هويتك الرقمية تباع بأقل من 50 دولاراً في «الويب المظلم»

تُستخدم لانتحال شخصية ما لتنفيذ الجرائم الإلكترونية وطلب القروض المصرفية

هويتك الرقمية تباع بأقل من 50 دولاراً في «الويب المظلم»
TT

هويتك الرقمية تباع بأقل من 50 دولاراً في «الويب المظلم»

هويتك الرقمية تباع بأقل من 50 دولاراً في «الويب المظلم»

أضحت الهويات الرقمية المسروقة تباع بأقل من خمسين دولارا على «الويب المظلم»، كما تزداد شهية المجرمين الإلكترونيين لسرقة البيانات من الخدمات الرقمية واسعة الانتشار، كحسابات شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الألعاب الإلكترونية. ويمكن أن يؤدي استهتار المستخدم بحساباته الرقمية إلى اتباع نهج ضعيف تجاه الأمن، الأمر الذي سيُسهل على اللصوص سرقة البيانات وارتكاب الجرائم.
وقد يجد المستخدمون أنفسهم مطالبين بسداد ديون تحملوها بفعل مجرمين اقترضوها منتحلين هوياتهم، أو مشتبه بهم في ارتكاب جرائم قام بها أشخاص آخرون لجأوا إلى التستر بهوياتهم المسروقة، وخسارة المال وتضرر سمعتهم.
-- سرقة الحياة الرقمية
ويبيع المجرمون نسخة من الحياة الرقمية الكاملة المسروقة لشخص ما بأقل من 50 دولارا، والتي تشمل بيانات حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والتفاصيل المصرفية وبيانات الوصول عن بعد إلى الخوادم والأجهزة المكتبية، وحتى بيانات من خدمات معروفة مثل «أوبر» و«سبوتيفاي»، إضافة إلى مواقع الألعاب الإلكترونية والكثير من المواقع الأخرى التي قد تُخزن معلومات بطاقة الائتمان. وفي الوقت نفسه، لا يزيد السعر المدفوع للحساب الذي يتم اختراقه عن دولار واحد، بل يقدم المجرمون خصومات على الشراء بالجملة، مع تقديم بعض المجرمين الذين يبيعون البيانات للمشترين ضمانا عليها مدى الحياة، لذلك فإن المشتري سيتلقى حسابا جديدا مجانا إذا توقف أحد الحسابات عن العمل.
وتتمثل أكثر الطرق شيوعا لسرقة هذا النوع من البيانات في حملات التصيد أو استغلال الثغرات الأمنية في التطبيقات المتعلقة بالويب. ويحصل المجرم بعد هجوم ناجح على كلمات المرور الخاصة بالخدمات التي تم الاستيلاء عليها. ومع استخدام كثير من الأفراد لكلمة مرور موحدة لعدة حسابات، يتمكن المهاجمون من استخدام هذه البيانات للوصول إلى حسابات للأفراد أنفسهم على منصات أخرى.
وفي المقابل ثمة خطوات يمكننا اتخاذها لمنع ذلك، كاستخدام حل أمني إلكتروني، وإدراكنا لمقدار البيانات التي نتيحها مجانا لأطراف أخرى، خاصة في حساباتنا المتاحة للجمهور في مواقع التواصل الاجتماعي. ويمكن للأفراد تجنب هذه المخاطر باتخاذ عدة خطوات أمنية سهلة ينبغي لها أن تصبح جزءا لا يتجزأ من أي حياة رقمية لمستخدم الإنترنت، تشمل:
- التحقق دائما من صحة عنوان الرابط والبريد الإلكتروني للجهة المرسلة قبل النقر على أي رابط أو ملف أو صورة في الرسالة الإلكترونية، للبقاء في أمان من هجمات التصيد.
- توظيف الحلول الأمنية القوية لتحذير المستخدم إذا حاول زيارة صفحة مخادعة. ولتجنب وقوع أي حادث تسرب للبيانات قد يضر بجميع هويات المستخدم الرقمية، يُنصح بعدم استخدام كلمة المرور نفسها لعدة مواقع إلكترونية أو خدمات، واستخدام كلمات مرور قوية ومضادة للاختراق.
- لتمكين المستخدم من التعرف على من يمكن أن تكون بياناته الشخصية بحوزته، يمكن اللجوء إلى خدمات مثل HaveiBeenPwned.com وPrivacyAudit.me التي تبحث تلقائيا عنما إذا تم سرقة بيانات المستخدم في عدد كبير من المصادر.
-- الويب المظلم
ولكن ما الآلية التي يتم من خلالها بيع وشراء الهويات الرقمية في «الويب المظلم»؟ يتم دفع المبالغ لقاء الهويات المسروقة غالبا باستخدام العملات الرقمية المشفرة مثل «بتكوين» و«مونيرو» Monero، ومن خلال مواقع تجارة العملات الرقمية المعروفة. ومن متاجر «الويب المظلم» Dream Market وWall Street Market وSilk Road 3 Market وBerlusconi Market وEmpire Market وAltBay Market وCharlieUK Vendor Shop وElHelbolario Vendor Shop وDutch Magic Vendor Shop وGammaGoblin Pushing Taboo Vendor Shop وRechardSport Vendor Shop وToYouTeam Vendor Shop وMaghreb Vendor Shop، والكثير غيرها، وهي تقدم تشكيلة كبيرة من الهويات الرقمية التي تشمل جوازات السفر وبطاقات الائتمان والهويات الوطنية المزورة.
ويجب على المشتري تأكيد تسلمه للمنتج المرغوب لإكمال العملية وإيصال المبلغ إلى البائع. وبالنسبة لأرقام بطاقات الائتمان، فتتم العملية رقميا بالكامل، سواء بالدفع من خلال العملات الرقمية أو حسابات «باي بال»، ليشارك المتجر المظلم للمعلومات المطلوبة فورا. وغالبا ما يتم استخدام الهويات الرقمية المسروقة في ارتكاب جرائم رقمية لإخفاء الهوية الحقيقية للمجرم.
وقد سجل العام 2017 أعلى نسبة احتيال في الهويات الرقمية في بريطانيا، تجاوزت 174 ألف حالة، بينما وصل العدد إلى 371 ألف حالة في الولايات المتحدة الأميركية في العام نفسه و399 ألف حالة في العام 2016.
ونظرا لأن عمليات الشراء من المصارف مراقبة ويتطلب الكثير منها إدخال رمز سري يتم إرساله إلى هاتف المستخدم، فإن التعاملات الرقمية تسود في هذه السوق المظلمة لسهولة تنفيذ العمليات مباشرة أو من خلال حسابات مسروقة. ويستطيع المجرمون التقدم بطلبات للقروض المصرفية من خلال مواقع المصارف باستخدام البيانات الشخصية المسروقة. وتُقدَّر قيمة غنائم الاحتيال الإلكتروني في العام 2017 بـ16 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».