إسبان يرفضون الاحتفال بذكرى إسقاط مملكة غرناطة العربية عام 1492

رئيسة الحكومة المحلية تتخذ من قصر السباع في الحمراء مكانا لخطابها السنوي

إسبان يرفضون الاحتفال بذكرى إسقاط مملكة غرناطة العربية عام 1492
TT

إسبان يرفضون الاحتفال بذكرى إسقاط مملكة غرناطة العربية عام 1492

إسبان يرفضون الاحتفال بذكرى إسقاط مملكة غرناطة العربية عام 1492

على الرغم من أن الاتجاه العام في إسبانيا يعتبر سقوط مملكة غرناطة العربية نقطة انطلاق لنهضة وتوحيد دولة إسبانيا، فإن آخرين يرون عكس ذلك، إذ يذهبون إلى أن سقوط غرناطة يمثل سقوط مدنية عريقة ذات حضارة تمتد إلى قرون كثيرة في المنطقة.
وعلى الرغم من أن الاحتفال بيوم سقوط غرناطة الذي يصادف يوم 2 يناير (كانون الثاني) من كل عام هو احتفال محلي، فإن سيطرة الحزب الشعبي قد أعطت دفعة جديدة لهذه الاحتفالات، ويحاول الحزب الآن إعطاء المزيد من الأهمية لهذا اليوم الذي سقطت فيه مملكة غرناطة مع دخول جيش كاستيا بقيادة إيزابيل الكاثوليكية إلى غرناطة، حتى إنه طالب باعتبار هذا اليوم من التراث الحضاري الذي يجب المحافظة عليه.
وقد بدأت الاحتفالات الساعة الـ11 صباحا في بلدية المدينة، حيث ينطلق موكب رسمي، كما هو الحال في كل عام، يمثل الشخصيات المهمة في البلدية محاطين بوحدة من الجيش في موكب شعبي ورسمي يشق طريقه في شارع «الملوك الكاثوليك»، مرورا بساحة إيزابيل الكاثوليكية ثم بشارع غران بيا (الشارع الكبير) متجها نحو ضريح إيزابيل الكاثوليكية في الكنيسة الرئيسة في المدينة، وبعد تقديم قداس خاص في المناسبة ثم بوضع إكليل من الزهور على قبر إيزابيل وزوجها فرناندو.
واحتفاء بهذا اليوم، أعلنت إدارة قصر الحمراء عن مجانية دخول المواطنين إلى قصبة الحمراء، يوم الخميس، من الساعة الـ8:30 صباحا حتى الساعة الـ6 مساء، مع السماح بلمس الناقوس المنصوب في برج دي لا بيلا في قصر الحمراء.
أما المعارضون للاحتفال بمثل هذا اليوم فإنهم قد دعوا إلى «لقاء من أجل الحوار بين الحضارات»، وأعدوا برنامجا خاصا في هذا اليوم يتضمن نشاطات موسيقية أندلسية، وأعلن منظمو اللقاء بأنه «في كل مرة تزداد أعداد جماعات فاشية ونازية ذات طابع عنيف وعنصري، وهو ما يشكل خطرا على التفاهم داخل المجتمع وعلى الديمقراطية، ومن ثم يؤدي إلى نشر الكراهية»، ووجهوا نداء إلى بلدية المدينة كي تضع حدا لمثل هذه الاحتفالات، وأن تقوم بتغيير يوم غرناطة من يوم 2 يناير إلى يوم 26 مايو (أيار) للاحتفال بيوم «ماريانا بينيدا»، وهي شخصية نسائية مهمة معروفة في غرناطة بسبب نشاطها من أجل الحرية، حتى حكم عليها بالإعدام وهي لا تزال في السادسة والعشرين من عمرها. وقد وجه رئيس جمعية الثقافة من أجل السلام، فدريكو مايور ثاراغوثا، رسالة إلى التجمع المعارض لهذه الاحتفالات، وذكر في رسالته أن اليونيسكو لن توافق على أن يكون يوم سقوط غرناطة جزءا من التراث العالمي الذي يجب المحافظة عليه.
ورفضت هذه الاحتفالات الكثير من الجمعيات والتجمعات السياسية، مثل جمعية حقوق الإنسان وتجمع اليسار المتحد، وجمعية غرناطة العلمانية، ومسجد من أجل السلام، وجمعية ماريانيا بينيدا، وجمعية الصحافيين الأندلسيين، كما رفضت جمعية الثقافة الأوروبية العربية هذه الاحتفالات، وقالت: «إن الديكتاتورية في عصر فرانكو قد استعمل هذا اليوم من أجل الحفاظ على آيديولوجيتها، ولهذا فهي تنتمي إلى عصر آخر، كما أنها تساعد على تقوية اليمين المتطرف».
من جهة أخرى اتخذت رئيسة الحكومة المحلية لإقليم الأندلس، سوسانا دياث، من قصر الحمراء وبالذات ساحة السباع مكانا لخطابها السنوي بمناسبة حلول عام 2014.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».