواقع التواصل هو الإبداع إن كان بصور أو منشورات بليغة، أو حتى تعليقات سياسية جريئة أو مشاركات لمقالات وأخبار تربطهم بسوريا رغم الاختلافات الكثيرة.

لسنا أرقاما

قد يخيل للمرء أنّ مراكز مراجعة اللاجئين كئيبة ومبانيها متآكلة، وموظفوها فظاظ. بيد أنّ المشهد لم يكن كذلك في مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي في حي شارلوتنبرغ العريق غرب برلين. المبنى عصري ومرتب، ورجال الأمن متعاونون. ممراته وموظفوه يرحبون بمراجعيه، ومن يدخله لا يشعر بخوف أو غربة.
ساشا لانغباخ المتحدث باسم المكتب. رجل ألماني أنيق وبشوش لا يبخل بالسلام على أي مراجع من المهاجرين، بل يتذكر أسماءهم ويستفسر عن أحوالهم. يقول: «عادة ما يركّز الصحافيون على أعداد اللاجئين وعلى الإحصاءات، لذا تفتقد تغطياتهم للجانب الإنساني». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» خلال جولة داخل المبنى أنّ «اللاجئين نوعان: الأول من لم يحصلوا على حق اللجوء، وهم يعيشون في ملاجئ توفّرها لهم الحكومة. وخلال هذه الفترة لا بدّ لهم الحضور شهريّاً إلى المركز للتأكيد من أنّهم لا يزالون في برلين. تُمدّد إقامتهم في الملاجئ، وتُقدّم لهم مساعدات مادية وعناية طبية مجانية. ونحاول قدر المستطاع مساعدتهم لكي يشعروا بالأمان. أمّا الفئة الثانية فهي تلك التي حصلت على الإقامة وبحاجة إلى مساعدة أيضا».
في عام 2018 قدم إلى ألمانيا نحو 8942 مهاجرا، وقدموا طلبات لجوء وحصلوا على القبول. نحو 98 في المائة من السوريين يحصلون على الإقامة تحت مسمى «اللجوء الإنساني»، وفق لانغباخ. وفي برلين اليوم نحو 36 ألف سوري. يقول: «باتت قصة عائلة درويش، أول سوري وصل إلى ألمانيا في العام 2014 وعائلته، موثقة في متحف في برلين بقرب أقدم ملجأ للاجئين القادمين من شرق أوروبا إلى غربها في الألفية الماضية»، مستطردا: «ابن درويش يدرس اليوم، العلوم السياسية في أفضل جامعات برلين، ويتكلم الألمانية بطلاقة والأب أنشأ شركة خاصة به».

اندماج

يعمل في المركز أيضاً قسم الدمج ويتكفل مرشدو الاندماج الألمان من أصول عربية وكردية، وفارسية، وتركية وغيرها. انطلقت المبادرة التي تموّلها إدارة مجلس الشيوخ للاندماج والعمل والشؤون الاجتماعية بالعاصمة الألمانية، في العام 2013 ومع موجة اللاجئين التي اجتاحت ألمانيا في عامي 2014 و2015 بات الاعتماد عليها كبيراً، لذا جرى توظيف 200 مرشد يجيدون شتى اللغات (المشروع خاص ببرلين فقط)، معظمهم كانوا من اللاجئين سابقاً، الأمر الذي يساعدهم على تفهم التحديات التي يمر بها لاجئو اليوم.
أسهمت الحكومة في تأهيل الموظفين وخصّصت لهم دوريات تدريبية للتعامل مع اللاجئين بشكل مهني، كما وفّرت لهم عناية نفسية للتأقلم مع التحديات التي تصاحب مهمات مساعدة اللاجئين والحفاظ على المهنية وعدم الانغماس بمشكلاتهم. ومسؤوليات المرشدين مساعدة اللاجئين على الاندماج مع المجتمع الألماني، لغويا، وثقافيا والتكيّف مع العادات، من دون التخلي عن هويتهم.
مرشدو الاندماج هم صلة وصل بين اللاجئين والموظفين الألمان. يساعدونهم في جميع المجالات من مركز العمل إلى مركز إدارة الأجانب والأطباء والمحامين وشؤون الأسرة وغيرها.
ولا تقتصر مهماتهم فقط على الترجمة والمساعدة في الالتحاق بدورات اللغة، بل أيضاً تساعدهم في توجيه اللاجئين إلى سوق العمل، وتأهيلهم مهنيّاً وتوفير الدعم النفسي.

