روبين ويليامز مارس الكوميديا وأحب الدراما

مات منتحرا بعد إصابته بمرض «الاختناق»

وضع المعجبون باقات زهور على النجمة التي تحمل اسمه في «مسار الشهرة» في هوليوود (أ.ب)
وضع المعجبون باقات زهور على النجمة التي تحمل اسمه في «مسار الشهرة» في هوليوود (أ.ب)
TT

روبين ويليامز مارس الكوميديا وأحب الدراما

وضع المعجبون باقات زهور على النجمة التي تحمل اسمه في «مسار الشهرة» في هوليوود (أ.ب)
وضع المعجبون باقات زهور على النجمة التي تحمل اسمه في «مسار الشهرة» في هوليوود (أ.ب)

في آخر فيلم مثّله، وهو «أكثر رجال بروكلين غضبا» (The Angriest Man in Brooklyn)، الذي شهد عرضا محدودا في الولايات المتحدة وحول العالم في ربيع هذا العام، لعب الممثل روبين ويليامز شخصية رجل يخبره الطبيب بأنه سيموت بعد 90 ‬دقيقة فينطلق ليودّع زوجته وأخاه وبعض الأصدقاء ويتصالح مع كل من اختلف معه منهم. في النهاية يتبيّن له أن هناك خطأ في التشخيص، وأن خطر الموت لم يكن مطلقا جاثما عليه كما اعتقد.
لكن هذا في الفيلم، أما في الواقع فإن الممثل الكوميدي الذي لوّن العديد من أدواره بالطابع الدرامي أيضا، كان جاثما تحت فكرة الموت التي لازمته منذ عدة أسابيع. منذ أن عاينه طبيب لا يخطئ وأخبره بأنه يعاني من علّة اسمها «الاختناق» (Asphyxia)، مما نتج عنه شعور ويليامز بالكآبة التي ازدادت، حسب شهود، بالتدريج ودفعته للتفكير أولا في اعتزال التمثيل والأضواء تجنّبا لأن يصبح مادة إعلامية في ظرفه الصعب. لكن يبدو أن الممثل أدرك أن مرضه ذاك أخطر من أن يُعالج، فقرر وضع حد لحياته ظهر يوم الاثنين الحادي عشر من هذا الشهر عن 63 سنة.
ومع أن التحقيقات الأولى لم تؤكد حتى حين محاولة وضع النقاط على أحرف هذه الكلمات أن الموت كان نتيجة فعل انتحار، فإنها - وحسب الدلائل الأولى - تتجّه إلى تبني هذا الرأي على نحو حاسم.
وحسب معهد الدراسات الطبية في جامعة إموري في ولاية أتلانتا، فإن مرض «الاختناق» ينتج عن «حاجة الجسم للتنفس بسبب غياب الأكسجين في الجسم وامتلاء الرئتين بثاني أكسيد الكربون». وما يحدث في الحالات الدائمة، كالحالة التي مرّ بها الممثل المعروف، هو انحسار الأكسجين في داخل الجسم على نحو متواصل حتى ينقضي منهزما أمام المواد السامّة أو غير الصحيّة الناتجة عن عدم قيام الرئتين بعملهما المعتاد.
قابلته قبل بضع سنوات في مهرجان تورنتو والحديث تحوّل إلى سلسلة من النكات المتواصلة قلّد فيها الممثل اللكنات والثقافات ملقيا نكاتا حول اليهود لو نطق بها سواه لأثار القطيعة والاتهامات، وأخرى حول الآيرلنديين والأميركيين والروس على حد سواء. كان مشهورا بإتقانه اللهجات و«قفش» النكات من قبل أن يدرك المتحدث إليه أن الممثل وجد نكتة ما في باطن كلامه.
هو ممثل كوميدي بالطبيعة ولمع نجمه في استعراضات منفردة أو «ستاند أب كوميدي» (Stand‪-‬Up Comedies). ولد روبين ويليامز في مدينة شيكاغو في الحادي والعشرين من يوليو (تموز) 1951 ابنا لموظف إداري في شركة سيارات اسمه روبرت ويليامز ولعارضة أزياء من نيو أورليانز اسمها لورا مكلورين. عُهد به إلى مدارس خاصّة. في عام 1969 انتقلت العائلة إلى مدينة سان فرانسيسكو حيث أمضى بعد ذلك سنوات عديدة التحق فيها بالجامعة لدراسة العلوم السياسية رغم أنه كان شغوفا بالتمثيل. ولحين بدا كما لو أنه لم يقرر ما الذي يريده من مستقبله، الوظيفة الأكاديمية أو التمثيل، فإنه بتّ رأيه وقام بدخول معهد مارين (شمال كاليفورنيا) لدراسة الدراما. كان في العشرين من عمره عندما تم قبوله والممثل الراحل كريستوفر ريف (ممثل شخصية «سوبرمان» في أواخر السبعينات). مدرّسه كان الممثل والأكاديمي بدوره جون هاوسمان الذي لقّنه الأداء الشكسبيري غير مدرك، على الأرجح، أن نوايا روبنز الدفينة كوميدية.
بعد سنوات من الدراسة وإتقان فن التمثيل الصامت «المايم» في شوارع المدينة عاد إلى سان فرانسيسكو التي كانت في تلك الآونة معروفة بمسارحها الكوميدية.
في منتصف السبعينات حط في مدينة لوس أنجليس ليظهر في مسرحها الكوميدي المعروف بـ«ذا كوميدي ستور»، مما أدّى به بعد عام واحد لدخول استوديوهات «NBC» التلفزيونية حتى نهاية 1978. الظهور على الشاشة الصغيرة بعد ذلك امتد لمحطة «ABC» عندما انضم إلى الحلقات الكوميدية الخفيفة «أيام سعيدة» التي برع فيها كل من هاري وينكر ورون هوارد.
إنها الفترة التي تسلل فيها الإدمان إلى أنفه فصرف الكثير من ثروته على الكوكايين، مما أوقعه في مشاكل مادية وعاطفية مع أسرته.

