«خيمة الإبداع» في «منتدى أصيلة» تحتفي بالروائي المغربي يوسف فاضل

كتاب وفنانون ونقاد تحدثوا عن سيرته الأدبية والإنسانية

مناقشات خيمة الإبداع حول أعمال يوسف فاضل (تصوير: أسامة محمد)  -  جانب من الحضور
مناقشات خيمة الإبداع حول أعمال يوسف فاضل (تصوير: أسامة محمد) - جانب من الحضور
TT

«خيمة الإبداع» في «منتدى أصيلة» تحتفي بالروائي المغربي يوسف فاضل

مناقشات خيمة الإبداع حول أعمال يوسف فاضل (تصوير: أسامة محمد)  -  جانب من الحضور
مناقشات خيمة الإبداع حول أعمال يوسف فاضل (تصوير: أسامة محمد) - جانب من الحضور

احتفت خيمة الإبداع في دورتها الثالثة، ضمن فعاليات منتدى أصيلة الدولي، بيوسف فاضل - أحد رموز الرواية والسيناريو في المغرب، وأبرزت من خلال ثلة من الأدباء والشعراء والسينمائيين والنقاد الذين عايشوا تجربته، مساره الإبداعي، سواء الروائي منه أو المسرحي أو السينمائي.
واختار محمد الأشعري، الشاعر والروائي ووزير الثقافة المغربي الأسبق، أن يتحدث بتركيز عن الملامح العامة لأعمال فاضل قائلا: «إنه يحقق من خلال تتابع أعماله الروائية شيئا أساسيا في تجربة الكاتب هو رؤيته لعناصر مشروعه تنسج تدريجيا وتشكل مرحلة للتقدم لنسج نوع من الرصيد الأخلاقي إلى جانب الرصيد الجمالي الذي يبين في العمق هاجس كل مشروع إبداعي».
وأضاف أن الأمر لا يتعلق فقط بالتراكم والاستمرار الذي حافظ عليه فاضل منذ عقود، بل يتعلق بعمل منهجي يضعه الكاتب على أدوات اشتغاله بالسعي الدائم إلى تنظيم هذا المنطق دون أن يصبح عقيدة عمياء تنفي الكاتب خارج نصه.
وأوضح الأشعري أن يوسف فاضل «يبني بالكثير من التفاصيل البسيطة جمالا مخلخلا، ويقترح على القارئ في آن واحد أن يرى الواقع من زوايا لا تخطر على بال ويدعوه لأن يقلب الصورة وينظر إليها من الخلف. من جهة ثانية، يقترح عليه أن يترك المادة التقليدية التي تدخل بها النصوص عند العتبة، وأن يتحرر من اللغة ويستعمل العين في التقاط الأبعاد المتعددة لوجود الأشياء والكائنات، ثم إخضاع الصورة كجملة سردية لترقيع يسمح بتركيب المشاهد بعضها مع بعض، دون أن ينسى الكاتب أنه مهما استعان بالعين الكاشفة والحاجبة فإنه يظل كاتبا؛ أي مشغولا باللغة فيما تستطيعه وفيما تعجز عنه».
من جهته، وصف الناقد مصطفى النحال، فاضل بأنه من الكتاب الذين يهتمون بالنوع وليس الكم، «إذ لا نجد أنه يبدع رواية كل سنة، بل تظهر أعماله كل سنتين أو ثلاث سنوات، وهو عادة لا يكتب الرواية على استعجال وإنما يكون مشغولا بالتفكير في موضوع الرواية أكثر وفي البحث في هذا الموضوع وقراءة كل ما كتب عنه في الكتب أو المقالات أو المنشورات أو الترجمات، إذ إنه من النوع الذي يكد في البحث، مما يشرح سبب تباعد إصداراته».
وأطلق نحال على فاضل اسم «كاتب الهامش»، ذلك أن جل رواياته لا نجده فيها يكتب عن الفضاءات والمدن الكبرى، بل يختار فضاءات بعيدة وهامشية ويختار كذلك شخصيات هامشية في حدود هذه الفضاءات تعيش على هامش المجتمع.