عودة طوعية

تلاحق سكان المدينة من اللاجئين إعلانات بالألمانية، والعربية، والإنجليزية وغيرها، موزّعة في المواصلات العامة والشوارع، تدعوهم إلى العودة الطوعيّة لبلادهم ترافقها مغريات ماديّة، الأمر الذي دفع بـ«الشرق الأوسط» للاستفسار أكثر من لانغباخ الذي أوضح بدوره أنّ برلين شهدت عودة أول فوج من السوريين إلى بلادهم طوعيا. قائلاً: «في ألمانيا برامج لإعادة اللاجئين طوعيا، والأمر ليس بالحديث، ولكنّنا اليوم، نوفر عن طريق البرنامج، دعما للعائدين خلال سنتهم الأولى في بلدهم، فندفع لهم جزءاً من الإيجار أو فواتيرهم من دون مردود». ويتابع: «استخدم هذا البرنامج ثلاثة سوريين خلال عام 2017 و22 خلال عام 2018». ويمضي قائلا: ليست هناك طائرات تسافر مباشرة من أوروبا الوسطى إلى دمشق، لذا فهم يسافرون إلى طهران أولاّ ومنها إلى دمشق. ندفع لهم تذاكر العودة، ونتأكد من وصولهم سالمين عندما يرسلون لنا رسائل على تطبيق «واتساب». لكنه يقول: «خلال العام 2018، لم يرسل لنا أي من العائدين السوريين رسالة، وقد لا يعني الأمر شيئا، فلو اعتقلوا لدى وصولهم أو عُذّبوا لكان المجتمع الداخلي علم بالأمر وأُبلغنا به».
يؤكد لانغباخ أن «البرنامج أكثر نجاحا للعراقيين الأكراد الذين يعودون إلى كردستان العراق وهناك قصص للاجئين عادوا وبدأوا حياتهم من جديد، وتنسيق بيننا وبين منظمة الهجرة الدولية. أمّا فيما يخصّ البرنامج السّوري فلا يمكننا التنسيق مع النظام، ونعتقد أنّه ليس على استعداد للتعاون، لذا ليس بوسعنا فعل أكثر من ذلك».

شارع العرب

جزء كبير من سائقي سيارات الأجرة في برلين عرب، ومعظمهم من الفلسطينيين، الذين تركوا لبنان ضمن موجتين؛ خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية، وفي أعقاب «حرب تموز» عام 2006. بلال أحدهم. طه فلسطيني قرّر الخروج من لبنان بعد تردي الأوضاع فيه، تحديداً على الفلسطينيين عام 2007 ولجأ إلى البحر في رحلة لم تكن «رائجة» بعد. يجيب بسرعة على مكالمة باللغة الألمانية التي يتحدثها بطلاقة، من ثمّ يعود ليكمل قصته بلهجته الفلسطينية وبعض المفردات اللبنانية. يقول إنّه يعيش في هذه المدينة منذ أكثر من 11 سنة، ولكنّه لم يحصل على الجنسيّة الألمانية بعد.
يقول إن الوضع كان مختلفاً بالنسبة للاجئين السّوريين، هم أيضاً تحدوا مخاطر مياه البحر برحلات محفوفة بالموت، هاربين من حرب شعواء، وغالبيتهم حصلوا من قبل الحكومة الألمانية على إقامات ومنازل وتصاريح عمل فورية. الأمر لم يكن سواء بالنسبة للفلسطينيين، حتى بعد عشرات السنين على استقرارهم في ألمانيا. يؤكد بلال أنّ أصدقاءه السوريين حرصوا على إيجاد أشغال، قائلاً إنّهم شعب نشيط معتاد على الإنتاجية. ولطالما كان «زونناليه» في حي «نيكولن» البرليني ذات طابع عربي، إلّا أنّ السوريين حوّلوه بكل معنى الكلمة إلى «شارع العرب» حيث اتّجه بي.
إذا كان هناك من فائدة إضافية لأقراص تخفيف وجع الرأس، هو التعرف على شارع العرب. من الصّعوبة أن تجد صيدلية تفتح أبوابها في ألمانيا في العطلة الأسبوعية. لم يكن من حل سوى اللجوء إلى كشك صغير للسؤال عنها. اللغة الألمانية لم تسعف كثيرا في تخفّف الوجع. وبعد جهد تم «اكتشاف» أنّ البائع يتحدث العربية بل هو سوري أيضاً. يرشد إلى صيدلية يمتلكها سوري وهي تفتح جميع أيام الأسبوع ولوقت متأخر.
ما أن يدخل المرء إلى الشّارع حتى يشعر وكأنه في سوق دمشقية عريقة. تنتشر على جانبيها محال كُتب عليها باللغة العربية، ومطاعم مأكولات شامية بروائح أطباقها الشّهية، إلى محال ثياب وتجهيز العرائس، وصالونات الحلاقة الرّجالية وأخرى النسائية، إنّه شارع (زونناليه) شارع عربي بامتياز، تضجّ فيه الحياة بحركة مستمرة ليل نهار.

