توقعات عالمية بتضاعف الإصابات بالسرطان خلال الـ20 عاماً المقبلة

نحو 10 ملايين شخص يتوفون سنوياً بسببه

توقعات عالمية بتضاعف الإصابات بالسرطان خلال الـ20 عاماً المقبلة
TT

توقعات عالمية بتضاعف الإصابات بالسرطان خلال الـ20 عاماً المقبلة

توقعات عالمية بتضاعف الإصابات بالسرطان خلال الـ20 عاماً المقبلة

احتفلت دول العالم يوم الاثنين الماضي باليوم العالمي للسرطان تحت شعار «هذا أنا... وهذا ما سأفعل I AM and I Will» رمزا لاستطاعة أي شخص الحد من تأثير مرض السرطان على مستوى نفسه، وعلى مستوى الأشخاص والعالم من حوله، وسعيا لإنقاذ الملايين من الوفيات التي يمكن الوقاية منها سنوياً من خلال زيادة وعي الأفراد والحكومات في جميع دول العالم بشأن السرطان، إضافة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة والخرافات الشائعة حول المرض.
وقد شاركت المملكة في هذه المناسبة بفعاليات متنوعة ستستمر حتى نهاية هذا اليوم الجمعة، على مستوى المرضى داخل المستشفيات بإقامة ندوات طبية، ولكافة أطياف المجتمع في المراكز التجارية الكبيرة والمولات في مختلف المناطق من أجل التوعية بهذا المرض وطرق مكافحته وإمكانية توقي العديد من أنواعه بتجنّب التعرّض لعوامل الأخطار الشائعة، وأولها دخان التبغ.

- السرطان
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن السرطان مصطلح عام يشمل مجموعة كبيرة من الأمراض التي يمكنها أن تصيب أي جزء من الجسم تقريباً، تحدث نتيجة نمو سريع لخلايا شاذة وانتشارها بشكل لا يمكن التحكّم فيه، وغالباً ما تغزو الخلايا المتنامية الأنسجة التي تحيط بها ويمكنها أن تتسبب في تكون نقائل (metastasis) تظهر في مواضع أخرى بعيدة عن الموضع المصاب وتُمثل النقائل أهمّ أسباب الوفاة من جرّاء السرطان. إن معدلات الإصابة بالسرطان آخذة في التزايد عالمياً وإقليمياً. والسرطان أحد الأسباب الأربعة الرئيسية للوفاة في إقليم شرق المتوسط؛ ووفقا للوكالة الدولية لبحوث السرطان (International Agency for Research on Cancer، IARC) التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فإن وفيات السرطان في 2018 وصلت 9.6 مليون شخص، ما يمثل واحدا من كل 8 حالات وفاة بين الرجال وواحدا من بين كل 11 حالة بين النساء. ومن المتوقع أن تتضاعف معدلات الإصابة بالسرطان تقريباً في العقدين القادمين، لترتفع من 555318 حالة جديدة في عام 2012 حسب التقديرات إلى ما يقرب من 961098 في 2030 - وهي الزيادة النسبية الأعلى بين جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية.

- أسباب السرطان
ينشأ السرطان عن تحوّل الخلايا العادية إلى أخرى وَرَمِيّة في عملية متعدّدة المراحل تتطور عموماً من آفة محتملة التسرطن إلى أورام خبيثة. وهذه التغيّرات ناجمة عن التفاعل بين عوامل الفرد الجينية وثلاث فئات من العوامل الخارجية، وفقا للوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) وهي:
> عوامل مادية مسرطنة، مثل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة المؤيّنة.
> عوامل كيميائية مسرطنة، مثل الأسبستوس ومكوّنات دخان التبغ والأفلاتوكسين (أحد الملوّثات الغذائية) والزرنيخ (أحد ملوّثات مياه الشرب).
> عوامل بيولوجية مسرطنة، كأنواع العدوى الناجمة عن بعض الفيروسات أو البكتيريا أو الطفيليات.
ويُعدُّ التشيخ من العوامل الأساسية الأخرى للإصابة بالسرطان الذي ترتفع معدلاته بشكل كبير مع التقدّم في السن، ومن المُرجّح أن يُردّ ذلك إلى زيادة مخاطر الإصابة بأنواع معيّنة من السرطان مع التشيخ. ويقترن تراكم مخاطر الإصابة بالسرطان بميل فاعلية آليات إصلاح الخلايا إلى الاضمحلال كلّما تقدم الشخص في السن. وتحتفظ الوكالة (IARC) بتصنيف كامل للعوامل المسرطنة.