وفي السياق نفسه، تحدث الكاتب المغربي أحمد المديني عن يوسف فاضل من خلال روايته «قط أبيض جميل يسير معي»، إذ يوظف فاضل إحدى كبرى المقدرات التي تنهض بالفن الروائي، وتعد من مفاتيحه وتجلياته وهو ما يسمى باللعب أو الفرجة أو العرض الذي يتميز بطابع التسلية، وهي عناصر تتجلى في جل كتابات فاضل، إذ يعتمد الصورة بالتقاط الزوايا وكتابته سينوغرافية أكثر منها سردية.
وبدوره، تحدث الشاعر المغربي محمد عنيبة الحمري، عن الجانب الإنساني والروتين اليومي الذي جمعه بفاضل ومسار رحلته التي حطت به للعمل مع مسرح «شمس» التي كانت الوسيلة لتحقيق رغبته في العمل كاتبا.
وقال الحمري إن «مواكبته ظروف كتابة جل مجامعه جعلته قريبا من فاضل، حيث سلبته الكتابة أوقاتها فاستجاب لأعبائها، إذ يستفيق على حدث يوثقه أو يطارد في لحظة فكرة هاربة وهو في كل حالاته يتصفح أوراقه ويتجول بين دفاتره قبل أن يستعين بحاسوبه، فالكتابة بالنسبة له هم وحب يمارسه، والرتابة تؤلمه، وحزينا نصادفه إن لم ينه بعد رواية أو يفتش في عمق لوحته عن مزيج من اللون ينقصه».
وعد الحمري، فاضل لم ينل حظه، فرغم مسيرته فإن يوسف فاضل كان يدرك أن التراكم قد يصل للمبتغى بعد سنين من الجهد والعثرات وبعض من التضحيات إلى أن يصل إلى الهدف المرجو.
وقدمت الصحافية سعيدة شريف قراءات عن جل أعمال يوسف فاضل، وقالت عنه إنه «يحفر، منذ إصداره أول أعماله الروائية، في المجتمع المغربي ويشرح عيوبه وأمراضه ويبحث في خلفيات الكثير من المحطات التاريخية المهمة التي عرفها المغرب وأثرت بشكل كبير في المجتمع المغربي، ناقلا أدق التفاصيل الصغيرة التي قد لا يلتفت إليها الإنسان العادي، ولكنها في نهاية المطاف قد تصنع سعادته أو شقاءه».
وأضافت أن فاضل لا يختار لرواياته أبطالا من الشخصيات الفذة، لأنها لا تهمه بالأساس ولا يمكن أن تمنح رواياته النسق الذي يبحث عنه، بل يهتم بالشخصيات المهمشة والمشردين وأصحاب العاهات والأقزام والباغيات والجنود ليشخص النبض الحقيقي للمجتمع والكبوات والإخفاقات التي يعرفها منذ الاستقلال إلى الآن.
وقالت إن «رواياته السابقة (الخنازير)، و(أغمات)، و(سلستينا)، و(ملك اليهود)، و(حشيش)، و(ميترو محال)، و(قصة حديقة الحيوان)، قام فاضل فيها باستجلاء عوالم المهمشين والمشردين والمتاجرين في المخدرات متناولا أساليب سردية مختلفة تحضر فيها اللهجة العامية المغربية في أبهى صورها من دون زيف أو تغليف، بلغته بسيطة وجميلة وعميقة في آن واحد».
وإلى جانب النقاد والأدباء والشعراء، قدم ثلة من الممثلين وأصدقاء يوسف فاضل لمحة عن العلاقة التي جمعتهم به، سواء من خلال أعمال مسرحية أو سينمائية أو من خلال علاقتهم الشخصية به.
