قهوجي: الجيش اللبناني كسر مخطط تحويل لبنان إلى عراق آخر

«المستقبل»: مساهمة الحريري لعرسال «ستلبي حاجات» لا تستطيع الدولة سدها

قهوجي: الجيش اللبناني كسر  مخطط تحويل لبنان إلى عراق آخر
TT

قهوجي: الجيش اللبناني كسر مخطط تحويل لبنان إلى عراق آخر

قهوجي: الجيش اللبناني كسر  مخطط تحويل لبنان إلى عراق آخر

أعلن نواب كتلة «المستقبل»، أمس، أن رئيس الحكومة الأسبق ورئيس التيار سعد الحريري ستكون له «مساهمة فعالة تلبي الحاجات الكثيرة» لبلدة عرسال الحدودية مع سوريا التي «لا تستطيع الدولة اللبنانية تلبيتها»، وذلك خلال زيارة للبلدة، غداة إعلان الحريري تخصيص مبلغ 15 مليون دولار تخصص لبناء المدارس والمستشفى وما تحتاج إليه البلدة من مشاريع ضرورية.
وتأتي زيارة الوفد النيابي من «المستقبل»، عقب استعادة الجيش اللبناني سيطرته على البلدة التي شهدت معارك بين الجيش ومسلحين متشددين دخلوا إليها مطلع الأسبوع الماضي، واستمرت خمسة أيام. وقال قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، أمس، إن مقاتلي تنظيم «داعش» الذين سيطروا على البلدة «كانوا يدبرون لتحويل لبنان إلى عراق آخر بإثارة فتنة طائفية بين السنة والشيعة مما يعرض وجود لبنان للخطر».
وأكد قهوجي، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، أن المتشددين الذين يجتاحون العراق وسوريا ما زالوا يمثلون «تهديدا كبيرا» على لبنان، معربا عن اعتقاده أن «الجيش والقوى الأمنية متنبهون على مدار الساعة». وأوضح أن الجيش «ضربهم ويضربهم، وكسر مخططهم»، مشددا على أنه «لأننا كسرناهم غيرنا مجرى التاريخ»، من غير أن يستبعد تكرار محاولة المسلحين الدخول إلى عرسال، قائلا: «قد يفكرون في خطة أخرى ويحاولون مرة ثانية لكي يحدثوا فتنة سنية - شيعية».
وكان هجوم المقاتلين على عرسال في الثاني من أغسطس (آب) الحالي، أخطر امتداد للحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ثلاث سنوات إلى لبنان والمرة الأولى التي يستولي فيها أجانب على أراض لبنانية منذ توغل إسرائيل في الجنوب أثناء حربها مع «حزب الله» عام 2006.
وكشف قهوجي عن أن المتشددين كانوا يهدفون إلى تحويل بلدة عرسال إلى رأس حربة ينطلقون منها لمهاجمة قرى شيعية مجاورة مما يثير عاصفة طائفية من نار قال إنها كانت ستدمر لبنان، مستندا في تصريحاته إلى اعترافات القيادي المتشدد أبو أحمد جمعة الذي أطلق اعتقاله في 2 أغسطس الحالي، شرارة المعركة، مشيرا إلى أن القيادي الموقوف لدى الجيش «كان يجهز الترتيبات النهائية للخطة عندما ألقي القبض عليه».
وجدد تأكيده أن الهجوم على الجيش «كان مخططا له»، و«ليس صحيحا أن توقيفه كان السبب باندلاع المعارك»، لافتا إلى أن اعترافاته «أدت إلى إلقاء القبض على عدد من خلايا المتشددين في أنحاء مختلفة من لبنان».
وتشير تقديرات الجيش اللبناني إلى أن عشرات المتشددين المسلحين قتلوا خلال المعركة معه في عرسال والتي استمرت خمسة أيام. وانسحب المسلحون إلى المنطقة الحدودية الجبلية يوم الخميس الماضي بعدما أسروا 19 جنديا لبنانيا، في حين قتل 18 جنديا لبنانيا على الأقل. ونعت قيادة الجيش، أمس، العريف سهيل محمد حسن ضناوي الذي استشهد خلال الاشتباكات التي خاضها الجيش ضد المجموعات الإرهابية في منطقة عرسال.
وبموازاة ذلك، سحب الجيش سبع جثث عائدة لمسلحين، من محيط كسارة العويش عند المدخل الغربي لبلدة عرسال، كما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام»، في وقت يواصل فيه الجيش استنفاره على تخوم البلدة التي شهدت معارك طوال خمسة أيام الأسبوع الماضي.
واطلع وفد من نواب كتلة «المستقبل»، يضم النواب جمال الجراح، وزياد القادري وعاصم عراجي، على أوضاع عرسال أمس، واجتمعوا برئيس البلدية علي الحجيري وفاعلياتها في مبنى البلدية، حيث عقد مؤتمر صحافي قال فيه الجراح، إن ما حصل من أحداث يثبت «أن عرسال خيارها الدولة كما هو خيارنا، وخيارها الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الشرعية اللبنانية»، متمنيا على السكان «الاستمرار مع النازحين السوريين المدنيين الذين لا يشكلون خطرا على أمن عرسال بنفس الترحيب والطيبة والتعاون والأخوة».
وأكد النائب القادري، بدوره، أن «رسالة الرئيس سعد الحريري هي أولا رسالة اعتدال»، داعيا إلى معالجة أسباب ما حصل وليس فقط التعاطي مع النتائج، مضيفا: «يجب أن تكون هذه المحنة فرصة لنا جميعا كي نمتن حضور الدولة بكل مؤسساتها على كامل التراب اللبناني، وخصوصا حدودنا الشرقية والشمالية من عرسال إلى سائر الحدود».
وأشار إلى أن رئيس الحكومة تمام سلام «وعدنا بمتابعة حثيثة لحاجات البلدة»، مشددا على أنه «بتوجيهات من الحريري، سنواكب اليوم هذا الأمر وستكون له مساهمة فعالة تلبي الحاجات الكثيرة التي لا تقدر الدولة اللبنانية على تلبيتها».
من جهته، جزم النائب عراجي بأن «أهل عرسال يريدون خيار الدولة، وأن ينتشر الجيش اللبناني في عرسال وعلى الحدود اللبنانية - السورية»، مضيفا: «إذا كان الجيش اللبناني لا يملك القدرة العملانية على ذلك، يجب أن نلجأ إلى القرار 1701 الذي أعطى الحق للدولة اللبنانية بالاستعانة بقوات (يونيفيل) وتجهيزاتها المتطورة لمنع دخول المسلحين إلى لبنان».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».