- عوامل خطر أخرى
هناك عوامل خطر أربعة رئيسية ترتبط بالسرطان في جميع أنحاء العالم، وتشترك في ارتباطها، أيضاً، بالإصابة بأمراض غير سارية أخرى هي: تعاطي التبغ والكحول، اتباع نظام غذائي غير صحي، قلّة النشاط البدني، وزيادة كتلة الجسم.
وتمثّل بعض الالتهابات المزمنة عوامل خطر للإصابة بالسرطان وبالأخص في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل.
وقد نجمت نسبة 15 في المائة من أنواع السرطان التي شُخِّصت في عام 2012 عن الإصابة بالتهابات مسرطنة، ومنها جرثومة الملوية البوابية وفيروس الورم الحليمي البشري وفيروسا التهاب الكبد بي، وسي وبعض أنماط فيروس الورم الحليمي البشري وفيروس إبشتاين – بار (Lancet Glob Health: Global burden of cancers attributable to infections in 2012). الإصابة بفيروسي التهاب الكبد ب، سي وبعض أنماط فيروس الورم الحليمي البشري تزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد وعنق الرحم على التوالي، فيما تسفر الإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري عن زيادة خطورة الإصابة بسرطانات كسرطان عنق الرحم.

- أهمية الكشف المبكّر
يمكن الحد من وفيات السرطان إذا ما كُشِف عنه وعُولِج في مراحل مبكّرة، وفقا للعنصرين التاليين:
> أولا: التشخيص المبكّر. من المُرجّح أن يستجيب السرطان للعلاج الفعال إذا ما كُشِف عنه في وقت مبكّر فيؤدي لزيادة احتمال بقاء المصابين به على قيد الحياة، وإلى تقليل معدلات المراضة الناجمة عنه، وعلاجه بتكاليف أقل.
> ثانيا: الفرز. ويتم بالكشف عن حالات شاذة توحي بوجود أنواع معيّنة من السرطان أو حالات سابقة للسرطان لدى الأفراد الذين لا يبدون أي أعراض للإصابة بها وإحالتهم بسرعة إلى المرافق المعنية بتشخيص حالاتهم وعلاجها. ومن أمثلة أساليب الفرز screening ما يلي:
- تصوير الثدي بالأشعة لفرز سرطان الثدي.
- اختبار فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) لفرز سرطان عنق الرحم.
- الفحص البصري باستخدام حمض الأسيتيك لفرز سرطان عنق الرحم في الأماكن القليلة الدخل.
- اختبار لطاخة بابانيكولاو (Papanicolaou smear) لفرز سرطان عنق الرحم في الأماكن المتوسطة – المرتفعة الدخل. ووفقا للوكالة الدولية لبحوث السرطان فإن معدلات الشفاء من بعض أكثر أنواع السرطان شيوعاً، مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان الفم وسرطان القولون والمستقيم، ترتفع عندما يُكشف عنها في مراحل مبكّرة وتُعالج بأفضل الممارسات المُتبعة في هذا المجال.