في هذا السياق، سرد الممثل المغربي محمد البسطاوي قصة علاقته بيوسف فاضل من خلال أعماله قبل أن يلج مجال الفن والمسرح، إذ كانت أعماله سببا في إشعال شغفه بالمسرح وتعلم من خلاله التشخيص عن طريق الاشتغال معه في مسرح «شمس» الذي أشرف عليه فاضل نفسه، ثم حكى علاقته به من خلال أعمال مسرحية وسينمائية أخرى منذ بدايات البسطاوي الأولى وصولا إلى علاقة صداقة متينة استمرت لسنوات.
وأشاد البسطاوي بقوة بأعمال فاضل سواء الأدبية أو المسرحية أو السينمائية، عادا المغرب يستحق هذا المستوى من الإبداع.
فيما قال الممثل محمد الشوبي إن القراءة لفاضل بمثابة الدخول إلى عوالم متعددة، إذ إن للجملة والحوار دلالات كثيرة لا يمكن التعبير عنها في كلمة بسيطة وهو ينطلق دائما مما هو عادي وبديهي بالنسبة للإنسان البسيط.
وحكى بدوره عن قصة لقائه فاضل التي بدأت هي الأخرى عن طريق متابعة أعماله الأدبية، مشيرا إلى أنه كان يبحث عنه من خلال كتاباته، مذكرا بروائعه الأدبية، مركزا على عمل «حلاق درب الفقراء» الذي كان تجربة مميزة سواء مسرحيا أو سينمائيا، وقدم لمحة عن سنوات عمله مع فاضل والطموحات والأحلام المشتركة التي راودتهم طيلة سنوات الرفقة.
ووصف الشوبي فاضل بأنه مبدع متعدد انشطاري لا يمكن أن ينحصر في زاوية واحدة ويرى الأشياء بتفاصيلها، وهي ميزة مهمة في الإبداع يتمتع بها القليل من المبدعين المغاربة.
وبدوره، أشار الممثل بنعيسى الجراري إلى بساطة فاضل في الكتابة، وعدها نقطة قوته في الرواية والمسرح والحوارات وهي تختلف عن جميع الكتاب ويسهل تمييز كتاباته عن باقي الكتاب.
وأضاف أنه أصيب بشغف القراءة لفاضل بعد أن أهداه روايته بعنوان «ملك اليهود»، ووصفه بأنه إنسان صريح في جميع الظروف يحب الناس، وهو قليل الكلام، وعميق التفكير ويحترم الآخر، وهو كذلك صاحب نكتة وسخرية عاشها معها زملاؤه من خلال العمل معه في المسرح والسينما.
من جهته، قال المخرج والممثل نوفل البراوي إنه مثال للانضباط واستمرارية العمل، وهو ما يعطي للمبدع مصداقيته، وذلك من خلال عيشه مع الإنسان البسيط وملاحظته لمجتمعه ويعيش فيه وهو دائما يحلق بفكره عندما يكتب عن الهامش والمجتمع البسيط ويذهب إلى مكامن الشخص.
وعرض براني بدوره تجاربه مع فاضل من خلال العمل على الكثير من الأعمال منذ بداياته في العمل المسرحي، وقال إن السينما والمسرح لم يظهرا إلا نصف ما يزخر به يوسف فاضل من إبداعات، ووصف فاضل بأنه يتوارى خلف كتاباته ولا يهمه الظهور في الصورة رغم حضوره الطاغي في جميع المجالات، وكشف عن إبداعات جديدة وخفية لفاضل تتمثل في ممارسته الفن التشكيلي، وهو وجه آخر لا يعرفه إلا المقربون منه.
وقدم الناقد السينمائي مصطفى علواني نبذة عن النقد الذي لاقته أعمال فاضل السينمائية منذ انطلاقها، خاصة تجربة كتابة أول سيناريو احترافي المتمثل في فيلم «حلاق درب الفقراء»، وهي تجربة تتميز برؤية إخراجية كانت سابقة في وقتها، حيث كانت تقنيات السينما دخيلة على المغرب ووجب الإبداع فيها، وأشاد بعمل «حلاق درب الفقراء» الذي قال إنه كان يتميز بعمقه وأفقية الكتابة.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».