من حلب إلى برلين

لا تبدو ريم درويش سورية للوهلة الأولى. قميصها الأصفر المنمق، حذاؤها العملي، وحتى جواربها الجريئة، كل ما ترتديه كان يحمل طابعاً «برلينيّا». كان اللقاء في مقهى أوروبي صغير على حافة «زونناليه» (شارع العرب)، حيث يتماشى أثاثه متعدّد الأشكال والألوان وثيابها.
«الوطن بالنسبة لي هو حيث أشعر بالرّاحة وحيث أستطيع العيش بحرية. وبرلين أشعرتني بذلك»، هكذا استهلت حديثها لـ«الشرق الأوسط»، بلهجتها الحلبية. تدفن ريم كوب القهوة بيديها فينة، وتعود لتلاعب بأناملها خصيلات شعرها الأشقر وهي تستذكر رحلتها الشاقة من حلب إلى برلين.
ريم كردية. كانت طالبة جامعية تدرس الاقتصاد عند التهاب الأزمة السورية بين عامي 2014 و2015. قرّرت البقاء هناك، مع أن أهلها هربوا إلى تركيا. تدهورت الأوضاع فسافر والدها إلى أوروبا ليعبد طريقا ينقذ به عائلته من هناك. «اضطررت إلى ترك سوريا، وجامعتي لألتحق بوالدتي وإخوتي لإعالتهم»، تقول ريم. وتتابع: «كان الثمن أن أعمل 20 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع بثلاث وظائف مختلفة. ادّخرت نقودا لإرسال عائلتي إلى أوروبا بطريقة آمنة، وبقيت أنا». رحلة ريم لم تكن آمنة مثل التي أمنتها لأفراد عائلتها. من إسطنبول أبحرت بقارب صغير مكتظ بالمهاجرين، ووصلت شواطئ اليونان، وكان الشارع سريرها لأيام. من ثم استقلت شاحنة مع مجموعة من المهاجرين إلى مقدونيا فصربيا فالمجر، حيث قرّر سائق الشاحنة التخلص من حمولته نحو الساعة الثانية فجراً، حسب ما قالت ريم: «توقف في طريق نائية وطلب منّا الخروج من شّاحنته أنا و20 مهاجراً، وإكمال رحلتنا سيراّ على الأقدام». وسرعان ما لاحقتهم الشرطة فتناثروا متفرقين خوفا من الاعتقال والتوقيف في المجر.
«لم أفكر. ركضت وركضت واختبأت في غابة مليئة بالشجر»، تقول ريم بنبرة مرتجفة: «كنت وحيدة بلا هاتف جوّال ولا أي وسيلة اتصال بالعالم. ضاقت الحياة بي. وفجأة سمعت صوتا يصرخ من قلب الغابة، كان حلما أو خلاصاً... إنّه صوت خالي».
أكملت ريم وخالها الرّحلة مشياً على الأقدام. وصلا الحدود النمساويّة ثمّ ألمانيا، تحديدا مدينة ميونيخ. لكنّها قرّرت الانتقال إلى برلين. نزلت في فندق. وعرض عليها مديره العمل في مطعمه مقابل أجر وإقامة مجانية، وذلك لإتقانها الكردية والعربية والإنجليزية والتركية، وساعدها في إصدار الأوراق القانونية اللازمة حتى نالت الإقامة. كما تعلمت اللغة الألمانية بتسعة أشهر فقط.
انتقلت ريم من الفندق واستأجرت شقة وخضعت لتدريب في شركة «باير» للأدوية، وشاركت في تطوير برنامج تقني في مجال الطب. ومن ثمّ انتقلت للعمل في مؤسسة للتّعليم في المجال التقني وبدأت دراستها الجامعية في مجال التكنولوجيا المعلوماتية. وهي اليوم تعمل في شركة تقنية موازاة مع الدراسة. في وقت فراغها، تساعد ريم بتنظيم رحلات مسير في ذكرى الأب فرانس فاندرلخت الذي كان ينظم مسيرا في سوريا بهدف تقبل الآخر يشارك فيه أشخاص من مختلف الأعمار والجنسيات.
واقع حياتها اليوم، اختلف وتبدّدت معه نبرة صوتها المرتجفة، وزال القلق، ليظهر التفاؤل على وجهها بغد أفضل. تحدثت عن أصدقائها الجدد، الألمان والعرب والأجانب، وعن بيتها الجديد في هذه المدينة المتعددة الجنسيات. هل تخططين للعودة إلى سوريا إذن؟ «لا،. قد أذهب لزيارتها فقط...» لم تتعرض ريم، حسب قولها إلى أي حادثة عنصرية منذ استقرارها في برلين، وتختم «كنا نتعرض للعنصرية في بلدنا».