- آفاق علاج السرطان
> أجازت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أول دواء في العالم يمكنه معالجة مرض السرطان، هو عقار «فيتراكفي (Vitrakvi)» الذي يعتمد على معالجة الطفرات الوراثية (الجينات) للأورام السرطانية، بغض النظر عن نوع المرض أو مكان نشأته، وفقا للإدارة. وعلقت وزارة الصحة السعودية أن هذا العقار قد أجيز لعلاج حالات محددة من السرطان ممن لديهم نوع محدد من الطفرات الوراثية النادرة (TRK gene) التي توجد في بعض الأورام مثل سرطان الغدد اللعابية والدرقية والرئة والأنسجة الضامة، وكذلك علاج الحالات التي تحتوي على الطفرة الوراثية ولا تحتمل الجراحة وأيضا الحالات التي تحتوي على الطفرة الوراثية ولا يوجد لها بديل مناسب للعلاج والحالات التي تطورت بعد العلاج المقرر لها. إن اكتشاف هذا الدواء خطوة مهمة في علاج السرطان وسوف يغيّر طرق العلاج 100 في المائة.
> مسكنات الألم مثل الأسبرين والإيبوبروفين تزيد من فرص النجاة من المرض الخبيث ما بين 25 - 78 في المائة، وإنما فقط للمرضى الذين يحمل سرطانهم جينا معدلا يعرف بـPIK3CA، وهو الطفرة التي يحملها ثلث الأورام التي تظهر في منطقتي الرأس والرقبة، وفقا لدراسة أميركية حديثة بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو. تعتبر هذه النتيجة أولية وستحتاج إلى تكرارها في تجارب سريرية أخرى.
> عقار مناعي جيني جديد، يستخدم لعلاج المرضى الذين يعانون من سرطان الدم الليمفاوي الحاد (ALL)، وهو الشكل الأكثر شيوعا من سرطانات الأطفال، وهو في طور الاعتماد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية «FDA».
> دراسة علمية حديثة، في جامعتي جنوب كاليفورنيا وناغويا نشرت في دورية «ساينس أدفانس»، تكشفت عن عقار ما زال في مراحله التجريبية الأولى، يمكنه وقف نمو الخلايا السرطانية عن طريق ضرب وتشويش ساعتها البيولوجية الداخلية، باعتبار أن الخلايا في الجسم تحتوي على ساعتها البيولوجية الخاصة بها خلافا للساعة البيولوجية للإنسان التي يتحكم فيها الدماغ.
> نموذج جديد لعلاج السرطان باستخدام الخلايا الجذعية، يركز بشكل خاص على السرطان المتنقل أو النقيلي، الذي يأتي عندما ينتشر المرض إلى أجزاء أخرى من الجسم، وهي مميتة وتسبب 90 في المائة من وفيات السرطان. استخدمه الباحثون بفاعلية وأمان لاستهداف الخلايا السرطانية في الفئران لعلاج سرطان الثدي النقيلي، الذي ينتشر إلى الرئة. من المؤمل أن يقدم هذا النموذج علاجاً بديلاً وربما أكثر فاعلية للسرطان.
> تقنية النانو لمحاربة الأورام عبر تدمير الخلايا السرطانية ذاتيا، يعكف علماء سويديون على تطويرها، أملا في الاستغناء عن العلاج الكيميائي.
> تطورات هائلة في العلاج الإشعاعي للأورام أدت إلى تقليل الآثار الجانبية لما بعد العلاج، كما أمكن في علاج بعض الأورام (مثل أورام الدماغ وأورام الثدي إذا كانت صغيرة) الاستغناء عن الجراحة كليا والاكتفاء بالعلاج بالأشعة وقد يضاف له أدوية أخرى كالكيميائية أحيانا.
> ابتكر خبراء من جامعة ستانفورد طريقة ثورية جديدة للعلاج الإشعاعي، أطلق عليها اسم (PHASER) وهي مبنية على فيزياء الطاقة العالية، تسمح بتقليص فترة استخدامه لعلاج الأورام، وقادرة خلال ثوان معدودة على قتل الخلايا السرطانية. ولتلافي الضرر الذي يحدثه، عادة، العلاج الإشعاعي بالأنسجة السليمة، عمل مبتكرو الطريقة الجديدة على ألا تمس طريقتهم الأنسجة السليمة المجاورة للورم الخبيث، لأن الشعاع حسب طريقتهم سيوجه مباشرة لثوان إلى الورم، ولن يغير المريض خلالها وضعية جسمه، ما يقلل إصابة الأنسجة السليمة. ومن المتوقع أن تبدأ الاختبارات السريرية لهذه الطريقة خلال 3 - 5 سنوات.

- خطط الوقاية
إن ما يدعو للتفاؤل أن ثلث أنواع السرطان الشائعة تقريباً يمكن الوقاية منها باتباع الآتي:
> أولا: تثقيف الأفراد والمجتمعات وتوعيتهم بالروابط بين أسلوب الحياة وخطر الإصابة بالسرطان، ومن ذلك اتباعهم نظاما غذائيا صحيا والحفاظ على وزن صحي والمواظبة على ممارسة النشاط البدني وتحسين أساليب وسلوكيات الحياة والامتناع عن التدخين.
> ثانيا: ضرورة تطبيق استراتيجيات الوقاية ومنها: تجنّب عوامل الخطر التي ترتبط بالسرطان، وأهمها: الامتناع عن تعاطي التبغ والكحول، مكافحة السمنة، زيادة النشاط البدني المنتظم.
- التطعيم ضدّ فيروس الورم الحليمي البشري وفيروس التهاب الكبد بي، اللذين يحولان دون وقوع مليون حالة سرطان سنوياً.
- السيطرة على الأخطار المهنية.
- التقليل من التعرّض للأشعة فوق البنفسجية.
- التقليل من التعرّض للأشعة المؤيّنة (التصوير بالأشعة لأغراض التشخيص المهني أو الطبي).

