عقوبات إسرائيلية ضد الفلسطينيين ومطالبات بقتل أبو مازن

في أعقاب مقتل مستوطنة شابة... والسلطة الفلسطينية تحذر

تدخل الأمن الإسرائيلي إثر مواجهة مستوطن لمراقبين فلسطينيين في الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
تدخل الأمن الإسرائيلي إثر مواجهة مستوطن لمراقبين فلسطينيين في الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

عقوبات إسرائيلية ضد الفلسطينيين ومطالبات بقتل أبو مازن

تدخل الأمن الإسرائيلي إثر مواجهة مستوطن لمراقبين فلسطينيين في الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
تدخل الأمن الإسرائيلي إثر مواجهة مستوطن لمراقبين فلسطينيين في الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

في أعقاب إعلان المخابرات الإسرائيلية عن اعتقال شاب فلسطيني من الخليل بتهمة قتل شابة يهودية في القدس، قررت الحكومة الإسرائيلية معاقبة السلطة الفلسطينية بتطبيق قانون خصم أموال الضرائب وهدم بيت ذوي الشاب. فيما خرج المستوطنون في عدة مظاهرات طالبوا فيها صراحة بالانتقام باغتيال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. ورد الفلسطينيون محذرين من أجواء التحريض العنصري بالقتل، واتهموا إسرائيل بأنها «هي الإرهاب الحقيقي في المنطقة».
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت أنها اعتقلت الشاب عرفات الرفاعية (28 عاماً)، في بيت مهجور في قلب رام الله، المشتبه بقتل الشابة اليهودية أوري إنسباخر (19 عاماً)، في القدس، مساء الخميس الماضي، وأنه اعترف بتنفيذ العملية. وأنها قامت بمداهمة بيت والديه في حي أبو سنينة في الخليل، ورسمت خريطة للمنزل تمهيداً لهدمه في القريب.
وعلى أثر ذلك، انفجرت في ساعات الليل عدة مظاهرات للمستوطنين، احتجاجاً على القتل ومطالبة بالانتقام. وبدأت هذه المظاهرات في مستوطنة «تقواع» قرب بيت لحم، التي تعيش فيها الشابة اليهودية، ثم انتشرت إلى عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة؛ خصوصاً قرب مستوطنات «أرئيل» و«غوش عتصيون» و«كريات أربع»، وكذلك في تل أبيب والقدس. وهاجم عشرات المستوطنين على مفترق التجمعات الاستيطانية «غوش عتصيون» شمال الخليل، مركبات المواطنين، ووجهوا الشتائم والتهديدات لهم، ثم رشقوا سياراتهم بالحجارة. واندلعت مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال الإسرائيلي على مدخل مخيم العروب شمال الخليل، أطلقت قوات الاحتلال خلالها وابلاً من قنابل الغاز والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، في اتجاه منازل المواطنين على مدخل المخيم. وأقامت قوات الاحتلال حاجزاً عسكرياً على المدخل الجنوبي لمدينة دورا جنوب غربي الخليل، ودققت في بطاقات المواطنين. وتظاهر المستوطنون وناشطون في اليمين المتطرف في القدس، وأغلقوا مدخل المدينة لفترة قصيرة، فيما صرخوا بهتافات عنصرية، بينها: «الشعب يريد الانتقام»، و«الموت للعرب».
ورفع المستوطنون المشاركون في المظاهرات، لافتات كتبت عليها شعارات تدعو بشكل مباشر وواضح إلى قتل الرئيس عباس، إضافة لقتل كافة الفلسطينيين، وكتبوا على لافتات: «تصفية ممولي القتل» مع صور للرئيس. وطالب المتظاهرون بوقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى السلطة، باعتبار ذلك «تمويلاً مباشراً للإرهاب». وخرج رئيس حزب «اليمين الجديد» وزير المعارف، نفتالي بنيت، بطلب تفعيل القانون الذي ينص على خصم الأموال قائلا: «إننا نطالب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بوقف هذه المهزلة وخصم الأموال فوراً». وادعى بنيت أن الجيش الإسرائيلي وغيره من أجهزة الأمن تعارض تطبيق هذا القانون، خوفاً من استقالة عباس وإفلاس السلطة الفلسطينية. وقال: «إذا كان عباس يود الانتحار فلينتحر. نحن علينا أن نطبق القانون».
واستجاب نتنياهو للضغوط، وقال خلال جلسة لحكومته، أمس الأحد: «أعلن أنه سيتم حتى نهاية هذا الأسبوع العمل على تطبيق القانون الذي يقضي بخصم رواتب الإرهابيين، من العائدات الضريبية التي تحول إلى السلطة الفلسطينية».
وتجاهل نتنياهو والناطقون بلسان الحكومة الدعوات التي أطلقها المستوطنون لقتل أبو مازن. وبالمقابل حذرت حركة فتح، التي تقود السلطة الفلسطينية، من التحريض المتصاعد من قبل المستوطنين على قتل الرئيس عباس، وقتل المواطنين الفلسطينيين، معتبرة ذلك «نتيجة طبيعية لسياسة الكراهية والتحريض والقتل، وتنفيذ سياسة (الأبارتهايد) العنصري التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني». وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها، أسامة القواسمي، إن «حكومة الاحتلال الإسرائيلي هي التي تمول «الإرهاب الحقيقي، من خلال إصرارها على الاحتلال، وبناء جدار الفصل العنصري، ومنع حرية الحركة، والإعدامات الميدانية، وهدم البيوت، وعزل القرى والمدن، وقتل الأطفال، واعتقالهم، وليس الرئيس محمود عباس الذي يدافع عن حقوق شعبنا وفقاً للشرعية الدولية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.