عرائس الحرية

ناديا الزاعور تقدم قطعة من الكعك الشّهي الذي أعدته بنفسها. تشرف على مطعم ومقهى «النايا» الثقافي الواقع في حي شونبرغ السكني غرب برلين. تعد الأكلات والمعجنات السورية يوميا هناك، وترحب برواده بابتسامتها الهادئة وعينيها الزرقاوين اللتين تخفيان كثيرا من المآسي. ترددت بالكشف عنها لـ«الشرق الأوسط» في بادئ الأمر، ثم جلست، فتنهّدت، فروت.
سافرت ناديا إلى برلين طالبة اللجوء بمفردها بينما بقي ذووها في تركيا. عامان مرّا وهي وحدها، إلى أن استطاعت بعد ذلك لمّ شمل العائلة. تقول: «كانت تجربة قاسية»، خصوصا أن لديها 5 أولاد، أصغرهم ابنتها التي لم تتعد الـ14 ربيعا. قصة عائلة الزاعور في قلب الثورة السورية، تناقلت أحداثها وسائل الإعلام وراقبتها عن كثب. شاركت ابنتاها كندة ولبنى في عام 2013 باعتصام عرائس الحرية. ارتدتا وناشطات أخريات فساتين الزفاف البيضاء واعتصمن في دمشق مطالبات بسوريا للجميع وبوطن أمام زبائن سوق مدحت باشا. اعتقلتا بعدها وسرعان ما بدأت المضايقات من قبل الأجهزة الأمنية للعائلة الدرزية التي تعيش في السويداء. اعتقل الأمن السوري ابنها (13 سنة وقتها)، من داخل الصف من على مقعده الدراسي، للتحقيق معه، لبضع ساعات، ليكون الموقوف الأصغر سنا في السويداء. الوضع بات لا يحتمل، ففرت العائلة إلى درعا. اختطف تنظيم جبهة النصرة زوجها وابنها، ليطلق سراحهما بعدها «بوساطة» من أهل درعا.
وجهة عائلة الزاعور التالية كانت لبنان، فتركيا. وهناك، عملت ناديا 12 ساعة يومياً في متجر للإكسسوارات لسداد إيجار البيت فقط. وعندما تلقت دعوة من مؤتمر للأقليات في العاصمة الإسبانية مدريد، قرّرت الذهاب بتأشيرة «شنغن»، وفرّت بعدها إلى برلين طالبة اللجوء.
شمل العائلة التأم اليوم. أولادها يكملون دراستهم. وناديا تشرف على «النايا». تقول: «قصتي حولتني من ست بيت إلى جبل. أحب برلين، تشعرني أحيانا أنّني في دمشق». هل تفكر ناديا بالعودة إلى سوريا؟ تقول: «لن أعود مكسورة. خسرت كل شيء هناك. سأعود إن حققت شيئا».

