قدمتُ يهود دمشق كبشر

قدمتُ يهود دمشق كبشر
TT

قدمتُ يهود دمشق كبشر

قدمتُ يهود دمشق كبشر


نشرت صحيفة «الشرق الأوسط»، يوم الاثنين الماضي، 11 فبراير (شباط) الحالي، مقالاً بعنوان «يهود دمشق في ثلاث روايات» للروائي والناقد السوري نبيل سليمان، الذي تناول فيه رواية «عين الشرق» للروائي إبراهيم الجبين. وقد جاءنا الرد التالي من الروائي:
يرفض الناقد السوري نبيل سليمان في مقاله المنشور في صحيفة «الشرق الأوسط»، «يهود دمشق في ثلاث روايات»، أن يكون لمواطن سوري الحق في مناقشة شأن سوري عام، فقط لأنه سوري يهودي!
وعن شخصية اليهودي في روايتي «عين الشرق» يقول سليمان: «يكون لليهودي فعله المتواصل، وصورته الروائية... لكنها تنوء تحت وطأة الحمولة التي تجعله عليماً بالشأن السوري، من قصيدة سليم بركات السردية إلى حديث ياسين الحافظ عن أن الديمقراطية لا تناسب الأقليات، فلا أقليات أو أكثريات دينية أو عرقية في الديمقراطية». وإذ لا أخفي غبطتي بنجاح روايتي في ضرب حقل إيهامٍ سيطر على مشاعر سليمان فجعله يتأثر بشخوصها إلى هذه الدرجة من التوتر، بحيث لم يعد لديه هاجسٌ غير الحديث عنها طيلة الوقت. إلا أني آسف لكوني أراه، هنا، يجانب الصواب تماماً، ويصدر عن وجهة نظر ضيقة، إذا لم أقل أكثر. إذ ما الذي يعيب يهودياً سورياً إنْ يناقش نظرية لمفكّرٍ سوري؟ وما الذي استفز سليمان فيما قاله اليهودي؟ أم أن سليمان يرى أنه لا يجوز أساساً لروائي سوري أن يدوّن أفكاراً كهذه؟
يتهمني سليمان بأن تناولي ليهود دمشق دافعه غواية الترجمة. أما حديثه عن بنية نصي الروائي، فوددتُ لو أنه توسّع فيه، لكنه استعمله كمفتاح ليقول ما يريد، وهو ينشر مقاله الجديد هذا، ولم تمض بعدُ شهور قليلة على حوار تلفزيوني أجراه معه الإعلامي أنس أزرق على قناة «سوريا» الفضائية، قال فيه سليمان إنه يود أن يلفت النظر «إلى أن رواية (عين الشرق) تتعامل مع اليهودي على أنه من صميم المجتمع السوري». فسأله أزرق: «وكأنّكَ تستنكر هذا؟». أجاب سليمان «لا. ولكني أقول هذا كي يسمعني من يسمعني الآن»! قبلها بفترة قصيرة نشر سليمان في صحيفة أخرى مقالاً بعنوان «بين الألوهة والديكتاتورية» عن روايتي ذاتها «عين الشرق»، قال فيه «تجزم رواية إبراهيم الجبين بأن العلويين يؤلهون الرئيس... وهكذا يصير التألّه والتأليه في أشراك الديكتاتورية تكفيراً». ولا إخال أن القارئ الكريم بحاجة إلى التذكير بأن ما تنطق به شخصية في رواية هو رأي الشخصية التي يخلقها الكاتب لا رأيه هو.
هو سياقٌ مشتنجٌ واحدٌ إذن؟ ومهمّة «غير نقدية» متواصلة، مهما حاول سليمان تنويع النغمات فيها.
سليمان المندهش من الكتابة عن اليهود العرب، يتكتم دون أدنى أمانة، في مقال «الشرق الأوسط»، على معرفته بصدور وحظر روايتي «يوميات يهودي من دمشق» في دمشق عام 2007. مُنعت حينها في كهف الشيطان السوري، قبل ما يسميه بالزلزال السوري، لأنها قدّمت يهود دمشق كبشر، لا كورقة للتفاوض تحت حكم «الرئيس»، ولا كمحرّم ذهني لا تصحّ مقاربته تحت حكم نبيل سليمان.
إن التعاطي مع مأساة اليهود العرب، بقناعتي، اختبارٌ حقيقي في التفاعل مع الآخر. فأولئك الذين يستكثر عليهم سليمان أن نكتب عنهم، ظلموا مرتين؛ ظلمهم الإسرائيلي الأوروبي الذي عاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية، وظلمتهم الأنظمة العربية التي «فَرْهَدتهم» وهجّرتهم وأشاعت عنهم فكراً كالذي يحمله سليمان في أذهان العوام.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.