المصري عمرو سعد... النظارات كالمجوهرات تزيد قيمتها مع الزمن

في وقت تفاجئنا التكنولوجيا بصرعات واتجاهات غريبة، ما زال بعض المصممين يبحثون عن كنوز الحرف اليدوية، إيماناً بأن الأنامل وحدها تصنع التفرد، وهو ما يسعى إلى تقديمه مصمم النظارات الشمسية والمجوهرات المصري عمرو سعد.
في الحملة الدعائية للموسم الماضي من برنامج المواهب «آرابس جوت تالنت»، نشر الفنان المصري أحمد حلمي جلسة تصوير خاصة، كان أكثر ما لفت الانتباه فيها نظارة شمسية بتصميم فريد، وبعد سيل من التعليقات، وجه صاحب الصور الشكر لمصمم النظارات عمرو سعد، وكشف عن أنها تصميم يدوي خالص.
لا يختلف اثنان أن منشور حلمي وجه الأنظار أكثر نحو سعد وما يقدمه، لكن مشواره كان قد بدأ قبل ذلك بسنوات. في حديثه مع «الشرق الأوسط» يكشف المصمم المصري تفاصيل أكثر عن أعماله.
يروي أنه تخصص في إدارة الأعمال بداية الذي عمل فيه أيضا لفترة. لكنه لم يكن شغوفا بالأرقام وسوق الأعمال كان هناك شيء ما يجذبه نحو التصميم. لما ألح عليه هذا الإحساس قرر السفر إلى فلورنسا بإيطاليا، لينخرط بمدرسة لتعليم حرفة الصناعة اليدوية للحُلي.
يقول: «تعلمت حرفة صناعة المجوهرات، ومن ضمنها النظارات، وكيفية التعامل مع المعادن مثل الفضة والذهب، ومع الوقت صنعت بالفعل نظارة باليد من اللجوء للتقنيات الحديثة. صممت النظارة من دون مسامير حيث اعتمدت فقط على المفصلات المعدنية، وهكذا أصبحت لدي قدرة على تطويع المعادن لتعبر عن أفكاري».
بعد عودته من إيطاليا في 2013، بدأ عمرو سعد يخطط لإطلاق علامة خاصة به. كان يفكر بالمجوهرات، حسب قوله، ولم تكن النظارات الشمسية من أولوياته، ولكنه اشتهر بها. يشرح: «استغرقت عامين في التجهيز لإطلاق العلامة، وكان تفكيري منصباً على أن أسير عكس اتجاه السوق، فإذا كان التقدم التكنولوجي والتقني يفرض علينا صرعات يومية، تصعد لواجهة الموضة وتتصدر مواقع التواصل الاجتماعي ثم تختفي وكأنها لم تكن، قررت أن أركز على التفاصيل الدقيقة التي تجعل لكل قطعة مجوهرات، سواء كانت نظارة أو خاتما أو غيره، قطعة فريدة مصنوعة يدوياً بمهارة يصعب نسخها واستنساخها... فمن هنا يأتي التميز ومنافسة المنتج العالمي في رأيي».
في 2015، أطلق سعد أول تشكيلة من النظارات الشمسية. كانت من الفضة والذهب ومعادن أخرى، استوحاها من التراث المصري، الذي يعتبره جزءا من تكوينه الشخصي. «منذ التشكيلة الأولى، قررت أن تعكس التصاميم أفكار شاب يشكل تراثه وطبيعة أرضه جزءا لا يتجزأ من شخصيته، لذلك، كل تصميم يحمل تفاصيل لها مفهوم، فأنا لا أرى النظارة مجرد إكسسوار يعزز الأناقة، بقدر ما هو فرصة للتعبير عن هوية الشخص وقناعاته».
قدم المصمم حتى الآن مجموعة مستوحاة من أرض النوبة، صور الحملة الدعائية لها وسط رمال النوبة وملامحها السمراء. السبب حسب قوله إنه يعشق «في مصر المناطق البدائية التي لم تطلها التكنولوجيا بعد».
رغم تميز أعماله، فإن شهرة عمرو سعد زادت بعد ظهور مجموعة من نجوم الفن وأيقونات الموضة بنظاراته على «إنستغرام». مثلا ظهرت الممثلة المصرية أروى جودة بواحدة من تصاميمه المصنوعة من الذهب، على شكل أجنحة طائرة فوق رمال الأهرامات المصرية. كما ظهرت مدونة الموضة اللبنانية، كارن وازن، المُغرمة بالنظارات الشمسية حتى إنها أطلقت علامة خاصة بها مؤخراً، بتصميم من الفضة تُزينها عدسات وردية، إلى جانب أسماء أخرى ساهمت في شهرته، مثل مدونة الموضة لانا الساحلي، والإعلامية اللبنانية جسيكا قهواتي، والممثل المصري آسر ياسين والممثلة الشابة تارا عماد وغيرهم. ويقول عمرو: «أشعر بالسعادة عندما يظهر بتصاميمي أشخاص يقدرون قيمة القطع الفنية، سواء كانوا مشاهير أم لا. فتصاميمي تتوجه لأشخاص يقدرون معنى الأصالة، أما الساعون للحاق بسباق الموضة فلن يجدوا بُغيتهم عندي. فأنا لا أجري وراء الصرعات. وأظن أن ما يميز تصاميمي هو أصالة القطعة ودقة تفاصيلها، سواء كانت نظارة شمسية أو قطعة مجوهرات عصرية. وما يطمئنني ويشجعني على الاستمرار في هذا الطريق أن هناك زبونا يُقدر الحرفية ويريدها». لكنه يُدرك تماما أن هذا الزبون يريد التغيير أيضا «فمن الطبيعي أن يقتني الشخص نظارة قيّمة ويشعر بعد فترة أنها أصبحت لا تناسبه، ولكن الأكيد أنه سيعود لها مرة أخرى، إن لم يكن بحكم عودة الظروف التي شكلت اختياره، فسيكون بحكم الحنين، تماما مثل أي قطعة مجوهرات ثمينة، كلما مر عليها الزمن زادت قيمتها، كما أنها، وبكل بساطة، قد تذكر الشخص بمرحلة من حياته».
بعد النجاح الذي حققته النظارات الشمسية التي صممها، بدأ يصب تركيزه منذ عامين على تصميم المجوهرات الذي كان جزءا من دراسته في إيطاليا، وبالفعل قدم تشكيلة صُنعت يدوياً من الذهب عيار «18 قيراط» والفضة عيار 925، عبر تشكيلة من الحُلي تناسب الرجال والنساء، جاءت جميعها مستوحاة من أشكال هندسية تعكس تنوع الموضة، مع نظرة مستقبلية.