وزير الثقافة السعودي يفتتح معرض «وهج»

60 نموذجاً من المخطوطات للزخرفة منها ثاني أقدم نسخة لـ«كليلة ودمنة»

الآمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة مفتتحاً معرض {وهج} ويبدو الأمير تركي الفيصل (تصوير: إقبال حسين)
الآمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة مفتتحاً معرض {وهج} ويبدو الأمير تركي الفيصل (تصوير: إقبال حسين)
TT

وزير الثقافة السعودي يفتتح معرض «وهج»

الآمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة مفتتحاً معرض {وهج} ويبدو الأمير تركي الفيصل (تصوير: إقبال حسين)
الآمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة مفتتحاً معرض {وهج} ويبدو الأمير تركي الفيصل (تصوير: إقبال حسين)

دشن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، ليلة أمس، بالرياض، معرض «وهج» بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بحضور الأمير تركي الفيصل رئيس المركز، وعدد من سفراء العالم لدى المملكة.
واحتوى المعرض على 60 نموذجاً من مختلف أنواع المخطوطات، تشمل المصاحف وعناوين المخطوطات والمخطوطات الخزائنية والمنمنمات، بهدف التعريف بها، والاطلاع على أهم ميزاتها، وإبراز جماليات الزخرفة والتذهيب في الفن الإسلامي.
ومن مقتنيات المعرض، زخرفة المخطوطات الخزائنية، التي كانت تُكتب وتُدوَّن برسم خزائن الملوك والسلاطين والأمراء في العهد العباسي، أو خزائن المدارس ودور العلم التي أسسوها، ومن أشهرها خزانة الخلفاء العباسيين ببغداد، التي ظلت قائمة تعجّ بالكتب والمؤلفات النفيسة إلى أن دهمها التتار وخُرّبت على يد هولاكو عام 1258م.
وقال عمار تمالت الخبير ورئيس قسم المخطوطات بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»: «أقدم تحفة معروضة في معرض (وهج: زينة الصفحة المخطوطة)، هي كتاب (كليلة ودمنة)، وتُعتبر نسخة مركز الملك فيصل هي ثاني أقدم نسخة منه في العالم».
وأضاف تمالت: «نسخة كتاب (كليلة ودمنة)، منسوخة في القرن الثامن الهجري، عام 747هـ، وهي مثال للمدرسة التيمورية البغدادية في الزخرفة، وهو أول كتاب عربي ظهرت فيه المنمنمات، زخرفتها عربية إسلامية، ليست من الزخارف الفارسية، مثل كتاب (شهمانة) أو كتاب (خمستنظامي) أو غيرها».
ولفت إلى معروضات «وهج»، توجد منها نسخة منها في بعض المتاحف العالمية، حيث يُعد مركز الملك فيصل من أقوى المراكز تعاوناً مع المراكز الأوروبية، ويُعتَبَر جسراً بين المكتبات الأوروبية والباحثين بمختلف أنواعهم وتخصصاتهم، إذ يقوم المركز بالتوسط لهؤلاء الباحثين في جلب ما يريدون من المخطوطات من دول أوروبية وغيرها.
واطلع زوار «وهج»، على زخرفة للمصاحف والنصوص القرآنية، التي بدأت في فترة مبكرة من التاريخ الحضاري الإسلامي، حيث تميزت أسماء السور في بعض المصاحف الحجازية والكوفية بنوع مميز من الزخرفة والتلوين، ثم في العصر المملوكي كان لزخرفة المصاحف اهتمام بالغ، فظهرت المصاحف المملوكية النادرة، التي كانت تُكتَب برسم بعض الملوك.
وتجلت في معرض «وهج»، زخرفة المنمنمات، وهي أحد الفنون التقليدية التي شاعت في البلدان الإسلامية والآسيوية والأوروبية. والمنمنمة صورة فنية صغيرة الحجم، رُسِمت في كتاب من أجل توضيح المضمون، مثل «كليلة ودمنة»، وشاع بعده التصوير في المخطوطات الأدبية الفارسية في العصر الإيلخاني (1256 - 1353م).
واشتمل المعرض كذلك على زخرفة الافتتاحيات، حيث يضع الفنان في القسم الأعلى من ظهر الورقة زخرفة تشير إلى مدخل بدء النص، وهذه الزخرفة تتعايش مع مستهل الكتاب، بحيث تأخذ أشكالاً تسمى «سرلوحة»، أو «طرة»، أو «طغرة»، أو «ديباجة»، إذ إن فن التذهيب كان من أرفع فنون الكتابة بعد الخط، وكان الفنان يتباهى بذكر اسمه على المخطوط، وتسبقه لفظة «المذهب».
ومن أشهر المكتبات العالمية، التي يتعاون معها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مكتبة برلين الوطنية، ومكتبة لايدن في هولندا، والأمبرولوزيانا في ميلانو، وفق اتفاقيات تعاونية، أمام المخطوطات الفرنسية كلها مصورة بالمركز.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».