- حقائق عن السرطان
> يعتبر السرطان أكثر الأمراض انتشاراً في جميع أنحاء العالم.
> واحد من كل ست وفيات في العالم بسبب الإصابة بالسرطان. وثلث الوفيات الناجمة عن السرطان تكون بسبب المخاطر السلوكية الرئيسية وهي: السمنة، انخفاض استهلاك الخضراوات والفواكه، قلة النشاط البدني، التدخين، وتعاطي الكحول.
> الالتهابات المسببة للسرطان، مثل التهاب الكبد (بي، سي) وفيروس الورم الحليمي البشري، مسؤولة عن نسبة تصل إلى 25 في المائة من حالات السرطان في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
> من الشائع ظهور أعراض السرطان في مرحلة متأخرة لعدم توفر خدمات التشخيص والعلاج خصوصا في البلدان المنخفضة الدخل لأكثر من 30 في المائة منها.
> في المملكة العربية السعودية، يعتبر سرطان الثدي الأكثر شيوعاً لدى النساء بينما سرطان القولون هو الأكثر شيوعاً لدى الرجال.

- أهداف اليوم العالمي للسرطان
> خفض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2025.
> تثقيف وتوعية المجتمعات عن أمراض السرطان، وطرق الوقاية منها.
> تشجيع الكشف المبكر واللقاحات الوقائية (التهاب الكبد الفيروسي بي - فيروس الورم الحليمي البشري HPV) والتوعية بأهميتها.
> التأكيد على أن الحلول ممكنة ومتوفرة، وبالإمكان تقديم وسائل الدعم والتوعية والوقاية من السرطان.


مقالات ذات صلة

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة جديدة تشير إلى إمكانية علاج مرض قصور القلب (ميديكال إكسبرس)

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

تاريخياً، عُدَّت الإصابةُ بقصور القلب غير قابل للعكس، لكن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن هذا قد يتغير يوماً ما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
TT

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)
الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يمكن أن يُؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

وأوضح الباحثون من جامعة ولاية واشنطن، أن الأحياء الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية تشجّع السّكان على المشي أكثر، وتجعلهم أكثر نشاطاً، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية (American Journal of Epidemiology).

ويُعدّ النشاط البدني، خصوصاً المشي، أحد أهم العوامل لتعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض المزمنة، فهو يساعد على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وتنظيم مستويات السُّكر في الدم، وخفض ضغط الدم، وتقوية العضلات والعظام. كما يسهم في تعزيز الصحة النفسية من خلال تقليل التوتر والقلق، وتحسين المزاج والنوم.

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 11 ألف شخص بين عامي 2009 و2020، وتضمّنت معلومات حول أماكن إقامتهم وعدد دقائق المشي الأسبوعية، سواء للممارسة الرياضية أو التنقل اليومي.

وقيّم الباحثون مدى «قابلية المشي» في الأحياء بناءً على معايير تشمل الكثافة السكانية، وشبكات الطرق، وتوافر وجهات يمكن الوصول إليها سيراً على الأقدام، مثل المتاجر، والمطاعم، والمتنزهات، والمقاهي.

وأظهرت النتائج أن السكان في الأحياء الأكثر قابلية للمشي، مثل منطقة «كابيتول هيل» في سياتل، يمشون أكثر من غيرهم.

وكشفت عن أن زيادة بنسبة 1 في المائة في قابلية المشي تؤدي إلى زيادة بنسبة 0.42 في المائة في معدلات المشي داخل الحي. وعند تطبيق ذلك عملياً، فإن زيادة بنسبة 55 في المائة في قابلية المشي، تعني زيادة بمقدار 23 في المائة بمعدلات المشي، أي نحو 19 دقيقة إضافية من المشي أسبوعياً لكل فرد. كما أشارت الدراسة إلى أن تصميم الأحياء القابلة للمشي يعزّز استخدام وسائل النقل العام. فقد وجدت الدراسة أن العيش في حي يتميّز بقابلية المشي يقلّل احتمال عدم استخدام وسائل النقل العام بنسبة 32 في المائة.

وتعليقاً على النتائج، أكد البروفيسور غلين دنكان، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة ولاية واشنطن، أهمية تصميم الأحياء لتعزيز الصحة العامة، قائلاً: «لدينا نسبة كبيرة من السكان في الولايات المتحدة لا يمارسون نشاطاً بدنياً كافياً. إذا استطعنا زيادة عدد الأشخاص الذين يمشون يومياً، حتى بمقدارٍ بسيط، سنُحقّق فوائد صحية كبيرة».

وأضاف عبر موقع الجامعة: «المشي وسيلة بسيطة ومجّانية للنشاط البدني، ولا يتطلّب استثمارات كبيرة في الملابس أو المعدات الرياضية. فقط ارتدِ حذاءً مناسباً وابدأ بالمشي».

وأشار إلى أن هذه النتائج تحثّ على إعادة التفكير في تصميم الأحياء السكنية لتشجيع النشاط البدني وتحقيق التوصيات العالمية للنشاط البدني الأسبوعي، والمقدرة بـ150 دقيقة، ممّا يُعزز رفاهية الأفراد ويسهم في تحسين الصحة العامة.