مهندس المظاهرات

كرويتزبرغ. القلب النابض لبرلين الغربية. مقاه ومطاعم تعج بالطلاب والشباب من شتى الجنسيات. لكل محل هويته الخاصة. هناك كان اللقاء مع الشاب السوري ياسر المأمون في مقهى معتم تتعالى فيه أصوات تضجّ بلغات مختلفة. طلب الشاي الأخضر بألمانيته المتّقنة وعاد ليروي قصته بعربيته الشامية وهو يلف سيجارة التبغ.
ترعرع ياسر في دمشق، وكانت أول رحلة له على متن الطائرة في عام 2008 إلى برلين برحلة جامعية. طالب الهندسة المعمارية أمضى شهرا في العاصمة الألمانية وأصبحت الهجرة إلى هناك حلما له. مع انطلاق الثورة، شارك في المظاهرات السلمية، وأصبح «مهندسا لها»؛ يرسم خرائط الشوارع وأزقتها. قال مستذكرا: «سرعان ما كتبت تقارير بحقي وأصبحت مطلوبا. علي مغادرة البلاد خلال ثلاثة أيام، أو سيكون مصيري الاعتقال. سافرت إلى إسطنبول ونلت بعدها تأشيرة إلى برلين. تعلّمت اللغة خلال ثمانية أشهر. وعملت في مجال هندسة العمارة».
أكمل ياسر دراسة الماجستير وتخرج الأول على دفعته. يعمل اليوم باحثا في الجامعة. وقد حصل على ترخيص للعمارة في برلين. ويفكر في الدكتوراه.
هو عضو في شبكة معماريين في برلين يقفون ضد قرارات البرلمان التي يرونها مجحفة. ويتطوع في أكاديمية اللاجئين التي تساعد السوريين على التواصل وتبادل الخبرات في القطاعات ذاتها، لمساعدتهم على دخول سوق العمل. لكن نشاط ياسر الأكثر شجاعة هو دوره في مركز «الجمال السياسي» الذي التحق به في عام 2014. المركز يطلق مبادرات صارخة بصدى الإنسانية، ويوظف المدينة كمسرح لعرض «إنساني عدواني» مطالبة بحقوق الإنسان. وبين عامي 2014 و2016 شارك في مشاريع لخدمة اللاجئين. ويقول: «أول مشروع شاركت به كان عن الأطفال السوريين ضحايا الحرب». ويضيف: «زوّرنا موقع وزارة العائلة الألمانية وكتبنا بيانا مزيفا عن الوزيرة أنّها أطلقت مشروعا لتبنّي 55 ألف طفل سوري لإنقاذهم من الحرب. صدّقه الناس، وتقدمت عائلات تطلب تبني الأطفال. بعد انفضاح أمر الموقع، قرّرت ألمانيا رفع حصتها في عدد المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي من 20 إلى 30 ألفا».
مشروع ثان يخدم معاناة المهاجرين شارك به ياسر، كان عن المهاجرين الذين تبتلعهم مياه البحر، واكتشاف مقابر جماعية لهم في الجزر اليونانية والإيطالية. ويوضح: «تواصلنا مع عائلاتهم وأخذنا موافقتهم لنقل جثثهم لتدفن في برلين لتصبح لديهم قبور وشواهد، ولإيصال رسالة إنسانية عن فظاعة الوضع، واستطعنا إحضار جثتين»، مستطرداً: «عقب ذلك مظاهرة في برلين بدأت من متحف التاريخ الألماني حتى مكتب المستشارة الألمانية، شارك فيها 5 آلاف شخص. وطلبنا من المتظاهرين عدم التخريب أو التعدي على حرم المكتب والحديقة المحيطة به، لكنّهم لم يصغوا لنا وحفروا قبورا في المرج كرمز اعتراضي شبيه بتذكار الهولوكوست في برلين».
شارك ياسر في مشروع ثالث، إلى جانب الفنانة والناشطة السورية الراحلة مي سكاف، تحت مظلة «مركز الجمال السياسي» كان «افترس لاجئاً»، وتضمنت هذه الفعالية التهديد بتقديم قرابين بشرية لنمور برية، في محاكاة للمصارعة مع الأسود التي كانت تجري على الحلبات الرومانية (الكولوسيوم). وتطوعت سكاف بتقديم نفسها كقربان لتفترسها النمور البرية إضافة لسبعة متطوعين آخرين. وأوضحت سكاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد نشر خبر مشاركتها في الفعالية أنّ النمور ليست برّية بل مدرّبة، وأنّ الفعالية لا تعدو كونها عملاً مسرحياً ببعد فني سياسيّ، لدعم اللاجئين السوريين وتعديل قانون اللجوء الألماني. وجد ياسر نفسه وأبقى على هويته في برلين، فهل يفكر اليوم بالعودة إلى سوريا؟ يقول: «لا أفكر بالعودة، ولكن في يوم من الأيام عندما تنتهي الحرب، آمل في المساهمة بإبرام شراكات مع شركات ألمانية لإعادة إعمار البلاد».



الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
TT

الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)

المحنة الخطيرة التي تعرّض لها لبنان في عام 2006، بالمقارنة مع المحنة التي لا يزال يتعرّض لها منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، تبينان أن هناك أوجه شبه متعددة في جذورهما، كما أن هناك فروقات شاسعة بينهما، لا سيما بسبب تغير الظروف والأحوال.

منذ اللحظة التي قام بها العدو الإسرائيلي بعدوانه على لبنان في شهر يوليو (تموز) 2006، بحجة العملية العسكرية لـ«حزب الله» واختطافه عنصرين من الجيش الإسرائيلي، دعوتُ مجلس الوزراء للانعقاد والبحث في مخاطر هذا العدوان وتداعياته، واتخاذ التدابير، لحماية الأمن الوطني وحماية أمن اللبنانيين وسلامتهم، في المناطق التي أصبح يستهدفها، وللحؤول دون إفراغ الجنوب اللبناني من أهله.

لقد طرحتُ الأمر على مجلس الوزراء، وقلتُ بوضوح، إننا كحكومة فوجئنا ولم نكن على علم مسبّق بهذه العملية، وإننا لا نتبناها، ونستنكر عدوان إسرائيل على لبنان، وعلى سيادته وعلى الشعب اللبناني، وعلينا تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، والمطالبة بوقف إطلاق النار.

المسافة بين الدولة و«الحزب»

بذلك نجحت الحكومة آنذاك في إيجاد مسافة واضحة بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وهو ما أفسح المجال أمامها في مخاطبة المجتمعين العربي والدولي، والتواصل معهما من أجل مساعدة لبنان وتعزيز صموده. وهذا أيضاً ما أهّلها ومكّنها بعد ذلك، وفي ظل عنف الجرائم التي باتت ترتكبها إسرائيل إلى أن تكتسب دور الضحية الذي حاولت إسرائيل أن تلبس رداءه منذ صباح الثاني عشر من يوليو (تموز).

حرصت منذ ذلك الوقت على أن تكون الدولة اللبنانية بكل مكوناتها وإمكاناتها هي المسؤولة عن كل ما يجري، وعن معالجة نتائج ما حصل وما سيحصل، وأنها ستتحمل مسؤولياتها باتخاذ كل القرارات والإجراءات التي تحمي لبنان واللبنانيين، وتوفير مقومات صمودهم والاهتمام بالنازحين اللبنانيين.

منذ ذلك اليوم، تحوّل السراي الحكومي إلى ورشة عمل وطنية لا تهدأ، كما تحول أعضاء الحكومة إلى فريق عمل واحد للدفاع عن لبنان، والعمل على استنهاض الجهود في كل إدارات الدولة ومرافقها وإمكاناتها من أجل توفير مقومات الحياة للبنانيين، كما استنهاض المجتمع المدني للقيام بدورهم بواجب الدفاع عن لبنان.

على المستوى الخارجي، تكثّفت الاتصالات اليومية وبالتعاون مع وزير الخارجية اللبناني بكبار المسؤولين في العالم، من الأمين العام للأمم المتحدة، ومروراً برؤساء الدول العربية الشقيقة، وكذلك الدول الصديقة ممن يملكون القرار، ولهم القوة والنفوذ والتأثير الدولي، وكان مطلبنا الأساسي والأول من مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار.

في ذلك الوقت، استمرّ العدو الإسرائيلي في شن الحرب على لبنان، وفي استهداف المنشآت والمرافق، وتدمير الجسور والطرقات والمدارس والأبنية في القرى والبلدات، بينما جهدت الحكومة من أجل استنهاض العالم والمنظمات الدولية لإدانة ووقف ما يعانيه لبنان، وما يتعرّض له من مخاطر.

