«سوريا الديمقراطية» تبدأ معركتها الأخيرة لطرد «داعش» من جيبه الأخير

عنصر من «قوات سوريا الديمقراطية» بأحد شوارع بلدة هجين السورية بعد انتزاعها من تنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
عنصر من «قوات سوريا الديمقراطية» بأحد شوارع بلدة هجين السورية بعد انتزاعها من تنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
TT

«سوريا الديمقراطية» تبدأ معركتها الأخيرة لطرد «داعش» من جيبه الأخير

عنصر من «قوات سوريا الديمقراطية» بأحد شوارع بلدة هجين السورية بعد انتزاعها من تنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
عنصر من «قوات سوريا الديمقراطية» بأحد شوارع بلدة هجين السورية بعد انتزاعها من تنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، اليوم (الأحد)، بدء «المعركة الحاسمة» لإنهاء وجود مسلحي تنظيم داعش المتطرف، الذين باتوا يتحصنون في آخر معاقلهم في شرق البلاد بعد أشهر من المعارك الدامية.
ومني التنظيم، الذي سيطر في عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين، وبات وجوده حالياً يقتصر على مناطق صحراوية حدودية بين البلدين.
وبات «داعش» محاصراً في شرق سوريا ضمن أربعة كيلومترات مربعة قرب الحدود العراقية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، قوله «المعركة بدأت».
وأكدت «قوات سوريا الديمقراطية» على حسابها على «تويتر» أنها «أطلقت المعركة الحاسمة لإنهاء ما تبقى من إرهابيي (داعش)».
وأوردت على موقعها الإلكتروني أنها أطلقت «المعركة الأخيرة للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي في قرية الباغوز»، آخر المعاقل التي يتحصن فيها المتطرفون.
وأضافت «قوات سوريا الديمقراطية» على موقعها الإلكتروني: «بعد عشرة أيام من إجلاء أكثر من عشرين ألف مدني وعزل ما تبقى من المدنيين من مخاطر الحرب، أطلقت المعركة هذه الليلة للقضاء على آخر فلول التنظيم في الباغوز».
ونقل مصطفى بالي عن أشخاص فروا من المنطقة أنه «لا يزال هناك ما بين 500 و600 إرهابي» فيها إلى جانب مئات المدنيين. وأضاف: «خلال الأيام المقبلة ستحسم هذه المعركة».
وأكد أن «الإرهابيين في الباغوز أغلبهم أجانب. في الشهرين الأخيرين، معظم الذين سلموا أنفسهم أو تم اعتقالهم من جنسيات أجنبية».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة بين الطرفين صباح اليوم، فيما كان التحالف الدولي يشن قصفاً جوياً ومدفعياً على مواقع المتطرفين.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «إن المعركة مستمرة»، مشيراً إلى «اشتباكات عنيفة صباح اليوم مصحوبة بانفجار ألغام».
وبحسب التحالف الدولي الداعم للهجوم ضد الجيب الأخير للتنظيم في شرق سوريا، تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من تحرير نحو 99.5 في المائة من الأراضي الخاضعة لسيطرة «داعش»» في سوريا.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب توقع الأربعاء استعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف خلال أسبوع.
وقال: «سيتمّ الأسبوع المقبل الإعلان رسمياً أنّنا سيطرنا على مائة في المائة من (أرض الخلافة)»، مؤكداً أن الولايات المتّحدة ستظلّ «حازمة جداً»، وهي تشجّع الجهود التي تبذلها دول أخرى بما فيها الجهد المالي.
وأضاف: «فلول، هذا كلّ ما بقي لدينا، فلول، لكنّ الفلول يُمكن أن تكون بالغة الخطورة».
وكان ترمب تحدث في ديسمبر (كانون الأول) عن هزيمة «داعش»، وأعلن قراره سحب نحو ألفي جندي أميركي من سوريا.
ورغم الخسائر التي مني بها، لا يزال تنظيم داعش قادراً على شن اعتداءات دامية بينها هجمات انتحارية. وتبني أيضاً هجمات في الخارج وخصوصاً في الغرب.
وفي محافظة دير الزور في شرق البلاد، يسيطر المتطرفون على منطقة تمتد بين قرية الباغوز والحدود العراقية.
وفي الأيام الماضية قال مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية لوكالة الصحافة الفرنسية إنهم أوقفوا عملياتهم البرية خشية استهداف المدنيين الذين يستخدمهم التنظيم كدروع بشرية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لا تزال مئات العائلات موجودة في كنف التنظيم. وتعيش ظروفاً بائسة جراء نقص المواد الغذائية والأدوية.
وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية التي تتشكل من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، إثر هجوم بدأته في سبتمبر (أيلول) الماضي، من التقدم داخل الجيب الأخير للتنظيم.
ومنذ سبتمبر قتل أكثر من 1200 من «داعش» في المواجهات وأكثر من 670 مقاتلاً من «قوات سوريا الديمقراطية» بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار أيضاً إلى مقتل أكثر من 400 مدني بينهم 144 طفلاً في أعمال العنف.
ودفعت العمليات العسكرية وفق المرصد أكثر من 37 ألف شخص إلى الخروج من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول)، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات المتطرفين، وبينهم نحو 3400 عنصر من التنظيم.
وغالباً ما تكون رحلة الخروج من مناطق التنظيم محفوفة بالمخاطر. وتخشى قوات سوريا الديمقراطية من تسلل متطرفين في صفوفهم.
وتعمل هذه القوات في مركز مخصص للفرز قرب خط الجبهة، على التدقيق في هويات الخارجين وأخذ بصماتهم، وينقل المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة. وهي تعتقل مئات من المتطرفين الأجانب.
ويشكل وجود هؤلاء معضلة للإدارة الذاتية التي تطالب بلدانهم باستعادتهم لمحاكمتهم لديها فيما تبدي دولهم تحفظاً إزاء هذا الملف.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.