* كوميدي يحب الدراما
في عام 1979 كان المخرج الراحل روبرت ألتمن يبحث عن ممثل يؤدي بطولة شخصية «بوباي» الكارتونية في فيلم يحمل الاسم نفسه. وجد ضالته في هذا الممثل الموهوب، فاختاره وأنجزه في العام التالي ليكون أول فيلم سينمائي بالنسبة لويليامز. الفيلم حمل طابع المخرج الذي عادة ما يناهض التقليد والمفاهيم السائدة حول الشخصيات الثقافية الأميركية (كما حاله في فيلمين آخرين هما «الوداع الطويل» و«بافالو بيل والهنود الحمر») وهو ما لم يتوقّعه الجمهور الذي اعتاد على بوباي آخر هازلا ومثيرا للترفيه المسطّح.
في عام 1982 مات الكوميدي جون بيلوشي نتيجة الإدمان ذاته. حسب اعتراف روبين «كانت صدمة كبيرة لي هزتني من الداخل ودفعتني للتوقّف عن تعاطي المخدرات مدركا سوء العاقبة». روبين ويليامز كان أحد آخر اثنين زارا جون بيلوشي في جناحه في فندق «شاتو بلمونت» في بوليفارد سانست الشهير، قبل موته، والثاني كان روبرت دينيرو، وكلاهما طلب للتحقيق للتأكد من أنهما لم يتسببا في موت بيلوشي (تبيّن لاحقا أن امرأة اسمها كاثي سميث هي التي أمدّته بالحقنة القاتلة التي أودت به فتم سجنها).
في العام ذاته قام ببطولة اقتباس عن رواية جون إرفينغ «العالم تبعا لغارب» التي استقبلت باستحسان كبير (أخرجه جورج روي هيل)، وبعده مباشرة قدم فيلم «الناجون» لمايكل ريتشي، ثم لعب دور الروسي المهاجر في «موسكو على الهدسون» للمخرج بول مازورسكي (الذي رحل قبل نحو شهر) قبل أن يحقق شهرة أكبر لاعبا دور المقدّم الإذاعي في «صباح الخير فيتنام» (لباري ليفنسون - 1987). هذا الدور أوصله إلى سدّة ترشيحات الأوسكار (نافس جاك نيكولسون ومارشيللو ماستروياني وويليام هيرت ومايكل دوغلاس)‪.‬
توالت أفلامه بعد ذلك وتخللتها تجارب ناجحة في الشطر الدرامي الجاد عندما لعب بطولة «جمعية الشعراء الموتى» (بيتر وير - 1989) و«اليقظات» (بَني مارشال - 1990). عاد إلى الكوميديا في «هوك» لستيفن سبيلبرغ الذي قال في وداعه «لا أصدّق أنه مات. سأفتقده طويلا».
خلال تلك الفترة بدا أن معظم ما يلمسه روبين يتحوّل إلى ذهب. كان النجم الكوميدي الأول في عشرات الأفلام من «مسز داوتفاير» لاعبا دور رجل يتنكر بزي مربية أطفال لكي يجد عملا ‫(كريس كولومبوس - ‬ 1993) إلى «يعقوب الكاذب» (بيتر كازوفيتز - 1999) وصولا إلى دوره المبهر في الفيلم الناجح «ليلة في المتحف» (شون ليفي - 2006) وهو الفيلم الذي عاد إلى جزئه الثاني سنة 2009 وسنراه في الجزء الثالث منه في ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام.

