السعودية تستقطب أبرز الفعاليات الترفيهية المصرية

تشتمل على إقامة مسرحيات وعروض سينمائية وحفلات غنائية في المملكة

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه أبرم في مصر سلسلة من مذكرات التفاهم لدعم القطاع الترفيهي في المملكة (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه أبرم في مصر سلسلة من مذكرات التفاهم لدعم القطاع الترفيهي في المملكة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تستقطب أبرز الفعاليات الترفيهية المصرية

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه أبرم في مصر سلسلة من مذكرات التفاهم لدعم القطاع الترفيهي في المملكة (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه أبرم في مصر سلسلة من مذكرات التفاهم لدعم القطاع الترفيهي في المملكة (الشرق الأوسط)

أبرم تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية بالعاصمة المصرية القاهرة، عدداً من مذكرات التفاهم التي من شأنها تدعيم القطاع الترفيهي في المملكة، اشتملت على إقامة مسرحيات وعروض سينمائية وحفلات غنائية، وذلك خلال زيارته التي بدأها أول من أمس لمصر.
ووقع تركي آل الشيخ مع مجدي الهواري ممثل شركة «كايرو 21» للإنتاج الفني والمسرحي، لتقديم 6 عروض لمسرحية «الملك لير» من بطولة الفنانين القديرين يحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي، في مناطق مختلفة داخل المملكة. كما وقع مع جمال العدل ممثل شركة «العدل جروب» لتقديم 6 عروض مسرحية مخصصة للعائلات للفنانة شريهان التي عادت إلى المسرح بعد توقف دام أكثر من 30 عاماً، ونجوم آخرين ضمن مهرجان الرياض خلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، وفي جدة خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) العام المقبل 2020. وجرى التوقيع مع الفنان محمد هنيدي عبر شركة «كايرو 21» للإنتاج الفني والمسرحي لتقديم 6 عروض لمسرحية «3 أيام في الساحل» في مناطق مختلفة من المملكة تكون من اختيار الهيئة العامة للترفيه تبدأ شهر مارس (آذار) المقبل.
أما الفنان أشرف عبد الباقي، فجرى التوقيع معه عبر شركة «وورك شوب» للإنتاج الفني لتقديم 4 عروض مسرحية لمسرحيات «مسرح مصر» لعروض العام الماضي 2018، وتقديم 4 عروض مسرحية لمسرحية «جريمة في المعادي» في عدة مناطق من المملكة. كما تم التوقيع مع الفنان محمد سعد (اللمبي) لتقديم عروض مسرحية في مناطق مختلفة داخل المملكة.
كما وقع تركي آل الشيخ مذكرة تفاهم مع ممثل شركة «تروموشون ميديا برودكشن» المخرج والمنتج رامي إمام، تم الاتفاق خلالها على أن يكون هناك ظهور خاص للفنان القدير عادل إمام ضيف شرف بعمل فني من إنتاج الشركة.
وتم إبرام مذكرة تفاهم أيضاً مع شركة «المجموعة المتحدة»، مثّلهم في التوقيع هشام عبد الخالق، بهدف عرض عدد من الأفلام بالإضافة إلى تنظيم الحفلات بنظام outdoor، وذلك في مناطق مختلفة داخل المملكة وإحضار الممثلين المشاركين في الأفلام لحضور العرض الخاص بالإضافة إلى عدد آخر من الفنانين.
كما تم التوقيع مع شركة «الصباح جروب» مثّلهم في التوقيع صادق الصباح، وذلك لإنتاج كثير من الأفلام بمشاركة فنانين مصريين وعرب وسعوديين، تكون عروضها الأولى في السعودية.
وجرى التوقيع مع الكاتبين أمير طعيمة وأيمن بهجت قمر لكتابة وتأليف نصوص مسرحية من أجل تقديم عدد من المسرحيات الغنائية الدرامية لإحياء التراث المسرحي.
وعلى صعيد الحفلات الغنائية، وقع تركي آل الشيخ على مذكرات تفاهم مع الفنانين هاني شاكر وعمرو دياب ومحمد حماقي، لإقامة حفلات غنائية في أماكن مختلفة داخل المملكة.
وفي خطوة تهدف إلى تقديم الفن المصري الأصيل، جرى التوقيع مع المنتج محسن جابر ممثلاً عن شركة «ستارز للإنتاج والتوزيع الفني والإعلامي» تقوم فيها الهيئة العامة للترفيه بإنتاج مسرحيات فنية باستخدام الحقوق الخاصة بالمصنفات الفنية لعمالقة الغناء المصري؛ أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.
كما تم التوقيع مع وليد منصور لتقديم حفلات غنائية ضمن فعالية «مهرجان الشعبيات - ليالي المحروسة»، يشارك فيها الفنانون حكيم وأوكا وأورتيغا وحمادة هلال وأحمد شيبة وعدوية وسعد الصغير ومصطفى حجاج ومحمود الليثي ودياب وعبد الباسط حمودة.
يذكر أن توقيع تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة على مذكرات التفاهم في العاصمة المصرية، يأتي بعد يوم من توقيعه على مجموعة من مذكرات التفاهم في لندن، بهدف إحضار فعاليات عالمية إلى المملكة، ضمن استراتيجية المرحلة المقبلة للهيئة التي أعلنها قبل نحو أسبوعين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)