مهجرون في حرب تموز 2006 يعودون إلى مناطقهم بعد وقف إطلاق النار (غيتي)

خطة النقاط السبع

في ذلك الوقت، بادرت مع مجلس الوزراء، وبحضور رئيس الجمهورية ومشاركته الفعالة إلى بلورة صيغ الحلول للبنان، ووضعها بمتناول رؤساء دول العالم ومجلس الأمن من أجل وقف الحرب على لبنان ولإنهاء العدوان الإسرائيلي، حيث أقرت الحكومة خطة النقاط السبع التي عرضْتُها في مؤتمر روما، والتي اعتمدها مجلس الأمن من ضمن بناءاته في إصدار القرار الدولي بوقف إطلاق النار.

صدر القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن، وتوقفت الحرب، وعاد النازحون إلى ديارهم وقراهم ابتداء من يوم 14 أغسطس (آب) 2006، وأنجزت ورشة البناء والإعمار للبنى التحتية وللأبنية المدمرة والمتضررة على أعلى درجات الكفاءة والصدقية والفاعلية والسرعة، وبفضل المساعدات الكريمة التي قدمتها الدول العربية، لا سيما دول الخليج، والدول الصديقة، والتي استند لبنان في الحصول عليها على الثقة التي رسختها الحكومة اللبنانية في علاقاتها مع جميع الأشقاء والأصدقاء. وبناء على ذلك، فقد عاد لبنان من جديد إلى نهوضه وازدهاره، ولممارسة دوره الطبيعي عربياً وعالمياً، وحيث استطاع لبنان خلال السنوات من 2007 إلى 2010 أن يحقق أعلى نسبة نمو في تاريخه الحديث لـ4 سنوات متوالية، وأن يحقق فائضاً سنوياً كبيراً في ميزان المدفوعات، وكذلك فائضاً إيجابياً كبيراً في مجموع الاحتياط من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وخفضاً نسبياً كبيراً في نسبة الدين العام اللبناني إلى ناتجه المحلي.

لقاء رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للاتفاق على مشاركة ألمانيا في قوات "يونيفيل" في 2006 (غيتي)

وحدة ساحات بلا مقوّمات

بالمقارنة، فإنَّ ما حصل في 8 أكتوبر عام 2023، نتيجة مبادرة «حزب الله» مستنداً إلى نظريته بوحدة الساحات، وهو قد قام بذلك منفرداً وعلى مسؤوليته، ومن دون اطلاع أو معرفة السلطات الشرعية في لبنان إلى إشعال الجبهة على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأيضاً دون الأخذ بالحسبان الظروف شديدة الصعوبة التي بات يعاني منها لبنان آنذاك، ولا يزال.

صباح اليوم التالي، في 8 أكتوبر 2023، أصدرتُ بياناً شدّدت فيه على أن لبنان لا يستطيع، ولا يمكن أن يُزجَّ به في هذه المعركة العسكرية، وعددت 5 أسباب أساسية فحواها الأزمة الوطنية والسياسية لعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تأليف حكومة مسؤولة، والضائقة الاقتصادية الخانقة، وأزمة النازحين السوريين، وانحسار الصلات الوثيقة مع دول الاحتضان العربي، وعدم توفر شبكة الأمان العربية والدولية التي حمته في عام 2006، وكذلك عدم وجود عطف أو تأييد لدى غالبية اللبنانيين لدعم مثل هذا التدخل العسكري.

الآن، ولأنّ القرار 1701 لم يطبق كما يجب، ولأنَّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم يلعبا دورهما في السهر على تطبيق جميع القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان وبالقضية الفلسطينية كما يجب، وحيث أثبتت إسرائيل أنها لا تسعى لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، ولا تعترف بالقانون الدولي، ولا بالشرعية الدولية، ولا بالحقوق الإنسانية، وتمعن في جرائم الإبادة والقتل والتدمير في غزة والضفة الغربية، وترتد اليوم على لبنان لتعود وتقتل المدنيين وتهجر الآمنين وتدمر المنازل والمنشآت، وتَستعْمِل وسائل التكنولوجيا الحديثة واصطياد الناس الآمنين.