* السفرة جاهزة
سواء أكان الدور كوميديا أو دراميا، فقد قام ويليامز بدبغه ببصمة لا يشاركه فيها أحد سواه. لكن مع تعدد أدواره الدرامية فإن الجمهور، ولسبب واضح، أحبّه أكثر في أدواره الكوميدية. لكن هذا لم يثنه عن الإقدام على أدوار تبعده عن التنميط حتى وإن كانت أدواره الكوميدية تتميّز باختلافاتها على أكثر من صعيد وشريحة أداء. مثلا قام بإعارة صوته لفيلم ستيفن سبيلبرغ «ذكاء اصطناعي» لاعبا شخصية «Dr‪.‬ Know» القصيرة. في العام ذاته (2002) قام بتأدية دور القاتل في فيلم من بطولة آل باتشينو هو «أرق»، ومثّل في فيلم أخرجه اللبناني عمر نعيم بعنوان «النسخة الأخيرة» The Final Cut (عمر نعيم هو ابن الفنانة نضال الأشقر). كان فخورا بعمله في ذلك الفيلم الذي عرض في تورنتو وكان سببا في لقائنا الأول: «توسّمت في الموضوع اختلافا عما أقوم به وعن أفلام الخيال العلمي عموما. ثم أدركت كم كنت مصيبا في اختياري عندما بدأ التصوير وتعرّفت على عمر مخرجا. كانت ممتعة متابعته وهو يكوّن بدراية العالم الذي يريده لهذا الفيلم».
قبل ذلك، أحب دورين آخرين غير كوميديين هما «غود ويل هانتينغ» (قال عنه «كان لطمة سياسية لم تثر للأسف اهتماما كافيا») و«باتش آدامز» («أحببته لأنني مقتنع برسالته. الضحك قد يكون خير وسيلة للعلاج»).
كل ذلك ولم تغب النكتة عن محياه، وبعض نكاته تعاطت والموت، فقال إثر نجاح عملية قلب أجريت له قبل ثلاثة أعوام «الموت هو أسلوب الطبيعة في القول: تفضل. السفرة جاهزة»!



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».