«حزب الله» يتدخل لتطويق خلافات حلفائه

حسن نصر الله و  رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل
حسن نصر الله و رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل
TT

«حزب الله» يتدخل لتطويق خلافات حلفائه

حسن نصر الله و  رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل
حسن نصر الله و رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل

تتجه الأطراف المشاركة في الحكومة اللبنانية إلى تفكيك العلاقات المتأزمة فيما بينها، بهدف تفعيل العمل الحكومي، وبدأ ذلك في اجتماع التهدئة بين الرئيس سعد الحريري ووزيري «الحزب التقدمي الاشتراكي» أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، في وقت دخل «حزب الله» على خط تقريب وجهات النظر بين حلفائه، لتذليل الاختلافات وتحقيق تضامن حكومي يتيح الإنجازات في ملفات أساسية مثل «مكافحة الفساد» وملف الكهرباء.
وينتظر أن يعقد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لقاء قريباً جداً، بهدف التشاور في الموضوع الحكومي، والتفاهم على العناوين العريضة في مجلس الوزراء، وتنسيق المواقف.
ويعتبر «حزب الله» نقطة التقاطع بين حلفائه الذين تشوب علاقتهم تباينات، وتحديداً «حركة أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، و«تيار المردة» الذي يرأسه النائب السابق سليمان فرنجية من جهة، و«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل من جهة أخرى.
وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» بأن الحزب يقوم بمبادرة للتهدئة، بهدف تحقيق إنجازات في معالجة الملفات الحكومية التي تحتاج إلى تضامن وزاري، قائلة بأن أمام الحكومة «ملفات ضخمة أبرزها مكافحة الفساد وتأمين الكهرباء 24 على 24 ساعة»، تحتاج إلى تأييد وإجماع، لذلك «يولي أهمية لتقريب وجهات النظر بين حلفائه وتهدئة الخلافات الداخلية». ورغم أن هناك اتفاقات كبيرة بين مكونات الحكومة على الملفات الاستراتيجية ومعالجة الملفات الإشكالية بهدوء، إلا أن الخلافات «تحتاج إلى تنقية القلوب وتفاهمات»، منعاً لأن تعوق المناكفات السياسية بين أطراف الحكومة الإنجازات المتوقعة.
وتلتقي «حركة أمل» مع «حزب الله»، وأطراف لبنانية أخرى، على ضرورة أن تكون الحكومة منتجة، وتتجنب الصراعات، إذ يؤكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس «أننا أول من دعا لأن تكون المرحلة مرحلة عمل، وتخفيف التشنجات لأن الوضع لا يحتمل أزمات وتوترات ومشاكل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن عنوان الحكومة هو العمل، ويجب أن تكون منتجة، وهذا خطابنا من البداية، لافتاً إلى أن «الحكومة يجب أن تبدأ بمعالجة ملف الكهرباء».
وقال خريس: «نحن دعاة التهدئة، وخطابنا على الدوام يتجه إلى التهدئة، ونحث الجميع على اتخاذ المنحى نفسه»، مشدداً على ضرورة أن تكون الحكومة منتجة. وعن العلاقة مع «التيار الوطني الحر»، أكد خريس أنها «متينة وهناك تواصل دائم ومستمر».
وتشدد مصادر تيار «المردة» على أن الحكومة يجب أن تكون منتجة، وتكون هناك علاقة مع جميع الأطراف ضمن السقف الاستراتيجي، كما تؤكد على ضرورة وقف الفساد. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك واقع أن أباً يحرق نفسه اليوم (أمس) لأنه لا يستطيع تأمين إفادة مدرسية لابنته. يجب أن تتطلع الطبقة السياسية لشؤون الناس، فالتهاون ممنوع مع مطالب الناس، كما أن التعاطي باستخفاف مع حاجاتهم ليس مقبولاً».
ويبدو أن قرار التهدئة ينسحب على جميع الأطراف بما يتخطى الحلفاء، وهو ما أشار إليه الوزير السابق غطاس خوري المقرب من الرئيس الحريري، حيث أكد أن هذه الحكومة مدعوة إلى العمل لأن البلد ما عاد يحتمل، وقال في تصريح تلفزيوني: «12 صفحة من البيان الوزاري بغالبيتها هي عن سيدر وكتبها الحريري منذ فترة في مكتبه... وهذه الحكومة تأتي لتنجز وتعمل». وأوضح خوري أن هناك ضرورة للوصول إلى التسوية، «واليوم البلد يعيش توازناً بين أطراف سياسية متعددة والمطلوب الحفاظ على الحد الأدنى من التفاهم». وأضاف: «حزب الله» مكون أساسي في لبنان وهناك طريقتان لمعالجة الوضع إما بالمهادنة مع الحزب أو بفتح هجوم عليه ونحن نريد المهادنة لأننا نريد الحفاظ على السلم الأهلي ولو أن هذا الأمر ليس شعبويا».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.