دور وطني يبحث عن أبطال

الآن، وقد أصبحنا على ما نحن عليه، من إرغامات ومن عوائق، وكذلك من نوافد يمكن الولوج منها نحو إخراج لبنان من نير هذا العدوان الإسرائيلي، فإنّه باعتقادي أن في لبنان الآن دوراً وطنياً كبيراً، يبحث عن أبطاله وفي غياب رئيس للجمهورية، وهما بنظري الرئيس نبيه بري بكونه رئيس السلطة التشريعية، والرئيس نجيب ميقاتي بكونه رئيس حكومة تصريف الأعمال، وعليهما أن يكتسبا بجهودهما وتفانيهما، شرف وأجر هذا الدور وهذه البطولة، وعلى جميع المسؤولين والحريصين على إنقاذ لبنان، أن يبادروا إلى مساعدتهما عبر تبني النقاط الست الآتية:

أولاً: إنَّ الواجب الوطني يقتضي من جميع اللبنانيين التضامن والتماسك والتصرف على قاعدة الوحدة والأخوة الوطنية الواحدة، وأن الشعب اللبناني بِرُمَّته يشجب ويدين هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يستهدف لبنان كله والصيغة اللبنانية، بتآلف عناصرها وتفاعلها، والتي لا تحتمل غالباً أو مغلوباً.

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)

ثانياً: إنَّ الحلول للبنان لن تكون ويجب ألا تكون إلا عبر الحلول الوطنية الجامعة، التي تركّز على التمسك بحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف والدستور اللبناني، وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية، وبقرارها الحر ودورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية، ومسؤوليتها الكاملة تُجاه شعبها وأمنه واستقراره.

ثالثاً: بما أنّ العدوان يطال كل لبنان ويصيب كل اللبنانيين، وليس من أحد منهم يتوسَّل العدوان الإسرائيلي، لكي يستفيد أو يدعم موقفه السياسي، فإنّ التفكير والبحث يجب أن ينصبَّ على ضرورة أن تعود الدولة اللبنانية لتأخذ على عاتقها زمام الأمور والمسؤولية، وما يقتضيه ذلك من موقف وطني جامع، بحيث يحتضن اللبنانيون بعضهم بعضاً ويكون همهم الوحيد إنقاذ لبنان وإخراجه من أتون هذه الأزْمة المستفحلة والخطيرة، التي تهدّد كيان الوطن ووحدة اللبنانيين وتماسكهم ومصيرهم.

رابعاً: مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارٍ بوقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان، وتَحَمُّلِ مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عبر التزام جميع الأطراف بالتطبيق الكامل والفوري للقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، واحترام جميع القرارات الدولية ذات الصلة.

خامساً: مبادرة رئيس المجلس النيابي بدعوة المجلس إلى الانعقاد لمناقشة المخاطر التي تتربص بالدولة اللبنانية وبالشعب اللبناني بما يحفظ الكيان اللبناني، ويحترم الدستور اللبناني، ويحافظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه. كما الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون أي إبطاء. رئيس يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي لتشكيل حكومة مسؤولة تتولى التنفيذ الكامل للقرار 1701، وتعمل لاستعادة العافية والسيادة اللبنانية وتعزيز دور الدولة اللبنانية الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة، وحرية لبنان، واستعادة نهوضه، واستقراره.

سادساً: السعي مع جميع الأشقاء العرب وجامعة الدول العربية بكونهم أشقاء الدم والهوية، وكذلك مع جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية الإنسانية لتقديم كلّ المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة النازحين المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين، وكذلك لتأمين العودة العاجلة والفورية لعودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم ووضع الآليات ورصد المبالغ اللازمة لإعادة إعمار ما تهدم وما تضرر.

لقد أثبتت هذه المحنة الجديدة أن لبنان لم يستفِد من تجربة ودروس عام 2006، وأنه بات مكشوفاً بتفاصيله أمام العدو الإسرائيلي الذي استثمر تفوقه الناري والجوي والتكنولوجي والاستخباراتي والدعم الدولي اللامحدود له بالترخيص بالقتل والتدمير، وهو الذي لا يزال يُراهن على التسبب بالانقسام، والفتنة بين اللبنانيين، التي لا ولن تحصل بإذن الله، وهو لذلك لم يتورع عن ارتكاب المجازر والاغتيالات، التي كان آخرها اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله.

اليوم لبنان والعالم كله أمام الامتحان، فهل تقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمناصرة الحق، وهل يبادر اللبنانيون بكل قواهم، للدفاع عن حق لبنان واللبنانيين في الوجود الكريم والآمن، وتلقين إسرائيل درساً في معنى الحق والإنسانية واحترام حقوق الإنسان؟!